المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب من فضائل أبي بكر الصديق رضي الله عنه - توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم - جـ ٧

[عبد العزيز بن عبد الله الراجحي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ

- ‌بَابُ مِنْ فَضَائِلِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ عُمَرَ رضي الله عنه

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه

- ‌بَابٌ فِي فَضْلِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ رضي الله عنهما

- ‌بَابُ فَضَائِلِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ

- ‌بَابُ فَضَائِلِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ رضي الله عنهما

- ‌بَابُ فَضَائِلِ أَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ فَضَائِلِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنهما

- ‌بَابُ فَضَائِلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ رضي الله عنهم

- ‌بَابُ فَضَائِلِ خَدِيجَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا

- ‌بَابٌ فِي فَضْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا

- ‌بَابُ ذِكْرِ حَدِيثِ أُمِّ زَرْعٍ

- ‌بَابُ فَضَائِلِ فَاطِمَةَ بِنْتِ النَّبِيِّ عَلَيْهَا الصَّلَاة وَالسَّلَامُ

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ أُمِّ سَلَمَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنها

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ زَيْنَبَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنها

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ أُمِّ أَيْمَنَ رضي الله عنها

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ أُمِّ سُلَيْمٍ، أُمِّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَبِلَالٍ رضي الله عنهما

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ بِلَالٍ رضي الله عنه

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَأُمِّهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَجَمَاعَةٍ مِنْ الْأَنْصَارِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ رضي الله عنه

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ أَبِي دُجَانَةَ سِمَاكُ بْنُ خَرَشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ وَالِدُ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ جُلَيْبِيبٍ رضي الله عنه

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ

- ‌بَابُ فَضَائِلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ رضي الله عنه

- ‌بَابُ فَضَائِلِ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ أَبِي هُرَيْرَةَ الدَّوْسِيِّ رضي الله عنه

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ أَهْلِ بَدْرٍ رضي الله عنهم، وَقِصَّةِ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ، أَهْلِ بَيْعَةِ الرُّضْوَانِ رضي الله عنهم

- ‌بَابُ فَضَائِلِ أَبِي مُوسَى، وَأَبِي عَامِرٍ الْأَشْعَرِيَّيْنِ رضي الله عنهما

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ الْأَشْعَرِيِّينَ رضي الله عنهم

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ رضي الله عنه

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ وَأَهْلِ سَفِينَتِهِمْ رضي الله عنهم

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ سَلْمَانَ، وَصُهَيْبٍ، وَبِلَالٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ الْأَنَصَارِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ

- ‌بَابٌ فِي خَيْرِ دُورِ الْأَنْصَارِ رضي الله عنهم

- ‌بَابٌ فِي حُسْنِ صُحْبَةِ الْأَنْصَارِ رضي الله عنهم

- ‌بَابُ دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِغِفَارَ وَأَسْلَمَ

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ غِفَار، وَأَسْلَمَ، وَجُهَيْنَةَ، وَأَشْجَعَ، وَمُزَيْنَةَ، وَتَمِيمٍ، وَدَوْسٍ، وَطَيِّئٍ

- ‌بَابُ خِيَارِ النَّاسِ

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ نِسَاءِ قُرَيْشٍ

- ‌بَابُ مُؤَاخَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَصْحَابِهِ رضي الله عنهم

- ‌بَابُ بَيَانِ أَنَّ بَقَاءَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَمَانٌ لِأَصْحَابِهِ، وَبَقَاءَ أَصْحَابِهِ أَمَانٌ لِلْأُمَّةِ

- ‌بَابُ فَضْلِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ

- ‌بَابُ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: لَا تَأْتِي مِائَةُ سَنَةٍ وَعَلَى الْأَرْضِ نَفْسٌ مَنْفُوسَةٌ الْيَوْمَ

- ‌بَابُ تَحْرِيمِ سَبِّ الصَّحَابَةَ رضي الله عنهم

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ أُوَيْسٍ الْقَرْنِيِّ رضي الله عنه

- ‌بَابُ وَصِيَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِأَهْلِ مِصْرَ

- ‌بَابُ فَضْلِ أَهْلِ عُمَانَ

- ‌بَابُ ذِكْرِ كَذَّابِ ثَقِيفٍ وَمُبِيرِهَا

- ‌بَابُ فَضْلِ فَارِسَ

- ‌بَابُ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: النَّاسُ كَإِبِلٍ مِائَةٍ لَا تَجِدُ فِيهَا رَاحِلَةً

- ‌كِتَابُ الْبِرِّ وَالصِّلَةِ وَالْآدَابِ

- ‌بَاب بِرِّ الْوَالِدَيْنِ وَأَنَّهُمَا أَحَقُّ بِهِ

- ‌بَابُ تَقْدِيمِ بِرِّ الْوَالِدَيْنِ عَلَى التَّطَوُّعِ بِالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا

- ‌بَاب رَغِمَ أَنْفُ مَنْ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ، أَوْ أَحَدَهُمَا عِنْدَ الْكِبَرِ

- ‌بَابُ فَضْلِ صِلَةِ أَصْدِقَاءِ الْأَبِ، وَالْأُمِّ، وَنَحْوِهِمَا

- ‌بَابُ تَفْسِيرِ الْبِرِّ وَالْإِثْمِ

- ‌بَابُ صِلَةِ الرَّحِمِ وَتَحْرِيمِ قَطِيعَتِهَا

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنِ التَّحَاسُدِ، وَالتَّبَاغضِ، وَالتَّدَابُرِ

- ‌بَابُ تَحْرِيمِ الْهَجْرِ فَوْقَ ثَلَاثٍ بِلَا عُذْرٍ شَرْعِيٍّ

- ‌بَابُ تَحْرِيمِ الظَّنِّ، وَالتَّجَسُّسِ، وَالتَّنَافُسِ، وَالتَّنَاجُشِ، وَنَحْوِهَا

