الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ فَضْلِ الدُّعَاءِ لِلْمُسْلِمِينَ بِظَهْرِ الْغَيْبِ
[2732]
حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ بْنِ حَفْصٍ الْوَكِيعِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كَرِيزٍ عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَدْعُو لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ إِلَّا قَالَ الْمَلَكُ: وَلَكَ بِمِثْلٍ)).
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ سَرْوَانَ الْمُعَلِّمُ، حَدَّثَنِي طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كَرِيزٍ قَالَ: حَدَّثَتْنِي أُمُّ الدَّرْدَاءِ قَالَتْ: حَدَّثَنِي سَيِّدِي أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((مَنْ دَعَا لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ قَالَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِهِ: آمِينَ، وَلَكَ بِمِثْلٍ)).
قولها: ((حَدَّثَنِي سَيِّدِي))، أي: زوجها؛ لأن الزوج سيد، قال الله تعالى- عن امرأة العزيز-:{وألفيا سيدها لدى الباب} ، يعني: زوجها.
[2733]
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ صَفْوَانَ- وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ، وَكَانَتْ تَحْتَهُ الدَّرْدَاءُ- قَالَ: قَدِمْتُ الشَّامَ، فَأَتَيْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ فِي مَنْزِلِهِ فَلَمْ أَجِدْهُ، وَوَجَدْتُ أُمَّ الدَّرْدَاءِ، فَقَالَتْ: أَتُرِيدُ الْحَجَّ الْعَامَ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَالَتْ: فَادْعُ اللَّهَ لَنَا بِخَيْرٍ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ: ((دَعْوَةُ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ، عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ، كُلَّمَا دَعَا لِأَخِيهِ بِخَيْرٍ، قَالَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِهِ: آمِينَ، وَلَكَ بِمِثْلٍ)).
[2732]
قَالَ: فَخَرَجْتُ إِلَى السُّوقِ، فَلَقِيتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ، فَقَالَ لِي مِثْلَ ذَلِكَ، يَرْوِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وَحَدَّثَنَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ، وَقَالَ: عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَفْوَانَ.
قوله: ((دَعْوَةُ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ))، يعني: يدعو له وهو غائب، ليس بحاضر.
وفي هذا الحديث: دليل على فضل دعاء المسلم لأخيه بظهر الغيب، وأنه دعاء مستجاب، وأنه ينتفع به الداعي وينتفع به المدعو له؛ لأن الملَك يؤمن على دعائه، ويقول: لك بالمثل.
وفيه: أن دعوة المسلم لأخيه بظهر الغيب مستجابة.
وفيه: أنه يعطى بمثل ما دعى لأخيه بظهر الغيب.
وقيل: إن هذه الأحاديث تدل على ضَعف ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
(1)
من أن سؤال المخلوق لا يستحب إلا في بعض المواضع؛ لأن فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((دَعْوَةُ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ لِأَخِيهِ
(1)
قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة، لابن تيمية (1/ 70).
بِظَهْرِ الْغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ)).
وقد طلبت أم الدرداء رضي الله عنها من عبد الله بن صفوان أن يدعو لها، وكما ورد في حديث أويس القرني رحمه الله قول النبي صلى الله عليه وسلم:((فَمَنْ لَقِيَهُ مِنْكُمْ فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكُمْ))
(1)
كما تقدم، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:((سَلُوا اللهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ))
(2)
، وحديث:((لَا تَنْسَنَا يَا أُخَيَّ مِنْ دُعَائِكَ))
(3)
، وهذا الحديث وإن كان ضعيفًا فمجموع الأحاديث الواردة في هذا المعنى يقوي بعضها بعضًا، وهي تدل على أنه لا بأس بأن يطلب الإنسان من أخيه الدعاء له، لكن لا ينبغي الإكثار من هذا؛ لما فيه من المشقة.
ولا يخفى أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قيَّد المنع من طلب الدعاء إذا نظر الطالب إلى مصلحة نفسه، أما إذا نظر إلى مصلحة نفسه ومصلحة أخيه المطلوب منه الدعاء فلا بأس والحالة هذه.
قال رحمه الله: ((ومن قال لغيره من الناس: ادع لي- أو لنا- وقصده أن ينتفع ذلك المأمور بالدعاء وينتفع هو أيضاً بأمره وبفعل ذلك المأمور به كما يأمره بسائر فعل الخير فهو مقتد بالنبي صلى الله عليه وسلم مؤتم به، ليس هذا من السؤال المرجوح.
وأما إن لم يكن مقصوده إلا طلب حاجته لم يقصد نفع ذلك والإحسان إليه، فهذا ليس من المقتدين بالرسول المؤتمين به في ذلك، بل هذا هو من السؤال المرجوح الذي تَرْكه إلى الرغبة إلى الله وسؤاله، أفضل من الرغبة إلى المخلوق وسؤاله. وهذا كله من سؤال الأحياء السؤال الجائز المشروع))
(4)
.
(1)
أخرجه مسلم (2542).
(2)
أخرجه مسلم (384).
(3)
أخرجه أحمد (195)، وأبو داود (1498)، والترمذي (3562)، وابن ماجه (2894).
(4)
قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة، لابن تيمية (ص 75 - 76).