المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حرف الحاء المهملة - تهذيب الأسماء واللغات - جـ ٢

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌باب العين والميم

- ‌باب عمرو

- ‌باب عمارة، وعمران، وعمار، وعمير

- ‌باب العين والواو

- ‌باب العين والياء

- ‌فصل

- ‌حرف الغين المعجمة

- ‌حرف الفاء

- ‌حرف القاف

- ‌حرف الكاف

- ‌حرف اللام

- ‌حرف الميم

- ‌حرف النون

- ‌حرف الهاء

- ‌حرف الواو

- ‌حرف الياء

- ‌النوع الثاني: الكنى

- ‌حرف الألف

- ‌باب أبي أحمد، وأبي إسحاق، وغيرهما

- ‌حرف الباء الموحدة

- ‌باب أبي بكر

- ‌فصل مختصر فى بعض الأحاديث الصحيحة المصرحة بفضل أبى بكر الصديق

- ‌فصل فى علمه وزهده وتواضعه

- ‌فصل استخلافه

- ‌باب أبى بكرة بالهاء فى آخره

- ‌حرف التاء المثناة فوق

- ‌حرف الثاء المثلثة

- ‌حرف الجيم

- ‌حرف الحاء المهملة

- ‌حرف الخاء المعجمة

- ‌حرف الدال المهملة

- ‌حرف الذال المعجمة

- ‌حرف الراء

- ‌حرف الزاي

- ‌حرف السين المهملة

- ‌حرف الشين المعجمة

- ‌حرف الصاد المهملة

- ‌حرف الضاد المعجمة

- ‌حرف الطاء

- ‌حرف العين

- ‌حرف الفاء

- ‌حرف القاف

- ‌حرف اللام

- ‌حرف الميم

- ‌حرف النون

- ‌حرف الهاء

- ‌حرف الواو

- ‌حرف الياء

- ‌النوع الثالث: فى الأنساب، والألقاب، والقبائل، ونحوها

- ‌حرف الألف

- ‌حرف الباء الموحدة

- ‌حرف الثاء المثلثة

- ‌حرف الجيم

- ‌حرف الحاء

- ‌حرف الخاء

- ‌حرف الدال

- ‌حرف الذال

- ‌حرف الراء

- ‌حرف الزاى

- ‌حرف السين

- ‌حرف الشين

- ‌حرف الصاد

- ‌حرف العين

- ‌حرف الفاء

- ‌حرف القاف

- ‌حرف الكاف

- ‌حرف الميم

- ‌حرف النون

- ‌فصل فى القبائل ونحوها

- ‌حرف الألف

- ‌حرف الباء

- ‌حرف التاء

- ‌حرف الثاء

- ‌حرف الجيم

- ‌حرف الحاء

- ‌حرف الخاء

- ‌حرف الزاى

- ‌حرف السين

- ‌حرف الشين

- ‌حرف الصاد

- ‌حرف الطاء

- ‌حرف العين

- ‌حرف الغين

- ‌حرف الفاء

- ‌حرف القاف

- ‌حرف الكاف

- ‌حرف اللام

- ‌حرف الميم

- ‌حرف النون

- ‌حرف الهاء

- ‌حرف الياء

- ‌النوع الرابع: ما قيل فيه: ابن فلان، وأخو فلان

- ‌النوع الخامس: فلان، عن أبيه، عن جده

- ‌النوع السادس: ما قيل فيه: زوج فلانة

- ‌النوع السابع: المبهمات والمشتبهات ونحوها

- ‌النوع الثامن: فى الأوهام وشبهها

- ‌القسم الثاني من كتاب الأسماء: فى النساء

- ‌النوع الأول: فى الأسماء الصريحة

- ‌حرف الألف

- ‌حرف الباء

- ‌حرف التاء

- ‌حرف الجيم

- ‌حرف الحاء

- ‌حرف الراء

- ‌حرف الزاي

- ‌حرف السين

- ‌حرف الصاد

- ‌حرف الضاد

- ‌حرف الطاء

- ‌حرف العين

- ‌حرف الفاء

- ‌حرف اللام

- ‌حرف الميم

- ‌حرف النون

- ‌حرف الهاء

- ‌النوع الثاني: فى الكنى

- ‌حرف الألف

- ‌حرف الحاء

- ‌حرف الدال

- ‌حرف الراء

- ‌حرف السين

- ‌حرف العين

- ‌حرف الغين

- ‌حرف الفاء

- ‌حرف الكاف

- ‌حرف الميم

- ‌حرف الهاء

- ‌حرف الياء

- ‌النوع الثالث: فى الأنساب والألقاب

- ‌حرف الغين

- ‌النوع الرابع: ما قيل فيه: بمن فلان، أو أمه، أو أخته، أو عمته، أو خالته

- ‌النوع السادس: ما قيل فيه: زوجة فلان

- ‌النوع السابع: المبهمات كامرأة

- ‌النوع الثامن: فى الأوهام وشبهها

الفصل: ‌حرف الحاء المهملة

‌حرف الحاء المهملة

755 -

أبو حاتم المزنى الصحابى، رضى الله عنه:

مذكور فى المهذب فى الكفاءة فى النكاح، لا ذكر له فى هذه الكُتب إلا هنا، وهو معدود فى أهل المدينة، قالوا: ولا يُعرف اسمه. قال الترمذى: لا يعرف له غير حديث الكفاءة. قال: وهو صحابى. وقال غيره: روى عنه محمد وسعيد ابنا عبيد.

756 -

أبو حاتم القزوينى (1) :

من أصحابنا أصحاب الوجوه. تكرر فى المهذب والروضة. هو شيخ صاحب المهذب، وهو القزوينى، بفتح القاف وكسر الواو، منسوب إلى قزوين، مدينة مشهورة بخراسان.

قال الشيخ أبو إسحاق فى الطبقات: هو شيخنا أبو حاتم محمود بن الحسن الطبرى، المعروف بالقزوينى، تفقه بآمل على شيوخ البلد، ثم قدم بغداد، وحضر مجلس الشيج أبى حامد، ودرس الفرائض على ابن اللبان، وأصول الفقه على القاضى أبى بكر الأشعرى المعروف بابن الباقلانى، وكان حافظًا للمذهب والخلاف، صنَّف كُتبًا كثيرة فى المذهب والخلاف والأصول والجدل، ودرس ببغداد وآمل، ولم أنتفع بأحد فى الرحلة كما انتفعت به وبالقاضى أبى الطيب، وتوفى بآمل. هذا كلام الشيخ أبى إسحاق.

وقال غيره فى نسبه: هو محمود بن الحسن بن محمد بن يوسف بن الحسن بن محمد ابن عكرمة بن أنس بن مالك الأنصارى الطبرى، من أهل آمل طبرستان، واشتهر بالقزوينى.