- ‌بَابُ تَحْرِيمِ ظُلْمِ الْمُسْلِمِ، وَخَذْلِهِ، وَاحْتِقَارِهِ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنِ الشَّحْنَاءِ وَالتَّهَاجُرِ

- ‌بَابٌ فِي فَضْلِ الْحُبِّ فِي اللَّهِ

- ‌بَابُ فَضْلِ عِيَادَةِ الْمَرِيضِ

- ‌بَابُ ثَوَابِ الْمُؤْمِنِ فِيمَا يُصِيبُهُ مِنْ مَرَضٍ، أَوْ حُزْنٍ

- ‌بَابُ تَحْرِيمِ الظُّلْمِ

- ‌بَابُ نَصْرِ الْأَخِ ظَالِمًا، أَوْ مَظْلُومًا

- ‌بَابُ تَرَاحُمِ الْمُؤْمِنِينَ وَتَعَاطُفِهِمْ وَتَعَاضُدِهِمْ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنِ السِّبَابِ

- ‌بَابُ اسْتِحْبَابِ الْعَفْوِ وَالتَّوَاضُعِ

- ‌بَابُ تَحْرِيمِ الْغِيبَةِ

- ‌بَابُ بِشَارَةِ مَنْ سَتَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَيْبَهُ فِي الدُّنْيَا بِأَنْ يَسْتُرَ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ

- ‌بَابُ مُدَارَاةِ مَنْ يُتَّقَى فُحْشُهُ

- ‌بَابُ فَضْلِ الرِّفْقِ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنْ لَعْنِ الدَّوَابِّ وَغَيْرِهَا

- ‌بَابُ مَنْ لَعَنَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَوْ سَبَّهُ، أَوْ دَعَا عَلَيْهِ- وَلَيْسَ هُوَ أَهْلًا لِذَلِكَ- كَانَ لَهُ زَكَاةً وَأَجْرًا وَرَحْمَةً

- ‌بَابُ ذَمِّ ذِي الْوَجْهَيْنِ وَتَحْرِيمِ فِعْلِهِ

- ‌بَابُ تَحْرِيمِ الْكَذِبِ، وَبَيَانِ الْمُبَاحِ مِنْهُ

- ‌بَابُ تَحْرِيمِ النَّمِيمَةِ

- ‌بَابُ قُبْحِ الْكَذِبِ، وَحُسْنِ الصِّدْقِ، وَفَضْلِهِ

- ‌بَابُ فَضْلِ مَنْ يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ، وَبِأَيِّ شَيْءٍ يَذْهَبُ الْغَضَبُ

- ‌بَابُ خَلْقِ الْإِنْسَانِ خَلْقًا لَا يَتَمَالَكُ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنْ ضَرْبِ الْوَجْهِ

- ‌بَابُ الْوَعِيدُ الشَّدِيدُ لِمَنْ عَذَّبَ النَّاسَ بِغَيْرِ حَقٍّ

- ‌بَابُ أَمْرِ مَنْ مَرَّ بِسِلَاحٍ فِي مَسْجِدٍ، أَوْ سُوقٍ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْإِشَارَةِ بِالسِّلَاحِ إِلَى مُسْلِمٍ

- ‌بَابُ فَضْلِ إِزَالَةِ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ

- ‌بَابُ تَحْرِيمِ تَعْذِيبِ الْهِرَّةِ وَنَحْوِهَا مِنَ الْحَيَوَانِ الَّذِي لَا يُؤْذِي

- ‌بَابُ تَحْرِيمِ الْكِبْرِ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنْ تَقْنِيطِ الْإِنْسَانِ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى

- ‌بَابُ فَضْلِ الضُّعَفَاءِ وَالْخَامِلِينَ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنْ قَوْلِ: هَلَكَ النَّاسُ

- ‌بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالْجَارِ وَالْإِحْسَانِ إِلَيْهِ

- ‌بَابُ اسْتِحْبَابِ طَلَاقَةِ الْوَجْهِ عِنْدَ اللِّقَاءِ

- ‌بَابُ اسْتِحْبَابِ الشَّفَاعَةِ فِيمَا لَيْسَ بِحَرَامٍ

- ‌بَابُ اسْتِحْبَابِ مُجَالَسَةِ الصَّالِحِينَ، وَمُجَانَبَةِ قُرَنَاءِ السُّوءِ

- ‌بَابُ فَضْلِ الْإِحْسَانِ إِلَى الْبَنَاتِ

- ‌بَابُ فَضْلِ مَنْ يَمُوتُ لَهُ وَلَدٌ فَيَحْتَسِبَهُ

- ‌بَابُ إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا حَبَّبَهُ إِلَى عِبَادِهِ

- ‌بَابٌ الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ

- ‌بَابٌ الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ

- ‌بَاب إِذَا أُثْنِيَ عَلَى الصَّالِحِ فَهِيَ بُشْرَى، وَلَا تَضُرُّهُ

- ‌كِتَابُ الْقَدَرِ

- ‌بَابُ كَيْفِيَّةِ خَلْقِ الْآدَمِيِّ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، وَكِتَابَةِ رِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشَقَاوَتِهِ وَسَعَادَتِهِ

- ‌بَابُ حِجَاجِ آدَمَ وَمُوسَى عليهما السلام

- ‌بَابُ تَصْرِيفِ اللَّهِ تَعَالَى الْقُلُوبَ كَيْفَ شَاءَ

- ‌بَابُ كُلِّ شَيْءٍ بِقَدَرٍ

- ‌بَابُ قُدِّرَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظُّهُ مِنَ الزِّنَا وَغَيْرِهِ

