الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الذين أسروا ببدر وكانوا يلبثون في المسجد، فمنهم جبير بن مطعم رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه [قال:] كنت أبيت في المسجد، فكنت أسمع قراءة النبي صلى الله عليه وسلم وكان يومئذ مشركا مع المشركين.
فصل في ذكر جلوس رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في مقعد بنى له
خرج النسائي من حديث جرير، عن أبى فروة، عن أبى زرعة، عن أبى هريرة وأبى ذر رضى اللَّه تبارك وتعالى عنهما قالا: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يجلس بين ظهراني أصحابه، فيجيء الغريب فلا يدرى أيهم هو حتى يسأل، فطلبنا إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن نجعل له مجلسا يعرفه الغريب إذا أتاه، فبنينا له دكانا من طين كان يجلس عليه، ونجلس بجانبه سماطين [ (1) ] .
قال ابن سيده: والدكة بناء يسطح أعلاه، والدكان من البناء: مشتق من ذلك. وقال الجوهري: الدكان الّذي يقعد عليه [ (2) ] .
فصل في ذكر مصلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في الأعياد
خرج أبو داود من حديث حماد عن حميد عن أنس بن مالك رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه، قال: قدم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: ما هذان اليومان؟ قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، فقال
[ (1) ](سنن النسائي) : 8/ 475- 476، كتاب الإيمان، باب (6) صفة الإيمان والإسلام، حديث رقم (5006) . والسماط بكسر السين: الصف من الناس.
وأخرجه أبو داود في السنة، باب (17) في القدر، حديث رقم (4698) وزاد فيه: وكنا نجلس بجنبتيه، وذكر نحو هذا الخبر، فأقبل رجل، فذكر هيئته، حتى سلم من طرف السماط، فقال: السلام عليك يا محمد، قال: فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم.
[ (2) ](لسان العرب) : 10/ 425.
رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إن اللَّه تبارك وتعالى قد أبدلكم خيرا منهما: يوم الأضحى ويوم الفطر [ (1) ] .
وخرجه النسائي من حديث إسماعيل قال: حدثنا حميد عن أنس بن مالك قال: كان لأهل الجاهلية يومان في كل سنة يلعبون فيهما، فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة قال: كان لكم يومان تلعبون فيهما وقد أبدلكم اللَّه بهما خيرا منهما، يوم الفطر ويوم الأضحى [ (2) ] .
وقال الواقدي: أول عيد صلاة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالمصلى سنة اثنتين من مقدمة المدينة من مكة.
وخرج أبو زيد عمر بن شبة من حديث أبى ضمرة الليثي، عن حمزة ابن عبد الواحد، عن داود بن بكر، عن خالد بن عبد اللَّه، عن أنس بن مالك رضى اللَّه تبارك وتعالى عنه، قال: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خرج إلى المصلى يستسقى، فبدأ بالخطبة، ثم صلى وكبر واحدة افتتح بها الصلاة، فقال: هذا مجمعنا، ومستمطرنا، ومدعانا لعيدنا، ولفطرنا، وأضحانا، [فلا.....] .
وخرج البخاري [ (3) ] من حديث زيد بن أسلم، عن عياض بن عبد اللَّه بن أبى سرح، عن أبى سعيد الخدريّ، قال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر
[ (1) ](سنن أبى داود) : 1/ 675، كتاب الصلاة، باب (245) صلاة العيدين، حديث رقم (1134) .
[ (2) ](سنن النسائي) : 3/ 199، كتاب العيدين، باب (1) بدون ترجمة، حديث رقم (1555)، وأخرجه أيضا البيهقي في (السنن الكبرى) : 3/ 277، كتاب صلاة العيدين.
[ (3) ](فتح الباري) : 2/ 570، كتاب العيدين، باب (6) الخروج إلى المصلى بغير منبر، حديث رقم (956) .
وفي هذا الحديث من الفوائد بنيان المنبر، قال الزين بن المنير: وإنما اختاروا أن يكون باللبن لا من الخشب لكونه يترك بالصحراء في غير حرز فيؤمن عليه النقل، بخلاف خشب منبر الجامع. وفيه أن الخطبة على الأرض عن قيام في المصلى أولى من القيام على المنبر، والفرق بينه وبين المسجد أن المصلى يكون بمكان فيه فضاء فيتمكن من رؤيته كل من حضر، بخلاف المسجد فإنه يكون في مكان محصور فقد لا يراه بعضهم، وفيه الخروج إلى المصلى
والأضحى إلى المصلى، فأول شيء يبدأ به الصلاة حدثنا سعيد بن أبى مريم قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: أخبرنى زيد عن عياض بن عبد اللَّه بن أبى سرح عن أبى سعيد الخدريّ قال: «وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى، فأول شيء يبدأ به الصلاة، ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس، والناس جلوس على صفوفهم- فيعظهم، ويوصيهم، ويأمرهم. فإن كان يريد أن يقطع بعثا قطعه أو يأمر بشيء أمر به، ثم ينصرف. «قال أبو سعيد: فلم يزل الناس على ذلك حتى خرجت مع مروان- وهو أمير المدينة- في أضحى أو فطر، فلما أتينا المصلى إذا منبر بناه كثير بن الصلت، فإذا مروان يريد أن يرتقيه قبل أن يصلى، فجبذت بثوبه، فجبذنى، فارتفع فخطب قبل الصلاة، فقلت له: غيرتم واللَّه، فقال: أبا سعيد قد ذهب ما تعلم، فقلت ما أعلم واللَّه خير مما لا أعلم. فقال: إن الناس لم يكونوا يجلسون لنا بعد الصلاة، فجعلتها قبل الصلاة.
