الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إن المشركين لما انصرفوا بحمراء الأسد في أول الليل ساعة، ثم حلوا وتركوا أبا عزّة نائما مكانه حتى ارتفع النهار، ولحقه المسلمون وهو مستنبه يتلدد، وكان الّذي أخذه عاصم بن ثابت، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم فضرب عنقه.
صلاة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على شهداء أحد
ولما انصرف المشركون أقبل المسلمون على أمواتهم،
فكان حمزة رضي الله عنه فيمن أتي به أولا، فصلى عليه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وقال: رأيت الملائكة تغسله، لأن حمزة كان جنبا ذلك اليوم. ولم يغسّل صلى الله عليه وسلم الشهداء، وقال: لفوهم بدمائهم وجراحهم، فإنه ليس أحد يجرح في سبيل اللَّه إلا جاء يوم القيامة جرحه لونه لون الدم وريحه ريح مسك، ثم قال: ضعوهم، أنا الشهيد على هؤلاء يوم القيامة.
فكان حمزة أول من كبّر عليه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ثم جمع إليه الشهداء. فكان كلما أتي بشهيد وضع إلى جنب حمزة فصلى عليه وعلى الشهداء، حتى صلى عليه سبعين مرة، ويقال: كان يؤتى بتسعة وحمزة عاشرهم فيصلي عليهم ثم ترفع التسعة وحمزة مكانه، ويؤتى بتسعة آخرين فيوضعون إلى جنب حمزة فيصلي عليهم حتى فعل ذلك سبع مرات. ويقال: كبّر عليهم تسعا وسبعا وخمسا. وقيل: لم يصلّ عليهم.
أخرجه أبو داود [ (1) ] من حديث جابر وأنس وابن عباس رضي الله عنهم: وهو مذهب مالك، والليث بن سعد والشافعيّ، وأحمد، وداود [ (2) ] : ألا يصلى على المقتول في المعركة. وقال فقهاء الكوفة والبصرة والشام: يصلى عليهم.
[ (1) ] في سنن أبي داود ج 3 ص 498 حديث رقم 3135: «حدثنا أحمد بن صالح، حدثنا ابن وهب،
…
أن أنس بن مالك حدثهم أن شهداء أحد لم يغسلوا، ودفنوا بدمائهم ولم يصلّ عليهم» وفي تعليق ابن القيم على أبي داود: «وقد ورد في الصلاة على قتلى أحد من المسلمين عدة أحاديث: منها ما أخرجه الشيخان عن عقبة بن عامر أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خرج يوما يصلي أهل أحد صلاته على الميت، ومنها حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على حمزة، ومنها حديث أبي مالك الغفاريّ قال: كان قتلى أحد يؤتى منهم بتسعة عاشرهم حمزة، فيصلي عليهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ثم يحملون، ثم يؤتى بتسعة، وحمزة مكانه، حتى صلى عليهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
وفي (عون المعبود) ج 8 ص 311.
قال الحافظ: والخلاف في الصلاة على قتيل الكفار مشهور، قال الترمذي: قال بعضهم: يصلى على الشهيد وهو قول الكوفيين وإسحاق، وقال بعضهم لا يصلى عليه، وهو قول المدنيين والشافعيّ وأحمد.
والحديث سكت عنه المنذري» .
[ (2) ] صاحب مذهب مستقل، وأتباعه يعرفون بالظاهرية توفى ببغداد سنة 270 هـ[هامش (ط) ] .