الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ مَا يَقُولُ عِنْدَ النَّوْمِ، وَأَخْذِ الْمَضْجَعِ
[2710]
حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَإِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ- وَاللَّفْظُ لِعُثْمَانَ- قَالَ إِسْحَاقُ: أَخْبَرَنَا، وقَالَ عُثْمَانُ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، حَدَّثَنِي الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((إِذَا أَخَذْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الْأَيْمَنِ، ثُمَّ قُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ، آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ، وَاجْعَلْهُنَّ مِنْ آخِرِ كَلَامِكَ، فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ مُتَّ وَأَنْتَ عَلَى الْفِطْرَةِ))، قَالَ: فَرَدَّدْتُهُنَّ لِأَسْتَذْكِرَهُنَّ، فَقُلْتُ: آمَنْتُ بِرَسُولِكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ قَالَ: قُلْ: ((آمَنْتُ بِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ)).
[خ: 247]
وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ- يَعْنِي: ابْنَ إِدْرِيسَ- قَالَ: سَمِعْتُ حُصَيْنًا عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِهَذَا الْحَدِيثِ، غَيْرَ أَنَّ مَنْصُورًا أَتَمُّ حَدِيثًا، وَزَادَ فِي حَدِيثِ حُصَيْنٍ: وَإِنْ أَصْبَحَ أَصَابَ خَيْرًا.
قوله: ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ)): وفي رواية أخرى: ((اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ))، يعني: سلمت نفسي إليك- يا الله- وفوضت ووجهت وجهي إليك، أي: أنه قد أسلم نفسه لله، ونام على التوحيد والذكر.
وقوله: ((وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ))، أي: توكلت عليك في أمري كله.
وقوله: ((وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ))، يعني: طمعًا فى ثوابك، وخوفًا من عقابك.
وقوله: ((لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ))، أي: لا هرب من الله إلا إلى الله؛ لأن كل شيء بيده سبحانه، فلا ألتجئ لأحد إلا إليك، وهذه براءة من الحول والقوة، كقول: لا حول ولا قوة إلا بالله.
وقوله: ((آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ))، أي: بالقرآن الكريم.
وقوله: ((وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ، وَاجْعَلْهُنَّ مِنْ آخِرِ كَلَامِكَ: فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ مُتَّ وَأَنْتَ عَلَى الْفِطْرَةِ قَالَ: فَرَدَّدْتُهُنَّ لِأَسْتَذْكِرَهُنَّ، فَقُلْتُ: آمَنْتُ بِرَسُولِكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ قَالَ: قُلْ: آمَنْتُ بِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ))، أي: رد عليه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له:((قُلْ: آمَنْتُ بِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ)): ولا تغير؛ لأن الأذكار والأدعية تبقى بحروفها ولفظها، فلا تُغَيَّر ولا تترجم إلى لغة أخرى ولا تروى بالمعنى؛ لأنه يتعبد بتلاوتها مثل القرآن، أو لأن المعنى مختلف، فاللفظ الأول فيه الجمع بين النبوة والرسالة؛ لأنه إذا قال:((بِرَسُولِكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ)) لم يجمع بين النبوة، والرسالة، فاختلف المعنى.
وفي هذا الحديث: مشروعية هذا الذكر عند النوم.
وفيه: ثلاث سنن مستحبات:
الأولى: الوضوء لمن أراد النوم.
وهذا الوضوء له فوائد:
منها: أنه إن مات مات على طهارة.
ومنها: أن الشيطان لا يتلاعب به، ولا يرى رؤيا تزعجه.
والثانية: أن يضطجع على شقه الأيمن؛ لأنه أعون على القيام والانتباه.
والثالثة: أن يقول هذا الدعاء.
وفيه: أنه إذا قال هذا الذكر ومات مات على الفطرة، وإذا أصبح أصبح على خير.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ. ح، وَحَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَأَبُو دَاوُدَ قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ قَالَ: سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ عُبَيْدَةَ يُحَدِّثُ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ رَجُلًا إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ مِنَ اللَّيْلِ أَنْ يَقُولَ: ((اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ، وَوَجَّهْتُ وَجْهِي إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لَا مَلْجَأَ وَلَا مَنْجَا مِنْكَ إِلَّا إِلَيْكَ، آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ وَبِرَسُولِكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ، فَإِنْ مَاتَ مَاتَ عَلَى الْفِطْرَةِ)).
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِرَجُلٍ: ((يَا فُلَانُ: إِذَا أَوَيْتَ إِلَى فِرَاشِكَ))، بِمِثْلِ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ:((وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ، فَإِنْ مُتَّ مِنْ لَيْلَتِكَ مُتَّ عَلَى الْفِطْرَةِ، وَإِنْ أَصْبَحْتَ أَصَبْتَ خَيْرًا)).
حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّهُ سَمِعَ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ يَقُولُ: أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا بِمِثْلِهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ: وَإِنْ أَصْبَحْتَ أَصَبْتَ خَيْرًا.
