الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شيخ فاضل، له معرفة بالأدب والعروض، وله فى ذلك مصنّفات، ويقول الشعر ويترسّل. قرأ الأدب بالبصرة على أبى على بن الأحمر وأبى العباس بن الحريرىّ، وأبى المعزّ بن أبى الدنيا، وتصدّر ببلده البصرة، وأقرأ الناس الأدب والحديث والعروض؛ ونعم الشيخ كان فضلا وثقة. ومن شعره:
شميتى أن أغضّ طرفى فى الدّا
…
ر إذا ما دخلتها لصديق
وأصون الحديث أودعه صو
…
نى وسرّى ولا أخون رفيقى
وله أيضا:
لا تسلك الطرق إذا أخطرت
…
لو أنّها تفضى إلى المملكة
قد أنزل الله تعالى: «ولا
…
تلقوا بأيديكم إلى التّهلكه»
سئل عن مولده فقال: ولدت فى شهر ربيع الأوّل من سنة أربع وعشرين وخمسمائة بالبصرة، وتوفى بها فى اليوم الرابع والعشرين من شعبان سنة تسع وتسعين وخمسمائة.
448 - على بن الحسن بن عنتر بن ثابت أبو الحسن الحلّى الأديب [1]
يلقب شميما «1» . قدم بغداذ، وأقام مدّة يقرأ النحو على أبى محمد بن الخشاب وغيره من الأدباء؛ حتى حصل طرفا من النحو واللغة والعربية، وحفظ جملا من أشعار العرب، وقال شعرا جيدا.
[1] ترجمته فى بغية الوعاة 323، وتاريخ الإسلام للذهبى (وفيات سنة 601)، وتاريخ ابن كثير 13: 41 - 42، وتلخيص ابن مكتوم 133، وابن خلكان 1: 344 - 345، والذيل على الروضتين 52، وشذرات الذهب 5: 4 - 6، وطبقات ابن قاضى شهبة 2: 162، والفلاكة والمفلوكين 90 - 91، وكشف الظنون 197، 1563، 1788، والنجوم الزاهرة 6: 188، ومعجم الأدباء 13: 50 - 72.
سافر إلى الشام ومدح أمراءها، وديار بكر ومدح أكابرها، وجمع من شعره كتابا سماه الحماسة، وكان مهوّسا «1» ، ناقص الحركات، سيّئ العقيدة، يتحرّك فى مجلسه بحركات يضحك منها وهو لا يضحك، فلا يغضب من ضحك الجماعة، ويصرف ضحكهم إلى أنه يعجب منه ومن جودة ما يأتى به، إلى أمثال ذلك من السّخف فى الفعل والقول.
أخبرنى أبو البركات سعيد بن أبى جعفر الهاشمىّ الحلبىّ قال: جاءنا الشّميم إلى حلب، فدخلنا عليه مستفيدين، قال: فرأيته يوما وقد أنشد لنفسه شعرا كثّرنا الاستحسان له، فقام إلى أحد أركان المنزل، ونام على ظهره، ورفع رجليه إلى الحائط، ولم يزل يرتفع حتى صار واقفا على رأسه، ثم جاءنا وقال: هكذا يشكر الله على النعمة، وهو أن يقف الإنسان على رأسه لا على رجليه.
وقال لى ابن الحيرانىّ النحوىّ الحلبىّ: اختبرت الشّميم الحلىّ عند وروده علينا فى النحو فلم أجده قيّما به. قال: ورأيته يكتب فى خطه «الحلوىّ» ، فسألته عن ذلك، فقال: أليس تقول فى تصريفها: «حلّ حلولا» ؟ قال: فلم أردّ عليه لحمقه وخرقه، أو قال كلاما هذا معناه؛ فإننى كتبته من حفظى.
وكان قد اكتسب مالا من عطاء المرفدين له، وكان لا ينفق منه ولا يفارقه، [يضعه] فى جمدان «2» كبير له لا يزاوله.
