الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال المؤلف: خرج ابن زيالة في (تاريخ المدينة) : فقال: حدثني عبد العزيز بن محمد عن عيسى بن موسى بن عبيد اللَّه بن معمر، عن نافع، عن ابن عمر رضى اللَّه تبارك وتعالى عنهما، قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم، كان إذا اعتكف يطرح فراشه ويوضع له سرير وراء أسطوانة.
وفي (معجم الطبراني) عن ابن عمر رضى اللَّه تبارك وتعالى عنهما قال: إن ذلك مما يلي القبلة يستند إليها. كذا ذكره القاضي.
وخرج ابن زبالة من حديث عبد العزيز، عن حسين بن مصعب، عن محمد بن أيوب، قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان له سرير من جريد فيه سعفة يوضع فيما بين الأسطوانة التي وجاه القبر وبين القناديل، وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يضطجع عليه.
فصل في ذكر أصحاب الصفة في مسجد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم
الصفة: المظلة، وصفة البنيان طرته [ (1) ] . اعلم أن أهل الصفة كانوا قوما فقراء لا أهل لهم ولا مال، تكون إقامتهم بمسجد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وهم أضياف الإسلام، فإذا أتت النبي صلى الله عليه وسلم صدقة بعث بها إليهم، ولم يتناول منها شيئا، وإذا أتته هديه أرسل إليهم وأصاب منها، وأشركهم فيها، وكانوا في صفة يأوون إليها في المسجد.
[ (1) ] قال في (اللسان) : الصفة من البنيان شبه البهو الواسع الطويل السمك، وفي الحديث ذكر أهل الصفة، قال: هم فقراء المهاجرين ومن لم يكن له منهم منزل يسكنه، فكانوا يأوون إلى موضع مظلل في مسجد المدينة يسكنونه. وهو موضع مظلل من المسجد كان يأوى إليه المساكين. (لسان العرب) : 9/ 195.
خرج الحاكم [ (1) ] من حديث مالك بن مغول، عن فضيل بن غزوان عن أبى حازم عن أبى هريرة رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه قال: لقد كان أصحاب الصفة سبعين رجلا ما لهم أردية. قال الحاكم هذا حديث على شرط الشيخين.
وخرج الترمذي [ (2) ] من حديث حيوة بن شريح، أخبرنى أبو هاني الخولانيّ في أن على عمرو بن مالك الجينى أخبره عن فضالة بن عبيد أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى بالناس يخر رجال من قامتهم في الصلاة من الخصاصة، وهم أصحاب الصفة حتى يقول الأعراب: هؤلاء مجانين أو مجانون، فإذا صلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم انصرف إليهم فقال: لو تعلمون ما لكم عند اللَّه لأحببتم أن تزدادوا فاقة وحاجة،
قال فضالة: وأنا يومئذ مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال أبو عيسى: هذا حديث صحيح.
وخرج بقي بن مخلد من حديث وهب بن بقية قال: أنبأنا خالد، عن داود، عن أبى حرب، عن طلحة بن عبد اللَّه، قال: كان الرجل منا إذا إذا قدم المدينة فكان له بها عريف نزل على عريفه وإن لم يكن له بها عريف نزل الصفة فقدمت فنزلت الصفة فكان يجرى علينا من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كل يوم مدين تمر بين اثنين ويسكونا الخنف فصلى بنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعض صلاة النهار فلما سلم ناداه أهل الصفة يمينا وشمالا يا رسول اللَّه أحرق بطوننا التمر وتخرقت عنا الخنف فمال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى منبره فصعده فحمد اللَّه وأثنى عليه ثم ذكر
[ (1) ](المستدرك) : 3/ 18، كتاب الهجرة، حديث رقم (4292)، وقال الحافظ الذهبي في (التخليص) : على شرط البخاري ومسلم، قال الحاكم: تأملت هذه الأخبار الواردة في أهل الصفة فوجدتهم من أكابر الصحابة رضى اللَّه تبارك وتعالى عنهم ورعا وتوكلا على اللَّه عز وجل وملازمة لخدمة اللَّه ورسوله صلى الله عليه وسلم اختار اللَّه تعالى لهم ما اختاره لنبيه صلى الله عليه وسلم من المسكنة والفقر والتضرع لعبادة اللَّه عز وجل وترك الدنيا لأهلها وهم الطائفة المنتمية إليهم الصوفية قرنا بعد قرن فمن جرى على سنتهم وصبرهم على ترك الدنيا والأنس بالفقر وترك التعرض للسؤال فهم كل عصر بأهل الصفة مقتدون وعلى خالقهم متوكلون.