757 -

أبو حازم التابعى (2) :

مذكور فى المختصر فى بيع الغرر. هو سلمة بن دينار المدنى الأعرج، الزاهد، الفقيه، المشهور بالمحاسن، وهو مخزومى، مولى الأسود بن سفيان المخزومى، وقيل: مولى لبنى ليث، سمع سهل بن سعد الساعدى، وأكثر الرواية عنه فى الصحيحين وغيرهما، والنعمان بن أبى عياش الزرقى، وسعيد بن المسيب، وعطاء، وسعيدًا المقبرى، وأبا صالح، وعبد الله بن أبى قتادة، وأبا سلمة بن

(1) انظر: طبقات الفقهاء للشيرازى (109) والتدوين فى أخبار قزوين للرافعى (4/70) وسير أعلام النبلاء (18/128) وطبقات الشافعية الكبرى للسبكى (5/312 - 314) طبقات الشافعية للإسنوى (2/300، 301) وطبقات الشافعية لابن قاضى شهبة (1/222، 223) وديوان الإسلام لابن الغزى (2/148، 149) والأعلام (7/167) ومعجم المؤلفين (12/158) ..

(2)

انظر: تاريخ ابن معين (2/224) ، والجرح والتعديل (4/159) ..

ص: 207

عبد الرحمن، وأبا إدريس الخولانى، وعطاء بن يسار، وعمرو بن شعيب، وأم الدرداء الصغرى، وآخرين.

روى عنه ابناه عبد العزيز وعبد الجبار، والزهرى وهو أكبر من أبى حازم، ومحمد بن إسحاق، ومحمد بن عجلان، والمسعودى، ومالك بن أنس، وابن أبى ذؤيب، وعبيد الله ابن عمر، وموسى بن عبيدة، وسفيان الثورى، وعمرو بن صهبان، وسليمان بن بلال، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وهشام بن سعد، وأسامة بن زيد، ومعمر، وسفيان بن عيينة، وأخوه محمد بن عيينة، وخلائق لا يحصون. وأجمعوا على توثيقه وجلالته والثناء عليه.

قال محمد بن إسحاق بن خزيمة: لم يكن فى زمن أبى حازم مثله، توفى سنة خمس وثلاثين ومائة، روى له البخارى ومسلم. قال يحيى بن صالح: قلت لابن أبى حازم: سمع أبوك أبا هريرة؟ قال: مَن حدَّثك أن أبى سمع أحدًا من الصحابة غير سهل بن سعد فقد كذب.

واعلم أن فى هذا المرتبة اثنين يكنيان أبا حازم، أحدهما هذا المشهور بالرواية عن سهل، والثانى أبو حازم سلمان مولى عزة الأشجعية المشهورة بالرواية عن أبى هريرة، والله أعلم.

758 -

أبو حامد الإسفراينى:

إمام طريقة أصحابنا العراقيين، وشيخ المذهب، يُعرف بالشيخ أبا حامد الإسفراينى، هكذا تكرر فى كتب المذهب، وهو متكرر فى هذه الكُتب أكثر، واسمه أحمد بن محمد ابن أحمد أبو حامد الإسفراينى، ويُعرف بابن أبى طاهر.

قال الخطيب فى تاريخ بغداد: قدم بغداد وهو حدث، فدرس فقه الشافعى على أبى الحسن بن المرزبان، ثم على أبى القاسم الداركى، وأقام ببغداد مشغولاً بالعلم حتى صار واحد وقته، وانتهت إليه الرياسة، وعظم جاهه عند الملوك والعوام، وحدث بشىء يسير عن عبد الله بن على، وأبى محمد الإسماعيلى، وإبراهيم بن محمد بن عبدك، وغيرهم.

حدثنى عنه الحسن بن محمد الحلال، وعبد العزيز بن على الأزجى، ومحمد بن أحمد ابن شعيب الرويانى، وكان ثقة، وقد رأيته غير مرة، وحضرت تدريسه فى مسجد عبد الله بن المبارك، وهو المسجد الذى فى صدر قطيعة الربيع، وسمعت من يقول: إنه كان يحضر درسه ستمائة متفقه، وكان الناس يقولون: لو رآه الشافعى

ص: 208

يفرح به.

قال الخطيب: قال أبو حامد: ولدت سنة أربع وأربعين وثلاثمائة، وقدمت بغداد سنة أربع وستين وثلاثمائة، ودرس الفقه من سنة سبعين وثلاثمائة إلى أن مات. قال الخطيب: حدثنى الحسن بن أبى طالب، قال: أنشدنى أبو حامد بن أبى طاهر الإسفراينى، قال: كتب إلىَّ قاضى ترمذ:

لا يغلون عليك الحمد فى ثمن

الحمد يبقى على الأيام ما بقيت

فليس حمد وإن أثمنت بالغالى

والدهر يذهب بالأحوال والمال

قال الخطيب: حدثنى محمد بن أحمد بن رزق الأسدى، قال: سمعت أبا الحسين القدورى يقول: ما رأيت فى الشافعيين أفقه من أبى حامد. قال الخطيب: وحدثنى أبو إسحاق إبراهيم بن على الشيرازى، يعنى صاحب التنبيه، قال: سألت القاضى أبا عبد الله الصيمرى: مَن أنظر مَن رأيت مِن الفقهاء؟ فقال: أبو حامد الأسفراينى.

قال الخطيب: أنشدنى أبو إسحاق إبراهيم بن على الشيرازى، قال: أنشدنى أبو الفرج الدارمى لنفسه فى أبى حامد الأسفراينى وقد عاده:

مرضت فارتحت إلى عائد

ذاك الإمام ابن أبى طاهر

فعادنى العالم فى واحد

أحمد ذو الفضل أبو حامد

ثم لقيت أبا الفرج الدارمى بدمشق فأنشدنيهما. قال الخطيب: توفى أبو حامد ليلة السبت لإحدى عشرة ليلة بقيت من شهر شوال سنة ست وأربعمائة، ودفن من الغد، وصليت على جنازته فى الصحراء، وكان يومًا مشهورًا بكثرة الناس، وعظم الحزن، وشديد البكار، ودفن فى داره إلى أن نقل منها، ودفن بباب حرب سنة عشر وأربعمائة، هذا آخر كلام الخطيب.

وقال الشيخ أبو إسحاق فى الطبقات: انتهت إلى الشيخ أبى حامد الإسفراينى رياسة الدين والدنيا ببغداد، وعلق عنه تعليق فى شرح المزنى، وعلق عنه أصول الفقه، وطبق الأرض بأصحابه، وجمع مجلسه ثلاثمائة متفقه، واتفق الموافق والمخالف على تقديمه وتفضيله فى جودة الفقه، وحُسن النظر، ونظافة العلم.