وَلَمْ يَذْكُر ابْنُ بَشَّارٍ فِي حَدِيثِهِ: مِنَ اللَّيْلِ.
قوله: ((وَبِرَسُولِكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ)): هذه الرواية يحتمل أنه رواها بالمعنى، أو أنها وهمٌ من بعض الرواة؛ لأنه في الروايات الأولى لما قال:((وَبِرَسُولِكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ)): رد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال:((قُلْ: وَبِنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ)).
[2711]
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي السَّفَرِ عَنْ أَبَي بَكْرِ بْنِ أَبِي مُوسَى عَنِ الْبَرَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ قَالَ:((اللَّهُمَّ بِاسْمِكَ أَحْيَا وَبِاسْمِكَ أَمُوتُ، وَإِذَا اسْتَيْقَظَ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ)).
في هذا الحديث: مشروعية هذا الذكر عند النوم، وعند اليقظة، فعند النوم يقول:((اللَّهُمَّ بِاسْمِكَ أَحْيَا، وَبِاسْمِكَ أَمُوتُ))، يعني: أنام، وأحيا، وأموت على اسمك يا الله، وعلى ذكرك، وَإِذَا اسْتَيْقَظَ قَالَ:((الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَانَا بَعْدَ مَا أَمَاتَنَا وَإِلَيْهِ النُّشُورُ))، فسمى اليقظة من النوم حياة، وسمى النوم وفاة؛ لأن النوم وفاة صغرى، قال تعالى:{وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار} ، وقال تعالى:{الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى} .
قال القاضي عياض رحمه الله: ((قوله صلى الله عليه وسلم ((اللَّهُمَّ بِاسْمِكَ أَحْيَا وَبِاسْمِكَ أَمُوتُ)): معناه: يحتمل أنه يريد: بذكر اسمك أحيا ما حييت، وعليه أموت ويحتمل أن يريد: بك أحيا، أي أنت تحيينى، وأنت تميتني. والاسم هنا هو المسمى، كما قال فى الحديث الآخر.))
(1)
.
قلت: هذا عند الأشاعرة، أن الاسم هو المسمى.
والصواب: أن الاسم قد يكون هو المسمى، وقد يكون غير المسمى، فيختلف حسب السياق.
وقال النووي رحمه الله: ((المراد بأماتنا: النوم، وأما النشور الإحياء للبعث يوم القيامة فنبه صلى الله عليه وسلم بإعادة اليقظة بعد النوم- الذي هو كالموت- على إثبات
(1)
إكمال المعلم، للقاضي عياض (8/ 210).
البعث بعد الموت، قال العلماء وحكمة الدعاء عند إرادة النوم أن تكون خاتمة أعماله
…
وحكمته إذا أصبح أن يكون أول عمله بذكر التوحيد والكلم الطيب))
(1)
[2712]
حَدَّثَنَا عُقْبَةُ بْنُ مُكْرَمٍ الْعَمِّيُّ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ قَالَا: حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ خَالِدٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَارِثِ يُحَدِّثُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ أَمَرَ رَجُلًا إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ قَالَ: ((اللَّهُمَّ خَلَقْتَ نَفْسِي، وَأَنْتَ تَوَفَّاهَا، لَكَ مَمَاتُهَا وَمَحْيَاهَا، إِنْ أَحْيَيْتَهَا فَاحْفَظْهَا، وَإِنْ أَمَتَّهَا فَاغْفِرْ لَهَا، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ))، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: أَسَمِعْتَ هَذَا مِنْ عُمَرَ؟ فَقَالَ: مِنْ خَيْرٍ مِنْ عُمَرَ، مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، قَالَ ابْنُ نَافِعٍ فِي رِوَايَتِهِ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، وَلَمْ يَذْكُرْ: سَمِعْتُ.
قوله: ((اللَّهُمَّ خَلَقْتَ نَفْسِي وَأَنْتَ تَوَفَّاهَا، لَكَ مَمَاتُهَا وَمَحْيَاهَا)): هذا اعتراف بأن الله تعالى هو الخالق المتوفِّي، وهو سبحانه وتعالى الموصوف بالخلق، وبالإحياء وبالإماتة.
(1)
شرح مسلم، للنووي (17/ 35).
[2713]
حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ سُهَيْلٍ قَالَ: كَانَ أَبُو صَالِحٍ يَأْمُرُنَا إِذَا أَرَادَ أَحَدُنَا أَنْ يَنَامَ أَنْ يَضْطَجِعَ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ، ثُمَّ يَقُولُ:((اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ، وَرَبَّ الْأَرْضِ، وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ، فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى، وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ، اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ، وَأَغْنِنَا مِنَ الْفَقْرِ)). وَكَانَ يَرْوِي ذَلِكَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
قوله: ((اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ)): على الإنسان أن يدعو بهذا الدعاء، ولو لم يكن عليه دَين، فقد يقال: إن الدين يشمل دَين الله ودَين العباد.
وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ- يَعْنِي: الطَّحَّانَ- عَنْ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُنَا إِذَا أَخَذْنَا مَضْجَعَنَا أَنْ نَقُولَ بِمِثْلِ حَدِيثِ جَرِيرٍ، وَقَالَ: مِنْ شَرِّ كُلِّ دَابَّةٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا.
وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ. ح، وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُبَيْدَةَ، حَدَّثَنَا أَبِي، كِلَاهُمَا عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: أَتَتْ فَاطِمَةُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَسْأَلُهُ خَادِمًا، فَقَالَ لَهَا:((قُولِي: اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ))، بِمِثْلِ حَدِيثِ سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ.
قوله: ((رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَيْءٍ، فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى))، أي: يشقه في الثرى فتنبت
الزروع على اختلاف أصنافها من الحبوب، والثمار على اختلاف أشكالها وألوانها وطعومها من النوى.
وقوله: ((وَمُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْفُرْقَانِ)): فيه: دليل على أنها مُنَزَّلة، وأنها غير مخلوقة، وفيه: الرد على من قال: إنها مخلوقة. والفرقان من أسماء القرآن؛ لأنه يفرق بين الحق والباطل، والكتاب الرابع الزبور أنزله الله على داود عليه السلام، وصحف إبراهيم وموسى ذكرت في القرآن.
وقوله: ((أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شَيْءٍ أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ)): أي من شر كل شيء من المخلوقات لأنها كلها في سلطانه وهو آخذ بنواصيها قال تعالى: {ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم} ، فكأنه استعاذ بالله من جميع الشرور.
وقوله: ((اللَّهُمَّ أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَيْءٌ وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ)): فيه: إثبات هذه الأسماء الأربعة لله تعالى، وهي: الأول، والآخر، والظاهر، والباطن، كما قال الله تعالى:{هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شي عليم} ، وفي هذا الحديث تفسير لهذه الأسماء الأربعة، فقد فسر الأول بأنه من ليس قبله شيء، وفسر الآخر بأنه من ليس بعده شيء، وفسر الظاهر بأنه من ليس فوقه شيء- يعني: العالي- وفسر الباطن بأنه من ليس دونه شيء، أي: لا يحجبه شيء من خلقه.
وفي هذا الحديث: مشروعية هذا الذكر عند النوم.
وفيه: مشروعية الاضطجاع على الشق الأيمن.
وفيه: مشروعية التوسل بأسماء الله تعالى، كما قال الله تعالى:{ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها} ، يعني: توسَّلوا بأسمائه.
[2714]
وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مُوسَى الْأَنْصَارِيُّ، حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((إِذَا أَوَى أَحَدُكُمْ إِلَى فِرَاشِهِ فَلْيَأْخُذْ دَاخِلَةَ إِزَارِهِ، فَلْيَنْفُضْ بِهَا فِرَاشَهُ، وَلْيُسَمِّ اللَّهَ؛ فَإِنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَا خَلَفَهُ بَعْدَهُ عَلَى فِرَاشِهِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَضْطَجِعَ فَلْيَضْطَجِعْ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْمَنِ، وَلْيَقُلْ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ رَبِّي، بِكَ وَضَعْتُ جَنْبِي، وَبِكَ أَرْفَعُهُ، إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَاغْفِرْ لَهَا، وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ)).
[خ: 6320]
وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَقَالَ:((ثُمَّ لْيَقُلْ: بِاسْمِكَ رَبِّي وَضَعْتُ جَنْبِي، فَإِنْ أَحْيَيْتَ نَفْسِي فَارْحَمْهَا)).
قوله: ((إِذَا أَوَى أَحَدُكُمْ إِلَى فِرَاشِهِ فَلْيَأْخُذْ دَاخِلَةَ إِزَارِهِ، فَلْيَنْفُضْ بِهَا فِرَاشَهُ))، يعني: فليأخذ طرف الإزار، فينفض فراشه بها، ثم بين الحكمة من ذلك فقال:((فَإِنَّهُ لَا يَعْلَمُ مَا خَلَفَهُ بَعْدَهُ عَلَى فِرَاشِهِ))، فقد يكون فيه بعض الحشرات المؤذية وغيرها من ذوات السموم، وهذا من باب الاستحباب، ثم يضطجع على شقه الأيمن، ثم يقول هذا الذكر.
وقوله: ((إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَاغْفِرْ لَهَا، وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا))، يعني: إن أَمَتَّهَا فارحمها واغفر لها، وإن أبقيتها فاحفظها من الشرور والفتن بما تحفظ به عبادك الصالحين، قال تعالى:{الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى} .
[2715]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قَالَ:((الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا، وَكَفَانَا وَآوَانَا، فَكَمْ مِمَّنْ لَا كَافِيَ لَهُ وَلَا مُؤْوِيَ)).
قوله: ((فَكَمْ مِمَّنْ لَا كَافِيَ لَهُ وَلَا مُؤْوِيَ))، يعني: كثير من الناس لا كافي لهم ولا مؤوي لهم في أرض الله الواسعة.
وفي هذا الحديث: استحباب هذا الذكر، وتذكر نعمة الله عز وجل، والثناء عليه عند النوم.