الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ أَنَّهُ يُسْتَجَابُ لِلدَّاعِي مَا لَمْ يَعْجَلْ
،
فَيَقُولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي
[2735]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ- مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ، فَيَقُولُ: قَدْ دَعَوْتُ فَلَا- أَوْ: فَلَمْ- يُسْتَجَبْ لِي)).
[خ: 6340]
حَدَّثَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ لَيْثٍ، حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي، حَدَّثَنِي عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو عُبَيْدٍ- مَوْلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَكَانَ مِنَ الْقُرَّاءِ وَأَهْلِ الْفِقْهِ- قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ، فَيَقُولُ: قَدْ دَعَوْتُ رَبِّي فَلَمْ يَسْتَجِبْ لِي)).
حَدَّثَنِي أَبُو الطَّاهِرِ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مُعَاوِيَةُ- وَهُوَ ابْنُ صَالِحٍ- عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:((لَا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ، أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ، مَا لَمْ يَسْتَعْجِلْ))، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا الِاسْتِعْجَالُ؟ قَالَ: يَقُولُ: ((قَدْ دَعَوْتُ، وَقَدْ دَعَوْتُ، فَلَمْ أَرَ يَسْتَجِيبُ لِي، فَيَسْتَحْسِرُ عِنْدَ ذَلِكَ، وَيَدَعُ الدُّعَاءَ)).
في هذا الحديث: بيان مانعَينِ من موانع قبول الدعاء:
المانع الأول: الدعاء بالإثم، أو قطيعة الرحم، كأن يدعو الله أن ييسر له شرب الخمر، أو الدخان، أو فِعلَ الفاحشة- عياذًا بالله.
والمانع الثاني: الاستعجال، كأن يقول: دعوتُ، ودعوتُ، فلم يُستجب لي، عند ذلك ينقطع ويترك الدعاء، ومنه قوله تعالى- عن الملائكة-:
{وله من في السماوات والأرض ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون} ، أي: لا ينقطعون عن الدعاء، بل يستمرون.
وينبغي للإنسان أن يستمر في الدعاء، ويلح على الله به، والله تعالى يحب الملحِّين والمكثرين، قال تعالى:{وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين} ، ابن آدم الذي يكره من يُلحُّ عليه بالدعاء؛ لهذا قال الشاعر:
لَا تَسْأَلَنَّ بُنَيَّ آدَمَ حَاجَةً
…
وَسلِ الَّذِي أَبْوَابُهُ لَا تُحْجَبُ
اللهُ يَغْضَبُ إِنْ تَرَكْتَ سُؤَالَهُ
…
وبُنَيُّ آدَمَ حِينَ يُسْأَلُ يَغْضَبُ
(1)
وفي الدعاء مصالح وفوائد حتى ولو لم يُجَبْ؛ فهو عبادة لله عز وجل يثاب العبد عليها، وقد يؤخر الله عز وجل الإجابة فيكون ذلك سببًا في رقة القلب وتكفير السيئات، أو يصرف الله عز وجل عن العبد من السوء ما هو أعظم مما طلبه، أو يدخر له من الخير في الآخرة ما هو أعظم، كما في الحديث:((مَا عَلَى الأَرْضِ مُسْلِمٌ يَدْعُو اللَّهَ بِدَعْوَةٍ إِلَاّ آتَاهُ اللَّهُ إِيَّاهَا أَوْ صَرَفَ عَنْهُ مِنَ السُّوءِ مِثْلَهَا مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: إِذًا نُكْثِرُ قَالَ: اللَّهُ أَكْثَرُ))
(2)
.
(1)
العزلة، للخطابي (ص 67).
(2)
أخرجه الترمذي (3573).