وقال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح، رحمه الله: وتأول

ص: 209

بعض العلماء حديث أبى هريرة، يعنى المشهور، فى كتاب الملاحم من سنن أبى داود وغيره، عن النبى صلى الله عليه وسلم: “إن الله عز وجل يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها”، فكان على رأس المائة الأولى عمر بن عبد العزيز، وفى الثانية الشافعى، وفى الثالثة ابن سريج، وفى الرابعة أبو حامد الإسفراينى.

وروى الشيخ أبو عمر بإسناده، أن المحاملى لما علم المقنع كتابه المشهور، أنكر عليه شيخه أبو حامد الإسفراينى لكونه جَرَّد فيه المذهب، وأفرده عن الخلاف، وذهب إلى أن ذلك مما يقصر الهمم عن تحصيل الفنين، ويحمل على الاكتفاء بأحدهما، ومنعه من حضور مجلسه، حتى احتال لسماع درسه من حيث لا يحضر المجلس.

وعن أبى الفتح سليم بن أيوب الرازى، أن الشيخ أبا حامد كان فى ابتداء أمره يحرس فى درب، وأنه كان يطالع الدرس فى رتب الحرس، ويأكل من أجرة الحرس، وأنه أفتى وهو ابن سبع عشرة سنة، وأقام يُفتى إلى ثمانين سنة. قال: ولم دنت وفاته قال: لَمَّا تَفَقَّهْنَا مُتْنَا.

ولما بلغ الشيخ أبا حامد أن المحاملى صَنَّف المجموع، والتجريد، والمقنع، قال أبو حامد: بَتَرَ كُتُبى بَتَرَ الله عُمره، فما عاش بعد ذلك إلا قليلاً. وأرسل أبو حامد إلى مصر فاشترى أمالى الشافعى بمائة دينار حتى كان يُخَرِّج منها.

واعلم أن مدار كُتب أصحابنا العراقيين أو جماهيرهم مع جماعات من الخراسانيين على تعليق الشيخ أبى حامد، وهو فى نحو خمسين مجلدًا، جمع فيه من النفائس ما لم يشارك فى مجموعه من كثرة المسائل والفروع، وذكر مذاهب العلماء، وبسط أدلتها، والجواب عنها، وعنه انتشر فقه طريقة أصحابنا العراقيين.

وممن تفقه على أبى حامد من أئمة أصحابنا: أقضى القضاة أبو الحسن الماوردى صاحب الحاوى، والقاضى أبو الطيب، وسليم بن أيوب الرازى، وأبو الحسن المحاملى، وأبو على السنجى، تفقه السنجى عليه وعلى القفال المروزى، وهما شيخا طريقى العراق وخراسان فى عصرهما، وعن هؤلاء المذكورين انتشر المذهب.

واعلم أن نُسَخ تعليق أبى حامد تختلف فى بعض المسائل، وقد نبهت على كثير من ذلك فى شرح المهذب، والله أعلم.

ص: 210

759 -

أبو حامد المروروذى (1) :

بميم مفتوحة، ثم راء ساكنة، ثم واو مفتوحة، ثم راء مضمومة مشددة، ثم واو، ثم ذال معجمة، وقد يقال بتخفيف الراء، ويقال: المروذى بتشديد الراء المضمومة، وهكذا ذكره الحافظ عبد الغنى بن سعيد المصرى، وابن ماكولا، وغيرهما، والأول هو المشهور، وهو منسوب إلى مرو الروز، مدينة معروفة بخراسان، ويعرف بالقاضى أبى حامد، بخلاف الذى قبله، فإنه معروف فى كتب المذهب بالشيخ أبى حامد، فغلب فى الأول استعمال الشيخ، وفى الثانى القاضى.

واسم القاضى أبى حامد هذا أحمد بن بشر بن عامر القاضى العامرى المروروذى، ثم البصرى، وهذا الذى ذكرناه من أن اسمه أحمد بن بشر بن عامر هو الصواب، كذا ذكره الحافظان عبد الغنى المصرى، وأبو نصر بن ماكولا، وآخرون. وذكره الشيخ أبو إسحاق فى الطبقات غلطًا، فقال: أحمد بن عامر بن بشر، وغلطوه العلماء فى ذلك، ونسبوه إلى السهو فيه.

قال أبو إسحاق: صحب القاضى أبو حامد أبا إسحاق المروذى، وتوفى سنة ثنتين وستين وثلاثمائة، ونزل البصرة ودرس بها، وصنف الجامع فى المذهب، وشرح المختصر للمزنى، وصنف فى أصول الفقه، وكان إمامًا لا يشق غباره، وعنه أخذ فقهاء البصرة، رحمه الله، وتكرر ذكر القاضى أبى حامد فى المهذب والروضة، ولا ذكر له فى الوسيط وباقى الستة، وكتابه الجامع من أنفس الكُتب.

760 -

أبو حثمة الصحابى، رضى الله عنه (2) :

والد سهل بن أبى حثمة، وهو وابنه سهل صحابيان، رضى الله عنهما، وحثمة بحاء مهملة مفتوحة، ثم ثاء مثلثة ساكنة، واسم أبى حثمة عبد الله، وقيل: عامر بن صاعدة الأنصارى الأوسى الحارثى، وسبق تمام نسبه فى ترجمة ابنه سهل، شهد أُحُدًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان دليله إليها، وشهد معه أيضًا خيبر والمشاهد بعدها، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، وعمر، وعثمان يبعثونه خارصًا. وتوفى فى أول خلافة معاوية. ذكره ابن مندة، وابن عبد البر، وأبو نعيم الأصبهانى، وغيرهم.

(1) انظر: طبقات الفقهاء للشيرازى (114) وطبقات الشافعية الكبرى للسبكى (2/82) والوافى بالوفيات (6/265) والعبر (2/326) ووفيات الأعيان (1/69) والبداية والنهاية (11/209) ومرآة الجنان (2/375) وسير أعلام النبلاء (16/166، 167) ..

(2)

انظر: الاستيعاب (4/41) ، وأسد الغابة (5/169) .

ص: 211

761 -

أبو حدرد الصحابى، رضى الله عنه:

وهو والد أم الدرداء الكبرى خيرة، وهو أسلمى، قيل: اسمه سلامة بن عمر بن أبى سلامة. وقال أحمد بن حنبل: حدثت عن أبى إسحاق أن اسمه عبد الله. وقال على بن المدينى: اسمه عبيد، وهو حجازى، روى عنه ابنه حدرد بن أبى حدرد.

