الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ التَّعَوُّذِ مِنْ شَرِّ الْفِتَنِ وَغَيْرِهَا
[589]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ- وَاللَّفْظُ لِأَبِي بَكْرٍ- قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَدْعُو بِهَؤُلَاءِ الدَّعَوَاتِ: ((اللَّهُمَّ فَإِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ النَّارِ، وَعَذَابِ النَّارِ، وَفِتْنَةِ الْقَبْرِ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْغِنَى، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْفَقْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بِمَاءِ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّ قَلْبِي مِنَ الْخَطَايَا، كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الْأَبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ، وَبَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ، كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، اللَّهُمَّ فَإِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ، وَالْهَرَمِ، وَالْمَأْثَمِ، وَالْمَغْرَمِ)).
[خ: 6338]
وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَوَكِيعٌ عَنْ هِشَامٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ.
قوله: ((أَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ النَّارِ))، يعني: من الابتلاء، أي: يستعيذ من أن يُختبر ويُعذَّب بالنار.
وقوله: ((وَفِتْنَةِ الْقَبْرِ، وَعَذَابِ الْقَبْرِ)): وسبب فتنة القبر وعذاب القبر: المعاصي، كما ثبت في قصة الرجلين اللذين يعذبان، وما يعذبان في كبير، قال صلى الله عليه وسلم:((أَمَّا أَحَدُهُمَا: فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ، وَأَمَّا الْآخَرُ: فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ))
(1)
.
وقوله: ((وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْغِنَى، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْفَقْرِ)): الغنى له فتنة، والفقر له فتنة، ففتنة الغنى بأن يجمع الإنسان المال ولا يأبه أمن حلال هو، أم من حرام، ثم بعد ذلك يُفْتَن عن دينه، ويشغله المال، ويلهيه عن طاعة الله
(1)
أخرجه البخاري (216)، ومسلم (292).
عز وجل، ومن فتنته- أيضًا-: أن يمنع حقوق المال، فلا يؤدي الزكاة الواجبة عليه، ومن فتنة الفقر: أن يجزع، ويتسخط، ولا يصبر على ما قدَّره الله عز وجل، ومن فتنة الفقر- أيضًا-: أنه يدعوه إلى المعاصي كالسرقة، أو الكذب وما إلى ذلك.
وقوله: ((وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ)): المسيح الدجال هو الرجل الذي يخرج في آخر الزمان، من بني آدم، وله فتنة عظيمة، والدجال صفة مبالغة، وعندما يخرج يدَّعي الصلاح أولًا، ثم يدَّعي النبوة، ثم يدَّعي الربوبية، كما جاء في الحديث:((مَا بَيْنَ خَلْقِ آدَمَ وَقِيَامِ السَّاعَةِ أَمْرٌ أَكْبَرُ مِنَ الدَّجَّالِ))
(1)
، وقال صلى الله عليه وسلم:((مَنْ سَمِعَ بِالدَّجَّالِ فَلْيَنْأَ عَنْهُ))
(2)
، كما سيأتي.
وقوله: ((اللَّهُمَّ اغْسِلْ خَطَايَايَ بِمَاءِ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ)): هذا الدعاء جاء- أيضًا- في استفتاح الصلاة، وفيه: بيان المبالغة في تطهير الإنسان من المعاصي، مع أن الماء يكفي وحده، لكن أتبعه بالثلج وبالبرد؛ زيادةً في التطهير والنظافة.
وقوله: ((وَنَقِّ قَلْبِي مِنَ الْخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الْأَبْيَضَ مِنَ الدَّنَسِ))، يعني: وفقني- يا الله- لاجتناب المعاصي، وللتوبة النصوح؛ حتى أتطهر من المعاصي، ونقِّ قلبي من العُجب، والكبر، والخيلاء، واحتقار الناس، وازدرائهم، ورد حقوقهم.
وقوله: ((وَبَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ))، يعني: وفقني لاجتناب الخطايا، وعدم ارتكابها.
وقوله: ((اللَّهُمَّ فَإِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكَسَلِ، وَالْهَرَمِ، وَالْمَأْثَمِ، وَالْمَغْرَمِ)): الكسل هو عدم فعل الخير مع القدرة عليه، والعجز: عدم فعل الخير لعدم القدرة عليه، والهرم بمعنى: أنه يصل إلى الحد الذي لا يستفيد فيه من الأعمال
(1)
أخرجه مسلم (2946).
(2)
أخرجه أحمد (19875)، وأبو داود (4319).
الصالحة، وهو الخَرَف الذي يزول معه العقل، كما جاء في الحديث:((وأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ العُمُرِ))
(1)
، والمأثم، يعني: الإثم، والمغرم: الدَّين، واستعاذ منه النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه إذا صار على الإنسان دين فقد يحدِّث فيكذب، وفي الحديث الآخر قال:((إِنَّ الإِنْسَانَ إِذَا غَرمَ حَدَّثَ فَكَذَبَ، ووَعَدَ فَأَخْلَفَ))
(2)
.
(1)
أخرجه البخاري (2822).
(2)
أخرجه البخاري (832)، ومسلم (589).