[ () ] في العيد، وأن صلاتها في المسجد لا تكون إلا عن ضرورة، وفيه إنكار العلماء على الأمراء إذا صنعوا ما يخالف السنة، وفيه حلف العالم على صدق ما يخبر به، والمباحث في الأحكام، وجواز عمل العالم بخلاف الأولى إذا لم يوافقه الحاكم على الأولى لأن أبا سعيد حضر الخطبة ولم ينصرف، فيستدل به على أن البداءة بالصلاة فيه ليس بشرط في صحتها. واللَّه أعلم.
واستدل به على استحباب الخروج إلى الصحراء لصلاة العيد وأن ذلك أفضل من صلاتها في المسجد، لمواظبة النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك مع فضل مسجده. وقال الشافعيّ في (الأم) :
بلغنا أن روسل اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يخرج في العيدين إلى المصلى بالمدينة، وكذا من بعده إلا من عذر مطر ونحوه، وكذلك عامة أهل البلدان خلا أهل مكة. ثم أشار إلى أن سبب ذلك سعة المسجد وضيق أطراف مكة قال: فلو عمر بلد فكان مسجد أهله يسعهم في الأعياد لم أر أن يخرجوا منه، فإن كان لا يسعهم كرهت الصلاة فيه وإلا إعادة، ومقتضى هذا أن العلة تدور على الضيق والسعة، لا لذات الخروج إلى الصحراء، لأن المطلوب حصول عموم الاجتماع، فإذا حصل في المسجد مع أفضليته كان أولى.
وخرجه مسلم [ (1) ] من حديث إسماعيل بن جعفر، عن داود بن قيس، عن عياش بن عبد اللَّه بن سعد.
حدثنا يحيى بن أيوب وقتيبة وابن حجر قالوا حدثنا إسماعيل بن جعفر عن داود بن قيس عن عياش بن عبد اللَّه بن سعد عن أبى سعيد الخدريّ أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يخرج يوم الأضحى ويوم الفطر فيبدأ بالصلاة فإذا صلى صلاته وسلم قام فأقبل على الناس وهم جلوس في مصلاهم فإن كان له حاجة ببعث ذكره للناس أو كانت له حاجة بغير ذلك أمرهم بها وكان يقول تصدقوا تصدقوا تصدقوا
وكان أكثر من يتصدق النساء ثم ينصرف فلم يزل كذلك حتى كان مروان بن الحكم فخرجت مخاصرا مروان حتى أتينا المصلى فإذا كثير بن الصلت قد بنى منبرا من طين ولبن فإذا مروان ينازعني يده كأنه يجرنى نحو المنبر وأنا أجره نحو الصلاة فلما رأيت ذلك منه قلت أين الابتداء بالصلاة فقال لا يا أبا سعيد قد ترك ما تعلم، قلت: كلا والّذي نفسي بيده لا تأتون بخير مما أعلم «ثلاث مرار ثم انصرف» .
وخرج أبو داود [ (2) ] من حديث الأعمش، عن إسماعيل بن رجاء، عن أبيه، عن أبى سعيد، وعن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، عن أبى
[ (1) ](مسلم بشرح النووي) : 6/ 427، كتاب صلاة العيدين، باب (1) بدون ترجمة، حديث رقم (889) .
وهذا دليل لمن قال باستحباب الخروج لصلاة العيد إلى المصلى، وأنه أفضل من فعلها في المسجد وعلى هذا عمل الناس في معظم الأمصار وأما أهل مكة فلا يصلونها إلا في المسجد من الزمن الأول ولأصحابنا وجهان:
أحدهما: الصحراء أفضل لهذا الحديث.
والثاني: وهو الأصح عند أكثرهم المسجد أفضل إلا أن يضيق قالوا وإنما صل أهل مكة في المسجد لسعته وإنما خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى المصلى لضيق المسجد فدل على أن المسجد أفضل إذا اتسع، وفيه أن الخطبة للعيد بعد الصلاة، وفيه الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وأن كان المنكر عليه واليا، وفيه أن الإنكار عليه يكون باليد لمن أمكنه ولا يجزى عن اليد اللسان مع إمكان اليد.