762 -

أبو حذيفة بن عتبة الصحابى، رضى الله عنه (1) :

مذكور فى المختصر فى آخر قتال البغاة، وهو الذى نهاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل أبيه، واسم أبى حذيفة مشم، وقيل: هشيم، وقيل: هاشم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصى القريشى العبشمى، وأمه فاطمة بنت صفوان بن أمية، وكان أبو حذيفة من السابقين إلى الإسلام، وهاجر إلى الحبشة، ثم إلى المدينة، وهو زوج سهلة بنت سهيل بن عمرو، واستشهد أبو حذيفة يوم اليمامة، ولا عقب له.

قال ابن إسحاق وغيره: وكان من فضلاء الصحابة، جمع الله تعالى له الشرف والفضل، وكان إسلامه قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم دار الأرقم، وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين عباد بن بشر. وشهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستشهد يوم اليمامة وله ثلاث أو أربع وخمسون سنة، وكان طويلاً، حسن الوجه، وهو مولى سالم مولى أبى حذيفة الصحابى الفاضل الجليل، وقد سبقت ترجمته فى سالم، وقُتل أبوه عتبة بن ربيعة يوم بدر كافرًا وألقى فى قليب بدر.

763 -

أبو حرملة:

مذكور فى المختصر فى صوم عاشوراء. روى عن أبى قتادة الصحابى، رضى الله عنه. روى عنه أبو الخليل، هكذا ذكره الشافعى فى المختصر.

764 -

أبو الحسن الماسرجسى:

من أئمة أصحابنا أصحاب الوجوه، مذكور فى مواضع من المهذب، منها باب إزالة النجاسة، وصفة الصلاة فى تطويل قراءة الركعة الأولى، وفى باب الإحداد، وتكرر ذكره فى الروضة، وهو بسين مهملة مفتوحة، ثم راء ساكنة، ثم جيم مكسورة، ثم سين مهملة مكسورة.

وهو أبو الحسن محمد بن على بن سهل بن مفلح، بكسر اللام، وهو منسوب إلى جد من أجداده لأمه، واسمه

(1) انظر: الإصابة (264) ، والاستيعاب (4/39) ، وأسد الغابة (6/70) ، وسير أعلام النبلاء (1/164)(13) ، والعقد الثمين (3/295) ..

ص: 212

ماسرجس. قال أبو سعد السمعانى: هو ابن بنت أبى على الحسن بن عيسى بن ماسرجس النيسابورى. وأبو على هذا سمع ابن المبارك، وابن عيينة، ووكيعًا، وغيرهم. سمع منه أحمد بن حنبل، والبخارى، ومسلم، وغيرهم، وغلبت هذه النسبة على أولاده وأعقابه.

قال السمعانى: كان أبو الحسن الماسرجسى إمامًا من الفقهاء الشافعية، من أعلم الناس بالمذهب وفروع المسائل، تفقه بخراسان، والعراق، والحجاز، وصحب أبا إسحاق المروزى إلى أن مات، وسمع الحديث من خالد المؤمل بن الحسن بن عيسى، وأصحاب المزنى، وأصحاب يونس بن عبد الأعلى، وغيرهم. وسمع منه الحاكم أبو عبد الله، والقاضى أبو الطيب الطبرى، وغيرهما.

توفى عشية الأربعاء، ودفن عشية الخميس سادس جمادى الآخرة، سنة أربع وثمانين وثلاثمائة، وهو ابن ست وثمانين سنة، وهذا المذكور فى وفاته هو لفظ الحاكم فى تاريخ نيسابور.

ومن أجلَّ من تفقه عليه الماسرجسى: أبو إسحاق المروزى، ومن أجلَّ من تفقه على الماسرجسى: القاضى أبو الطيب الطبرى، وهو أحد أجدادنا فى سلسلة الفقه المتصلة برسول الله صلى الله عليه وسلم كما سبق بيانه فى مقدمة هذا الكتاب.

ومن طرق أخبار الماسرجسى ما حكاه عنه الرافعى وغيره فى كتاب الديات، قال: رأيت صيادًا يرى الصيد على فرسخين. وقد نقلته فى الروضة. وروينا فى تاريخ دمشق فى ترجمة الماسرجسى عن المصنف الحافظ أبى القاسم بن عساكر، رحمه الله، قال: سمع الماسرجسى بدمشق الحسن بن جذلم، وبمكة أبا سعيد بن الأعرابى، وبمصر أبا طالب عمر بن الربيع بن سليمان، وآخرين سماهم الحافظ، وبنيسابور جماعات سماهم، وبالرى محمد بن عيسى، وببغداد جماعات كثيرين سماهم، وبالكوفة وبالبصرة سمع أبا بكر بن داسة، وبواسط وبالرقة وبحلب جماعات، وبهمذان وطوس. روى عنه الحاكم أبو عبد الله، وأبو نعيم، وأبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن، وغيرهم من الأئمة.

قال الحاكم أبو عبد الله: كان الماسرجسى أحد أئمة الشافعيين بخراسان، وكان من أعرف أصحابه بالمذهب، وترتيبه، وفروعه، تفقه بخراسان والعراق والحجاز، وسحب أبا إسحاق المروزى إلى مصر، ولزمه حتى دفته، ثم انصرف إلى بغداد، وكان خليفة

ص: 213

القاضى ابن على بن أبى هريرة فى مجالسه، وكان المجلس له بعد قيام القاضى أبى على، وانصرف إلى خراسان سنة أربع وأربعين، وعقد له مجلس الدرس والنظر، رحمه الله تعالى.

ومن غرائب الماسرجسى الصحيحة النفيسة استحبابه تطويل قراءة الركعة الأولى على الثانية، والمشهور فى المذهب التسوية بينهما، ولكن قول الماسرجسى أصح. وقد ثبت فيه حديث أبى قتادة فى الصحيحين، والله أعلم.

765 -

أبو الحسن بن المرزبان (1) :

من أصحابنا أصحاب الوجوه، ذكره فى الروضة فى آخر باب إزالة النجاسة، وتكرر فى الروضة، ولا ذكر له فى باقى الكُتب الستة، والمرزبان بفتح الميم، ثم راء ساكنة، ثم زاء مضمومة، ثم باء موحدة، وهو فارسى معرب، وهو زعيم فلاحى العجم، وجمعه مرازبة، ذكره كله الجوهرى فى صحاحه. وهو أبو الحسن على بن أحمد بن المرزبان البغدادى، صاحب أبى الحسين بن القطان أحد المشهورين بالإمامة، وهو شيخ الشيخ أبى حامد الإسفراينى إمام طريقة أصحابنا العراقيين.

