الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرابعة: في انعقاد نكاحه صلى الله عليه وسلم بلا ولى ولا شهود
وفيه وجهان:
أحدهما: لا ينعقد بعموم
قوله صلى الله عليه وسلم لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل،
وأصحهما يباح له ذلك، ودليله ما
خرجه مسلم من حديث حماد بن سلمة قال:
حدثنا ثابت عن أنس قال: كنت رديف أبى طلحة يوم خيبر، وقدمي تمس قدم النبي صلى الله عليه وسلم قال: فأتيناهم حين بزغت الشمس، وقد اخرجوا مواشيهم، وخرجوا بفئوسهم ومكاتلهم، فقالوا محمدا والخميس، وقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين
قال وهزمهم اللَّه عز وجل ووقعت في سهم دحية جارية جميلة فاشتراها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بسبعة أرؤس، ثم دفعها إلى أم سليم تصنعها وتهيئها، قال واحسبها كذا قال، وتعتد في بيتها، وهي صفية بنت حيي، قال فجعل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وليمتها التمر والأقط والسمن قال:
فحصبت الأرض أفاحيص، وجيء بالأنطاع فوضعت بها، وجاء بالأقط والثمن، فشبع الناس، قال: وقال الناس: لا ندري أتزوجها أم اتخذها أم ولد، قالوا: إن حجبها فهي امرأته، وأن لم يحجبها فهي أم ولد. فلما أراد أن يركب حجبها فقعدت على عجز البعير فعرفوا أنها قد تزوجها
…
الحديث.
وأخرج البخاري والنسائي نحو هذه القصة من حديث إسماعيل بن جعفر، عن حميد عن أنس، قال: أقام النبي صلى الله عليه وسلم بين خيبر والمدينة ثلاثا، يبنى على بصفية بنت حيي، فدعوت المسلمين الى وليمة، فما كان فيها من خبز ولا لحم، أمر بالأنطاع فألقى فيها من التمر والأقط والثمن، وكانت وليمته، فقال المسلمون: أحدى أمهات المؤمنين أو مما ملكت يمينه؟.
فقالوا: إن حجبها فهي من أمهات المؤمنين، وإن لم يحجبها فهي مما ملكت يمينه، فلما ارتحل وطأها خلفه الحجاب بينها وبين الناس.
ذكره البخاري في باب بناء العروس في السفر، وفي باب اتخاذ السراري، ومن أعتق جارية ثم تزوجها، وذكره النسائي في باب البناء في السفر.
ووجه الدلالة من هذا الحديث أنه صلى الله عليه وسلم لو عقد على صفية بولي وشهود لعلم ذلك الصحابة، لا سيما عند من يشترط الإعلان في النكاح، فلما لم يكن عنده من العلم بحالها أن ضرب الحجاب عليها، دلّ ذلك دلالة واضحة على أنه صلى الله عليه وسلم بنى عليها من غير أن يعقد له عليها ولى، ولا حضر شهود بينهما بذلك، فإن اعتبار الولي في عقد النكاح إنما هو للمحافظة على الكفاء ولا مرية في أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فوق الأكفاء كلهم، وهكذا اعتبار الشهود في النكاح إنما هو خشية الجحود، وقد نزه اللَّه تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم عن نسبة ذلك إليه.
فلو فرضنا جحود المرأة، لم يرجع إلى قولها، بل قال العراقي في (شرح المهذب) : تكون كافرة بتكذيبه صلى الله عليه وسلم.
واستدل أيضا بقصة زينب في تزويجه صلى الله عليه وسلم بها، لكن هذا الخلاف في غير زينب، فإن زينب نصوا على أن اللَّه تعالى زوجها نبيه صلى الله عليه وسلم من فوق سبعة أرقعة، وقد نبه عليه النووي في (شرح مسلم) ، في باب زواج زينب بنت جحش رضى اللَّه تبارك وتعالى عنها.
وذكر القضاعي هذه الخصوصية في ما خصّ به النبي صلى الله عليه وسلم دون الأنبياء قبله. وقال الشيخ أبو حامد [الغزالي] : الخلاف في المسألة مبنية على أن النكاح الآن محكوم عليه هنا إنما هو نفى ماهية النكاح عند انتفاء ذلك فتنتفي تلك الماهية أيضا في حقه صلى الله عليه وسلم عمل بهذا الحديث، ولم يأت لفظ عام للأشخاص حتى نقول قد دخل فيهم فلا وجه له يكن في هذا الحديث ولقويت له حجة المنع، لكن قصة صفية دليل واضح فتأمله.
***