الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[من هؤلاء؟ قال: بنو أشجع. قال][ (1) ] : هؤلاء كانوا أشدّ العرب على محمد! فال العباس: أدخل اللَّه قلوبهم الإسلام، فهذا من فضل اللَّه.
كتيبة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
فلما طلعت كتيبة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الخضراء، طلع سواد وغبرة من سنابك الخيل، ومرّ الناس حتى مرّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على ناقته القصواء بين أبي بكر [ (2) ]
[ (1) ] زيادة للسياق.
[ (2) ] هو عبد اللَّه بن عثمان بن عامر بن كعب بن سعد بن تيم بن مرّة بن كعب بن لؤيّ، وفي «مرّة» يلتقي نسبه مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
واسم أمه: أم الخير، سلمي بنت صخر بن عامر، ماتت مسلمة.
وفي تسميته بعتيق ثلاثة أقوال: أحدهما،
أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نظر إليه فقال: هذا عتيق من النار.
والثاني أنه اسم سمّته به أمه. الثالث: أنه سمّي به لجمال وجهه. وكان رضي الله عنه أبيض نحيفا، خفيف العارضين، معروق الوجه، غائر العينين، ناتئ الجبهة، يخضب شيبة بالحناء والكتم. وكان أول من آمن من الرجال. وعن عائشة قالت: ما أسلم أحد من المهاجرين إلا أبو بكر.
وجاء أنه اتّجر إلى بصري غير مرة، وأنه أنفق أمواله على النبي صلى الله عليه وسلم وفي سبيل اللَّه.
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم «ما لأحد عندنا يد إلا وقد كافيناه، ما خلا أبا بكر، فإن له عندنا يدا يكافيه اللَّه بها يوم القيامة، وما نفعني مال أحد قطّ ما نفعني مال أبي بكر، ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا، ألا وإنّ صاحبكم خليل اللَّه» .
قال حسان بن ثابت، وابن عباس، وأسماء بنت أبي بكر، وإبراهيم النّخعيّ: أول من أسلم أبو بكر.
وكان له من الولد: عبد اللَّه، وأسماء ذات النطاقين وأمّهما قتيلة. وعبد الرحمن وعائشة، أمهما أم رومان. ومحمد، أمه أسماء بنت عميس. وأم كلثوم، أمها حبيبة بنت خارجة بن زيد، وكان أبو بكر لما هاجر إلى المدينة نزل على «خارجة» فتزوج ابنته.
فأما عبد اللَّه: فإنه شهد الطائف. وأما أسماء: فتزوجها الزبير فولدت له عدّة ثم طلقها، فكانت مع ابنها عبد اللَّه إلى أن قتل، وعاشت مائة سنة، وأما عبد الرحمن: فشهد يوم بدر مع المشركين ثم أسلم. وأما محمد: فكان من نساك قريش، إلا أنه أعان على عثمان يوم الدار، ثم ولّاه علي ابن أبي طالب مصر، فقتله هناك صاحب معاوية. وأما أم كلثوم: فتزوجها طلحة بن عبيد اللَّه رضي الله عنه.
عن أسماء بنت أبي بكر قالت: جاء الصريخ إلى أبي بكر، فقيل له: أدرك صاحبك، فخرج من عندنا وإنّ له غدائر، فدخل المسجد وهو يقول: ويلكم أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ (28/ غافر) قال: فلهوا عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأقبلوا إلى أبي بكر، فرجع إلينا أبو بكر، فجعل لا يمسّ شيئا من غدائره إلا جاء معه، وهو يقول: تباركت يا ذا الجلال والإكرام.
(الغدائر) : الضفائر. ذكر أهل العلم بالتواريخ والسّير، أن أبا بكر شهد مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بدرا وجميع المشاهد، ولم يفته منها مشهد، وثبت مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوم أحد حين انهزم الناس، ودفع
_________
[ () ] إليه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم رايته العظمى يوم تبوك، وأنه كان يملك يوم أسلم أربعين ألف درهم، فكان يعتق منها ويقوي المسلمين، وهو أول من جمع القرآن، وتنزّه عن شرب المسكر في الجاهلية والإسلام، وهو أول من قاء تحرجا من الشبهات.
