الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فصل في ذكر من رجمه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من النساء المسلمات]
فخرج مسلم [ (1) ] وأبو داود [ (2) ] من حديث بريدة:
…
فجاءت الغامدية فقالت: يا رسول اللَّه، إني قد زنيت فطهرني، وأنه ردها، فلما كان من الغد، قالت: يا رسول اللَّه! لم تردني؟ لعلك تردني كما رددت ما عزا، فو اللَّه إني لحبلى، قال:«إما لا، فاذهبي حتى تلدي» ، فلما ولدت، أتته بالصبي في خرقة، قالت: هذا قد ولدته، قال: «اذهبي فأرضعيه حتى تفطميه، فلما فطمته أتته بالصبي في يده كسرة خبز، فقالت: هذا يا نبي اللَّه قد فطمته، وقد أكل الطعام، فدفع الصبى إلى رجل من المسلمين، ثم أمر بها، فحفر إلى صدرها، وأمر الناس فرجموها، فيقبل خالد بن الوليد بحجر، فرمى رأسها، فتنضح الدم على وجه خالد، فسبها، فسمع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سبه إياها فقال:
[ (1) ](مسلم بشرح النووي) : 11/ 211- 214، كتاب الحدود، باب (5) من اعترف على نفسه بالزنى، حديث رقم (1695)، وقال المنذري: وفي إسناده: بشير بن المهاجر الفنوىّ الكوفيّ، وليس له في (صحيح مسلم) سوى هذا الحديث، وقد وثقه يحى بن معين، وقال الإمام أحمد: منكر الحديث، يجيء بالعجائب. ولا عيب على مسلم في إخراج هذا الحديث فإنه أتى به في الطبقة الثانية، بعد ما ساق طرق حديث ماعز، وأتى به آخرا، ليبين اطلاعه على طرق الحديث، واللَّه تبارك وتعالى أعلم. (معالم السنن) .
[ (2) ](سنن أبى داود) : 3/ 589، كتاب الحدود، باب (25) المرأة التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم برجمها من جهينة، حديث رقم (4442) .
وقال بعضهم: يحتمل أن تكونا امرأتين، إحداهما وجد لولدها كفيل وقبلها، والأخرى:
لم يوجد لولدها كفيل أو لم يقبل، فوجب إمهالها حتى يستغنى عنها لئلا يهلك بهلاكها. (المرجع السابق) .
قال الإمام النووي:
قوله (قال إما فاذهبي حتى تلدي)
هو بكسر الهمزة من إما وتشديد الميم وبالامالة ومعناه إذا أبيت أن تسترى على نفسك وتتوبي وترجعى عن قولك فاذهبي حتى تلدي فترجمين بعد ذلك وقد سبق شرح هذه اللفظ مبسوطا.
«مهلا يا خالد! فو الّذي نفسي بيده، لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له، ثم أمر بها، فصلى عليها، ودفنت.
وخرج البخاري [ (1) ] ومسلم [ (2) ] .... أن رجلا قال له: أنشدك باللَّه إلا قضيت بيننا بكتاب اللَّه، فقام خصمه، وكان أفقه منه فقال: صدق، اقض بيننا
[ () ] قوله (فتنضح الدم على وجه خالد) روى بالحاء المهملة وبالمعجمة والأكثرون على المهملة ومعناه ترشش وانصب.
قوله صلى الله عليه وسلم (لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس لغفر له)
فيه أن المكس من أقبح المعاصي والذنوب الموبقات وذلك لكثرة مطالبات الناس له وظلاماتهم عنده وتكرر ذلك منه انتهاكه للناس وأخذ أموالهم بغير حقها وصرفها في غير وجهها وفيه أن توبة الزاني لا تسقط عنه حد الزنا وكذا حكم حد السرقة والشرب هذا أصح القولين في مذهبنا حد المحاربة بلا خلاف عندنا وعند ابن عباس وغيره لا تسقط.
قوله (ثم أمر بها فصلى عليه ثم دفنت) وفي الرواية الثانية أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم فرجمت، ثم صلى عليه فقال له عمر: تصلى عليها يا نبي اللَّه وقد زنت، أما الرواية الثانية فصريحة في أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى عليها وأما الرواية الأولى فقال القاضي عياض رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه: هي بفتح الصاد واللام عند جماهير رواة صحيح مسلم قال: وعند الطبري بضم الصاد قال وكذا في رواية ابن أبى شيبة، وأبى داود قال: وفي رواية لأبى داود، ثم أمرهم أن يصلوا عليها قال القاضي: ولم يذكر مسلم صلاته صلى الله عليه وسلم على ماعز وقد ذكرها البخاري.
وقد اختلف العلماء في الصلاة على المرجوم فكرهها مالك وأحمد للإمام ولأهل الفضل دون باقي الناس ويصلى عليه غير الامام وأهل الفضل وغيرهم والخلاف بين الشافعيّ ومالك إنما هو في الامام وأهل الفضل وأما غيرهم فاتفقا على أنه يصلى وبه قال جماهير العلماء قالوا فيصلي على الفساق والمقتولين في الحدود والمحاربة وغيرهم وقال الزهري: لا يصلى أحد على المرجوم وقاتل نفسه وقال قتادة: لا يصلى على ولد الزنا واحتج الجمهور بهذا الحديث وفيه دلالة للشافعي أن الامام وأهل الفضل يصلون على المرجوم كما يصلى عليه غيرهم وأجاب أصحاب مالك عنه بجوابين:
أحدهما: أنهم ضعفوا رواية الصلاة لكون أكثر الرواة لم يذكروها.
والثاني: تأولوها على أنه صلى الله عليه وسلم أمر بالصلاة أو دعا فسمى صلاة على مقتضاها في اللغة.