الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وذكر بن إسحاق أن وفد ثقيف لما قدموا على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان مقدمه من تبوك ضرب لهم قبة في ناحية المسجد [ (1) ] .
وذكر ابن زبالة أن سليمان بن عطاء سئل عن النوم في المسجد فقال:
كيف تسألون عن هذا، وقد كان أهل الصفة ينامون في المسجد في عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ويظلون فيه وقال أبو نعيم: عن الفضل بن دكين، حدثنا حميد بن عبد اللَّه بن الأصم عن ابنته قالت: قد رأيت فيه قدوم أم سلمة رضى اللَّه تبارك وتعالى عنها في مسجد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حين قتل الحسين بن على رضى اللَّه تبارك وتعالى عنهما وعليها خمار أسود.
فصل في ذكر اللعب يوم العيد
في مسجد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو صلى الله عليه وسلم يراهم خرج مسلم [ (2) ] من حديث جرير عن هشام، عن أبيه، عن عائشة رضى اللَّه تبارك وتعالى عنها قالت: جاء الحبش يزفنون يوم عيد في المسجد، فدعاني النبي صلى الله عليه وسلم فوضعت رأسي على منكبه فجعلت انظر إلى لعبهم حتى كنت أنا الّذي أنصرف عن النظر إليهم.
[ (1) ] قال ابن إسحاق: ولما قدموا على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ضرب عليهم قبة في ناحية مسجده، كما يزعمون. فكان خالد بن سعيد بن العاص، هو الّذي يمشى بينهم وبين رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى اكتتبوا كتابهم، وكان خالد هو الّذي كتب كتابهم بيده، وكان لا يطعمون طعاما يأتيهم من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى يأكل منه خالد، حتى أسلموا وفرغوا من كتابهم. (سيرة ابن هشام) :
5/ 225، أمر وفد ثقيف وإسلامها.
[ (2) ](مسلم بشرح النووي) : 6/ 436، كتاب صلاة العيدين، باب (4) الرخصة في اللعب الّذي لا معصية فيه في أيام العيد، حديث رقم (20) .
ذكره البخاري [ (1) ] من حديث الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة رضى اللَّه تبارك وتعالى عنها، قالت: أن أبا بكر رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه، دخل عليها وعندها جاريتان في أيام منى تدففان وتضربان- والنبي صلى الله عليه وسلم متغش بثوبه- فانتهرهما أبو بكر فكشف النبي صلى الله عليه وسلم عن وجهه فقال: دعهما يا أبا بكر، فإنّها أيام عيد. وتلك الأيام أيام منى. وقالت عائشة رضى اللَّه تبارك وتعالى عنها: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسترني وأنا انظر إلى الحبشة وهم يلعبون في المسجد، فزجهم عمر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم دعهم. أمنا بنى أرفدة. يعنى من الأمن. ذكره في آخر العيدين، وفي المناقب، وترجم عليه
[ (1) ]
(فتح الباري) : 2/ 602، كتاب العيدين، باب (25) إذا فاته العيد يصلى ركعتين، وكذلك النساء ومن كان في البيوت والقرى، قول النبي صلى الله عليه وسلم:«هذا عيدنا أهل الإسلام» . وأمر أنس بن مالك مولاه ابن أبى عتبة بالزاوية فجمع أهله وبيته وصلى كصلاة أهل المصر وتكبيرهم.
وقال عكرمة: أهل السواد يجتمعون في العيد يصلون ركعتين كما يصنع الإمام. وقال عطاء إذا فاته العيد صلى ركعتين، حديث رقم (987) و (988)، قال الحافظ في هذه الترجمة حكمان: مشروعية استدراك صلاة العيد إذا فاتت مع الجماعة سواء كانت بالاضطرار أو بالاختيار، وكونه تقضى ركعتين كأصلها. على خلاف بين أصحاب المذاهب ذكره الحافظى في (الفتح) ، فليراجع هناك.
وذكره في كتاب المناقب باب (15) وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «يا بنى أرفدة» حديث رقم (3529) و (3530) ، والحبش هم الحبشة يقال لهم من ولد حبش بن كوش بن حام بن نوح، وهم مجاورون لأهل اليمن يقطع بينهم البحر، وقد غلبوا على اليمن قبل الإسلام وملكوها، وغزا أبرهة من ملوكهم الكعبة ومعه الفيل، وقد ذكر ابن إسحاق قصته مطوله، وأخرجها الحاكم ثم البيهقي من طريق قابوس بن أبى ظبيان، عن أبيه، عن ابن عباس ملخصة، وإلى هذا القدر أشار المصنف بذكرهم في مقدمة السيرة النبويّة واستدل قوم من الصوفية بحديث الباب على جواز الرقص وسماع آلات الملاهي، وطعن فيه الجمهور باختلاف المقصدين، فإن لعب الحبشة بحرابهم كان للتمرين على الحرب فلا يحتج به للرقص في اللهو، واللَّه أعلم. (فتح الباري) : 6/ 685- 686، كتاب المناقب، باب (15) قصة الحبش، وقول النبي صلى الله عليه وسلم «يا بنى أرفدة» حديث رقم (3529) و (3530) .