[ (2) ](سنن الترمذي) : 4/ 504، كتاب الزهد، باب (39) ، ما جاء في معيشة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، حديث رقم (2868) .
الشدة ما لقي من قومه حتى قال ولقد أتى على وعلى صاحبي بضع عشرة وما لي طعام إلا البرير قال: قلت لأبى حرب وأي شيء البرير قال: طعام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ثمر الأراك فقمنا على إخواننا هؤلاء الأنصار وعظم طعامهم التمر فواسونا فيه واللَّه لو أجد لكم الخبز واللحم لأشبعتكم منه ولكن عسى أن تدركوا زمانا حتى يغدى على أحدكم بجفنة ويراح عليه بأخرى قال: فقالوا: يا رسول اللَّه أنحن اليوم خبر أم اليوم؟ قال: بل أنتم اليوم خير أنتم اليوم متحابون وأنتم يومئذ بعضكم يضرب رقاب بعض أراه قال: متباغضون.
[هذا لفظ حديث أبى سهل القطان وحديث يحيى بن يحيى على الاختصار] ثم قال: هذا حديث الإسناد ولم يخرجاه.
وخرج الحاكم [ (1) ] من حديث صحيح على بن مسهر، عن داود بن أبى هندية نحوه أو قريبا منه، وقال صحيح الإسناد.
وللبخاريّ [ (2) ] من حديث أبى حازم، عن أبى هريرة رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه قال: رأيت سبعين من أهل الصفة ما منهم رجل عليه رداء إما إزار، وإما كساء، قد ربطوا في أعناقهم فمنها ما يبلغ نصف الساقين، ومنها ما يبلغ الكعبين فيجمعه بيده كراهية أن ترى عورته. وذكره في باب نوم الرجال في المسجد.
[ (1) ](المستدرك) : 3/ 16- 17، كتاب الهجرة، حديث رقم (4290) قال الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقال الحافظ الذهبي في التخليص صحيح، سمعه جماعة من داود، وهو في (مسند أحمد) : 7/ 32، حديث رقم (23420) .
[ (2) ](فتح الباري) : 1/ 705، كتاب الصلاة، باب (58) نوم الرجال في المسجد، حديث رقم (442) . قوله:(لقد رأيت سبعين من أصحاب الصفة) يشعر بأنهم كانوا أكثر من سبعين، وهؤلاء الذين رآهم أبو هريرة غير السبعين الذين بعثهم النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة بئر معونة، وكانوا من أهل الصفة أيضا لكنهم استشهدوا قبل إسلام أبى هريرة، وقد اعتنى بجمع أصحاب الصفة ابن الأعرابي والسلمي والحاكم وابو نعيم، وعند كل منهم ما ليس عند الآخر، وفي بعض ما ذكروه اعتراض ومناقشة، ولكن لا يسع هذا المختصر تفصيل ذلك.
وقال هشام بن عمار: أن صدقة القرشي، عن زيد بن واقد، عن بشر ابن عبد اللَّه، عن واثلة بن الأسقع، قال: كنت من أصحاب الصفة وما منا إنسان يجد ثوبا إلا ما قد جعل الغبار والعرق في جلودنا طرقا.
وقال سيف، عن محمد، عن عطاء، قال: كان أصحاب الصفة أضياف المسلمين، وكان صفة المسجد مثواهم، فمات النبي صلى الله عليه وسلم وهي منزلهم، فإذاهم أحد من المسلمين لهم بخير أتاهم به أو ذهب بعضهم [إليه] .
***