- ‌بَابُ مَعْنَى كُلِّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، وَحُكْمِ مَوْتِ أَطْفَالِ الْكُفَّارِ، وَأَطْفَالِ الْمُسْلِمِينَ

- ‌بَابُ بَيَانِ أَنَّ الْآجَالَ وَالْأَرْزَاقَ وَغَيْرَهَا لَا تَزِيدُ وَلَا تَنْقُصُ عَمَّا سَبَقَ بِهِ الْقَدَرُ

- ‌بَابٌ فِي الْأَمْرِ بِالْقُوَّةِ، وَتَرْكِ الْعَجْزِ، وَالِاسْتِعَانَةِ بِاللَّهِ، وَتَفْوِيضِ الْمَقَادِيرِ لِلَّهِ

- ‌كِتَابُ الْعِلْمِ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنِ اتِّبَاعِ مُتَشَابِهِ الْقُرْآنِ، وَالتَّحْذِيرِ مِنْ مُتَّبِعِيهِ، وَالنَّهْيِ عَنِ الِاخْتِلَافِ فِي الْقُرْآنِ

- ‌بَابٌ فِي الْأَلَدِّ الْخَصِمِ

- ‌بَابُ اتِّبَاعِ سَنَنِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى

- ‌بَابُ هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ

- ‌بَابُ رَفْعِ الْعِلْمِ وَقَبْضِهِ، وَظُهُورِ الْجَهْلِ وَالْفِتَنِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ

- ‌بَابُ مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً، أَوْ سَيِّئَةً، وَمَنْ دَعَا إِلَى هُدًى، أَوْ ضَلَالَةٍ

- ‌كِتَابُ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ، وَالتَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ

- ‌بَابُ الْحَثِّ عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى

- ‌بَابٌ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، وَفَضْلِ مَنْ أَحْصَاهَا

- ‌بَابُ الْعَزْمِ بِالدُّعَاءِ، وَلَا يَقُلْ: إِنْ شِئْتَ

- ‌بَابُ كَرَاهَةِ تَمَنِّي الْمَوْتِ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ

- ‌بَابُ مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ

- ‌بَابُ فَضْلِ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَالتَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى

- ‌بَابُ كَرَاهَةِ الدُّعَاءِ بِتَعْجِيلِ الْعُقُوبَةِ فِي الدُّنْيَا

- ‌بَابُ فَضْلِ مَجَالِسِ الذِّكْرِ

- ‌بَابُ فَضْلِ الدُّعَاءِ بـ: {اللَّهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}

- ‌بَابُ فَضْلِ التَّهْلِيلِ وَالتَّسْبِيحِ وَالدُّعَاءِ

- ‌بَابُ فَضْلِ الِاجْتِمَاعِ عَلَى تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ، وَعَلَى الذِّكْرِ

- ‌بَابُ اسْتِحْبَابِ الِاسْتِغْفَارِ وَالِاسْتِكْثَارِ مِنْهُ

- ‌بَابُ اسْتِحْبَابِ خَفْضِ الصَّوْتِ بِالذِّكْرِ

- ‌بَابُ التَّعَوُّذِ مِنْ شَرِّ الْفِتَنِ وَغَيْرِهَا

- ‌بَابُ التَّعَوُّذِ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَغَيْرِهِ

- ‌بَابُ فِي التَّعَوُّذِ مِنْ سُوءِ الْقَضَاءِ، وَدَرَكِ الشَّقَاءِ، وَغَيْرِهِ

- ‌بَابُ مَا يَقُولُ عِنْدَ النَّوْمِ، وَأَخْذِ الْمَضْجَعِ

- ‌بَابُ التَّعَوُّذِ مِنْ شَرِّ مَا عُمِلَ، وَمِنْ شَرِّ مَا لَمْ يُعْمَلْ

- ‌بَابُ التَّسْبِيحِ أَوَّلَ النَّهَارِ، وَعِنْدَ النَّوْمِ

- ‌بَابُ اسْتِحْبَابِ الدُّعَاءِ عِنْدَ صِيَاحِ الدِّيكِ

- ‌بَابُ دُعَاءِ الْكَرْبِ

- ‌بَابُ فَضْلِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ

- ‌بَابُ فَضْلِ الدُّعَاءِ لِلْمُسْلِمِينَ بِظَهْرِ الْغَيْبِ

- ‌بَابُ اسْتِحْبَابِ حَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى بَعْدَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ

- ‌بَابُ بَيَانِ أَنَّهُ يُسْتَجَابُ لِلدَّاعِي مَا لَمْ يَعْجَلْ

الفصل: ‌باب من فضائل أبي بكر الصديق رضي الله عنه

كِتَابُ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ

‌بَابُ مِنْ فَضَائِلِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه

[2381]

حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيدٍ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيُّ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَخْبَرَنَا، وقَالَ الْآخَرَانِ: حَدَّثَنَا حَبَّانُ بْنُ هِلَالٍ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ حَدَّثَهُ قَالَ: نَظَرْتُ إِلَى أَقْدَامِ الْمُشْرِكِينَ عَلَى رُءُوسِنَا، وَنَحْنُ فِي الْغَارِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ إِلَى قَدَمَيْهِ أَبْصَرَنَا تَحْتَ قَدَمَيْهِ، فَقَالَ:((يَا أَبَا بَكْرٍ، مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا؟ )).

