الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بكتاب اللَّه وائذن لي، فقال:«قل، قال: إن ابني كان عسيفا على هذا، فزنى بامرأته. فافتديت منه بمائة شاة وخادم، وإني سألت أهل العلم، فأخبروني أن على ابني جلد مائة وتغريب عام، وأن على امرأة هذا الرجم، فقال: والّذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب اللَّه: المائة والخادم ردّ عليك، وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام، وأغد يا أنيس على امرأة هذا فاسألها، فإن اعترفت فارجمها» فاعترفت، فرجمها.
[فصل في ذكر من رجمه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب]
فخرج البخاري ومسلم: أن اليهود جاءوا إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فذكروا له أن رجلا منهم وامرأة زنيا، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:«ما تجدون في التوراة في شأن الرجم» ؟ قال نفضحهم ويجلدون، فقال عبد اللَّه بن سلام: كذبتم، إن فيها الرجم، فأتوا بالتوراة، فنشروها، فوضع أحدهم يده على آيه الرجم، فقرأ
[ () ] وهذان الجوابان فاسدان أما الأول فإن هذه الزيادة ثابتة في الصحيح وزيادة الثقة الشرعية إلى ارتكابه وليس هنا شيء من ذلك فوجب حمله على ظاهره واللَّه أعلم.
[ () ](1) أخرجه البخاري في المحاربين: باب الاعتراف بالزنا، وباب البكران يجلدان وينفيان، وباب من أمر غير الإمام بإقامة الحد غائبا، وباب إذا رمى امرأته أو امرأة غيره بالزنى عند الحاكم، وباب هل يأمر الإمام رجلا فيضرب الحد غائبا عنه، وفي الوكالة: باب الوكالة في الحدود، وفي الشهادات: باب شهادة القاذف، والسارق، والزاني، وفي الصلح: باب إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود، وفي الشروط: باب الشروط التي لا تعمل في الحدود، وفي الأيمان والنذور: باب كيف كان يمين النبي صلى الله عليه وسلم. وفي الأحكام: باب هل يجوز للحاكم أن يبعث رجلا وحده للنظر في الأمور، وفي خبر الواحد: باب ما جاء في إجازة خبر الواحد، وفي الاعتصام: باب الاقتداء بسنن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.
[ (2) ] وأخرجه مسلم (1697) ، (1698)، ومالك في (الموطأ) : 2/ 822. والترمذي (1433) ، وأبو داود (4445) ، والنسائي: 8/ 240- 241، وابن ماجة: (2549) ، والدارميّ:
2/ 177، كلهم من حديث أبى هريرة وزيد بن خالد الجهنيّ رضي اللَّه تبارك وتعالى عنهما، والعسيف: الأجير.
ما قبلها وما بعدها، فقال له عبد اللَّه بن سلام: ارفع يدك، فرفع يده، فإذا فيها آية الرجم، فقالوا: صدق يا محمد، إن فيها الرجم، فأمر بهما رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فرجما [ (1) ] .
[ (1) ] أخرجه البخاري في المحاربين: باب أحكام أهل الذمة، وباب الرجم في البلاط، وفي الجنائز. باب الصلاة على الجنائز بالمصلى والمسجد، وفي الأنبياء: باب قول اللَّه تعالى:
يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ وفي تفسير سورة آل عمران: باب قول اللَّه تعالى: قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ وفي الاعتصام: باب ما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وحض على اتفاق أهل العلم، وفي التوحيد: باب ما يجوز من تفسير التوراة وغيرها من كتب اللَّه تعالى بالعربية وغيرها. قال الخطابي في (معالم السنن) : فيه من الفقه: ثبوت أنكحة أهل الكتاب، إذا ثبتت أنكحتهم ثبت طلاقهم وظهارهم وإيلاؤهم.
وفيه دليل على أن نكاح أهل الكتاب يوجب التحصين، إذ لا رجم على المحصن. ولو أن مسلما تزوج يهودية أو نصرانية ودخل بها ثم زنا كان عليه الرجم وهو قول الزهري، وإليه ذهب الشافعيّ.
وقال أبو حنيفة وأصحابه: الكتابية لا تحصن المسلم، وتأول بعضهم معنى الحديث على أنه إنما رجمهما بحكم التوراة، ولم يحملهما على أحكام الإسلام وشرائطه.