قال الخطيب البغدادى: كان ابن المرزبان أحد الشيوخ الأفاضل، تفقه عليه أبو حامد الإسفراينى أول قدومه بغداد. وقال الشيخ أبو إسحاق: كان ابن المرزبان فقيهًا ورعًا. حكى عنه أنه قال: ما أعلم أن لأحد علىَّ مظلمة. قال: وكان فقيهًا يعلم أن الغيبة من المظالم. توفى فى رجب سنة ست وستين وثلاثمائة.

766 -

أبو الحسن العبادى (2) :

بفتح العين وتشديد الباء. من أصحابنا الفضلاء، تكرر ذكره فى الروضة، وهو صاحب كتاب الرقم، وهو ولد الشيخ أبى عاصم العبادى الإمام، واسم أبى الحسن [......](3) . توفى فى جمادى سنة خمس وتسعين وأربعمائة، وهو ابن ثمانين سنة.

767 -

أبو الحسين - بضم الحاء - ابن القطان (4) :

من أصحابنا أصحاب الوجوه، تكرر فى المهذب والروضة، ومن مواضعه فى المهذب مسألة كلما طلقت امرأة فعبد حر، وكتاب اللعان، وهو أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد بن القطان البغدادى.

قال الخطيب البغدادى: هو من كبار الشافعيين، وله مصنفات فى أصول الفقه وفروعه.

(1) انظر: طبقات الفقهاء للشيرازى (91) وطبقات الشافعية الكبرى للسبكى (3/346) وتاريخ بغداد (11/325) والبداية والنهاية (11/289) ووفيات الأعيان (3/281) ومرآة الجنان (2/385) وسير أعلام النبلاء (16/246) ..

(2)

سير أعلام النبلاء (19/185) وطبقات الشافعية لابن هداية الله (65) ومعجم المؤلفين (1/257، 258) ..

(3)

ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

(4)

انظر: البداية والنهاية (11/269) ومرآة الجنان (2/371) ووفيات الأعيان (1/53) وتاريخ بغداد (4/365) والوافى بالوفيات (7/321) وطبقات الشافعية للإسنوى (2/298) وطبقات الفقهاء للشيرازى (113) ..

ص: 214

قال: قال القاضى أبو الطيب: مات ابن القطان فى جمادى الأولى سنة تسع وخمسين وثلاثمائة. وقال الشيخ أبو إسحاق: آخر من عرفناه من أصحاب ابن سريج ابن القطان. قال: ودرس ببغداد، وأخذ عنه العلماء.

768 -

أبو حفص الباب شامى:

من أصحابنا أصحاب الوجوه المتقدمين، تكرر ذكره فى المهذب، فذكره فى مواضع أولها صفة الصلاة فى فصل السلام، وتكرر فى الروضة، وذكره فى الوسيط فى الصداق، هو بالباء الموحدة المكررة المفتوحة بعد الثانية منهما شين معجمة. قال أبو سعد السمعانى: هذه النسبة إلى باب الشام، وهو أحد المحال المشهور بالجانب الغربى من بغداد، وهذا من شواذ النسب، ومقتضاه فى العربية أن يقال: الشامى، ويجوز على رأى أن يقال: البابى.

769 -

أبو حفص بن عمرو، رضى الله عنه:

زوج فاطمة بنت قيس، مذكور فى المهذب فى التعريض بالخطبة، ويقال له أيضًا: أبو عمرو بن حفص بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم القريشى المخزومى، ويقال: أبو حفص بن المغيرة، قيل: اسمه أحمد، وقيل: عبد الحميد، وهو الأشهر وقول الأكثرين، وقيل: اسمه كنيته.

بعثه النبى صلى الله عليه وسلم مع على بن أبى طالب، رضى الله تعالى عنه، إلى اليمن، فطلق زوجته فاطمة وهو هناك. قيل: توفى هناك، وقيل: عاش بعد ذلك إلى خلافة عمر، رضى الله عنه، حكاه البخارى فى التاريخ، وحكى ابن عبد البر القول الأول.

770 -

أبو حميد الساعدى الصحابى، رضى الله عنه (1) :

تكرر فى صفة الصلاة من المهذب والوسيط، واسمه عبد الرحمن، وقيل: المنذر بن عمرو بن سعد بن مالك بن خالد بن ثعلبة بن حارثة، بالحاء المهملة، ابن عمرو بن الخزرج بن ساعدة، ويقال: ابن عمرو بن سعد بن المنذر بن مالك الأنصارى الساعدى المدنى الجليل.

رُوى له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة وعشرون حديثًا، اتفق البخارى ومسلم منها على ثلاثة، وللبخارى حديث ولمسلم آخر. روى عنه جابر بن عبد الله، وعروة بن الزبير، وعباس بن سهل

(1) انظر: الإصابة (4/46) ، والجرح والتعديل (5/237) ، والاستيعاب (4/42) ، وأسد الغابة (5/174) ، وسير أعلام النبلاء (2/481) ..

ص: 215

بن سعد، وعمرو بن سليم، ومحمد بن عمرو بن عطاء، وعبد الملك بن سعيد بن سويد الأنصارى. توفى فى آخر خلافة معاوية.

771 -

أبو حنيفة الإمام (1) :

تكرر ذكره فى هذه الكُتب، هو الإمام البارع أبو حنيفة النعمان بن ثابت بن زُوطَى، بضم الزاى وفتح الطاء. قال الشيخ أبو إسحاق فى الطبقات: هو النعمان بن ثابت بن زوطى بن ماه مولى تيم الله بن ثعلبة، ولد سنة ثمانين من الهجرة، وتوفى ببغداد سنة خمسين ومائة، وهو ابن سبعين سنة. أخذ الفقه عن حماد بن أبى سليمان. قال: وكان فى زمنه أربعة من الصحابة: أنس بن مالك، وعبد الله بن أبى أوفى، وسهل بن سعد، وأبو الطفيل، ولم يأخذ عن أحد منهم.

وقال الخطيب البغدادى فى التاريخ: هو أبو حنيفة التيمى، إمام أصحاب الرأى، وفقيه أهل العراق، رأى أنس بن مالك، وسمع عطاء بن أبى رباح، وأبا إسحاق السبيعى، ومحارب بن دثار، والهيثم بن حبيب الصراف، وقيس بن مسلم، ومحمد بن المنكدر، ونافعًا مولى عبد الله بن عمر، وهشام بن عروة، ويزيد الفقير، وسماك بن حرب، وعلقمة بن مرثد، وعطية العوفى، وعبد العزيز بن رفيع، وعبد الكريم أبا أمية، وغيرهم.