وذكر محمد بن إسحاق أنه أسلم على يده من العشرة خمسة: عثمان بن عفان، وطلحة بن عبيد اللَّه، والزبير، وسعد بن أبي وقّاص، وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم.
عن أبي سعيد قال: خطب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: «إن اللَّه عز وجل خيّر عبدا بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ذلك العبد ما عنده» . فبكى أبو بكر رحمة اللَّه عليه، فعجبنا من بكائه أن أخبر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من عبد خيّر، فكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم المخيّر، وكان أبو بكر أعلمنا به. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إن من أمنّ الناس عليّ في صحبته وماله أبو بكر، ولو كنت متخذا خليلا غير ربي عز وجل لاتخذت أبا بكر، لكن أخوّة الإسلام ومودته، لا يبقى في المسجد باب إلا سدّ إلا باب أبي بكر.
أخرجاه في الصحيحين، البخاري في باب قول النبي صلى الله عليه وسلم:«سدوا الأبواب إلا باب أبي بكر» ، ومسلم في باب من فضائل أبي بكر الصديق.
وعن الحسن قال: قال عليّ عليه السلام: لما قبض رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نظرنا في أمرنا فوجدنا النبي صلى الله عليه وسلم قد قدّم أبا بكر في الصلاة، فرضينا لدنيانا من رضي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لديننا، فقدمنا أبا بكر.
وقالت عائشة: لما استخلف أبو بكر ألقى كل دينار ودرهم عنده في بيت المال وقال: قد كنت أتّجر فيه وألتمس به، فلما وليتهم شغلوني. وأخرج ابن سعد نحوه من طريق الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت: لما ولي أبو بكر قال: قد علم قومي أن حرفتى لم تكن لتعجز عن مؤنة أهلي وقد شغلت بأمر المسلمين، وسأحترف للمسلمين في مالهم، وسيأكل آل أبي بكر من هذا المال.
وعن هشام بن عروة عن أبيه قال: لما ولي أبو بكر خطب الناس فحمد اللَّه وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: «أما بعد أيها الناس، قد وليت أمركم ولست بخيركم، ولكن قد نزل القرآن، وسنّ النبي صلى الله عليه وسلم السّنن فعلمنا، اعلموا أن أكيس الكيس التقوى، وأن أحمق الحمق الفجور، إن أقواكم عندي الضعيف حتى آخذ له بحقه، وإن أضعفكم عندي القوي حتى آخذ منه الحق، أيها الناس، إنما أنا متّبع ولست بمبتدع، فإن أحسنت فأعينوني، وإن زغت فقوموني.
وعن عائشة قالت: لما مرض أبو بكر مرضه الّذي مات فيه قال: انظروا ماذا زاد في مالي منذ دخلت في الإمارة، فابعثوا به إلى الخليفة من بعدي، فنظرنا فإذا عبد نوبيّ (نسبة إلى بلاد النوبة جنوبيّ مصر) كان يحمل صبيانه، وإذا ناضح (بعير يستقي عليه) كان يسقي بستانا له، فبعثنا بهما إلى عمر. قالت: فأخبرني جدي أن عمر بكى وقال: رحمة اللَّه على أبي بكر، لقد أتعب من بعده تعبا شديدا. روي أبو بكر رضي الله عنه مائة حديث واثنين وأربعين حديثا.
وتوفي أبو بكر ليلة الثلاثاء بين المغرب والعشاء، لثمان ليال بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة من الهجرة، وهو ابن ثلاث وستين، وأوصي أن تغسّله أسماء زوجته، فغسّلته، وأن يدفن إلى جنب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وصلى عليه عمر بين القبر والمنبر، ونزل في حفرته ابنه عبد الرحمن، وعمر، وعثمان، وطلحة بن عبيد اللَّه. رحمه الله ورضي عنه، وحشرنا في زمرته، وأماتنا على سنته ومحبته.
