الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال: وأعطى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أم بردة قطعة من نخل. قال: وتوفى إبراهيم.
فصل في ذكر من كان يضحك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
اعلم أن عبد اللَّه بن حذافة بن قيس بن عدي بن سعد [أو سعيد] بن سهم. أبو حذافة القرشيّ السهمىّ، أحد المهاجرين الأولين، كانت فيه دعابة معروفة [ (1) ] .
ذكر الزبير بن بكار قال: حدثني عن الجبار بن سعد، عن عبد اللَّه بن وهب عن الليث، عن سعد، قال: بلغني أنه حلّ حزام راحلة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، حتى كاد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقع. قال ابن وهب: قلت لليث:
ليضحكه؟ قال، كانت فيه دعابة.
[ (1) ] هو عبد اللَّه بن حذافة بن قيس بن عدي بن سعد بن سهم القرشيّ، السهمىّ، يكنى أبا حذافة، كناه الزهري، أسلم قديما، وكان من المهاجرين الأولين، هاجر إلى أرض الحبشة الهجرة الثانية مع أخيه قيس بن حذافة في قول ابن إسحاق والواقدي، وخنيس بن حذافة الّذي كان زوج حفصة قبل النبي صلى الله عليه وسلم. يقال: إنه شهد بدرا، ولم يذكره ابن إسحاق في البدريين، روى محمد ابن عمرو بن علقمة عن عمرو بن الحكم بن ثوبان، عن أبى سعيد الخدريّ، قال: كان عبد اللَّه ابن حذافة بن قيس السهمي من أصحاب بدر، وكانت فيه دعابة.
قال أبو عمرو: كان عبد اللَّه بن حذافة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى كسرى بكتاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يدعوه إلى الإسلام، فمزق كسرى الكتاب، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم اللَّهمّ مزق ملكه، وقال: إذا مات كسرى فلا كسرى بعده.
قال الواقدي: فسلط اللَّه على كسرى ابنه شيرويه، فقتله ليلة الثلاثاء لعشر مضين من جمادى سنة سبع.
وعبد اللَّه بن حذافة هو القائل لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حين قال: سلوني عما شئتم: من أبى؟
قال: أبوك حذافة بن قيس،
فقالت له أمه: ما سمعت بابن أعق منك، أمنت أن تكون أمك قارفت ما تقارف نساء أهل الجاهلية فتفضحها على أعين الناس! فقال: واللَّه لو ألحقنى بعبد أسود للحقت به. وكانت في عبد اللَّه بن حذافة دعابة معروفة. (الاستيعاب) : 3/ 889- 890.
قال الزبير: هكذا قال ابن وهب، عن الليث: حلّ حزام راحلة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ولم يكن لابن وهب علم بلسان العرب، وإنما تقول العرب لحزام الراحلة: غرطة، إذا ركب بها على رحل، فإن ركب بها على جمل فهي بطان، وإن ركب بها على فرس فهي حزام، وإن ركب بها على رحل أنثى فهو وضين [ (1) ] .
قلت- أي المقريزي-: هكذا نقل أبو عمر يوسف بن عبد اللَّه بن عبد البرّ [ (2) ] .
وقد خرج الحاكم في (المستدرك)[ (3) ] من حديث يحيى بن بكير قال أنبأنا عبد العزيز بن محمد، عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن عمرو ابن الحكم ابن ثوبان، عن أبى سعيد الخدريّ، رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه، قال: بعث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم علقمة بن محرز على بعث، فلما بلغنا راس مغزانا أذن لطائفة من الجيش، وأمر عليهم عبد اللَّه بن حذافة بن قيس السهمي، وكان من أهل بدر، وكانت فيه دعابة، فإنه كان يحل رحل ناقة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره ليضحكه بذلك وكان الروم قد أسروه في زمن عمر بن الخطاب رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه، فأرادوه على الكفر، فعصمه اللَّه عز وجل حتى أنجاه اللَّه تبارك وتعالى منهم.