باب قصة الحبش وقول النبي صلى الله عليه وسلم يا بنى أرفدة، والإسناد واحد، وذكره في كتاب النكاح [ (1) ] في باب النظر إلى الحبشة ونحوهم من غير ريبة، عن الأوزاعي،
[ (1) ](فتح الباري) : 9/ 420- 421، كتاب النكاح، باب (115) نظر المرأة إلى الحبش ونحوهم من غير ريبة، حديث رقم (5236) قوله:(باب نظر المرأة إلى الحبش ونحوهم من غير ريبة) وظاهر الترجمة أن المصنف كان يذهب إلى جواز نظر المرأة إلى الأجنبي بخلاف عكسه، وهي مسألة شهيرة، واختلف الترجيح فيها عند الشافعية، وحديث الباب يساعد من أجاز، وقد تقدمت في أبواب العيد جواب النووي عن ذلك بأن عائشة كانت صغيرة دون البلوغ أو كان قبل الحجاب.
وقواه بقوله في هذه الرواية: «فأقدروا قدر الجارية الحديثة السن» لقد تقدم ما يعكر عليه وأن في بعض طرقه أن ذلك كان بعد قدوم وفد الحبشة وأن قدومهم كان سنة سبع ولعائشة يومئذ ست عشر سنة، فكانت بالغة، وكان ذلك بعد الحجاب، وحجة من منع حديث أم سلمة الحديث المشهور: «أفعمياوان أنتما «وهو حديث أخرجه أصحاب السنن من رواية الزهري عن نبهان مولى أم سلمة عنها وإسناده قوى، وأكثر ما علل به انفراد الزهري بالرواية عن نبهان وليست بعلة قادحة، فإن من يعرفه الزهري ويصفه بأنه مكاتب أم سلمة ولم يجرحه أحد لا ترد روايته، والجمع بين الحديثين احتمال تقدم الواقعة أو أن يكون في قصة الحديث الّذي ذكره نبهان شيء يمنع النساء من رؤيته لكون ابن أم مكتوم كان أعمى فلعله كان منه شيء ينكشف ولا يشعر به، ويقوى الجواز استمرار العمل على جواز خروج النساء إلى المساجد والأسواق والأسفار منتقبات لئلا يراهن الرجال، ولم يؤمر الرجال قط بالانتقاب لئلا يراهم النساء، فدل على تغاير الحكم بين الطائفتين، وبهذا احتج الغزالي على الجواز فقال: لسنا نقول أن وجه الرجل في حقها عورة كوجه المرأة في حقه بل هو كوجه الأمرد في حق الرجل فيحرم النظر عند خوف الفتنة فقط وإن لم تكن فتنة فلا، إذا لم تزل الرجال على مر الزمان مكشوفو الوجوه والنساء يخرجن منتقبات، فلو استووا لأمر الرجال بالتنقب أو منعن من الخروج.
وأخرجه في كتاب الصلاة، باب (69) أصحاب الحراب في المسجد، وحديث رقم (454) و (455) قوله (باب أصحاب الحراب في المسجد) والمراد جواز دخولهم فيه ونصال حرابهم مشهورة، وأظن المصنف أشار إلى تخصيص الحديث السابق في النهى عن المرور
عن الزهري، وذكره في كتاب الصلاة، في باب أصحاب الحراب في المسجد من حديث صالح بن كيسان، عن ابن شهاب.
وخرجه النسائي [ (1) ] من حديث الأوزاعي، عن الزهري، عن سعيد، عن أبى هريرة رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه، قال: دخل عمر رضى اللَّه
[ () ] في المسجد بالنصل غير مغمود، والفرق بينهما أن التحفظ في هذه الصورة وهي صورة اللعب بالحراب سهل، بخلاف مجرد المرور فإنه قد يقع بغتة فلا يتحفظ منه.
قوله: (لقد رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوما في باب حجرتي والحبشة يلعبون في المسجد) فيه جواز ذلك في المسجد، وحكى ابن التين عن أبى الحسن اللخمي أن اللعب بالحراب في المسجد منسوخ بالقرآن والسنة: أما القرآن فقوله تعالى: فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وأما السنة فحديث
«جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم» .
