الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ النَّهْيِ عَنْ قَوْلِ: هَلَكَ النَّاسُ
[2623]
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَحَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((إِذَا قَالَ الرَّجُلُ: هَلَكَ النَّاسُ فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ))، قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: لَا أَدْرِي أَهْلَكَهُمْ بِالنَّصْبِ، أَوْ أَهْلَكُهُمْ بِالرَّفْعِ.
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ. ح، وَحَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، جَمِيعًا عَنْ سُهَيْلٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ.
قوله: ((إِذَا قَالَ الرَّجُلُ: هَلَكَ النَّاسُ فَهُوَ أَهْلَكُهُمْ)): روي بالرفع، وروي بالفتح، ((فَهُوَ أهلَكَهُمْ)): والأشهر: الرفع، ومعناه: أشدهم هلاكًا، ومعناه على الفتح: أَهْلَكَهُمْ بهذا القول، بقوله: هلك الناس، لا أنهم هلكوا على الحقيقة.
وفي هذا الحديث: أن الذم إنما إذا قال المرء: هلك الناس على وجه الازدراء للناس واحتقارهم، وعلى وجه العجب بنفسه، ويرى أن الناس هالكون وهو الناجي، وأما إذا قالها على وجه التحزُّن على حاله وحال الناس فهذا لا بأس به.
قال النووي رحمه الله: ((قال الحميدي في الجمع بين الصحيحين: الرفع أشهر، ومعناها: أشدهم هلاكًا، وأما رواية الفتح فمعناها: هو جعلوهم هالكين، لا أنهم هلكوا في الحقيقة، واتفق العلماء على أن هذا الذم إنما هو فيمن قاله على سبيل الإزراء على الناس واحتقارهم، وتفضيل نفسه عليهم
وتقبيح أحوالهم؛ لأنه لا يعلم سر الله في خلقه، قالوا: فأما من قال ذلك تحزنًا لِمَا يرى في نفسه وفي الناس من النقص في أمر الدين فلا بأس عليه
…
وقال الخطابي: معناه: لا يزال الرجل يعيب الناس ويذكر مساويهم، ويقول: فسد الناس وهلكوا ونحو ذلك، فإذا فعل ذلك فهو أهلكهم، أي: أسوأ حالًا منهم بما يلحقه من الإثم في عيبهم والوقيعة فيهم، وربما أداه ذلك إلى العجب بنفسه ورؤيته أنه خير منهم، والله أعلم))
(1)
.
فلا ينبغي للإنسان أن يقول: هلك الناس، بل ينبغي أن يقول: كثر الهلاك في الناس، أو هلك كثير من الناس، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل:((أَنَهْلِكُ وَفِينَا الصَّالِحُونَ؟ ! قال: ((نَعَمْ، إِذَا كَثُرَ الخَبَثُ))))
(2)
، وكما في قوله تعالى:{ولكن أكثر الناس لا يؤمنون} ، وقوله تعالى:{ولكن أكثر الناس لا يشكرون} ، وقوله تعالى:{وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله} فالأكثر هالكون، وليس كل الناس هالكين، بل تبقى طائفة على الحق، كما في الحديث:((لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي قَائِمَةً بِأَمْرِ اللهِ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ أَوْ خَالَفَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ عَلَى النَّاسِ))
(3)
، والطائفة الناجية ليست هالكة، وهم أهل السنة والجماعة أهل الحق، فلا يقال: هلك الناس كلهم.
(1)
شرح مسلم، للنووي (16/ 175).
(2)
أخرجه البخاري (3346)، ومسلم (2880).
(3)
أخرجه مسلم (1037).