[ (1) ] قال أبو عمر: شاهد ذلك ما روى أن عمر بن الخطاب رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه سار في بعض حجاته. فلما أتى وادي محسّر، فضرب فيه راحلته حتى قطعته وهو يرتجز:
إليك تعدو قلقا وضينها
…
مخالفا دين النصارى دينها
معترضا في بطنها جنينها
…
قد ذهب الشحم الّذي يزينها
(المرجع السابق) : 890.
قال خليفة بن خياط: وفي سنة تسع عشرة أسرت الروم عبد اللَّه بن حذافة السهمي.
[ (2) ](المرجع السابق) .
[ (3) ](المستدرك) : 3/ 731، كتاب معرفة الصحابة، ذكر عبد اللَّه بن حذافة السهمي، حديث رقم (6639) ، وقد سكت عنه الذهبي في (التلخيص) .
وقال الزبير بن بكار في كتاب (نسب قريش) : وعبد اللَّه بن حذافة كان من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وهو رسوله بكتابه إلى كسرى، وهو الّذي أمره أيام التشريق أن ينادى في الناس: إنها أيام أكل وشرب.
قال ابن عبد البر: ومن دعابة عبد اللَّه بن حذافة أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أمّره على سرية، فأمرهم أن يجمعوا حطبا ويوقدوا نارا، فلما أوقدوها، أمرهم بالتقحم فيها، فأبوا، فقال لهم: ألم يأمركم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بطاعتي؟ وقال: من أطاع أميرى فقد أطاعنى؟ فقالوا: ما آمنا باللَّه واتبعنا رسول اللَّه إلا لننجو من النار. فصوّب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فعلهم وقال: لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.
قال اللَّه تعالى: وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ [ (1) ] :
وهو حديث صحيح الإسناد مشهور [ (2) ] .
قال الواقدي [ (3) ] : حدثني موسى بن محمد، عن أبيه، وإسماعيل بن إبراهيم بن عبد الرحمن، عن أبيه- زاد أحدهما على صاحبة- قالا: بلغ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن ناسا من الحبشة تراءاهم أهل الشعيبة- ساحل بناحية مكة- في مراكب، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم، فبعث علقمة بن مجزر المدلجي في ثلاثمائة رجل، حتى انتهى إلى جزيرة في البحر، فخاض إليهم فهربوا منه، ثم انصرف، فلما كان ببعض المنازل استأذنه بعض الجيش في الانصراف حيث لم يلقوا كيدا.
فأذن لهم، وأمرّ عليهم عبد اللَّه بن حذافة السهمىّ- وكانت فيه دعابة- فنزلنا ببعض الطريق، وأوقد القوم نارا يصطلون عليها ويصنعون الطعام، فقال: عزمت عليكم ألا تواثبتم في هذه النار! فقام بعض القوم فتحاجزوا حتى ظن أنهم واثبون فيها، فقال: اجلسوا، إنما كنت أضحك معكم! فذكر ذلك لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
فقال: من أمركم بمعصية فلا تطيعوه!
[ (1) ] النساء: 28
[ (2) ](الاستيعاب) : 3/ 890.
[ (3) ](مغازي الواقدي) : 3/ 983- 984، شأن سرية أميرها علقمة بن مجزر المدلجي في ربيع الآخر سنة تسع.
وخرج البخاري [ (1) ] ومسلم [ (2) ] هذا الحديث من حديث الأعمش. عن سعد ابن عبيدة، عن أبى عبد الرحمن، عن عليّ قال: بعث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم سرية،
[ (1) ](فتح الباري) : 13/ 152، كتاب الأحكام، باب (4) السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية، حديث رقم (7145) .
قوله «السمع والطاعة للإمام ما لم تكن معصية» إنما قيده بالإمام وإن كان في أحاديث الباب الأمير، ولم يكن إماما، لأن محل الأمر بطاعة أن يكون مؤمرا من قبل الإمام.
قوله: «لو دخلوها ما خرجوا منها»
قال الداوديّ: يريد تلك النار، لأنهم يموتون بتحريقها، فلا يموتون منها أحياء.
قال: وليس المراد بالنار نار جهنم، ولا أنهم مخلدون فيها، لأنه قد ثبت
في حديث الشفاعة: «يخرج من النار من كان في قلبه مثقال حبة من إيمان» وأخرجه في كتاب المغازي، باب (60) سرية عبد اللَّه بن حذافة السهمي وعلقمة بن مجزر المدلجي، ويقال: إنها سرية الأنصاريّ، حديث رقم (4340) .