وتعقب بأن الحديث ضعيف، وليس فيه ولا في الآية تصريح بما ادعاه، ولا عرف التاريخ فيثبت النسخ. وحكى بعض المالكية عن مالك أن لعبهم كان خارج المسجد وكانت عائشة في المسجد، وهذا لا يثبت عن مالك فإنه خلاف ما صرح به في طرق هذا الحديث، وفي بعضها
أن عمر أنكر عليهم لعبهم في المسجد فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «دعهم»
واللعب بالحراب ليس لعبا مجردا بل فيه تدريب الشجعان على مواقع الحروب والاستعداد للعدو. وقال المهلب: المسجد موضع لأمر جماعة المسلمين، فما كان من الأعمال يجمع منفعة الدين وأهله جاز فيه. وفي الحديث جواز النظر إلى اللهو المباح، وفي حسن خلقه صلى الله عليه وسلم مع أهله وكرم معاشرته، وفضل عائشة وعظيم محلها عنده.
قوله: (يسترني بردائه) يدل على أن ذلك كان بعد نزول الحجاب، ويدل على جواز نظر المرأة إلى الرجل. وأجاب بعض من منع بأن عائشة كانت إذ ذاك صغيرة، وفيه نظر لما ذكرنا وادعى بعضهم بحديث «أفعمياوان أنتما» ؟ وهو حديث مختلف في صحته.
[ (1) ](سنن النسائي) : 3/ 217، كتاب العيدين، باب (35) اللعب في المسجد يوم العيد ونظر النساء إلى ذلك، حديث رقم (1594) .
قال الإمام النووي: فيه جواز اللعب بالسلاح ونحوه من آلات الحرب في المسجد ويلتحق به ما في معناه من الأسباب المعينة على الجهاد وأنواع البر. وفيه جواز نظر النساء إلى لعب الرجال من غير نظر إلى نفس البدن وأما نظر المرأة إلى وجه الرجل الأجنبي فإن كان بشهوة
تبارك وتعالى عنه والحبشة يلعبون في المسجد، فزجهم عمر، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: دعهم يا عمر، فإنّهم بنو أرفدة. ترجم عليه اللعب في المسجد يوم العيد.
وخرج مسلم [ (1) ] من حديث ابن جريج قال: أخبرنى عطاء قال: أخبرنى عبيد بن عمير قال: أخبرتنى عائشة رضى اللَّه تبارك وتعالى عنها أنها قالت:
للاعبين وددت أنى أراهم قالت: فقام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقمت على الباب انظر بين أذنيه وعاتقه وهم يلعبون في المسجد. قال عطاء فرس أو حبش. قال: وقال لي ابن أبى عتيق بل حبش.
ولأحمد [ (2) ] من حديث ابن نمير من حديث هشام عن ابنه، عن عائشة رضى اللَّه تبارك وتعالى عنها قالت: أن الحبشة كانوا يلعبون عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في يوم عيد، قالت: فأطلعت من فوق عاتقه، فطأطأ لي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم منكبيه فجعلت انظروا إليهم من فوق عاتقه حتى شيعت ثم انصرفت.
[ () ] فحرام بالاتفاق وإن كان بغير شهوة ولا مخافة فتنة ففي جوازه وجهان لأصحابنا أصحهما تحريمه لقوله تعالى: وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ.
ولقوله صلى الله عليه وسلم لأم سلمة وأم حبيبة احتجبا عنه أي عن ابن أم مكتوم فقالتا أنه أعمى لا يبصرنا فقال صلى الله عليه وسلم أعمياوان أنتما أليس تبصرانه؟ وهو حديث حسن رواه الترمذي
وغيره وقال: هو حديث حسن.
[ (1) ](مسلم بشرح النووي) : 6/ 437، كتاب صلاة العيدين، باب (4) الرخصة في اللعب الّذي لا معصية فيه في أيام العيد، حديث رقم (21) .
قولها (وأنا جارية فاقدروا قدر الجارية العربة حديثة السن) معناه أنها تحب اللهو والتفرج والنظر إلى اللعب حبا بليغا وتحرص على ادامته ما أمكنها ولا تمل ذلك إلا بعذر من تطويل.
قوله صلى الله عليه وسلم (حسبك) هو استفهام بدليل قولها: قلت: نعم تقديره: حسبك أي هل يكفيك هذا القدر؟ قولها (جاء حبش يزفنون في يوم عيد في المسجد) على التوثيب بسلاحهم ولعبهم بحرابهم.
[ (2) ](مسند أحمد) : 7/ 85، حديث رقم (23775) .