الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
303 - صعودا [1]
ولقبه أشهر من اسمه. واسمه محمد بن هبيرة الأسدىّ أبو سعيد. أحد العلماء بالنحو الكوفىّ واللغة، وكان منقطعا إلى عبد الله بن المعتز. وصنف كتاب مختصر ما يستعمله الكاتب، وهذبه عبد الله بن المعتز «1» .
304 - صاعد بن الحسن الرّبعىّ اللغوىّ أبو العلاء [2]
من بلاد الموصل. قرأ ببلاده اللغة على مشايخها، وحفظ منها الكثير، وتفنن فى فنون من الأدب.
وكان فصيح اللسان، حاضر الجواب سريعه؛ يجيب عن كل ما يسأل عنه؛ غير متوقّف؛ فنسب لإكثاره إلى الكذب. وبلغه أن اللغة بالأندلس مطلوبة، والآداب هناك مرغوب فيها من ملوكها ورعيتها، فارتحل إلى الأندلس، ودخلها فى حدود سنة ثمانين وثلاثمائة. والمستولى على ولاية الأندلس يومئذ من بنى أمية
[1] ترجمته فى بغية الوعاة 110، (وترجم له ترجمة أخرى فى صفحة 92 باسم محمد بن القاسم)، وتاريخ بغداد 3: 370 - 371، وتلخيص ابن مكتوم 85، والفهرست 74، ومعجم الأدباء 19:105.
[2]
ترجمته فى إشارة التعيين الورقة 22، وبغية الملتمس 306 - 311، وبغية الوعاة 267 - 268، وتلخيص ابن مكتوم 85، وجذوة المقتبس الورقة 102 - 103، وابن خلكان 1: 229، والذخيرة لابن بسام ج 4 مجلد 1: 2 - 13، وروضات الجنات 333 - 334، وشذرات الذهب 3: 206 - 207، والصلة لابن بشكوال 1: 235 - 236، والفلاكة والمفلوكين 76 - 77، وكشف الظنون 1261، والمعجب 19 - 24، ومعجم الأدباء 11: 281 - 286، والمكتبة الصقلية 625 - 626، 644، 659، ونفح الطيب 4: 75 - 84، 93 - 96.
هشام «1» بن الحكم المؤيّد، وواليه على ما وراء بابه المنصور بن أبى عامر «2» - وكان صاعد حسن الشعر فكه المجالسة- فأكرمه المنصور، وأحسن إليه وزاد.
وكان صاعد حسن الطريقة فى استخراج ما فى أيدى الناس من الأموال، جميل التوصّل إلى ذلك؛ فمن ذلك أنه عمل قميصا من خرق الصّلات التى وصلت إليه من المنصور بن أبى عامر، ولبسه بحضرته، وأتبعه الشكر والثناء. فشكره المنصور على ذلك، وزاد فى رفده.
وقد ألف كتاب الفصوص على مثل نوادر أبى على القالىّ. وكان يصنّف كتبا فى أخبار العشاق، ويسمى أسماء غريبة لا أصل لها، وينسب إليها كلاما منظوما ومنثورا؛ يرصّعها من قوله وقول غيره؛ فمنها كتاب الهجفجف «3» ، وكتاب الجوّاس. وكان المنصور مغرما بكتاب الجوّاس «4» ، يقرأ عليه كل ليلة شىء منه.
ولما مات المنصور لم يحضر صاعد مجلس أنس بعده. وقد كان أولاده تولوا الأمر، فاعتذر عن الحضور بألم ادّعاه فى ساقه، وكان يمشى على عصا، والتزم ذلك. ومن شعره «1» فى هذا المعنى:
إليك حدوت ناجية «2» الرّكاب
…
محمّلة أمانى كالهضاب
وبعت ملوك أهل الشرق طرّا
…
بواحدها وسيّدها اللّباب «3»
ومنها:
إلى الله الشّكيّة من شكاة
…
رمت ساقى «4» وجلّ بها مصابى
وأقصتنى عن الملك المرجّى
…
وكنت أرمّ «5» حالى باقتراب
حسبت المنعمين على البرايا
…
فألفيت اسمه صدر الحساب
وما قدّمته إلا كأنى
…
أقدّم تاليا أمّ الكتاب
ومما وجدته أن المنصور سأله يوما: هل رأيت فيما وقع لك من الكتب كتاب «القوالب والزوابل» لمبرمان بن يزيد؟ فقال: نعم رأيته ببغداذ فى نسخة لأبى بكر بن دريد، بخط كأكرع النمل، فى جوانبها علامات للوضاع هكذا وهكذا.
