الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في ثلاثمائة رجل فظفّرك اللَّه عليهم، ونحن اليوم بشر كثير، قد كنا نتمنى هذا اليوم وندعو اللَّه به، فساقه اللَّه إلينا في ساحتنا.
كراهية رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم للخروج
ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لما يرى من إلحاحهم كاره، وقد لبسوا السلاح. وقال حمزة: والّذي أنزل عليك الكتاب لا أطعم اليوم طعاما حتى أجالدهم [ (1) ] بسيفي خارجا من المدينة، وكان يوم الجمعة صائما ويوم السبت صائما. وتكلم مالك ابن سنان والد أبي سعيد الخدريّ، والنعمان بن مالك بن ثعلبة، وإياس بن أوس ابن عتيك، في معنى الخروج للقتال. فلما أبوا إلا ذلك صلى [ (2) ] رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الجمعة بالناس وقد وعظهم وأمرهم بالجد والجهاد، وأخبرهم أن لهم النصر ما صبروا، ففرح الناس بالشخوص [ (3) ] إلى عدوهم، وكره ذلك المخرج كثير. ثم صلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم العصر بالناس وقد حشدوا، وحضر أهل العوالي [ (4) ] ورفعوا النساء في الآطام: ودخل صلى الله عليه وسلم بيته ومعه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما فعمماه ولبساه. وقد صف الناس له ما بين حجرته إلى منبره.
خبر ندامة المسلمين على استكراههم الرسول صلى الله عليه وسلم للخروج
فجاء سعد بن معاذ وأسيد بن حضير فقالا للناس: قلتم لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ما قلتم واستكرهتموه على الخروج، والأمر ينزل عليه من السماء، فردوا الأمر إليه فما أمركم فافعلوه، وما رأيتم فيه له هوى أو رأي فأطيعوه، فبينا هم على ذلك إذ خرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قد لبس لأمته [ (5) ] ، ولبس الدرع فأظهرها وحزم وسطها بمنطقة (من أدم)[ (6) ] من حمائل سيف، واعتم وتقلد السيف،
فقال الذين يلحون: يا رسول اللَّه، ما كان لنا أن نخالفك، فاصنع ما بدا لك، فقال: قد دعوتكم إلى هذا الحديث فأبيتم، ولا ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يحكم اللَّه بينه وبين أعدائه، انظروا ما أمرتكم به فاتبعوه، امضوا على اسم اللَّه فلكم
[ (1) ] جالد بالسيف: ضرب بسرعة كأنه يجلد بسوط.
[ (2) ] في (خ)«صلى اللَّه» .
[ (3) ] الشخوص: الخروج.
[ (4) ] العوالي: ضيعة بينها وبين المدينة أربعة ليال (معجم البلدان) ج 4 ص 166.
[ (5) ] اللأمة: أداة الحرب ولباسها.
[ (6) ] ما بين القوسين كان في (خ) بعد قوله: «حمائل سيف» .