وحكى لى ياقوت الحموىّ عتيق عسكر التاجر؛ قال لى الشّميم الحلىّ يوما- وقد خلوت به: قد أنست بفضلك وعقلك، ومعى فى هذا الجمدان بين ثيابى ستة آلاف دينار مصرية- أو قال ثلاثة آلاف دينار مصرية (الشك منى) - وقد عزمت على أنى أعطيك منها جزءا متوفرا تتجّر فيه لتجد به مرفقا، ومتى غنيت أعد إلىّ رأس المال. قال: فامتنعت من ذلك.
وذكر لى أبو البركات سعيد الهاشمىّ قال: رأيته يوما ونحن عنده وقد جرى ذكر نصيبين ووخمها، فقال: حضرتها فى بعض أسفارى سنة، وقد وخمت واشتد وخمها، ومات أهلها، فكنت كثيرا ما أرى الجنائز وخلفها النساء ينحن؛ فأصغيت إليهن، فلم يعجبنى قولهن، فصنّفت لهن نواحا ينحن به. ثم قام على قدميه وأمرنا بالقيام، ووقف على صفّة ونحن فى وسط القاعة وقال: قولوا كما أقول، والطموا على خدودكم كما ألطم، فأجبناه إلى ذلك، فقال:
بسّى نقوعك وبسّى حبّ رمّانك
…
كم تحملين الدوا قد كلّت اقدامك
بسّى نقوعك وبسّى تمر هنديك
…
كم تعملين الدوا قد كلّت ايديك
قال: وأخذ يلطم على خدّيه، ونحن نشير إلى خدودنا بمثل ذلك.
وأخبرنى العماد بن السابق الكتبىّ بحلب قال: أخبرنى أبو الخطاب بن دحية المغربىّ قال: ما رأيت أكفر من شميم؛ فإننى اجتمعت به وذاكرته، فقال: قد قيل فى «الدهده» كذا، وتلا آية من القرآن؛ فقلت: ما معنى قولك الدهده؟
فقال: الدهده فى كلام العرب: الهذيان (تعالى الله عما يقول علوا كبيرا) ومن شعره:
لا تسرحنّ الطرف فى بقر المها
…
فمصارع الآجال فى الآجال «1»
كم نظرة أردت وما أخذت يد ال
…
مصمى «2» لمن قتلت أداة قتال
سنحت وما سمحت بتسليم، وإق
…
لال التحية فعلة المغتال
أضللت قلبى عندهنّ ورحت أن
…
شده بذات الضّال «3» ضلّ «4» ضلالى
ألوى بألوية العقيق على الطّلو
…
ل مسائلا من لا يجيب سؤالى «1»
تربت يدى فى مقصدى من لا يدى
…
قودى وأولى لى بها أولى لى «2»
يا قاتل الله الدّمى»
كم من دم
…
أجرين حلّا كان غير حلال
أثّلن ذلّ اليتم فى الأشبال
…
وفتكن بالآساد فى الأغيال «4»
ونفرن حين ذكرت إقبالى ولو
…
أنى نفرت لكان من إقبالى
لكن أبى رعيى ذمام الحبّ أن
…
أولى الوفاء قطيعة من قال «5»
وكان إذا حصل له من يقوم به أقام عنده، وسكن إلى ذلك، حافظا لما معه من المال، غير منفق منه بخلا به.
واتفق أنه دخل الموصل، وعلم به رجل ورّاق يعرف بابن الحدوس البقال، وتحقق ما معه من المال، وأنزله فى مسجد له، وقام به إلى أن توفى وفاز بموجوده، وغفلت عنه الظلمة فى المطالبة به. وقيل: إنه ظهر ذلك فى ثروته.
وكانت وفاته بالموصل فى العشر الأخير من شهر ربيع الآخر سنة إحدى وستمائة «6» .