* (طبقات ابن سعد) : 3/ 169- 213، (تاريخ الطبري) : 2/ 314، (المعارف) :
167-
178، (تاريخ الإسلام) : 3/ 105- 122، (صفة الصفوة) : 1/ 123- 139،
وأسيد بن حضير [ (1) ]- وهو يحدثهما-، ومعه المهاجرون [ (2) ] والأنصار، - فيها الرايات والألوية، مع كل بطن من بطون الأنصار راية ولواء- في الحديد لا يرى
[ () ](معجم البلدان) : 5/ 356- 357، (لسان العرب) : 2/ 619 (مادة نضح) ، 5/ 11 (مادة غدر)، (مسلم بشرح النووي) : 15/ 158 كتاب (44) باب (1) حديث رقم (2)، (صحيح سنن الترمذي) : 3/ 200 باب (52/ 33) حديث رقم (2894)، (صحيح ابن ماجة) : 1/ 22 باب (11) حديث رقم (77)، (السلسلة الصحيحة) : حديث رقم (278)، (شذرات الذهب) : 1/ 24، (تاريخ الخلفاء) : 21- 85، (العقد الفريد) : 3/ 90- 91، 176، (تلقيح الفهوم) : 104- 106، (أسماء الصحابة الرواة) :57.
[ (1) ] هو أسيد بن حضير بن سماك بن عتيك بن نافع بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل، الإمام أبو يحيى، وقيل: أبو عتيك الأنصاريّ، الأوسي، الأشهليّ، أحد النقباء الاثني عشر ليلة العقبة.
أسلم قديما، وما شهد بدرا، وقال ابن عبد ربه: شهد بدرا، وكان أبوه شريفا مطاعا، يدعى حضير الكتائب، وكان رئيس الأوس يوم بعاث، فقتل يومئذ قبل عام الهجرة بستّ سنين، وكان أسيد يعد من عقلاء الأشراف وذوي الرأي.
قال محمد بن سعد: آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين زيد بن حارثة، وله رواية أحاديث روت عنه عائشة، وكعب بن مالك، وعبد الرحمن بن أبي ليلي. ولم يلحقه.
وذكر الواقدي أنه قدم الجابية مع عمر، وكان مقدما على ربع الأنصار، وأنه ممن أسلم على يد مصعب بن عمير، هو وسعد بن معاذ.
قال أبو هريرة: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «نعم الرجل أبو بكر، نعم الرجل عمر، نعم الرجل أسيد بن حضير» أخرجه الترمذي،
وإسناده جيد، وروي أن أسيدا كان من أحسن الناس صوتا بالقرآن.
وقال ابن إسحاق: حدثنا يحيى بن عباد بن عبد اللَّه بن الزبير، عن أبيه عن عائشة قالت: ثلاث من الأنصار لم يكن أحد منهم يلحق في الفضل، كلهم من بني عبد الأشهل: سعد بن معاذ، وأسيد ابن حضير، وعباد بن بشر.
مات رضي الله عنه في شعبان سنة عشرين، وصلى عليه عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ودفن بالبقيع.
* (تاريخ الصحابة) : 30، (العقد الفريد) : 3/ 327، (أسماء الصحابة الرواة) : 129، (صحيح سنن الترمذي للألباني) : 3/ 228، (سير أعلام النبلاء) : 1/ 340- 343، (الثقات) : 3/ 6- 7، (الإصابة) : 1/ 83- 84، (الاستيعاب) : 1/ 92- 94، (طبقات ابن سعد) : 3/ 603- 607، (خلاصة تذهيب الكمال) : 1/ 98، (الوافي بالوفيات) : 9/ 258، (تهذيب التهذيب) : 1/ 303- 304، (الجرح والتعديل) :
2/ 310، (صفة الصفوة) : 1/ 259- 261، (التاريخ الكبير) : 2/ 47، (البداية والنهاية) : 7/ 116، (مسند أحمد) : 4/ 226، (التاريخ الصغير) : 1/ 46، (شذرات الذهب) : 1/ 31، (تاريخ الإسلام) : 2/ 294، 295، 297، 304، 490، (كنز العمال) : 13/ 277- 281، (مرآة الجنان) : 1/ 76، (تلقيح الفهوم) :162.
[ (2) ] في (خ) : «المهاجرين» .