فقال له: أما تستحى أبا العلاء من هذا الكذب! هذا كتاب عاملنا ببلد كذا يذكر فيه أن الأرض قد قلبت وزبلت. فأخذت من قوله ما سألتك عنه. فأخذ يحلف أن القول صادق حقيقة.
وسأله يوما- وقدّامه تمر يأكل منه-: ما «التمركل» فى كلام العرب؟ فقال:
يقال: «تمركل» الرجل؛ إذا التف بكسائه، فقال: إنما ركّبت له اسما من التّمر والأكل؛ فقال: قد وافق ذلك أمرا كان. وله من هذا كثير.
ولولا مزحه وكثرة ما كان يأتى به فى تصانيفه ما كان إلا عالما. وقد اختبرت الكتب المطولة فى اللغة وغيرها، فوجد فيها حقيقة ما اتهم فيه. وكان صاعد غير صاعد؛ فى النحو مقصرا، وباللغة قيما. وله يد طولى فى استنباط معانى الشعر.
ومن عجيب سعادته أنه أهدى إلى المنصور بن أبى عامر أيّلا، «1» وكتب معه:
يا حرز كلّ مخوّف وأمان ك
…
لّ مشرّد ومعزّ كلّ مذلّل
جدواك إن تخصص به فلأهله
…
وتعمّ بالإحسان كلّ مؤمّل
كالغيث طبّق «2» فاستوى فى وبله
…
شعث البلاد مع المراد «3» المبقل
الله عونك ما أبرّك للهدى
…
وأشدّ وقعك فى الضّلال المشعل
ما إن رأت عينى- وعلمك شاهدى
…
شروى علائك فى معمّ مخول «4»
أندى بمقربة كسرحان الغضا «5»
…
ركضا وأوغل فى مثار القسطل
مولاى مؤنس غربتى متخطّفى
…
من ظفر أيامى ممنّع معقلى
عبد نشلت بضبعه «6» وغرسته
…
فى نعمة أهدى إليك بأيلّ «7»
سميته «غرسية» وبعثته
…
فى حبله ليتاح فيه تفاؤلى
فلئن قبلت فتلك أسنى نعمة
…
أسدى بها ذو منحة وتطوّل
صبحتك غادية السرور وجلّلت
…
أرجاء ربعك بالسحاب المخضل
فقضى فى سابق علم الله أن غرسية بن شانجة من ملوك الروم- وهو أمنع من النّجم- أسر فى ذلك اليوم بعينه الذى بعث فيه صاعد بالأيّل، وكان ذلك فى ربيع الآخر سنة خمس وثمانين وثلاثمائة.
وخرج صاعد عن الأندلس فى أيام الفتنة، وقصد جزيرة صقلّيّة، فمات بها قريبا من سنة عشر «1» وأربعمائة- وقد أسنّ.
قال ابن حيّان «2» مؤرّخ الأندلس: «وجمع أبو العلاء صاعد للمنصور محمد بن أبى عامر كتابا سماه الفصوص، فى الأدب والأشعار. وكان ابتداؤه له فى شهر ربيع الأوّل سنة خمس وثمانين، وأكمله فى شهر رمضان المعظم، وأثابه عليه بخمسة آلاف دينار فى دفعة، وأمره أن يسمعه الناس بالمسجد الجامع بالزهراء، واحتشد له جماعة أهل الأدب ووجوه الناس «3» ».