قلت: وهذا تأويل غير صحيح لأن اللَّه سبحانه وتعالى يقول: وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وإنما جاءه القوم مستفتين طمعا في أن يرخص لهم في ترك الرجم ليعطلوا به حكم التوراة، فأشار عليهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بما كتموه من حكم التوراة، ثم حكم عليهم بحكم الإسلام على شرائطه الواجبة فيه، وليس يخلو الأمر فيما صنعه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من ذلك عن أن يكون موافقا لحكم الإسلام أو مخالفا، فإن كان مخالفا فلا يجوز أن يحكم بالمنسوج ويترك الناسخ.
وإن كان موافقا له فهو شريعته، والحكم الموافق لشريعته لا يجوز أن يكون مضافا إلى غيره، ولا أن يكون فيه تابعا لمن سواه.
وأخرجه مسلم في الحدود: باب (6) رجم اليهود أهل الذمة في الزنى، حديث رقم (1699)، ومالك في (الموطأ) : 2/ 819، والترمذي (1436) ، وأبو داود (4446) ، (4449)، كلهم من حديث عبد اللَّه بن عمر رضي اللَّه تبارك وتعالى عنه قال الإمام النووي:
قوله «إن النبي صلى الله عليه وسلم.
_________
[ () ] قوله (أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى يهودي ويهودية قد زنيا إلى قوله فرجما) في هذا دليل لوجوب حد الزنا على الكافر وأنه يصح نكاحه لأنه لا يجب الرجم إلا على محصن فلو لم يصح نكاحه لم يثبت إحصانه ولم يرجم، وفيه أن الكافر مخاطبون بفروع الشرع وهو الصحيح وقيل لا يخاطبون بها وقيل أنهم مخاطبون بالنهى دون الأمر، وفيه أن الكفار إذا تحاكموا إلينا حكم القاضي بينهم بحكم شرعنا وإذا تحاكموا إلينا حكم القاضي بينهم بحكم شرعنا وقال مالك لا يصح إحصان الكافر قال وإنما رجمها لأنهما لم يكونا أهل ذمة وهذا تأويل باطل لأنهما كانا من أهل العهد ولأنه رجم المرأة والنساء لا يجوز قتلهن مطلقا.
قوله صلى الله عليه وسلم: (فقال ما تجدون في التوراة)
قال العلماء: هذا السؤال ليس لتقليدهم ولا معرفة الحكم منهم فإنما هو لالزامهم بما يعتقدونه في كتابهم ولعله صلى الله عليه وسلم قد أوحى اليه أن الرجم في التوراة الموجودة في أيديهم لم يغيروه كما غيروا أشياء أو أنه أخبره بذلك من أسلم منهم ولهذا لم يخف ذلك عليه حين كتموه.
قوله (نسود وجوههما ونحملهما) هكذا هو في أكثر النسخ نحملهما بالحاء واللام، وفي بعضها نجملها بالجيم وفي بعضها نحممهما بميمين وكله متقارب فمعنى الأول نحملهما على الحمل ومعنى الثاني نجملهما جميعا على الجمل ومعنى الثالث نسود وجوههما بالحمم بضم الحاء وفتح الميم وهو الفحم وهذا الثالث ضعيف لأنه قال قبله نسود وجوههما فان قيل كيف رجم اليهوديان بالبينة أم بالإقرار قلنا الظاهر أنه بالإقرار وقد جاء في سنن أبى داود وغيره أنه شهد عليهما أربعة أنهم رأوا ذكره في فرجها فان صح هذا فان كان الشهود مسلمين فظاهر وإن كانوا كفارا فلا اعتبار بشهادتهم ويتعين أنهما أقرا بالزنا.
قال العلامة ابن القيم في (زاد المعاد) : فتضمنت هذه الحكومة أن الإسلام ليس بشرط في الإحصان، وأن الذمي يحصن بالذمية، وإلى هذا ذهب أحمد والشافعيّ، ومن لم يقل بذلك اختلفوا في وجه هذا الحديث، فقال مالك في غير (الموطأ) : لم يكن اليهود بأهل ذمة، والّذي في (صحيح البخاري) : أنهم أهل ذمة، ولا شك أن هذا كان بعد العهد الّذي وقع بين النبي صلى الله عليه وسلم وبينهم ولم يكونوا إذا ذاك حربا، كيف وقد تحاكموا إليه، ورضوا بحكمه؟ وفي بعض طرق الحديث: أنهم قالوا: اذهبوا بنا إلى هذا النبي، فإنه بعث بالتخفيف وفي بعض طرقه:
أنهم دعوه إلى بيت مدارسهم، فأتاهم وحكم بينهم، فهم كانوا أهل عهد وصلح بلا شك.