[خ: 3653]

[2382]

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ يَحْيَى بْنِ خَالِدٍ، حَدَّثَنَا مَعْنٌ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي النَّضْرِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ:((عَبْدٌ خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ زَهْرَةَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، فَاخْتَارَ مَا عِنْدَهُ))، فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ وَبَكَى، فَقَالَ: فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا، قَالَ: فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هُوَ الْمُخَيَّرُ، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ أَعْلَمَنَا بِهِ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((إِنَّ أَمَنَّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي مَالِهِ وَصُحْبَتِهِ أَبُو بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ، لَا تُبْقَيَنَّ فِي الْمَسْجِدِ خَوْخَةٌ إِلَّا خَوْخَةَ أَبِي بَكْرٍ)).

[خ: 3904]

حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ سَالِمٍ أَبِي النَّضْرِ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ حُنَيْنٍ، وَبُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: خَطَبَ

ص: 5

رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ يَوْمًا، بِمِثْلِ حَدِيثِ مَالِكٍ.

[2383]

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ الْعَبْدِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ رَجَاءٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي الْهُذَيْلِ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: ((لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، وَلَكِنَّهُ أَخِي وَصَاحِبِي، وَقَدِ اتَّخَذَ اللَّهُ عز وجل صَاحِبَكُمْ خَلِيلًا)).

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ- وَاللَّفْظُ لِابْنِ الْمُثَنَّى- قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:((لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أُمَّتِي أَحَدًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ)).

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنِي سُفْيَانُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ. ح، وَحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَيْسٍ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ ابْنَ أَبِي قُحَافَةَ خَلِيلًا)).

حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا، وقَالَ الْآخَرَانِ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ وَاصِلِ بْنِ حَيَّانَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي الْهُذَيْلِ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ ابْنَ أَبِي قُحَافَةَ خَلِيلًا، وَلَكِنْ صَاحِبُكُمْ خَلِيلُ اللَّهِ)).

حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَوَكِيعٌ. ح، وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ. ح، وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، كُلُّهُمْ عَنِ الْأَعْمَشِ. ح، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، وَأَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ- وَاللَّفْظُ لَهُمَا- قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي الْأَحْوَصِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:

ص: 6

((أَلَا إِنِّي أَبْرَأُ إِلَى كُلِّ خِلٍّ مِنْ خِلِّهِ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، إِنَّ صَاحِبَكُمْ خَلِيلُ اللَّهِ)).

في هذه الأحاديث: بيان فضائل أبي بكر رضي الله عنه، والتي منها الصحبةُ الخاصة، حيث صحب النبي صلى الله عليه وسلم في الغار، وصحبه في الهجرة من مكة إلى المدينة، وهذه منقبة عظيمة له رضي الله عنه ليست لغيره، لم تكن لعمر رضي الله عنه ولا لغيره، فقد قال تعالى:{إذ يقول لصاحبه} ، والصحابة كلهم صحابته صلى الله عليه وسلم، لكنها صحبة خاصة، وقال تعالى:{لا تحزن إن الله معنا} ، وهذه معية خاصة تقتضي الحرص والنصر والكلاءة والتأييد، فالمعية معيتان:

المعية العامة: تكون لله تعالى مع الناس كلهم، المؤمن، والكافر، فهو تعالى معهم باطلاعه وإحاطته ونفوذ قدرته ومشيئته، يقول الله تعالى:{وهو معكم أينما كنتم} ، ويقول تعالى:{يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم} ، ويقول تعالى:{ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو معهم} هذه معية عامة، وتأتي في سياق المحاسبة، والمجازاة، والتخويف، وتكون للمؤمن والكافر، وتقتضي الاطلاع والإحاطة ونفوذ القدرة والمشيئة.

والمعية الخاصة: فهي خاصة بالمؤمن، وتأتي في سياق المدح والثناء، وتقتضي الكلاءة والتأييد، كما في هذه الآية:{لا تحزن إن الله معنا} وقوله صلى الله عليه وسلم: ((مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللهُ ثَالِثُهُمَا))، فهذه معية خاصة، وقوله سبحانه وتعالى لموسى وهارون:{إنني معكما أسمع وأرى} فهذه معية خاصة أيضًا، فلما جاء معهم فرعون جاءت المعية العامة:{إنا معكم مستمعون} ، وكذلك في قوله تعالى:{إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون} ، وقوله تعالى:{إن الله مع الصابرين} .

ص: 7

وأفضل الصحابة: أبو بكر الصديق رضي الله عنه، بإجماع أهل السنة والجماعة؛ فإن عيسى ابن مريم عليه السلام حين ينزل في آخر الزمان يكون من هذه الأمة، فيكون أبو بكر رضي الله عنه هو أفضل هذه الأمة بعد نبيها عيسى عليه السلام؛ لأن عيسى عليه السلام نبي ومن هذه الأمة، ثم يليه أبو بكر الصديق رضي الله عنه، ثم يلي أبا بكر في الفضيلة: عمر، ثم يليه عثمان، ثم يليه علي، ثم بقية العشرة المبشرين بالجنة رضي الله عنهم جميعًا، هذا هو الصواب الذي عليه أهل السنة والجماعة، فترتيبهم في الفضيلة كترتيبهم في الخلافة، قال ابن أبي العز رحمه الله:((وقد روي عن أبي حنيفة تقديم علي على عثمان، ولكن ظاهر مذهبه تقديم عثمان، وعلى هذا عامة أهل السنة))

(1)

.

أما من قدم عليًّا رضي الله عنه في الخلافة على عثمان رضي الله عنه فهو كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في العقيدة الواسطية: ((الخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي، رضي الله عنهم. ومن طعن في خلافة أحد من هؤلاء الأئمة؛ فهو أضل من حمار أهله))

(2)

؛ ولهذا قال العلماء: ((من قدم عليا على عثمان فقد أزرى بالمهاجرين والأنصار))

(3)

، يعني: احتقر رأيهم؛ لأنهم أجمعوا على تقديم عثمان رضي الله عنه على عليٍّ رضي الله عنه في الخلافة.

