الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ فِي فَضْلِ الْحُبِّ فِي اللَّهِ
[2566]
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ فِيمَا قُرِئَ عَلَيْهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْمَرٍ عَنْ أَبِي الْحُبَابِ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ بِجَلَالِي؟ الْيَوْمَ أُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّي يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلِّي)).
في هذا الحديث: بيان فضل المحبة في الله، فهذا الحديث القدسي يقول فيه الرب سبحانه:((أَيْنَ الْمُتَحَابُّونَ بِجَلَالِي؟ الْيَوْمَ أُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّي يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلِّي)).
وفيه: فضل محبة الله تعالى، وهي أن نحب الشخص لا لأجل دنيا، ولا لأجل معاملة بيننا وبينه، ولا لأجل قرابة ونسب، وإنما نحبه لكونه مؤمنًا بالله ورسوله، ولكونه مستقيمًا على طاعة الله، معظمًا لشرع الله، مؤديًا لِما أوجب الله عليه، منتهيًا عما حرم الله، فنحبه لذلك، وهذه المحبة تابعة لمحبة الله عز وجل.
وقوله: ((الْيَوْمَ أُظِلُّهُمْ فِي ظِلِّي يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلِّي)) المراد بالظل: ظل العرش، ومثل هذا الحديث في هذا المعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم:((سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ))
(1)
، وقد جاء تقييده في الروايات بظل العرش -كما تقدم-.
(1)
أخرجه البخاري (660)، ومسلم (1031).
[2567]
حَدَّثَنِي عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:((أَنَّ رَجُلًا زَارَ أَخًا لَهُ فِي قَرْيَةٍ أُخْرَى، فَأَرْصَدَ اللَّهُ لَهُ عَلَى مَدْرَجَتِهِ مَلَكًا، فَلَمَّا أَتَى عَلَيْهِ قَالَ: أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ قَالَ: هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا؟ قَالَ: لَا، غَيْرَ أَنِّي أَحْبَبْتُهُ فِي اللَّهِ عز وجل قَالَ: فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ)).
قَالَ الشَّيْخُ أَبُو أَحْمَدَ: أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ زَنْجُويَةَ الْقُشَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ حَمَّادٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَهُ.
في هذا الحديث: فضل المحبة في الله تعالى، وأن من أحب شخصًا في الله فإن الله تعالى يحبه، فهذا الرجل زار أخًا له في قرية، وظاهر الحديث أنه سافر من بلد إلى بلد آخر ليزوره، فأرسل الله في طريقه ملكًا على صورة آدمي، فقال له:((أَيْنَ تُرِيدُ؟ قَالَ: أُرِيدُ أَخًا لِي فِي هَذِهِ الْقَرْيَةِ قَالَ: هَلْ لَكَ عَلَيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ تَرُبُّهَا؟ ))، يعني: أتريد أن ترد عليه معروفًا كان له عليك؟ قال: لا، إنما أريد أن أزوره في الله، فهنالك قال له الملَك:((فَإِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكَ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَبَّكَ كَمَا أَحْبَبْتَهُ فِيهِ))، وهذا فضل عظيم.
وفيه: دليل على أن الملَك يتصور في صورة آدمي.
وفيه: أن الملائكة قد يراهم الآدميون، كما أن جبريل عليه السلام قد رآه الصحابة رضي الله عنهم لما جاء في صورة دحية الكلبي.
واعلم التزاور في الله تعالى قليل في هذا الزمن، بسبب ضعف الإيمان، حتى في البلد الواحد، فقد كثر انشغال الناس، واتسع تعلقهم بالدنيا، فصارت الزيارةُ الخاليةُ من الأغراض إلا لكونها في الله مستغربةً في هذا الزمان، مستنكرةً بين الناس.
ومن الأدلة على فضل المحبة في الله: حديث أنس رضي الله عنه في الصحيحين: ((ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ: مَنْ كَانَ اللهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ بَعْدَ أَنْ أَنْقَذَهُ اللهُ مِنْهُ، كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ))
(1)
، وحديث أبي هريرة في الصحيحين- أيضا:((سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ))، وذكر منهم:((وَرَجُلَانِ تَحَابَّا فِي اللهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ))
(2)
.
(1)
أخرجه البخاري (16)، ومسلم (43).
(2)
أخرجه البخاري (660)، ومسلم (1031).