منهم إلى الحدق، ولعمر بن الخطاب [ (1) ]
[ (1) ] هو عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزّى بن رياح بن قرط بن رزاح بن عديّ بن كعب بن لؤيّ، أمير المؤمنين، أبو حفص، القرشيّ، العدويّ، الفاروق، أسلم في السنة السادسة من النبوة، وله سبع وعشرون سنة.
أمّه حنتمة بنت هاشم بن المغيرة، المخزومية، وقيل: حنتمة بنت هشام، أخت أبي جهل. ولد عمر رضي الله عنه بعد الفيل بثلاث عشرة سنة. وقيل: ولد بعد الفجار الأعظم بأربع سنين، قبل المبعث النبوي بثلاثين سنة، وقيل: غير ذلك.
وكان من أشراف قريش، وإليه كانت السفارة في الجاهلية، فكانت قريش إذا وقعت الحرب بينهم- أو بينهم وبين غيرهم- بعثوه سفيرا: أي رسولا، وإن نافرهم منافر أو فاخرهم مفاخر، بعثوه منافرا أو مفاخرا.
أسلم قديما بعد أربعين رجلا وإحدى عشرة امرأة، وقيل: بعد تسعة وثلاثين رجلا وثلاث وعشرين امرأة، وقيل: غير ذلك، فما هو إلا أن أسلم، فظهر الإسلام بمكة، وفرح به المسلمون.
وهو أحد السابقين الأولين، وأحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأحد الخلفاء الراشدين، وأحد أصهار رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وأحد كبار علماء الصحابة وزهّادهم. روي له عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خمسمائة حديث وتسعة وثلاثون حديثا.
روي عنه عثمان بن عفان، وعلي، وسعد، وعبد الرحمن بن عوف وابن مسعود، وأبو ذر الغفاريّ، وعمرو بن عبسة، وابنه عبد اللَّه، وابن عباس، وابن الزبير، وأنس، وأبو هريرة وعمرو بن العاص، وأبو موسى الأشعري، والبراء بن عازب، وأبو سعيد الخدريّ، وآخرون.
أخرج الترمذي عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«اللَّهمّ أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك، بعمر بن الخطاب، أو بأبي جهل بن هشام» . وأخرج الحاكم عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«اللَّهمّ أعز الإسلام بعمر بن الخطاب خاصة» .
وأخرج أحمد عن عمر قال: خرجت أتعرض لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فوجدته قد سبقني إلى المسجد، فقمت خلفه، فاستفتح سورة الحاقة، فجعلت أتعجب من تأليف القرآن، فقلت: واللَّه هذا شاعر كما قالت قريش، فقرأ: إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلًا ما تُؤْمِنُونَ (الحاقة: 40- 41) فوقع في قلبي الإسلام كل موقع، وقصة إسلامه معروفة، نمسك عن ذكرها لطولها واشتهارها.
وقيل لأبي بكر في مرضه: ماذا تقول لربك وقد وليت عمر؟ قال: أقول له: وليت عليهم خيرهم.
أخرجه ابن سعد.
وأخرج الشيخان عن عمر قال: وافقت ربي في ثلاث: قلت: يا رسول اللَّه لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى، فنزلت وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى (البقرة/ 125)، وقلت: يا رسول اللَّه، يدخل على نسائك البر والفاجر، فلو أمرتهن يحتجبن، فنزلت آية الحجاب، واجتمع نساء النبي صلى الله عليه وسلم في الغيرة، فقلت: عسى ربه إن طلقهن أن يبدله أزوجا خيرا منكن، فنزلت كذلك.
قال أبو عبد اللَّه الشيبانيّ في (فضائل الإمامين) : وافق عمر ربه في أحد وعشرين موضعا، فذكرها، وقد أمسكنا عن ذكرها خشية الإطالة.