وذهبت الرافضة إلى أن أفضل الصحابة: علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وذهب بعضهم إلى أن أفضل الناس: ابن عباس رضي الله عنهما، وبعضهم قال: أفضلهم: جعفر رضي الله عنه، وهذه كلها أقوال باطلة.

والصواب الذي عليه أهل السنة والجماعة: أن أفضل الناس أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي، ثم البقية العشرة المبشرين بالجنة رضي الله عنهم جميعًا، ثم السابقون الأولون من المهاجرين، وقد اختلف فيهم فقيل: هم من صلى

(1)

شرح الطحاوية، لابن أبي العز (2/ 727).

(2)

العقيدة الواسطية، لابن تيمية (ص 118).

(3)

مجموع الفتاوى، لابن تيمية (4/ 426).

ص: 8

إلى القبلتين، وقيل: من أسلم قبل الحديبية وقاتل، وهذا هو الصواب؛ لأن الله تعالى جعل التفضيل بالسبق والجهاد قبل الحديبية، فمن أسلم قبل الحديبية فهو من السابقين الأولين، ومن أسلم بعدها فليس من السابقين الأولين، قال الله تعالى:{لا يستوي منكم من أنفق قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا} والمراد بالفتح: الحديبية، وسماه الله فتحًا لِما يعقبه من النصر، ودخول الناس في الإسلام، ثم قال:{وكلًّا وعد الله الحسنى} ، فكلٌّ موعود بالجنة، السابقون وغير السابقين، لكنهم لا يستوون في الفضيلة.

وأما من قال: إنه من صلى إلى القبلتين، فهذا ليس عليه دليل؛ لأن الصلاة إلى القبلة المنسوخة ليس فيها دليل خاص، ولأنه بعد القبلة الأولى أسلم جمع غفير، ولو كان من صلى إلى القبلتين فالقبلة الأولى قد نسخت بعد ستة عشر شهرًا، أو سبعة عشر شهرًا فيكون العدد قليلًا من السابقين الأولين، لكن قبل صلح الحديبية كان العدد كبيرًا.

ثم يلي السابقين المهاجرين في الأفضلية من أسلم بعد الحديبية، وقبل فتح مكة ومنهم خالد بن الوليد رضي الله عنه، ثم بعد ذلك من أسلموا في الفتح، ويسمون: الطلقاء، ومنهم: أبو سفيان بن حرب رضي الله عنه قائد الجيوش، وابناه يزيد ومعاوية رضي الله عنهما كلهم أسلموا بعد الفتح، ولذلك لما سار عمر رضي الله عنه بالجيش حين وقع الطاعون في الشام، استشار السابقين الأولين، ثم استشار الأنصار، ثم استشار مسلمة قريش، ومسلمة الفتح.

وفيها: أن من مناقب أبي بكر رضي الله عنه ما ميزه الله تعالى به من العلم لما خطب النبي صلى الله عليه وسلم في الناس، وقال:((عَبْدٌ خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ زَهْرَةَ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، فَاخْتَارَ مَا عِنْدَهُ، فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ وَبَكَى، فَقَالَ: فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا))، فتعجب بعض الناس، وقالوا: ما بال هذا الشيخ يبكي؟ ! وأبو بكر رضي الله عنه قد فهم أن النبي صلى الله عليه وسلم هو العبد المخير، وفهم قرب أجله؛ فلهذا بكى، وقال:

ص: 9

((فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا))، فكان أبو بكر رضي الله عنه أعلمَهم.

وفيها: أن الصحابة الذين كانت بيوتهم ملاصقة لمسجد النبي صلى الله عليه وسلم كانت لهم أبواب صغيرة يفتحونها على المسجد بحيث يخرجون من البيت للمسجد مباشرة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم في آخر حياته:((سُدُّوا عَنِّي كُلَّ خَوْخَةٍ فِي هَذَا المَسْجِدِ، غَيْرَ خَوْخَةِ أَبِي بَكْرٍ)).

قال بعضهم: إن هذا نص على أنه هو الخليفة بعده، وكذلك نصَّ صلى الله عليه وسلم على خلافته في قصة المرأة التي جاءت في حاجة لها، وقالت: إن لم أجدك- تعني: الموت- قال: ((فَإِنْ لَمْ تَجِدِينِي فَأْتِي أَبَا بَكْرٍ))، قالوا: هذا يدل على أنه هو الخليفة، وهذا ليس بنص، لأنه قد يُوَكل في قضاء الحوائج من لا يصلح للخلافة، وقد يولى- أيضًا- في الصلاة من لا يصلح للخلافة، وكذلك الحديث في مرضه حين قال:((ادْعِي لِي أَبَا بَكْرٍ، أَبَاكِ، وَأَخَاكِ، حَتَّى أَكْتُبَ كِتَابًا، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَتَمَنَّى مُتَمَنٍّ وَيَقُولُ قَائِلٌ: أَنَا أَوْلَى، وَيَأْبَى اللهُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ))، قالوا: هذا نص، والصحيح أن هذا ليس بنص، وإنما هو إخبار عن المستقبل.

والصواب: أن خلافة الصديق رضي الله عنه ثبتت بالاختيار والانتخاب من قبل أهل الحل والعقد، ويدل على ذلك الاختلاف الذي حصل بين الأنصار، لما أسرعوا إلى سقيفة بني ساعدة، وأرادوا أن يولوا واحدًا من الأنصار فلو كان هناك نص لَمَا حصل النزاع، ولَمَّا جاء أبو بكر وعمر رضي الله عنهما لم يذكروا نصًّا، وإنما ذكروا أن الخلافة لا تكون إلا في قريش.