روى عنه أبو يحيى الحمانى، وهشيم بن بشر، وعباد بن العوام، وعبد الله بن المبارك، ووكيع بن الجراح، ويزيد بن هارون، وعلى بن عاصم، ويحيى بن نصر، وأبو يوسف القاضى، ومحمد بن الحسن، وعمرو بن محمد العبقرى، وهوذة بن خليفة، وأبو عبد الرحمن المقرىء، وعبد الرزاق بن همام، وآخرون.

قال الخطيب: وهو من أهل الكوفة، نقله أبو جعفر المنصور إلى بغداد فأقام بها حتى مات، ودفن بالجانب الشرقى منها فى مقبرة الخيزران، وقبره هناك ظاهر معروف. ثم روى الخطيب بإسناده، عن أحمد بن عبد الله بن صالح العجلى الإمام الحافظ، قال: أبو حنيفة النعمان بن ثابت، كوفى تيمى من رهط حمزة الزيات، وكان خزازًا يبيع الخز.

وبإسناده عن عمرو بن حماد بن أبى حنيفة، قال: أبو حنيفة النعمان بن ثابت بن زوطى، فأما زوطى فإنه من أهل كابل، ولد ثابت على الإسلام، وكان

(1) انظر: المتروكين (100) ، وتذكرة الحفاظ (1/158) ، وميزان الاعتدال (4/265) ، والتاريخ الكبير (8/81) ، وتقريب التهذيب (2/302) ، وتهذيب التهذيب (10/449) ، والجرح والتعديل (8/449) ، والمجروحين (3/61) ، تاريخ بغداد (13/323) ، والعير (1/274) ، ووفيات الأعيان (5/455) ، وتاريخ ابن معين (2/607) ، ومرآة الجنان (1/309) ، والبداية والنهاية (10/107) ، وسير أعلام النبلاء (6/390) ، والنجوم الزاهرة (2/12) ، وشذرات الذهب (1/227) ..

ص: 216

زوطى مملوكًا لبنى تيم الله بن ثعلبة فأعتق، فولاؤه لبنى تيم الله بن ثعلبة، وكان أبو حنيفة خزازًا، ودكانه معروف فى دار عمرو بن حريث.

وقال أبو نعيم الفضل بن دكين: أصل أبى حنيفة من كابل. وقال أبو عبد الرحمن المقرىء: كان أبو حنيفة من أهل بابل. وقال يحيى بن النضر القريشى: كان والد أبى حنيفة من سباء. وقال الحارث بن إدريس: أصل أبى حنيفة من ترمذ. وقال إسحاق بن الهلول، عن أبيه، قال: ثابت والد أبى حنيفة من الأنبار.

وبإسناده عن إسماعيل بن حماد بن أبى حنيفة، قال: أنا إسماعيل بن حماد بن النعمان ابن ثابت بن النعمان بن المرزبان من أبناء فارس الأحرار، والله ما وقع علينا رق قط، ولد جدى سنة ثمانين، وذهب ثابت إلى على بن أبى طالب وهو صغير، فدعا له بالبركة وفى ذريته، ونحن نرجو من الله أن يكون قد استجاب ذلك من على بن أبى طالب فينا.

وبإسناده عن عبد الله بن عمرو الرقى، قال: كلم ابن هبيرة أبا حنيفة أن يلى له قضاء الكوفة فأبى عليه، فضربه مائة سوط وعشرة أسواط، فى كل يوم عشرة أسواط، وهو على الامتناع، فلما رأى ذلك خلى سبيله، وكان ابن هبيرة عاملاً على العراق فى زمن بنى أمية.

وعن أبى بكر بن عياش، قال: ضُرب أبو حنيفة على القضاء. وعن الربيع بن عاصم، قال: أرسلنى يزيد بن عمر بن هبيرة، فقدمت بأبى حنيفة، فأراده على بيت المال فأبى، فضربه أسواطًا.

وعن يحيى بن عبد الحميد، عن أبيه، قال: كان أبو حنيفة كل يوم أو يومين من الأيام يُضرب ليدخل فى القضاء فيأبى، ولقد بكى فى بعض الأيام، فلما أطلق قال لى: كان غم والدتى أشدّ علىَّ من الضرب.

وعن إسماعيل بن سالم البغدادى، قال: أُكره أبو حنيفة على الدخول فى القضاء فلم يقبل. قال: وكان أحمد بن حنبل إذ ذكر ذلك بكى وترحم على أبى حنيفة.

وبإسناده عن بشر بن الوليد الكندى، قال: أشخص المنصور أبو جعفر أمير المؤمنين أبا حنيفة، يعنى من الكوفة إلى بغداد، فأراده على أن يوليه القضاء فأبى، فحلف عليه لفعلن، فحلف أبو حنيفة أن لا، فحلف المنصور ليفعلن، فحلف أبو حنيفة أن لا يفعل، فقال الربيع الحاجب: ألا ترى أمير المؤمنين يحلف؟! قال أبو

ص: 217

حنيفة: أمير المؤمنين على كفارة أيمانه أقدر منى على كفارة أيمانى، فأمر به إلى السجن فى الوقت. والصحيح أنه توفى وهو فى السجن.

وبإسناده عن معتب، قال: قال خارجة بن يزيد: دعا أبو جعفر المنصور أبا حنيفة إلى القضاء فأبى عليه فحبسه، ثم دعا به، فقال: أترغب عما نحن فيه؟ فقال أبو حنيفة: أصلح الله أمير المؤمنين، لا أصلح للقضاء، فقال له: كذبت، ثم عرض عليه الثانية، فقال أبو حنيفة: قد حكم علىَّ أمير المؤمنين أنى لا أصلح للقضاء لأنه نسبنى إلى الكذب، فإن كنت كذَّابًا فلا أصلح للقضاء، وإن كنت صادقًا فقد أخبرت أمير المؤمنين أنى لا أصلح، فردَّه فى الحبس.

وبإسناده عن الربيع بن يونس، قال: رأيت أمير المؤمنين المنصور ينازل أبا حنيفة فى أمر القضاء، وهو يقول: اتق الله ولا تشرك فى أمانتك إلا مَن يَخاف الله، والله ما أنا مأمون الرضا، فكيف أكون مأمون الغضب، ولا أصلح لذلك، فقال له: كذبت، أنت تصلح، فقال: قد حكمت على نفسك، فكيف يحل لك أن تولى قاضيًا على أمانتك وهو كَذَّاب. وقيل: إنه قعد فى القضاء يومين، وبعض الثالث، فلما كان أبو حنيفة بعد يومين اشتكى، فمرض ستة أيام، ثم توفى.

وقال أبو نعيم: كان أبو حنيفة حسن الوجه، حسن الثياب، طيب الريح، حسن المجلس، كثير الكرم، حسن المواساة لإخوانه. وقال أبو يوسف: كان أبو حنيفة ربعة من الرجال، ليس بالقصير ولا بالطويل، وكان أحسن الناس منطقًا، وأحلاهم نغمة، وأنبههم على ما تريد.

