الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خبر خارجة بن زيد
ومرّ مالك بن الدّخشم على خارجة بن زيد أبي زهير وهو قاعد، في حشوته ثلاثة عشر جرحا، كلها قد خلصت إلى مقتل فقال: أما علمت أن محمدا قد قتل! فقال خارجة: فإن [ (1) ] كان محمد قد قتل فإن اللَّه حي لا يموت، لقد بلّغ [محمد][ (2) ]، فقاتل عن دينك. ومرّ على سعد بن الربيع بن عمرو بن أبي زهير الأنصاري أحد النقباء- وبه اثنا عشر جرحا كلها خلص إلى مقتل- فقال:
علمت أن محمدا قد قتل!! فقال سعد: أشهد أن محمدا قد بلغ رسالة ربه، فقاتل عن دينك فإن اللَّه حي لا يموت، وقال منافق: إن رسول اللَّه قد قتل فارجعوا إلى قومكم فإنّهم داخلوا البيوت.
خبر ثابت بن الدحداحة وأصحابه: آخر من قتل يوم أحد
وأقبل ثابت بن الدّحداحة [ (3) ](ويقال: ابن الدحداح) بن نعيم بن غنم بن إياس بن بكير والمسلمون أوزاع [ (4) ] قد سقط في أيديهم فصاح: يا معشر الأنصار!! إليّ إليّ، أنا ثابت بن الدحداحة، إن كان محمد قد قتل فإن اللَّه حي لا يموت، فقاتلوا عن دينكم فإن اللَّه مظهركم وناصركم. فنهض إليه نفر من الأنصار فحمل بهم على كتيبة فيها: خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وعكرمة بن أبي جهل، وضرار بن الخطاب، فحمل عليه خالد بن الوليد بالرمح فقتله وقتل من كان معه من الأنصار رضي الله عنهم، فيقال: إن هؤلاء آخر من قتل من المسلمين.
ووصل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى الشّعب مع أصحابه فلم يكن هناك قتال.
خبر وحشي ومقتل حمزة
وكان وحشي عبدا لابنة الحارث [ (5) ] بن عامر بن نوفل، ويقال: لجبير بن
[ (1) ] في (خ)«وإن» وما أثبتناه رواية (الواقدي) ج 1 ص 280 وهو أجود.
[ (2) ] زيادة للإيضاح.
[ (3) ] في (خ)«الدحداجة» و «الدحداج» .
[ (4) ] الأوزاع: الجماعات والضروب المتفرقون (المعجم الوسيط) ج 2 ص 1029.
[ (5) ] في (خ)«الحرب» وما أثبتناه من (الواقدي) ج 1 ص 285.
مطعم، فقالت له ابنة الحارث: إن أبي قتل يوم بدر، فإن قتلت أحد الثلاثة فأنت حر: إن قتلت محمدا، أو حمزة، أو عليا، فإنّي لا أرى في القوم كفؤا لأبي غيرهم.
فكمن لحمزة رضي الله عنه إلى صخرة، وقد اعترض له سباع بن عبد العزى (واسم عبد العزى عمرو بن نضلة بن غبشان بن سليم) - وهو ابن أم أنمار- فاحتمله ورمى به وبرك عليه فشحطه شحط [ (1) ] الشاة. ثم قام حتى بلغ المسيل فزلت رجله عن جرف، فهز وحشي حربته وضرب بها خاصرة حمزة خرجت من مثانته فلحق بربه. فأتاه وحشي فشق بطنه وأخرج كبده فجاء بها إلى هند بنت عتبة فقال لها:
ماذا لي إن قتلت قاتل أبيك؟ قالت: سلبي [ (2) ] ! فقال: هذه كبد حمزة! فمضغتها ثم لفظتها، ونزعت ثيابها وحليها فأعطتها وحشيا، ووعدته إذا جاء مكة أن تعطيه عشرة دنانير، وقامت معه حتى أراها مصرع حمزة فقطعت مذاكيره، وجدّعت أنفه وقطعت أذنيه، ثم جعلت مسكتين ومعضدين وخدمتين [ (3) ] حتى قدمت بذلك مكة وكبده معها.
وفي المسند للإمام أحمد قال: فنظروا فإذا حمزة قد بقرت بطنه، وأخذت هند كبده فلاكتها فلم تستطع أن تأكلها، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أكلت منها شيئا؟
قالوا: لا، قال: ما كان اللَّه ليدخل من حمزة النار. وفي رواية ابن سعد [ (4) ] : إن اللَّه قد حرم على النار أن تذوق من لحم حمزة شيئا أبدا.
ويروى أن هندا لما أخرجت كبد حمزة لاكتها فلم تستطع أن تسيغها فلفظتها، ثم علت على صخرة مشرفة فصاحت بأعلى صوتها بما قالت من الشعر حين ظفروا بما أصابوا من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فهجاها حسان بن ثابت لما بلغه ذلك من قولها [ (5) ] .
[ (1) ] شحط القتيل في الدم: اضطرب (المعجم الوسيط) ج 1 ص 474.
[ (2) ] السلب: كل ما مع القتيل من سلاح وثياب ودابة، والمراد هنا كل ما تملك من الحلي والذهب وغيره.
(المعجم الوسيط) ج 1 ص 441.
[ (3) ] المسكة وجمعها المسك: السوار تجعله المرأة في يديها.
والمعضدة والمعضد: الدملج يكون كالسوار، تجعله على عضدها بين الكتف والمرفق. والخدمة وجمعها الخدم: الخلخال تجعله في رجلها. هامش (ط) ص 153.
[ (4) ](الطبقات الكبرى) ج 3 ص 13.
[ (5) ] قالت:
نحن جزيناكم بيوم بدر
…
والحرب بعد الحرب ذات سعر
ما كان عن عتبة لي من صبر
…
ولا أخي وعمه وبكري
شفيت نفسي وقضيت نذري
…
شفيت وحشي غليل صدري