الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واختار الآمدي وابن الحاجب أنه يجوز عليه بشرط أن لا يقره عليه ونقله المدى من أكثر أصحابنا والحنابلة وأصحاب الحديث واحتج عليه بأشياء [ (1) ] .
السادسة والأربعون: أنه صلى الله عليه وسلم حي في قبره وكذلك الأنبياء عليهم السلام
وقد أفرد الإمام أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي في ذلك جزءا حاصله أنه خرج من طريق أبى احمد بن عدي الحافظ قال: حدثنا قسطنطين بن عبد اللَّه الرومي أخبرنا الحسين بن عرفه العبديّ قال: حدثني الحسن بن قتيبة المدائني أخبرنا مسلم بن سعيد الثقفي عن الحجاج بن الأسود عن ثابت البناني عن أنس رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون. قال البيهقي: هذا الحديث يعد في أفراد الحسن بن قتيبة المدائني أبو على، له أحاديث غرائب حسان وأرجو أنه لا بأس به.
قال البيهقي: وقد روى عن يحيى بن أبى بكر عن المسلم بن سعيد فذكره من طريق ابى يعلى الموصلي قال ابن على المسلم: عن الحجاج فذكره.
[ (1) ] قال القاضي عياض: وأما وفور عقله، وذكاء لبه، وقوة حواسه وفصاحة لسانه، واعتدال حركاته، وحسن شمائله، فلا حرمة أنه صلى الله عليه وسلم كان أعقل الناس وأذكاهم، ومن تأمل تدبيره أمر بواطن الخلق وظواهرهم، وسياسة العامة والخاصة، مع عجيب شمائله وبديع سيره، فضلا عما أفاضه من العلم، وقرره من الشرع، دون تعلم سبق، ولا ممارسة تقدمت، ولا مطالعة للكتب منه، لم يمتر في رجحان عقله، وثقوب فهمه لأول بديهة، وهذا مما لا يحتاج إلى تقريره لتحققه (الشفا) : 1/ 42.
وقد قال وهب بن منبه: قرأت في أحد وسبعين كتابا، فوجدت جميعها أن النبي صلى الله عليه وسلم أرجح الناس عقلا، وأفضلهم رأيا وفي رواية أخرى: فوجدت في جميعها أن اللَّه تعالى لم يعط جميع الناس من بدء الدنيا إلى انقضائها من العقل في جنب عقله صلى الله عليه وسلم إلا كحبة رمل من بين رمال الدنيا (المرجع السابق) .
وخرجه البيهقي عن سعيد ثنا عبيد اللَّه بن أبى أحمد النهلي عن أبى المليح عن أنس قال: الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون [ (1) ] .
[ (1) ] وأخرجه الألباني في (سلسلة الأحاديث الصحيحة) : 2/ 187- 191، حديث رقم (6210) وابن عدي في (الكامل) والبيهقي في (حياة الأنبياء) عن الحجاج بن الأسود عن ثابت البناني عن أنس مرفوعا به. وقال البيهقي:«يعد في أفراد الحسن بن قتيبة» . وقال ابن عدي: «وله أحاديث غرائب حسان، وأرجو أنه لا بأس به» كذا قال، ورده الذهبي بقوله:«قلت: بل هو مالك، قال الدار قطنى في رواية البرقاني عنه» متروك الحديث» . وقال أبو حاتم: «ضعيف» . وقال الأزدي: «واهي الحديث:. وقال العقيلي: كثير الوهم. قلت:
وأقره الحافظ في «اللسان» ، وبقية رجال الاسناد ثقات، ليس فيهم من ينظر فيه غير الحجاج ابن الأسود، فقد أورده الذهبي في:«الميزان» وقال «نكرة، ما روى عنه- فيما أعلم- سوى مسلم بن سعيد فأتى يخبر منكر عنه، عن أنس في أن الأنبياء أحياء في قبورهم يصلون. رواه البيهقي لكن تعقبه الحافظ في (اللسان) ، فقال عقبه» وإنما هو حجاج بن أبى زياد الأسود، يعرف ب (زق العسل) وهو بصرى كان ينزل القسامل. روى عن ثابت وجابر بن زيد، وابى نضرة وجماعة. وعنه جرير بن حازم وحماد بن سلمة وروح بن عبادة واخرون. قال أحمد:
ثقة، ورجل صالح، وقال ابن معين: ثقة، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، وذكره ابن حبان في (الثقات) فقال: حجاج بن أبى زياد الأسود من أهل البصرة.... وهو الّذي يحدث عنه حماد بن سلمة فيقول: حدثني حجاج بن الأسود قلت: ويتلخض منه أن حجاجا هذا ثقة بلا خوف، وأن الذهبي توهم أنه غيره فلم يعرفه ولذلك استنكر حديثه، ويبدو أنه عرفه فيما بعد، فقد أخرج له الحاكم في (المستدرك) : 4/ 332، حديثا اخر، فقال الذهبي في (تلخيصه) :«قلت: حجاج ثقة» . وكأنه لذلك لم يورده في كتابه (الضعفاء) ولا في (ذيله) .