وكذلك عمر رضي الله عنه لما طُعن قيل له: استخلف، فقال:((إِنْ أَسْتَخْلِفْ فَقَدِ اسْتَخْلَفَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي أَبُو بَكْرٍ، وَإِنْ أَتْرُكْ فَقَدْ تَرَكَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي، رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم)

(1)

، وقال هذا بمحضر من الصحابة رضي الله عنهم ولم ينكروا عليه، فكان إجماعًا، ولو كان هناك نص لقالوا لعمر رضي الله عنه: لا، الرسول صلى الله عليه وسلم نص

(1)

أخرجه البخاري (7218)، ومسلم (1823).

ص: 10

على أن الخليفة أبو بكر رضي الله عنه، كيف تقول: لم يستخلف؟ !

وفيها: أن من مناقبه رضي الله عنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الْإِسْلَامِ))، الخلة: هي نهاية المحبة وكمالها، والخليل هو: المحبوب الذي بلغ الغاية في المحبة حتى تخللت محبته شغاف القلب، ووصلت إلى سويدائه، والخليل لا يتسع قلبه لأكثر من واحد من البشر من المخلوقين، وأما المحب فيتسع قلبه للآلاف؛ ولهذا فإن النبي صلى الله عليه وسلم اتسع قلبه لمحبة كثيرين، فأبو بكر رضي الله عنه كان من أحب الناس إليه، وعائشة رضي الله عنها كانت من أحب الناس إليه، وزيد بن حارثة رضي الله عنه كان حِبَّ رسول الله، وأسامة رضي الله عنه ابن حِبِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وفيها: أن نبينا صلى الله عليه وسلم شارك إبراهيم عليه السلام في الخلة، فإبراهيم عليه السلام خليل الله، ومحمد صلى الله عليه وسلم خليل الله.

وفيها: إثبات الخلة لله عز وجل، وهي صفة من صفاته سبحانه وتعالى، خلافًا للجهمية الذين أنكروا الخلة، وقالوا: إن معناها الفقر والحاجة، وهذا من جهلهم وضلالهم، ففسروا الخلة بالفقر والحاجة، وقالوا: إبراهيم خليل الله، أي: هو الفقير المحتاج إلى الله، وهذا من جهلهم وضلالهم؛ لأن تفسير الخلة بالفقر والحاجة يشاركه فيها حتى الكفرة، فالفقير محتاج إلى الله، فعلى قولهم يكون الكفارُ أخلاءَ لله! .

وأول من أنكر الخلة: الجعد بن درهم، وهو أول من حُفِظ عنه في الإسلام إنكار الصفات، فأنكر أن يتخذ الله إبراهيم خليلًا، وأنكر أن يكلم اللهُ موسى تكليمًا، فقتله خالد بن عبد الله القسري أمير العراق والمشرق بواسط، بفتوى من علماء زمانه وأكثرُهم من التابعين؛ فصلى بالناس العيد وجاء بالجعد مقيدًا موثوقًا، وجعله تحت عقب المنبر فصلى بالناس، ثم خطب، وقال في آخر الخطبة:((ضحوا، تقبل الله ضحاياكم، فإني مضحٍّ بالجعد بن درهم؛ فإنه زعم أن الله لم يتخذ إبراهيم خليلًا، ولم يكلم موسى تكليمًا))، ثم نزل وأخذ السكين وذبحه ذبح الشاة والناس ينظرون،

ص: 11

فأثنى عليه العلماء وشكروه

(1)

.

وفي ذلك يقول ابن القيم رحمه الله في الكافية الشافية:

وَلِأَجْلِ ذَا ضَحَّى بِجَعْدٍ خَالِد الـ

ـقُسريُّ يَوْمَ ذَبَائِحِ القُرْبَانِ

إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لَيْسَ خَلِيلَهُ

كَلَّا وَلَا مُوسَى الكَلِيمُ الدَّانِي

شَكَرَ الضَّحِيَّةَ كُلُّ صَاحِبِ سُنَّةٍ

للهِ دَرُّكَ مِنْ أَخِي قُرْبَانِ

(2)

ولا شك أن هذه الأضحية تفوق سائر الأضاحي في الأجر والثواب؛ لأن فيها قطعًا لدابر الشر والفساد، لكن هذا الرجل لم يمت حتى اتصل به شخص آخر يقال له: الجهم بن صفوان، وأخذ منه هذه العقيدة الخبيثة، ثم نشر هذا المذهب الخبيث، وانتشر ونُسب إلى الجهم بن صفوان، فقيل: مذهب الجهمية، والأصل أن يقال: مذهب الجعدية؛ لأنه مؤسس هذه العقيدة الفاسدة.

مسألة: هل ينبغي للمسلم أن يحب الله سبحانه وتعالى محبة الخلة؟

والجواب: يجب على كل مؤمن أن يحب الله تعالى، وأن يحب رسوله صلى الله عليه، وليس بمؤمن من لم يحبهما، أما محبة الخلة فلا، فمن قال: أنا خليل الله يكون كذابًا؛ لأن كمال المحبة تقرب إلى الطاعة والانقياد، وامتثال الأوامر، واجتناب النواهي، فالصادق في محبته هو المطيع، فمن كان صادقًا في محبته فهو مطيع لله، ومن ادعى المحبة والولاء لله وللرسول ولا يطيعه فهو كاذب، كما قال الله عز وجل:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} ، وهذه الآية يسميها العلماء: آية المحنة، فإن كان المحب صادقًا في دعوى محبة الله فلا بد لذلك من علامة، وهي: اتباع الرسول عليه الصلاة والسلام، وأما من كان يدعي محبة الله ومحبة رسوله وهو لا يطيع الله

(1)

أخرجه البخاري في خلق أفعال العباد (ص 29).

(2)

القصيدة النونية، لابن القيم (ص 8).