وأخرجه في كتاب (أخبار الآحاد) ، باب (1) ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق في الأذان والصلاة والصوم والفرائض والأحكام، وقوله اللَّه تعالى: فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ [التوبة] : 122.
ويسمى الرجل طائفة لقوله تعالى التوبة: وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فلو اقتتل رجلان دخلا في معنى الآية. وقوله تعالى: إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا.
وكيف بعث النبي صلى الله عليه وسلم أمراءه واحدا بعد واحد، فإن سها أحد منهم ردّ إلى السنة، حديث رقم (7257) .
وفي الحديث من الفوائد: أن الحكم حال الغضب ينفذ منه ما لا يخالف الشرع، وأن الغضب يغطى على ذوى العقول، وفيه أن الإيمان ينجى من النار لقولهم «إنما فررنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم من النار» الفرار إلى النبي صلى الله عليه وسلم فرار إلى اللَّه، والفرار إلى اللَّه يطلق على الإيمان.
قال اللَّه تعالى: فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ وفيه أن الأمر المطلق لا يعم الأحوال، لأنه صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يطيعوا الأمير، فحملوا ذلك على عموم الأحوال، حتى في حال الغضب، في حال الأمر بالمعصية، واستنبط منه الشيخ أبو محمد بن أبى حجرة، أن الجمع
وأستعمل عليهم رجلا من الأنصار وأمرهم أن يسمعوا له ويطيعوا، فأغضبوه في شيء فقال: أجمعوا لي حطبا، فجمعوا له، ثم قال: أوقدوا نارا، فأوقدوا ثم قال: ألم يأمركم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن تسمعوا لي وتطيعوا؟ قالوا: بلى.
قال: فنظر بعضهم إلى بعض! فقالوا: انما فررنا إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من النار، فكانوا كذلك، وسكن غضبه، وطفئت النار، فلما رجعوا ذكروا ذلك للنّبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال: لو دخلوها ما خرجوا منها، إنما الطاعة في المعروف
واللفظ لمسلم.
[قال: وحدثنا أبو بكر بن أبى شيبة، حدثنا وكيع، وأبو معاوية بهذا الإسناد نحوه] .
وقال البخاري في حديثه: فلما هموا بالدخول [فقاموا] ينظر بعضهم إلى بعض، فقال بعضهم: إنما تبعنا النبي صلى الله عليه وسلم فرارا من النار! أفندخلها؟
فبينما هم كذلك.... الحديث. وقال في آخره: ما خرجوا منها أبدا ذكره في كتاب الأحكام، وذكره مسلم في كتاب الإمارة، وقال البخاري في كتاب المغازي، في سرية عبد اللَّه بن حذافة السهمىّ وعلقمة بن مجزر المدلجي- ويقال لها: سرية الأنصاري- وذكر حديث الأعمش بنحو مما تقدم أو قريبا منه.
[ () ] من هذه الأمة لا يجتمعون على خطأ، لانقسام السرية قسمين: منهم من هان عليه دخول النار فظنه طاعة، ومنهم من فهم حقيقة الأمر، وأنه مقصور على ما ليس بمعصية، فكان اختلافهم سببا لرحمة الجميع. قال: وفيه أن من كان صادق النية لا يقع إلا في خير، ولو قصد الشر فإن اللَّه تعالى يصرفه عنه.
ولهذا قال بعض أهل المعرفة: من صدق مع اللَّه وقاه اللَّه، ومن توكل على اللَّه كفاه اللَّه. (فتح الباري) .
[ (2) ](مسلم بشرح النووي) : 12/ 470، كتاب الإمارة، باب (8) وجوب طاعة الأمراء من غير معصية، وتحريمها في المعصية حديث رقم (40) ، وما بين الحاصرتين زيادة للسياق من (صحيح مسلم) .
