الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
312 - طاهر بن أحمد بن بابشاذ أبو الحسن النحوىّ المصرىّ [1]
العلامة المشهور المذكور. أصله من العراق، وكان جدّه أو أبوه قدم مصر تاجرا. وكان جوهريا فيما قيل.
وطاهر هذا ممن ظهر ذكره؛ وسارت تصانيفه؛ مثل المقدّمة «1» فى النحو وشرحها، وشرح الجمل «2» للزّجّاجىّ؛ سار كل منهما مسير الشمس.
وقد كان يتولى تحرير الكتب الصادرة عن ديوان الإنشاء فى الدولة القصرية بالديار المصرية إلى الأطراف؛ ليصلح ما لعلّه يجد بها من لحن خفىّ. وكان له على ذلك رزق سنىّ؛ مع رزقه على التصدّر للإقراء فى جامع عمرو بن العاص. واشتمل على العبادة والمطالعة.
[1] ترجمته فى إشارة التعيين الورقة 22 - 23، وبغية الوعاة 272، وتلخيص ابن مكتوم 87 - 88، وحسن المحاضرة 1: 228، وابن خلكان 1: 235، وروضات الجنات 338، وشذرات الذهب 3: 333 - 334، وطبقات ابن قاضى شهبة 2: 7 - 8، والفلاكة والمفلوكين 116، وكشف الظنون 111، 423، 603، 1612، 1804، ومرآة الجنان 3: 98، ومسالك الأبصار ج 4 مجلد 3: 459 - 461، ومعجم الأدباء 12: 17 - 19 والنجوم الزاهرة 5: 105، ونزهة الألباء 432 - 433، والوافى بالوفيات ج 5 مجلد 1:205. قال ابن خلكان: «وبابشاذ، بباءين موحدتين، بينهما ألف ثم شين معجمة، وبعد الألف الثانية ذال معجمة. وهى كلمة عجمية، تتضمن الفرح والسرور».
وجمع فى حالة انقطاعه تعليقة كبيرة فى النحو؛ قيل لنا: لو بيّضت قاربت خمسة عشر مجلدا، وسماها النحاة بعده الذين وصلت إليهم تعليق الغرفة وانتقلت هذه التّعليقة إلى تلميذه أبى عبد الله محمد بن بركات السعيدىّ النحوىّ اللغوىّ المتصدّر بموضعه والمتولى للتحرير. ثم انتقلت بعد ابن البركات المذكور إلى صاحبه أبى محمد عبد الله بن برّىّ النحوىّ المتصدّر فى موضعه والمتولّى للتحرير. ثم انتقلت بعده إلى صاحبه الشيخ أبى الحسين النحوىّ المنبوز بثلط «1» الفيل، المتصدّر فى موضعه.
وقيل إن كل واحد من هؤلاء كان يهبها لتلميذه المذكور، ويعهد إليه بحفظها. ولقد اجتهد جماعة من طلبة الأدب فى انتساخها، فلم يمكن.
ولما توفى أبو الحسين النحوىّ المقدّم ذكره، وبلغنى ذلك وأنا مقيم بحلب أرسلت من أثق به، وسألته تحصيل تعليق الغرفة بأى ثمن بلغت، وكتاب التذكرة لأبى علىّ. فلما عاد ذكر أن الكتابين وصلا إلى ملك مصر الكامل محمد «2» بن العادل أبى بكر بن نجم الدين أيوب، فإنه يرغب فى النحو وغريب ما صنّف فيه.
وذكر أن سبب تزهّد طاهر بن بابشاذ- رحمه الله أنه كان له قطّ قد أنس به وربّاه أحسن تربية، فكان طاهر الخلق، لا يخطف شيئا، ولا يؤذى على عادة القطط. وأنه يوما اختطف من يديه فرخ حمام مشوىّ، فعجب له، ثم عاد بعد أن غاب ساعة، فاختطف فرخا آخر وذهب؛ فتتبعه الشيخ إلى خرق فى البيت، فرآه قد دخل الخرق، وقفز منه إلى سطح قريب، وقد وضع الفرخ بين يدى قطّ هناك. فتأمله الشيخ فإذا القط أعمى مفلوج لا يقدر على الانبعاث.
فتعجّب، وحضره قلبه، وقال: من لم يقطع بهذا القط- وقد سخّر له غيره يأتيه برزقه، ويخرج عن عادته المعهودة منه لإيصال الراحة إليه- لجدير ألّا يقطع بى! وأجمع رأيه على التخلّى والانفراد بعبادة الله. وضمّ أطرافه وباع ما حوله، وأبقى ما لا بدّ من الحاجة إليه، وانقطع فى غرفة بجامع عمرو، وأقام على ذلك مدّة.
ثم خرج ليلة من الغرفة إلى سطح الجامع، فزلّت رجله من بعض الطاقات المؤدّية للضوء إلى الجامع، فسقط وأصبح ميتا قد رزق الشهادة- رحمه الله. قيل:
وكان ذلك فى سنة أربع وخمسين وأربعمائة، وقيل بعد ذلك «1» . والله أعلم.