ص: 12

ورسوله فدعواه كاذبة.

وأما قول أبي هريرة رضي الله عنه: ((أَوْصَانِي خَلِيلِي))

(1)

فيقصد به النبي صلى الله عليه وسلم فهي خلة من جهة واحدة من قبل أبي هريرة، فأبو هريرة رضي الله عنه اتخذ النبي صلى الله عليه وسلم خليلًا، لكن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتخذه خليلًا.

[2384]

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ خَالِدٍ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَهُ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ، فَأَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ: أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: ((عَائِشَةُ))، قُلْتُ: مِنَ الرِّجَالِ؟ قَالَ: ((أَبُوهَا))، قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: ((عُمَرُ))، فَعَدَّ رِجَالًا.

[خ: 3662]

[2385]

وَحَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ عَنْ أَبِي عُمَيْسٍ. ح، وَحَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ- وَاللَّفْظُ لَهُ- أَخْبَرَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عُمَيْسٍ عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، سَمِعْتُ عَائِشَةَ: وَسُئِلَتْ مَنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُسْتَخْلِفًا لَوِ اسْتَخْلَفَهُ؟ قَالَتْ: أَبُو بَكْرٍ، فَقِيلَ لَهَا: ثُمَّ مَنْ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ؟ قَالَتْ: عُمَرُ، ثُمَّ قِيلَ لَهَا: مَنْ بَعْدَ عُمَرَ؟ قَالَتْ: أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، ثُمَّ انْتَهَتْ إِلَى هَذَا.

قوله: ((سَمِعْتُ عَائِشَةَ: وَسُئِلَتْ مَنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُسْتَخْلِفًا لَوِ اسْتَخْلَفَهُ؟ قَالَتْ: أَبُو بَكْرٍ، فَقِيلَ لَهَا: ثُمَّ مَنْ بَعْدَ أَبِي بَكْرٍ؟ قَالَتْ: عُمَرُ، ثُمَّ قِيلَ لَهَا: مَنْ بَعْدَ عُمَرَ؟ قَالَتْ: أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، ثُمَّ انْتَهَتْ إِلَى هَذَا)): هذا اجتهاد من عائشة رضي الله عنها، وفيه: دليل على أن فضل الشيخين متقرر عند الصحابة رضي الله عنهم: أبو بكر، ثم عمر، رضي الله عنهما، وأن الصحابة مجمعون على تقديم الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وفيه: الرد على الرافضة الذين يتنقصونهما.

(1)

أخرجه البخاري (1178)، ومسلم (721).

ص: 13

[2386]

حَدَّثَنِي عَبَّادُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم شَيْئًا، فَأَمَرَهَا أَنْ تَرْجِعَ إِلَيْهِ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ جِئْتُ فَلَمْ أَجِدْكَ؟ قَالَ أَبِي: كَأَنَّهَا تَعْنِي الْمَوْتَ قَالَ: ((فَإِنْ لَمْ تَجِدِينِي فَأْتِي أَبَا بَكْرٍ)).

[خ: 3659]

وَحَدَّثَنِيهِ حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ أَبِيهِ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ أَنَّ أَبَاهُ جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَكَلَّمَتْهُ فِي شَيْءٍ فَأَمَرَهَا بِأَمْرٍ، بِمِثْلِ حَدِيثِ عَبَّادِ بْنِ مُوسَى.

في هذا الحديث: دليل لمن قال: إن خلافة الصديق رضي الله عنه ثبتت بالنص، ولكن هذا ليس بصحيح، بل هذا الحديث فيه وكالة في قضاء الحوائج، وقد يوكل في قضاء الحوائج من لا يصلح للخلافة، ولا يلزم أن يكون هذا نصًّا، لكن فيه الإشارة إلى فضيلته.

[2387]

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَرَضِهِ: ((ادْعِي لِي أَبَا بَكْرٍ أَبَاكِ، وَأَخَاكِ، حَتَّى أَكْتُبَ كِتَابًا، فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يَتَمَنَّى مُتَمَنٍّ، وَيَقُولُ قَائِلٌ: أَنَا أَوْلَى، وَيَأْبَى اللَّهُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ)).

في هذا الحديث: دليل- أيضًا- لمن قال: إن خلافة الصديق رضي الله عنه ثبتت بالنص، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في مرض موته لعائشة رضي الله عنها:((ادْعِي لِي أَبَا بَكْرٍ، أَبَاكِ، وَأَخَاكِ، حَتَّى أَكْتُبَ كِتَابًا))، وهذا ليس بصريح، بل هو إخبار عن

ص: 14

المستقبل؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم يكتب كتابًا، ولم يقل: الخليفة بعدي أبو بكر، وإنما قال:((وَيَأْبَى اللهُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ))، يعني: يأبى الله قضاءً وقدرًا والمسلمون اختيارًا وانتخابًا إلا أبا بكر، فوقع الأمر كما كان.

[1028]

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْمَكِّيُّ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ عَنْ يَزِيدَ- وَهُوَ ابْنُ كَيْسَانَ- عَنْ أَبِي حَازِمٍ الْأَشْجَعِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ صَائِمًا؟ ))، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا قَالَ: ((فَمَنْ تَبِعَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ جَنَازَةً؟ ))، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا قَالَ: ((فَمَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مِسْكِينًا؟ ))، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا قَالَ: ((فَمَنْ عَادَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مَرِيضًا؟ ))، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ)).

في هذا الحديث: منقبة للصديق رضي الله عنه؛ حيث اجتمعت فيه هذه الأمور الأربعة في يوم واحد: الصيام، وعيادة المريض، واتباع الجنازة، وإطعام المساكين، فدل على أنه كان سبَّاقًا للخيرات رضي الله عنه.