واللَّه اعلم.
_________
[ () ] وجملة القول: أن الحديث بهذا الإسناد ضعيف، وأن علته إنما هي من الحسن ابن قتيبة المدائني، ولكنه لم يتفرد به، خلافا لما سبق ذكره عن البيهقي، فقال أبو يعلى الموصلي في (مسندة) ثنا أبو الجهم الأزرق بن على، ثنا يحيى بن أبى بكير، ثنا المستلم بن سعيد به.
ومن طريق أبى يعلى أخرجه البيهقي قال: أخبرنا الثقة من أهل العلم قال: أنبأ أبو عمرو بن حمدان قال: انبأ أبو يعلى الموصلي
…
قلت: وهذا إسناد جيد، رجاله كلهم ثقات، غير الأزرق هذا قال الحافظ في (التقريب) : صدوق يغرب. ولم ينفرد به فقد أخرجه أبو نعيم في (أخبار أصبهان) من طريق عبد اللَّه بن إبراهيم بن الصباح عن عبد اللَّه بن محمد بن يحيى بن أبى بكير ثنا يحيى بن ابى بكير به أورده في ترجمه ابن الصباح هذا، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وعبد اللَّه بن محمد بن يحيى بن أبى بكير، فترجمه للخطيب وقال: سمع جده يحيى بن أبى بكير قاضى كرمان
…
وكان ثقة فهذه متابعة قوية للأزرق، تدل على أنه قد حفظ ولم يغرب. وكأنه لذلك قال المناوى في (فيض القدير) بعد ما عزا أصله لأبى يعلى:«وهو حديث صحيح» . ولكنه لم يبين وجهه، وقد كفيناك مؤنته، والحمد للَّه الّذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا اللَّه.
هذا. وقد كنت برهة من الدهر ارى أن هذا الحديث ضعيف لظني أنه مما تفرد به ابن قتيبة- كما قال البيهقي- ولم أكن قد وقفت عليه في (مسند أبى يعلى) و (أخبار أصبهان) .
فلما وقفت على إسناده فيهما تبين لي أنه إسناد قوى، وأن التفرد المذكور غير صحيح ن ولذلك بادرت إلى إخراجه في هذا الكتاب تبرئه، للذمة، وأداء للأمانة العلمية، ولو أن ذلك قد يفتح الطريق لجاهل أو حاقد إلى الطعن والغمز واللمز، فلست أبالى بذلك ما دمت أنى أقوم بواجب ديني أرجو ثوابه من اللَّه تعالى وحده.
فإذا رأيت أيها القاري الكريم في شيء من تأليفى خلاف هذا التحقيق، فاضرب عليه، واعتمد هذا وعض عليه بالنواجذ، فإنّي لا أظن أنه يتسير لك الوقوف على مثله. واللَّه ولى التوفيق.
قال: هذا موقوف
عن أنس بن أبى ليلى عن ثابت عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الأنبياء لا يتركون في قبورهم بعد أربعين ليلة ولكنهم يصلون بين يدي اللَّه حتى ينفخ في الصور [ (1) ] .
قال البيهقي: وهذا إن صح بهذا اللفظ فالمراد لا يتركون لا يصلون إلا هذا المقدار ثم يكونون مصلين فيما بين يدي اللَّه تعالى ويحتمل أن يكون المراد به رفع أجسادهم مع أرواحهم فقد روى سفيان الثوري في الجامع فقال: قال لنا شيخ: عن سعيد بن المسيب قال: ما مكث نبي في قبره أكثر من أربعين ليلة حتى رفع [ (2) ] .
