الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
354 - عبد الله بن محمد بن محمد بن هبة الله بن علىّ ابن أبى عيسى [1]
من أهل شهرابان «1» ، بلدة من أعمال طريق خراسان. من بيت عدالة وقضاء وأدب، وكانت له معرفة بالأدب حسنة. قرأ على أبى محمد عبد الله بن أحمد ابن أحمد بن أحمد بن الخشاب النحو واللغة [و] العربيّة، وحصل له من ذلك طرف صالح، وسمع الحديث من بعض مشايخ زمانه، وله شعر منه:
نحن قوم قد تولّى حظّنا
…
وأتى قوم لهم حظّ جديد
وكذا الأيام فى أفعالها
…
تخفض الهضب فتستعلى الوهود
إنما الموت حياة لامرىء
…
حظّه ينقص والهمّ يزيد
وإذا قام لأمر مكثب
…
قعد الحظ به فهو بعيد
ولد ليلة الخميس ثانى عشر شهر رمضان من سنة أربع وثلاثين وخمسمائة، ومرض فى بغداذ فى رجب من سنة ستمائة، فحمل مريضا إلى شهرابان، فمات قبل الوصول إليها بموضع يعرف بالحصن، فى ليلة السبت سادس عشر الشهر المذكور، فحمل ميّتا، ودفن بشهرابان- رحمه الله.
355 - عبد الله بن محمد بن عبد الله بن على الأشيرىّ أبو محمد المغربىّ [2]
أصله من أشير زيرى من برّ العدوة. «2» وأشير زيرى مدينة قبالة بجاية «3» وقبلتها،
[1] ترجمته فى تلخيص ابن مكتوم 98.
[2]
ترجمته فى تاريخ فى تاج العروس، 3: 14، وتاريخ الإسلام للذهبىّ (وفيات سنة 561)، وتلخيص ابن مكتوم 98 - 99، وشذرات الذهب 4: 198، وطبقات ابن قاضى شهبة 2:
48 -
49، واللباب لابن الأثير 1: 55، ومرآة الجنان 3: 347، ومعجم البلدان 1: 264 - 265، والنجوم الزاهرة 5:372.
بينهما ثلاثة أيام فى بلاد صنهاجة. «1» . وزيرى الذى عمرها واختطّها هو زيرى بن مناد «2» ، أحد مقدّمى صنهاجة فى وقته، وقد بقى الأمر فى ولده وولد ولده مدّة مديدة.
والمعز بن باديس بن بلجّين «3» من نسله، وهو الذى استولى على بلد إفريقية بعد الفرقة الشيعية المنتقلين إلى مصر عن إفريقية، وسلموها إلى جدّة نيابة، فانفرد بها.
وكان عبد الله بن محمد الأشيرىّ هذا يخدم فى بعض الأمور بدولة عبد المؤمن «4» ابن على، ولما حصل مع القوم بالأندلس جرى له أمر خشى عاقبته، فانصرف عنهم منهزما منهم، ومعه أهله وكتبه وما أمكنه استصحابه، وقصد الشام، فخرج إلى اللاذقيّة «5» ، وبها الفرنج، وسلّمه الله إلى أن وصل إلى حلب، ونزل على العلاء
محمود الغزنوىّ المدرّس بمدرسة الحلاويين ظاهر باب الجامع، وأقام عنده مدّة وسمع منه الفوائد المغربية، وروى لهم عن ابن العربى «1» والقاضى عياض بن موسى اليحصبى «2» وأمثالهم، وأقام إلى سنة تسع وخمسين، واتفق أن يحيى بن هبيرة الوزير صنّف كتاب الإفصاح، وجمع له علماء المذاهب، وطلب فقيها مالكيا، فدلّوه على الأشيرىّ، فطلبه من نور الدين محمود بن زنكىّ «3» ، فسيّره إليه، فأكرمه وأنزله وأجرى له نزلا «4» ، وحضر قراءة كتاب الإفصاح «5» ، فمرّت مسألة- سأذكرها- واختلف كلامه وكلام ابن هبيرة، فسبقه عليه ابن هبيرة، وجرت بعد ما سأذكره بعد تمام ترجمته، إن شاء الله.
وحج من بغداذ سنة ستين وخمسمائة، وزار قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وعياله معه، وضاق بهم وبه الحال، فخرج من المدينة، وترك أهله هناك، وذلك فى وسط السنة، وقصد الشام، ولقى نور الدين بظاهر حمص، وذكر له حاله، فوعده بخير. واتفق أنه مرض ومات فى شهر رمضان من سنة إحدى وستين
وخمسمائة، وقيل إنه دفن بظاهر سور حمص قريبا منه. وقال لى ابن الأستاذ عبد الرحمن: إنه دفن بقبر إلياس فى البقاع. والله أعلم.
وسيّر نور الدين إلى أهله نفقة، وخيّرهم فى المقام أو الحضور إلى الشام، فحضروا صحبة ولد له اسمه محمد، ونزلوا حلب وباعوا كتبه فى وفاء دين عليه، وكانت فى غاية الجودة والصحة، وخدم ولده جنديا مع الأمير عز الدين بن جرديك، ومات فى خدمته.
وإنما ذكرت الأشيرىّ فى اللّغويين لأنه صنف كتابا هذّب فيه الاشتقاق الذى صنفه المبرّد،- ورأيته- فأحسن فيه، وهو عندى بخطه- رحمه الله وذكره الحافظ أبو القاسم «1» على فى كتابه فقال:
«عبد الله بن محمد بن عبد الله أبو محمد الصنهاجىّ المعروف بابن الأشيرىّ. كامل فاضل، سمع بالأندلس أبا جعفر بن غزلون. وأبا بكر محمد بن عبد الله بن محمد ابن العربى الإشبيلىّ وغيرهما، وحصلت له كتب حسان، وكان يكتب لصاحب المغرب، فلما مات صاحبه استشعر، فأخذ كتبه وأهله وتوجه إلى الشام، وقدم دمشق، وأقام بها مديدة، وحدّث بالموطأ وغيره، وسمع منّى وكتب عنّى، وعلّقت عنه شيئا. وكان أديبا، وله شعر جيّد. ثم توجه إلى حلب.
ذكره أبو الليث شاكر بن عبد الله التنوخىّ لنور الدين محمود بن زنكى، والأمير أبو يعقوب يوسف بن على الملثم وهما فى صحبته فى الزيارة بالبقاع، «2» وأثنيا عليه خيرا كثيرا، ورغّباه فى ترتيبه بحلب لتقوية السّنة بها، ولحاجة أهلها إلى مثله، فنقله الملك العادل إلى حلب، وقرّب له كتابته، وأقام يروى الحديث سنتى ثمان وتسع، وسافر إلى الحج فجاور سنة ستين، ثم قدم فى سنة إحدى وستين، وخلف ولده وزوجته