وذكره مسلم [ (1) ] وذكره النسائي [ (2) ] أيضا من حديث شعبة عن زبيد عن سعد بن عبيدة، عن أبى عبد الرحمن، عن على رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه قال: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعث جيشا وأمّر عليه رجلا، فأوقدوا نارا، وقال:
ادخلوها، فأراد ناس أن يدخلوها، وقال الآخرون: إنما فررنا منها، فذكروا ذلك لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال للذين أرادوا أن يدخلوها: لو دخلوها لم يزالوا فيها إلى يوم القيامة، وقال للآخرين قولا حسنا، وقال لا طاعة في معصية، إنما الطاعة في المعروف. اللفظ لمسلم.
وقال فيه البخاري: وقال للآخرين: لا طاعة في معصية، إنما الطاعة في المعروف. ولم يذكر: قولا حسنا. وقال النسائي في آخره: وقال للآخرين خيرا.
[ (1) ](مسلم بشرح النووي) : 12/ 469- 470، كتاب الإمارة باب (8) وجوب طاعة الأمراء من غير معصية، وتحريمها في المعصية، حديث رقم (40) ، وما بين الحاصرتين زيادة للسياق من (صحيح مسلم) .
[ (2) ](سنن النسائي) : 7/ 179، كتاب البيعة، باب (34) جزاء من أمر بمعصية فأطاع، حديث رقم (4216) .
وأخرجه أيضا أبو داود في (السنن) : 3/ 93- 94، كتاب الجهاد، باب (96) في الطاعة، حديث رقم (2625) .
قال الخطابي هذه القصة وما ذكر فيها من شأن النار والوقوع فيها، يدل على أن المراد به طاعة الولاة، وأنها لا تجب إلا في المعروف، كالخروج في البعث إذا أمر به الولاة، وفي الأمور التي هي طاعات ومعاون للمسلمين ومصالح لهم، فأما ما كان فيها معصية كقتل النفس المحرمة، وما أشبهه، فلا طاعة لهم في ذلك.
وقد يفسر
قوله: «لا طاعة في معصية اللَّه»
تفسيرا آخر، وهو أن الطاعة لا تسلم صاحبها ولا تخلص إذا كانت مشوبة بالمعصية، وإنما تصح الطاعات مع اجتناب المعاصي (معالم السنن) .
وأخرجه أيضا الإمام أحمد في (المسند) : 1/ 151، حديث رقم (726) ، 1/ 200، حديث رقم (1021) ، كلاهما من مسند على بن أبى طالب، رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه.
ولعمر بن عمرو بن رفاعة بن الحارث بن سواد بن غنم بن مالك بن النجار ويقال فيه: نعيمان- قال ابن الكلبي: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نظر إلى نعيمان لم يتمالك نفسه أن يضحك، فأشترى نعيمان يوما بعيرا ينحره ولم يعط ثمنه، فجاء صاحبه يشكوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم [فقال] اذهبوا بنا نطلبه، فوجده، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هذا نعمان لصاحب البعير، فقال نعمان: لا جرم، لا يغرم البعير عندك، فغرمه عنه النبي صلى الله عليه وسلم.
أمه فطيمة الكاهنة.
وقال ابن عبد البر: شهد العقبة الآخرة. وهو من السبعين فيها، في قول ابن إسحاق، وشهد بدرا والمشاهد كلها. رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه [ (1) ] .
[ (1) ] هو النعيمان بن عمرو بن رفاعة بن الحارث بن سواد بن مالك بن غنم بن مالك بن النجار الأنصاري. وفي (مسند محمد بن هارون الروياني) : حدثنا خالد بن يوسف، حدثنا أبو عوانة، عن عمرو بن أبى سلمة، عن أبيه، قال: مات عبد الرحمن بن عوف عن أربع نسوة:
أم كلثوم بنت عقبة بن أبى معيط، وأخت نعيمان.
قال البخاري، وأبو حاتم وغيرهما: له صحبة. وذكره موسى بن عقبة، عن ابن شهاب الزهري، وأبو الأسود، عن عروة وغيرهما فيمن شهدا بدرا وذكر ابن إسحاق أنه شهد العقبة الأخيرة، وقال ابن سعد: شهد بدرا، وأحدا، والخندق والمشاهد كلها.