وفيه: دليل على أن من اجتمعن فيه في يومٍ واحد دخل الجنة.

ص: 15

[2388]

حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَرْحٍ، وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى قَالَا: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُمَا سَمِعَا أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((بَيْنَمَا رَجُلٌ يَسُوقُ بَقَرَةً لَهُ قَدْ حَمَلَ عَلَيْهَا الْتَفَتَتْ إِلَيْهِ الْبَقَرَةُ، فَقَالَتْ: إِنِّي لَمْ أُخْلَقْ لِهَذَا، وَلَكِنِّي إِنَّمَا خُلِقْتُ لِلْحَرْثِ))، فَقَالَ النَّاسُ: سُبْحَانَ اللَّهِ! تَعَجُّبًا وَفَزَعًا أَبَقَرَةٌ تَكَلَّمُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((فَإِنِّي أُومِنُ بِهِ وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ))، قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((بَيْنَا رَاعٍ فِي غَنَمِهِ عَدَا عَلَيْهِ الذِّئْبُ فَأَخَذَ مِنْهَا شَاةً، فَطَلَبَهُ الرَّاعِي حَتَّى اسْتَنْقَذَهَا مِنْهُ، فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ الذِّئْبُ، فَقَالَ لَهُ: مَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبُعِ يَوْمَ لَيْسَ لَهَا رَاعٍ غَيْرِي))، فَقَالَ النَّاسُ: سُبْحَانَ اللَّهِ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((فَإِنِّي أُومِنُ بِذَلِكَ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ)).

[خ: 3471]

وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ اللَّيْثِ، حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي، حَدَّثَنِي عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ قِصَّةَ الشَّاةِ وَالذِّئْبِ، وَلَمْ يَذْكُرْ قِصَّةَ الْبَقَرَةِ.

في هذين الحديثين: منقبة للشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما؛ حيث أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم يؤمنان وليسا حاضرين، ففيهما منقبة لهما بقوة يقينهما وكمال معرفتهما وتصديقهما.

وفيهما: خرق العادة بكلام البقرة والذئب، والله على كل شيء قدير، والله تعالى إذا أراد خرق العادة خرقها، فقد تكلم الذئب وهو لا يتكلم، وتكلمت البقرة، وقالت:((إِنِّي لَمْ أُخْلَقْ لِهَذَا، وَلَكِنِّي إِنَّمَا خُلِقْتُ لِلْحَرْثِ))، وليس معنى ذلك أنه لا يجوز الحمل عليها، بل يجوز الحمل عليها ويجوز الحرث عليها إذا كانت تطيق.

ص: 16

وقوله: ((مَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبُعِ يَوْمَ لَيْسَ لَهَا رَاعٍ غَيْرِي)): يقال: السبُع بضم الباء، ويقال: السبْع بسكونها، والأكثر بالضم، واختلفوا في المراد بيوم السبع، قيل: المراد يوم القيامة، والسبع موضع قرب المحشر، وقيل: المعنى: أن هذا في وقت الفتن، حينما تهمل الغنم بسببها، ولا يكون لها راع فينفرد بها السبع، وكأن الذئب يقول: أنت استنقذتها الآن، لكن سيأتي يوم فما تنقذها، وقيل: أقوال أُخَرُ، ذكرها النووي رحمه الله

(1)

.

وقال ابن حجر رحمه الله: ((قوله ((يَوْمَ السَّبُعِ)) قال عياض: يجوز ضم الموحدة وسكونها إلا أن الرواية بالضم، وقال الحربي: هو بالضم والسكون، وجزم بأن المراد به: الحيوان المعروف، وقال ابن العربي: هو بالإسكان، والضم تصحيف كذا قال، وقال ابن الجوزي: هو بالسكون والمحدثون يروونه بالضم، وعلى هذا- أي: الضم- فالمعنى: إذا أخذها السبع لم يقدر على خلاصها منه فلا يرعاها حينئذٍ غيري، أي: إنك تهرب منه، وأكون أنا قريبًا منه أرعى ما يفضل لي منها، وقال الداودي: معناه: من لها يوم يطرقها السبع- أي: الأسد- فتفر أنت منه، فيأخذ منها حاجته، وأتخلف أنا لا راعي لها حينئذٍ غيري، وقيل: إنما يكون ذلك عند الاشتغال بالفتن، فتصير الغنم هملًا فتنهبها السباع، فيصير الذئب كالراعي لها؛ لانفراده بها، وأما بالسكون فاختلف في المراد به، فقيل: هو اسم الموضع الذي يقع فيه الحشر يوم القيامة، وهذا نقله الأزهري في تهذيب اللغة))

(2)

.

قلت: والأقرب أن هذا في أوقات الفتن.

(1)

شرح مسلم، للنووي (15/ 156).

(2)

فتح الباري، لابن حجر (7/ 27).

ص: 17

وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ. ح، وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الْحَفَرِيُّ عَنْ سُفْيَانَ، كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمَعْنَى حَدِيثِ يُونُسَ عَنِ الزُّهْرِيِّ، وَفِي حَدِيثِهِمَا ذِكْرُ الْبَقَرَةِ وَالشَّاةِ مَعًا، وَقَالَا فِي حَدِيثِهِمَا: فَإِنِّي أُومِنُ بِهِ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ وَمَا هُمَا ثَمَّ.

وَحَدَّثَنَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. ح، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مِسْعَرٍ، كِلَاهُمَا عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

قوله: ((فَإِنِّي أُومِنُ بِهِ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَمَا هُمَا ثَمَّ)): ((ثَمَّ)) - بفتح المثلثة-: ظرف مكان، بمعنى: هناك، يعني: هما ليسا حاضرين في المجلس، وهذه منقبة للشيخين رضي الله عنهما.

ص: 18