وأخرج البيهقي وأبو نعيم- كلاهما في دلائل النبوة- عن نافع عن ابن عمر، قال: وجّه عمر
_________
[ () ] جيشا، ورأس عليهم رجلا يدعى سارية، فبينما عمر يخطب، جعل ينادي: يا سارية الجبل، ثلاثا، ثم قدم رسول الجيش، فسأله عمر، فقال: يا أمير المؤمنين هزمنا، فبينا نحن كذلك إذا سمعت صوتا ينادي: يا سارية الجبل، ثلاثا، فأسندنا ظهورنا إلى الجبل، فهزمهم اللَّه! قيل لعمر: إنك كنت تصيح بذلك، وذلك الجبل الّذي كان سارية عنده وفد من أرض العجم. قال ابن حجر في الإصابة:
إسناده حسن.
وقال خزيمة بن ثابت: كان عمر إذا استعمل عاملا كتب له، واشترط عليه أن لا يركب برذونا، ولا يأكل نقيا، ولا يلبس رقيقا، ولا يغلق بابه دون ذوي الحاجات، فإن فعل فقد حلّت عليه العقوبة.
ولي الخلافة بعهد من أبي بكر في جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة، قال الزهري: استخلف عمر يوم توفي أبو بكر، يوم الثلاثاء لثمان بقين من جمادى الآخرة. أخرجه الحاكم، فقام بالأمر أتمّ قيام وكثرت الفتوح في أيامه.
وقال أبو رافع: كان أبو لؤلؤة مولى المغيرة يصنع الأرحاء (جمع رحى) ، وكان المغيرة يستغلّه كل يوم أربعة دراهم، فلقى عمر فقال: يا أمير المؤمنين، إن المغيرة قد أثقل عليّ فكلّمه، فقال:
أحسن إلى مولاك- ومن نية عمر أن يكلم المغيرة فيه- فغضب وقال: يسع الناس كلّهم عدله غيري، وأضمر قتله، واتخذ خنجرا، وشحذه وسمّه، وكان عمر يقول:«أقيموا صفوفكم» قبل أن يكبّر، فجاء فقام حذاءه في الصف، وضربه في كتفه وفي خاصرته فسقط عمر، وطعن ثلاثة عشر رجلا معه، فمات منهم ستة.
وحمل عمر إلى أهله، وكادت الشمس تطلع، فصلى عبد الرحمن بن عوف بالناس بأقصر سورتين (الكوثر والنصر) . وأتي عمر بنبيذ فشربه، فخرج من جرحه، فلم يتبين، فسقوه لبنا، فخرج من جرحه، فقالوا: لا بأس عليك، فقال-: إن يكن بالقتل بأس فقد قتلت، فجعل الناس يثنون عليه ويقولون: كنت وكنت، فقال: أما واللَّه وددت أني خرجت منها كفافا لا عليّ ولا لي، وأن صحبة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سلمت لي.
وأثنى عليه ابن عباس فقال: لو أن لي طلاع الأرض ذهبا لافتديت به من هول المطلع، وقد جعلتها شورى في عثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد. وأمر صهيبا أن يصلى بالناس. أخرجه الحاكم. وقال ابن عباس: كان أبو لؤلؤة مجوسيا.
وقال عمرو بن ميمون: قال عمر: الحمد للَّه الّذي لم يجعل منيّتي بيد رجل يدّعي الإسلام، ثم قال لابنه: يا عبد اللَّه، انظر ما عليّ من الدين، فحسبوه فوجدوه ستة وثمانين ألفا أو نحوها، فقال:
إن وفى مال آل عمر فأدّه من أموالهم، وإلا فاسأل في بني عدي، فإن لم تف أموالهم فاسأل في قريش.
اذهب إلى أم المؤمنين عائشة فقل: يستأذن عمر أن يدفن مع صاحبيه، فذهب إليها فقالت: كنت أريده- تعني المكان- لنفسي، ولأوثرنّه اليوم على نفسي، فأتي عبد اللَّه فقال: قد أذنت، فحمد اللَّه تعالى، وقيل له: أوصي يا أمير المؤمنين واستخلف، قال: ما أرى أحدا أحقّ بهذا الأمر من هؤلاء النفر الذين توفي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض، فسمي الستة.
وأما أوّليات عمر رضي الله عنه:
* فهو أول من سمي أمير المؤمنين. * وأول من كتب التاريخ من الهجرة.
* وأول من اتخذ بيت المال. * وأول من سنّ قيام شهر رمضان في جماعة.