وقال محمد بن جعفر بن إسحاق بن عمرو بن حماد بن أبى حنيفة: كان أبو حنيفة طوالاً، تعلوه سمرة، وكان لباسًا، حسن الهيئة، كثير التعطر، يُعرف بريح الطيب إذا أقبل وإذا خرج من منزله.

وقال أبو حنيفة: قدمت البصرة وظننت أنى لا أُسأل عن شىء إلا أجبت فيه، فسألونى عن أشياء لم يكن عندى فيها جواب، فجعلت على نفسى أن لا أفارق حمادًا حتى يموت، فصحبته ثمانى عشرة سنة.

وقال أبو حنيفة: ما صليت صلاة منذ مات حماد إلا استغفرت له مع والدى، وإنى لأستغفر لمن تعلمت منه علمًا أو علمته علمًا.

وقال أبو حنيفة: دخلت على أبى جعفر أمير المؤمنين، فقال لى: يا أبا حنيفة، عن مَن أخذت العلم؟ فقلت:

ص: 218

عن حماد، يعنى ابن أبى سليمان، عن إبراهيم، يعنى عن النخعى، عن عمر بن الخطاب، وعلى بن أبى طالب، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن عباس، فقال أبو جعفر: بخ بخ، استوفيت يا أبا حنيفة.

ودخل أبو حنيفة يومًا على المنصور، فقال المنصور: هذا عالم أهل الدنيا. وعن هشام ابن مهران، قال: رأى أبو حنيفة فى النوم كأنه ينبش قبر النبى صلى الله عليه وسلم، فبعث من سأل محمد بن سيرن، فقال محمد بن سيرين: مَن صاحب هذه الرؤيا؟ ولم يجبه عنها، ثم سأله الثانية، فقال مثل ذلك، ثم سأله الثالثة، فقال: صاحب هذه الرؤيا يثور علمًا لم يسبقه إليه أحد قبله.

وفى حديث عن أبى هريرة، عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: “إن فى أمتى رجلاً يقال له: أبو حنيفة، هو سراج الأمة”. قال الخطيب: هذا حديث موضوع، وكذا ذكره جماعة من الأئمة أنه موضوع.

وعن ابن عيينة، قال: ما مقلت عينى مثل أبى حنيفة. وعن ابن المبارك، قال: كان أبو حنيفة آية، قيل له: فى الخير أم فى الشر؟ فقال: اسكت يا هذا، فإنه يقال: آية فى الخير، وغاية فى الشر، ثم تلى:{وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً} [المؤمنون: 50] .

وعن ابن المبارك قال: ما كان أوقر مجلس أبى حنيفة، كنا يومًا فى المسجد الجامع، فوقعت حية فسقطت فى حِجر أبى حنيفة، فهرب الناس غيره، فما زاد على أن نفض الجبة وجلس مكانه.

وعن سهل بن مزاحم، قال: بُذِلَتْ الدنيا لأبى حنيفة فلم يُرِدْهَا، وضُرب عليها بالسياط فلم يقبلها. وعن روح بن عبادة، قال: كنت عند ابن جريج سنة خمسين ومائة، فأتاه موته أبى حنيفة فاسترجع وتوجع، وقال: أى علم ذهب.

وعن مسعر بن كدام، قال: ما أحسد أحدًا بالكوفة إلا رجلين: أبا حنيفة فى فقهه، والحسن بن صالح فى زهده. وعن الفضيل بن عياض، قال: كان أبو حنيفة فقيهًا، معروفًا بالفقه، مشهورًا بالورع، وسيع المال، معروفًا بالأفضال على من يطيق، صبورًا على تعليم العلم بالليل والنهار، كثير الصمت، قليل الكلام حتى ترد مسألة فى حلال أو حرام، وكان يُحسن يدل على الحق، هاربًا من السلطان.

وعن أبى يوسف، قال: إنى لأدعو لأبى حنيفة قبل أبوى، ولقد سمعت أبا حنيفة يقول: إنى لأدعو لحماد مع والدى. وعن أبى بكر بن عياش، قال: مات أخو سفيان

ص: 219

الثورى، فاجتمع الناس إليه لعزائه، فجاء أبو حنيفة، فقام إليه سفيان وأكرمه وأقعده مكانه، وقعد بين يديه، ولما تفرق الناس قال أصحاب سفيان: رأيناك فعلت شيئًا عجيبًا، قال: هذا رجل من العلم بمكان، فإن لم أقم لعلمه قمت لِسِنِّهِ، وإن لم أقم لِسِنِّهِ قمت لفقِهِهِ، وإن لم أقم لفقِهِهِ قمت لوَرَعِهِ.

وعن ابن المبارك، قال: ما رأيت فى الفقه مثل أبى حنيفة. وعن ابن المبارك، قال: رأيت مسعرًا فى حلقة أبى حنيفة جالسًا بين يديه يسأله ويستفيد منه، وما رأيت أحدًا قط تكلم فى الفقه أحسن من أبى حنيفة.

وعن أبى نعيم، قال: كان أبو حنيقة صاحب غوص فى المسائل. وعن وكيع، قال: ما لقيت أفقه من أبى حنيفة، ولا أحسن صلاة منه. وعن النضر بن شميل، قال: كان الناس نيامًا عن الفقه حتى أيقظهم أبو حنيفة بما فتقه وبَيَّنَهُ ولَخَّصَهُ.

وعن الشافعى، قال: الناس عيال على أبى حنيفة فى الفقه. وعن جعفر بن الربيع، قال: أقمت على أبى حنيفة خمس سنين، فما رأيت أطول صمتًا منه، فإذا سُئل عن الشىء من الفقه يفتح ويسأل كالوادى. وعن إبراهيم بن عكرمة، قال: ما رأيت أورع ولا أفقه من أبى حنيفة.

وعن سفيان بن عيينة، قال: ما قدم مكة فى وقتنا رجل أكثر صلاة من أبى حنيفة. وعن يحيى بن أيوب الزاهد، قال: كان أبو حنيفة لا ينام الليل. وعن أبى عاصم النبيل، قال: كان أبو حنيفة يُسَمَّى الوتد؛ لكثرة صلاته.

وعن زافر بن سليمان، قال: كان أبو حنيفة يحيى الليل بركعة يقرأ فيها القرآن. وعن أسد بن عمرو، قال: صلى أبو حنيفة صلاة الفجر بوضوء العشاء أربعين سنة، وكان عامة الليل يقرأ القرآن فى ركعة، وكان يُسمع بكاؤه حتى ترحمه جيرانه، وحُفظ عليه أنه ختم القرآن فى الموضع الذى توفى فيه سبعة آلاف مرة.