[ () ] ثم اعلم ان الحياة التي أثبتها هذا الحديث للأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وإنما هي حياة برزخية، ليست من حياة الدنيا في شيء. ولذلك وجب الإيمان بها، دون ضرب الأمثال لها ومحاولة تكييفها وتشبيهها بما هو المعروف عندنا في حياة الدنيا. هذا هو الموقف الّذي يجب أن يتخذه المؤمن في هذا الصدد: الإيمان بما جاء في الحديث دون الزيادة عليه بالآراء كما يفعل أهل البدع الذين وصل الأمر ببعضهم، إلى ادعاء أن حياته صلى الله عليه وسلم في قبره حياة حقيقية.
قال: يأكل ويشرب وبجامع نساءه!! وإنما هي حياة برزخية لا يعلم حقيقتها إلا اللَّه سبحانه وتعالى.
وأخرجه ابن حجر في (لسان الميزان) : 2/ 304، حديث رقم (2556) .
وأخرجه أيضا أبو عبد الذهبي في (ميزان الاعتدال) 1/ 518، حديث رقم (1933) .
وأخرجه أيضا ابن حجر في (المطالب العالية) : 3/ 269 باب حياة الأنبياء في قبورهم يصلون، حديث رقم (3452) .
[ (1) ]
(كنز العمال) : 11/ 474، فصل في بعض خصائص الأنبياء عموما، حديث رقم (32230) ، وعزاه إلى ابن عساكر في (تاريخه) ، والبيهقي في (حياة الأنبياء) عن أنس رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه، (الموضوعات) : 1/ 303، باب مقدار لبثه في قبره ميتا ولفظه:«ما من نبي يموت فيقيم في قبره إلا أربعين صباحا حتى ترد إليه روحه» .
قال ابن حبان: هذا حديث باطل موضوع، والحسن بن يحيى منكر الحديث جدا يروى عن الثقات ما لا أصل له. وقال يحيى: الحسن ليس بشيء وقال الدار قطنى: متروك.
[ (2) ](سلسلة الأحاديث الضعيفة) : حديث رقم (201) .
قال كاتبه: وقال محمد بن زبالة: حدثني محمد بن حسن، عن إبراهيم ابن عبد الرحمن ابن عبد اللَّه، قال: كنت جالسا عند سعيد بن المسيب، فرآهم يلوذون بقبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: لعلهم يرون أنه فيه ما يرى في قبره أكثر من أربعين ليلة.
وحدثني محمد بن حسن عن عثمان عن الحكم بن عيينة عن سعيد مثلة قال البيهقي: فعلى هذا يسيرون كسائر الأحياء يكونون حيث ينزلهم اللَّه تعالى لما روينا في حديث المعراج وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى موسى عليه السلام قائما يصلى في قبره ثم رآه مع سائر الأنبياء في بيت المقدس ثم رآهم في السموات، ولحياة الأنبياء بعد موتهم شواهد من الأحاديث الصحيحة فذكر حديث يزيد بن هارون أن سليمان التيمي عن أنس أن بعض أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم ليلة اسرى به مر على موسى وهو يصلى في قبره [ (1) ] .
وحديث سفيان الثوري ثنا سليمان عن أنس قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: مررت على موسى وهو قائم يصلى في قبره
[ (2) ]
وحديث حماد بن سلمة ثنا سليمان التيمي وثابت عن أنس ان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: أتيت على موسى ليلة اسرى بى عند الكثيب الأحمر وهو قائم يصلى في قبره خرجه مسلم من حديث حماد بن سلمة رضى اللَّه تبارك وتعالى عنهما ومن حديث الثوري وعيسى بن يونس وجرير بن عبد الحميد عن التيمي
قال المؤلف [ (3) ] .
[ (1) ] سيق تخريج أحاديث الإسراء والمعراج في الجزء الأول من (إمتاع الأسماع) بتحقيقنا ص 47.
[ (2) ](الكامل لابن عدي) : 5/ 38، ترجمه عمر بن حبيب العدوي رقم (1208) .
[ (3) ] راجع التعليق السابق.
وخرج البيهقي [ (1) ] من حديث عبد العزيز بن أبى سلمة عن عبد اللَّه بن الفضل الهاشمي عن أبى سلمة بن عبد الرحمن عن أبى هريرة رضى اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: لقد رأيتني في الحجر وأنا أخبر قريش عن مسراى، فسألوني عن أشياء من بيت المقدس لم أثبتها، فكربت كربا ما كربت مثله قط، فرفعه اللَّه تعالى إليّ انظر إليه ما يسألونى عن شيء إلا أنبأتهم به، وقد رأيتني في جماعة من الأنبياء فإذا موسى قائم يصلى، وإذا رجل ضرب جعد كأنه من رجال شنوءة، وإذا عيسى قائم يصلى أقرب الناس منه شبها: عروة بن مسعود الثقفي، وإذا إبراهيم قائم يصلى أشبه الناس به صاحبكم يعنى نفسه صلى الله عليه وسلم، فقامت الصلاة، فأممتهم، فلما فرغت من الصلاة قال لي قائل: يا محمد هذا مالك صاحب النار، فسلم عليه، فالتفت إليه فبدأني بالسلام.
