الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وآخر أمره أنه تولى التدريس بحمص، وأقام بها إلى أن مات «1» هناك. وله أشعار. واستفيدت منه العربية، ودرسها بحمص فى جملة الفقه.
316 - عبد الله بن أبى إسحاق الحضرمىّ، مولاهم [1]
المقرئ النحوىّ العلامة فى علم العربية. بصرىّ؛ وهو فى أوّل الطبقة الرابعة من النحاة؛ لأنه أقدم اخذا فيمن شاركه فى الطبقة وأقدمهم موتا.
[1] ترجمته فى أخبار النحويين البصريين للسيرافى 25 - 28، وبغية الوعاة 282، وتاريخ ابن الأثير 4: 292، وتاريخ أبى الفدا 1: 208، وتقريب التهذيب 125، وتلخيص ابن مكتوم 90، وتهذيب التهذيب 5: 148، وخزانة الأدب 1: 115 - 116، وخلاصة تذهيب الكمال 162، وطبقات الزبيدىّ 11 - 13، وطبقات الشعراء لابن سلام 11 - 13، وطبقات ابن قاضى شهبة 2: 22 - 23، وطبقات القرّاء لابن الجزرىّ 1: 410، والفهرست 41، ومراتب النحويين 20، ومسالك الأبصار ج 4 مجلد 2: 269 - 270، والمعارف 230، والنجوم الزاهرة 1: 303، ونزهة الألباء 22 - 25.
والذين شاركوه فى العصر وعدّوا من الطبقة الرابعة أبو عمرو بن العلاء وعيسى بن عمر الثقفىّ وحماد بن سلمة وحمّاد بن الزّبرقان ومسلمة بن عبد الله. وكان لتقدّمه فى وقت الطلب زاحم عنبسة وميمونا الأقرن فى آخر عصرهما، فجعل فى أوّل هذه الطبقة.
أخذ قراءته عن يحيى بن يعمر ونصر بن عاصم. وقيل هو مولى حضرموت، وقيل مولى آل الحضرمىّ، وهم حلفاء بنى عبد شمس بن عبد مناف، ولذلك قال الفرزدق:
فلو كان عبد الله مولى هجوته
…
ولكنّ عبد الله مولى مواليا «1»
وسئل يونس بن حبيب عن ابن أبى إسحاق وعلمه، فقال: هو والنحو سواء، أى هو الغاية، وقيل له: فأين علمه من علم الناس اليوم؟ قال: لو كان اليوم فى الناس أحد لا يعلم إلا علمه لضحك منه، ولو كان فيهم من له ذهنه ونفاذه ونظره كان أعلم الناس.
وقال أبو خليفة: قال ابن سلام: أوّل من بعج النحو ومدّ القياس وشرح العلل عبد الله بن أبى إسحاق، وكان معه أبو عمرو بن العلاء، وكان ابن أبى إسحاق أشدّ قياسا، وأبو عمرو أوسع علما بكلام العرب ولغتها وغريبها، وكان بلال بن
أبى بردة جمع بينهما وهو على البصرة عامل لخالد بن عبد الله القسرىّ أيام هشام ابن عبد الملك. قال يونس: قال أبو عمرو: فغلبنى ابن أبى اسحاق يومئذ بالهمز، فنظرت فيه بعد ذلك، وبالغت فيه.
وحكى يونس أن أبا عمرو بن العلاء كان أشدّ تسليما للعرب، وكان ابن أبى إسحاق وعيسى بن عمر يطعنان على العرب، وكان عيسى يقول: أساء النابغة فى قوله حيث يقول: «فى أنيابها السم «ناقع» «1» ؛ يقول: موضعها «ناقعا» «2» .
وكان ابن سيرين «3» يبغض النحويين، وكان يقول: لقد بغّض إلينا هؤلاء المسجد، وكانت حلقته إلى جانب حلقة ابن أبى إسحاق.
وبلغ ابن أبى إسحاق أنه يعيب عليه تفسير الشعر ويقول: ما علمه بإرادة الشاعر! فقال ابن أبى إسحاق: إن الفتوى فى الشّعر لا تحلّ حراما، ولا تحرّم حلالا؛ وإنما نفتى فيما استتر من معانى الشعر، وأشكل من غريبه وإعرابه بفتوى سمعناها من غيرنا، أو اجتهدنا فيها آراءنا؛ فإن زللنا أو عثرنا فليس الزلل فى ذلك كالزلل فى عبارة الرؤيا، ولا العثرة فيها كالعثرة فى الخروج عما أجمعت عليه
الأئمة من سنة الوضوء، وكرهته الجماعة من الاعتداء فى الطّهور. فبلغ ذلك ابن سيرين، فأقصر عما كان عليه من الإفراط فى الوضوء. وكان إذا جاءه الرجل يسأله عن الرؤيا، قال: هات حتى أظنّ لك.
وكان ابن أبى إسحاق بعد أن بلغه كلام ابن سيرين يقول: أظن الشاعر أراد كذا، واللغة توجب كذا. ثم اجتمع هو وابن سيرين فى جنازة، فقال ابن سيرين:
(كذلك «1» إنّما يخشى الله من عباده العلماء «2»). فقال ابن أبى إسحاق: كفرت يا أبا بكر بعيبك على هؤلاء الذين يقيمون كتاب الله. فقال ابن سيرين: إن كنت أخطأت فأنا أستغفر الله. ورجع إلى حلقته.
وكان ابن أبى إسحاق يعتمد الإعراب فى عبارته حرفا واحدا، فمرّت به سنوّرة فقال: اخسى، فقال له: هذه، ألا قلت اخسئ «3» !.
توفى عبد الله بن أبى إسحاق الحضرمىّ- رحمه الله سنة سبع عشرة «4» ومائة، وهو ابن ثمان وثمانين سنة، وصلى عليه بلال بن أبى بردة وهو أمير البصرة. وورث هذه العدة من السنين جماعة من نسله، فمنهم زيد بن عبد الله بن أبى إسحاق،