ذكره الزبير بن بكار في كتاب (الفكاهة والمزاح) من طريق أبى طوالة، عن أبى بكر ابن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، قال: كان بالمدينة رجل يقال له النعيمان يصيب من الشراب، فذكر نحوه، وبه أن رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال للنعيمان يصيب من الشراب، فذكر نحوه، وبه أن رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال للنعيمان: لعنك اللَّه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: لا تفعل، فإنه يحب اللَّه ورسوله.
وقد بينت في (فتح الباري) أن قائل ذلك عمير، لكنه قاله اللَّه الّذي كان يلقب حمارا فهو يقوى قول من زعم أنه ابن النعيمان، فيكون ذلك وقع للنعيمان وابنه، ومن يشابه أباه فما ظلم.
قال الزبير: وكان لا يدخل المدينة طرفه إلا اشترى منها، ثم جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم، فيقول:
ها أهديته لك، فإذا جاء صاحبها يطلب نعيمان بثمنها أحضره إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقال: أعط هذا ثمن متاعه، فيقول: أو لم تهده لي؟ فيقول: إنه واللَّه لم يكن عندي ثمنه، ولقد أحببت أن تأكله، فيضحك، وبأمر لصاحبه بثمنه.
_________
[ () ] وأخرج الزبير قصة البعير بسياق آخر من طريق ربيعة بن عثمان، قال: دخل أعرابى على النبي صلى الله عليه وسلم وسلّم وسلم، وأناخ ناقته بفنائه، فقال بعض الصحابة للنعيمان الأنصاري: لو عقرتها فأكلناها، فإنا قد قرمنا، إلى اللحم. ففعل، فخرج الأعرابي وصاح: وا عقراه يا محمد. فخرج النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: من فعل هذا؟ فقالوا: النعيمان، فاتبعه يسأل عنه حتى وجده قد دخل دار ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب، واستخفى تحت سرب لها فوقه جريد، فأشار رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وآله وسلّم حيث هو، فقال: ما حملك على ما صنعت؟ قال: الذين دلوك عليّ يا رسول اللَّه، هم الذين أمرونى. قال: فجعل يمسح التراب عن وجهه ويضحك ثم غرمها للإعرابى.
وقال الزبير أيضا: حدثني عمى، عن جدي، قال: كان مخرمة بن نوفل قد بلغ مائة وخمس عشرة سنة، فقام في المسجد يريد أن يبول فصاح به الناس: المسجد! المسجد! فأخذ نعيمان بن عمرو بيده وتنحى به ثم أجلسه في ناحية أخرى، فقال له: بل هاهنا. قال: فصاح به الناس. فقال ويحكم: فمن أتى به إلى هذا الموضع؟ قالوا: النعيمان. قال: أما إن للَّه على إن ظفرت به أن أضربه بعصاي هذه ضربة تبلغ منه ما بلغت. فبلغ ذلك نعيمان، فمكث ما شاء اللَّه، ثم أتاه يوما وعثمان قائم يصلى في ناحية المسجد، فقال لمخرمة: هل لك في نعيمان؟ قال: عم. قال: فأخذ بيده حتى أوقفه على عثمان، وكان إذا صلى لا يلتفت، فقال:
دونك هذا نعيمان، فجمع بيده بعصاه فضرب عثمان فشجه، فصاحوا به: ضربت أمير المؤمنين.... فذكر بقية القصة.
وقال عبد الرازق: أنبأنا معمر، عن أيوب، عن محمد بن سيرين- أن ناسا من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نزلوا بماء، وكان النعيمان بن عمرو يقول لأهل الماء: يكون كذا وكذا، فيأتونه باللبن والطعام، فيرسله إلى أصحابه، فبلغ أبا بكر خبره، فقال: أرانى آكل من كهانة النعيمان منذ اليوم، فاستقاء ما في بطنه.
قلت: وقد استقاء أ [وبكر ما أكل من جهة كهانة عبد كان يخدمه، أخرجها البخاري، وهي غير هذه القصة، فإن فيها أنه قال: كنت تكهنت لهم في الجاهلية. له ترجمة (الإصابة) :
6/ 463- 466، ترجمة رقم (8794)، (الاستيعاب) : 4/ 1503، ترجمة رقم (2621) .