وعن الحسن بن عمارة أنه غسل أبا حنيفة حين توفى، وقال: غفر الله لك، لم تفطر منذ ثلاثين سنة، ولم تتوسد يمينك فى الليل منذ أربعين سنة، ولقد أتعبت مَن بعدك. وعن ابن المبارك، أن أبا حنيفة صلى خمسًا وأربعين سنة الصلوات الخمس بوضوء واحد، وكان يجمع القرآن فى ركعتين.

وعن أبى يوسف، قال: بينا أنا أمشى مع أبى حنيفة، سمع رجلاً يقول لرجل: هذا أبو

ص: 220

حنيفة لا ينام الليل، فقال أبو حنيفة: والله لا يتحدث عنى بما لا أفعله، فكان يحيى الليل صلاة ودعاء وتضرعًا.

وعن مسعر بن كدام، قال: دخلت ليلة المسجد، فرأيت رجلاً يصلى، فاستحليت قراءته، فقرأ سبعًا، فقلت: يركع، ثم قرأ الثلث، ثم النصف، فلم يزل يقرأ القرآن حتى ختمه كله فى ركعة، فنظرت فإذا هو أبو حنيفة.

وعن زائدة، قال: صليت مع أبى حنيفة فى المسجد العشاء، وخرج الناس، ولم يُعلم أن فى المسجد أحدًا، فأردت أن أسأله مسألة، فقام فافتتح الصلاة، فقرأ حتى بلغ هذه الآية:{فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} [الطور: 27] ، فلم يزل يرددها حتى أذَّن المؤذن الصبح وأنا أنتظره.

وعن القاسم بن معن، أن أبا حنيفة قام ليلة بهذه الآية:{بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ} [القمر: 46]، يرددها ويبكى ويتضرع. وعن مكى بن إبراهيم: جالست الكوفيين، فما رأيت فيهم أورع من أبى حنيفة.

وعن وكيع قال: كان أبو حنيفة قد جعل على نفسه أن لا يحلف بالله تعالى فى عرض كلامه إلا تصدق بدرهم، فحلف فتصدق به، ثم جعل إن حلف أن يتصدق بدينار، فكان إذا حلف صادقًا فى عرض كلامه تصدق بدينار، وكان إذا أنفق على عياله نفقة تصدق بمثلها، وكان إذا كسا ثوبًا جديدًا كسا بقدر ثمنه الشيوخ والعلماء، وكان إذا وضع بين يديه الطعام أخذ منه ضعف ما يأكل فجعله على الخبز، ثم يعطيه الفقير.

وعن وكيع قال: كان أبو حنيفة عظيم الأمانة، وكان يؤثر رضا الله تعالى على كل شىء، ولو أخذته السيوف فى الله تعالى لاحتملها. وعن ابن المبارك، قال: ما رأيت أورع من أبى حنيفة، قد جرب بالسياط والأموال.

وعن قيس بن الربيع، قال: كان أبو حنيفة ورعًا، فقيهًا، كثير البر والصلة لكل من لجأ إليه، كثير الأفضال على إخوانه، وكان يبعث البضائع إلى بغداد فيشترى بها الأمتعة، ويجلب إلى الكوفة، ويجمع الأرباح من سنة إلى سنة، فيشترى بها حوائج الأشياخ المحدثين وأثوابهم وكسوتهم، وما يحتجون إليه، ثم يعطيهم باقى الدنانير من الأرباح، ويقول: أنفقوها فى حوائجكم، ولا تحمدوا إلا الله تعالى، فإنه والله ما يجريه الله لكم على يدى، فما فى رزق الله حول لغيره.

وعن حفص بن حمزة القريشى، قال: كان أبو حنيفة ربما مرَّ به الرجل

ص: 221

فيجلس إليه لغير قصد ولا مجالسة، فإذا أقام سأل عنه، فإن كان به حاجة وصله، وإن مرض عاده حتى يجبره إلى مواصلته، وكان أكرم الناس مجالسة.

وعن أبى يوسف، قال: كان أبو حنيفة لا يكاد يسأل حاجة إلا قضاها. وعن إسماعيل بن حماد بن أبى حنيفة، أن أبا حنيفة وهب لمعلم ابنه حماد خمسمائة درهم حين حذق حماد.

وعن جعفر بن عون، قال: أتت امرأة إلى أبى حنيفة تشترى منه ثوب خز، فأخرج لها ثوبًا، فقالت: أنا ضعيفة، وإنها أمانة، فبعنى هذا الثوب بما يقوم عليك، فقال: خذيه بأربعة دراهم، فقالت: لا تسخر بى، أنا عجوز كبيرة، فقال: اشتريت ثوبين فبهت أحدهما برأس المال إلا أربعة دراهم، فبقى هذا بأربعة دراهم.

وعن ابن المبارك، قال: قلت لسفيان الثورى: ما أبعد أبا حنيفة من الغيبة، ما سمعته يغتاب عدوًا له قط، قال: هو والله أعقل من أن يسلط على حسناته ما يذهب بها. وعن على بن عاصم، قال: لو وزن عقل أبى حنيفة بعقل نصف أهل الأرض لرجح بهم.

وعن إسماعيل بن حماد بن أبى حنيفة، قال: كان عندنا طحان رافضى له بغلان، فسمى أحدهما أبا بكر والآخر عمر، فرمحه أحدهما فقتله، فأخبر أبو حنيفة، قال: انظرو الذى رمحه الذى سماه عمر، فنظروا فوجدوه كذلك.

وعن عبد الواحد بن غياث، قال: كان أبو العباس الطوسى يسىء الرأى فى أبى حنيفة، وكان أبو حنيفة يعرف ذلك، فدخل أبو حنيفة على أمير المؤمنين المنصور، وكثر الناس، فقال الطوسى: اليوم أقتل أبا حنيفة، فقال لأبى حنيفة: إن أمير المؤمنين يأمرنا بضرب عنق الرجل، ما ندرى ما هو، فهل لنا قتله؟ فقال: يا أبا العباس، أمير المؤمنين يأمر بالحق أبو بالباطل؟ قال: بالحق، قال: اتبع الحق حيث كان ولا تسأل عنه، ثم قال أبو حنيفة لمن قرب منه: إن هذا أراد أن يوثقنى فربطته.

وعن وكيع، قال: دخلت على أبى حنيفة، فرأيته مطرقًا مفكرًا، فرفع رأسه وأنشأ يقول شعر:

إن يحسدونى فإنى غير لائمهم

فدام لى ولهم ما بى وما بهم

قبلى من الناس أهل الفضل قد حسدوا

ص: 222