خرجه مسلم من حديث عبد العزيز وفي حديث سعيد بن المسيب لقيهم في مسجد بيت المقدس.
وفي حديث أبى ذر ومالك بن صعصعة في قصة المعراج أنه لقيهم في جماعة من الأنبياء في السموات وحكمهم وحكموه وكل ذلك صحيح لا يخالف بعضه بعضا فقد يرى موسى قائما يصلى في قبره ثم أسرى بموسى وغيره إلى بيت المقدس كما أسرى بنبينا فيراهم فيه ثم يعرج بهم إلى السموات كما عرج نبينا فيراهم فيه كما أخبر صلى الله عليه وسلم فحلوله في أوقات بمواضع مختلفات ثابت، فجائز في العقل كما ورد عن الصادق وفي ذلك دلالة على حياتهم على ذلك فذكر
حديث أوس الثقفي أن اللَّه حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء
قال: وله شواهد فذكر
حديث أبى مسعود يرفعه ليس يصلى على أحد يوم الجمعة إلا عرضت على صلاته [ (2) ] .
[ (1) ](دلائل النبوة) : 2/ 358- 359، باب الإسراء برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى وما ظهر في ذلك من الآيات.
[ (2) ](المستدرك) : 2/ 457، كتاب التفسير تفسير سورة الأحزاب، حديث رقم (3577)، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، فإن أبا رافع هذا هو إسماعيل بن رافع ولم يخرجاه، وقال الحافظ الذهبي في (التلخيص) : إسماعيل بن رافع أبو رافع: ضعفوه.
وحديث أبى أسامة: أكثروا عليّ من الصلاة في كل يوم جمعة فإن صلاة أمتى تعرض عليّ في كل يوم جمعه.
وحديث أنس يرفعه وفيه ثم يوكل اللَّه بذلك ملك يدخله في قبري كما تدخل عليكم الهداية يخبرني من صلى على باسمه ونسبه إلى عشيرته.
فأثبتته عندي في صحيفة بيضاء.
وحديث أبى هريرة وفيه: صلوا على فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم
وحديثه أيضا يرفعه ما من أحد يسلم على إلا رد اللَّه على روحي حتى أرد عليه السلام [ (1) ] .
قال البيهقي: وإنما أراد واللَّه اعلم إلا وقد ردّ اللَّه روحي حتى أرد عليه السلام.
وذكره حديث ابن مسعود يرفعه إن لله ملائكة سياحين في الأرض يبلغونني من أمتى السلام.
وحديث أبى هريرة يرفعه من صلى على عند قبري سمعته ومن صلى على غائبا أبلغته وذكر حديث لا تخيرونى على موسى فإن الناس يصعقون فأكون أول من يفيق فإذا موسى باطش بجانب العرش فلا أدرى أكان فيما صعق فأفاق قبلي أو كان فيما يستثنى اللَّه فهذا إنما يصح على أن اللَّه تعالى رد إلى الأنبياء أرواحهم وهم أحياء عند ربهم كالشهداء فإذا نفخ في الصور النفخة الأولى صعقوا فيما صعق
ثم لا يكون ذلك مرئيا في جميع معانيه إلا في ذهاب الاستشعار فإن كان موسى ممن استشنى اللَّه بقوله إِلَّا مَنْ شاءَ اللَّهُ فلله تعالى لا يذهب باستشعاره في تلك الحالة ويحاسبه اللَّه بصعقة الصور واللَّه أعلم.
وقال ابن زبالة: وحدثني يزيد عن مبارك بن فضالة عن الحسن قال:
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من كلمه روح القدس لم يؤذن للأرض أن تأكل من لحمه [ (2) ] .
[ (1) ]
(سنن أبى داود) : 2/ 534، كتاب المناسك، باب (100) زيارة القبور، حديث رقم (2041) ، حديث رقم (2042) ولفظه «لا تجعلوا بيوتكم قبورا، ولا تجعلوا قبري عيدا، وصلوا على فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم»
[ (2) ](الدر المنثور) : 1/ 87.