الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السابعة عشرة: [هل يجوز له صلى الله عليه وسلم القتل بعد الأمان
؟]
قال ابن القاضي: يجوز له صلى الله عليه وسلم القتل بعد الأمان، قال الرافعي:
وخطئوه فيه، وقالوا: من يحرم عليه خائنة الأعين كيف يجوز له من أمنه؟
وقصة ابن خطل لا حجة فيها، لقول ابن القاضي: فإنه صلى الله عليه وسلم استثنى ممن أمنهم، فإنه لم يكن ممن شمله الأمان، فاعلمه. ولم يذر النووي في الروضة هذه الخصوصيات لعدم الدليل عليها.
الثامنة عشرة: كان صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم
قيل: كان ذلك خاصا به، وهل يكره لغيره؟ أو يحرم؟ أو يباح؟
أو يبطل صوم من فعله؟ كما قاله ابن قتيبة، أو نسخت له، أو يفرق بين الشيخ والشاب، على أقوال للعلماء [ (1) ] ، وقد بسطت القول عليه في موضعه.
[ (1) ] خرج البخاري في كتاب الصوم: باب (24) القبلة للصائم، حديث رقم (1928) ، عن عائشة رضى اللَّه تبارك وتعالى عنها، قالت:«إن كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ليقبل بعض أزواجه وهو صائم، ثم ضحكت» .
فقد أخرجه النسائي من طريق يحيى القطان بلفظ «كان يقبل بعض أزواجه وهو صائم» وزاد الإسماعيلي من طريق عمرو بن على بن يحيى قال هشام: «وقال إني لم أر القبلة تدعو إلى خير» ، ورواه سعيد بن منصور عن يعقوب بن عبد الرحمن عن هشام بلفظ «كان يقبل بعض أزواجه وهو صائم ثم ضحكت» ، فقال عروة لم أر القبلة تدعو إلى خير، وكذا ذكره مالك في (الموطأ) عن هشام عقب الحديث، لكن لم يقل فيه ثم ضحكت.
وقوله: ثم ضحكت يحتمل ضحكها للتعجب ممن خالف في هذا، وقيل تعجيب من نفسها إذ تحدث بمثل هذا مما يستحى من ذكر النساء مثله للرجال، ولكنها ألجأتها الضرورة في تبليغ العلم إلى ذكر ذلك، وقد يكون الضحك خجلا لإخبارها عن نفسها بذلك، أو تنبيها على أنها صاحبة القصة ليكون أبلغ في الثقة بها، أو سرورا بمكانها من النبي صلى الله عليه وسلم وبمنزلتها منه ومحبته لها.
_________
[ () ] وقد روى ابن أبى شيبة عن شريك عن هشام في هذا الحديث «فضحكت، فظننا أنها هي
وروى النسائي من طريق طلحة بن عبد اللَّه التيمي عن عائشة قالت: «أهوى إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليقبلنى فقلت إلى صائمة، فقال: وأنا صائم، فقبلني» .
وهذا يؤيد ما قدمناه أن النظر في ذلك لمن لا يتأثر بالمباشرة والتقبيل، ولا للتفرقة بين الشاب والشيخ، لأن عائشة كانت شابة، نعم لما كان الشاب مظنة لهيجان الشهوة فوق من فوق.
وقال المازري: ينبغي أن يعتبر حال المقبل فإن أثارت منه القبلة الإنزال حرمت عليه لأن الإنزال يمنع منه الصائم فكذلك ما أدى إليه، وإن كان عنها المذي فمن رأى القضاء منه قال يحرم في حقه، ومن رأى أن لا قضاء قال بكرة، وإن لم تؤد القبلة إلى شيء فلا معنى للمنع منها إلا على القول بسد الذريعة. قال: ومن بديع ما روى في ذلك
قوله صلى الله عليه وسلم للسائل عنها: «أرأيت لو تمضمضت»
فأشار إلى فقه بديع، وذلك أن المضمضة لا تنقض الصوم وهي أول الشرب ومفتاحه، كما أن القبلة من دواعي الجماع ومفتاحه، والشرب يفسد الصوم كما يفسد الجماع، وكما ثبت عندهم أن أوائل الشرب لا يفسد الصيام فكذلك أوائل الجماع.
والحديث الّذي أشار إليه أخرجه أبو داود والنسائي من حديث ابن عمر، قال النسائي منكر، وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وقد سبق الكلام على حديث أم سلمة في كتاب الحيض، والغرض منه هنا قولها «وكان يقبلها وهو صائم» وقد ذكرنا شاهده من رواية عمر بن أبى سلمة في الباب الّذي قبله. وقال النووي: القبلة في الصوم ليست محرمة على من لم تحرك شهوته لكن الأولى له تركها، وأما من حركت شهوته فهي حرام في حقه على الأصح وقيل: مكروهة، وروى ابن وهب عن مالك إباحتها في النفل دون الفرض، قال النووي: ولا خلاف أنها لا تبطل الصوم إلا أن انزل بها.
وقد روى أبو داود وحده من طريق مصدق بن يحيى عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبلها ويمص لسانها وإسناده ضعيف، ولو صح فهو محمول على من لم يبتلع ريقه الّذي خالط ريقها واللَّه أعلم.