المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب ذكر حديث أم زرع - توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم - جـ ٧

[عبد العزيز بن عبد الله الراجحي]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَابُ فَضَائِلِ الصَّحَابَةِ

- ‌بَابُ مِنْ فَضَائِلِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ عُمَرَ رضي الله عنه

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه

- ‌بَابٌ فِي فَضْلِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ رضي الله عنهما

- ‌بَابُ فَضَائِلِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ

- ‌بَابُ فَضَائِلِ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ رضي الله عنهما

- ‌بَابُ فَضَائِلِ أَهْلِ بَيْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌بَابُ فَضَائِلِ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ وَأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنهما

- ‌بَابُ فَضَائِلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ رضي الله عنهم

- ‌بَابُ فَضَائِلِ خَدِيجَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا

- ‌بَابٌ فِي فَضْلِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا

- ‌بَابُ ذِكْرِ حَدِيثِ أُمِّ زَرْعٍ

- ‌بَابُ فَضَائِلِ فَاطِمَةَ بِنْتِ النَّبِيِّ عَلَيْهَا الصَّلَاة وَالسَّلَامُ

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ أُمِّ سَلَمَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنها

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ زَيْنَبَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنها

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ أُمِّ أَيْمَنَ رضي الله عنها

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ أُمِّ سُلَيْمٍ، أُمِّ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَبِلَالٍ رضي الله عنهما

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ أَبِي طَلْحَةَ الْأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ بِلَالٍ رضي الله عنه

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَأُمِّهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَجَمَاعَةٍ مِنْ الْأَنْصَارِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ رضي الله عنه

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ أَبِي دُجَانَةَ سِمَاكُ بْنُ خَرَشَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَرَامٍ وَالِدُ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ جُلَيْبِيبٍ رضي الله عنه

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ

- ‌بَابُ فَضَائِلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ رضي الله عنه

- ‌بَابُ فَضَائِلِ حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ أَبِي هُرَيْرَةَ الدَّوْسِيِّ رضي الله عنه

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ أَهْلِ بَدْرٍ رضي الله عنهم، وَقِصَّةِ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ، أَهْلِ بَيْعَةِ الرُّضْوَانِ رضي الله عنهم

- ‌بَابُ فَضَائِلِ أَبِي مُوسَى، وَأَبِي عَامِرٍ الْأَشْعَرِيَّيْنِ رضي الله عنهما

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ الْأَشْعَرِيِّينَ رضي الله عنهم

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ رضي الله عنه

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَأَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ وَأَهْلِ سَفِينَتِهِمْ رضي الله عنهم

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ سَلْمَانَ، وَصُهَيْبٍ، وَبِلَالٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ الْأَنَصَارِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ

- ‌بَابٌ فِي خَيْرِ دُورِ الْأَنْصَارِ رضي الله عنهم

- ‌بَابٌ فِي حُسْنِ صُحْبَةِ الْأَنْصَارِ رضي الله عنهم

- ‌بَابُ دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِغِفَارَ وَأَسْلَمَ

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ غِفَار، وَأَسْلَمَ، وَجُهَيْنَةَ، وَأَشْجَعَ، وَمُزَيْنَةَ، وَتَمِيمٍ، وَدَوْسٍ، وَطَيِّئٍ

- ‌بَابُ خِيَارِ النَّاسِ

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ نِسَاءِ قُرَيْشٍ

- ‌بَابُ مُؤَاخَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَصْحَابِهِ رضي الله عنهم

- ‌بَابُ بَيَانِ أَنَّ بَقَاءَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَمَانٌ لِأَصْحَابِهِ، وَبَقَاءَ أَصْحَابِهِ أَمَانٌ لِلْأُمَّةِ

- ‌بَابُ فَضْلِ الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ

- ‌بَابُ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: لَا تَأْتِي مِائَةُ سَنَةٍ وَعَلَى الْأَرْضِ نَفْسٌ مَنْفُوسَةٌ الْيَوْمَ

- ‌بَابُ تَحْرِيمِ سَبِّ الصَّحَابَةَ رضي الله عنهم

- ‌بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ أُوَيْسٍ الْقَرْنِيِّ رضي الله عنه

- ‌بَابُ وَصِيَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِأَهْلِ مِصْرَ

- ‌بَابُ فَضْلِ أَهْلِ عُمَانَ

- ‌بَابُ ذِكْرِ كَذَّابِ ثَقِيفٍ وَمُبِيرِهَا

- ‌بَابُ فَضْلِ فَارِسَ

- ‌بَابُ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: النَّاسُ كَإِبِلٍ مِائَةٍ لَا تَجِدُ فِيهَا رَاحِلَةً

- ‌كِتَابُ الْبِرِّ وَالصِّلَةِ وَالْآدَابِ

- ‌بَاب بِرِّ الْوَالِدَيْنِ وَأَنَّهُمَا أَحَقُّ بِهِ

- ‌بَابُ تَقْدِيمِ بِرِّ الْوَالِدَيْنِ عَلَى التَّطَوُّعِ بِالصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا

- ‌بَاب رَغِمَ أَنْفُ مَنْ أَدْرَكَ أَبَوَيْهِ، أَوْ أَحَدَهُمَا عِنْدَ الْكِبَرِ

- ‌بَابُ فَضْلِ صِلَةِ أَصْدِقَاءِ الْأَبِ، وَالْأُمِّ، وَنَحْوِهِمَا

- ‌بَابُ تَفْسِيرِ الْبِرِّ وَالْإِثْمِ

- ‌بَابُ صِلَةِ الرَّحِمِ وَتَحْرِيمِ قَطِيعَتِهَا

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنِ التَّحَاسُدِ، وَالتَّبَاغضِ، وَالتَّدَابُرِ

- ‌بَابُ تَحْرِيمِ الْهَجْرِ فَوْقَ ثَلَاثٍ بِلَا عُذْرٍ شَرْعِيٍّ

- ‌بَابُ تَحْرِيمِ الظَّنِّ، وَالتَّجَسُّسِ، وَالتَّنَافُسِ، وَالتَّنَاجُشِ، وَنَحْوِهَا

- ‌بَابُ تَحْرِيمِ ظُلْمِ الْمُسْلِمِ، وَخَذْلِهِ، وَاحْتِقَارِهِ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنِ الشَّحْنَاءِ وَالتَّهَاجُرِ

- ‌بَابٌ فِي فَضْلِ الْحُبِّ فِي اللَّهِ

- ‌بَابُ فَضْلِ عِيَادَةِ الْمَرِيضِ

- ‌بَابُ ثَوَابِ الْمُؤْمِنِ فِيمَا يُصِيبُهُ مِنْ مَرَضٍ، أَوْ حُزْنٍ

- ‌بَابُ تَحْرِيمِ الظُّلْمِ

- ‌بَابُ نَصْرِ الْأَخِ ظَالِمًا، أَوْ مَظْلُومًا

- ‌بَابُ تَرَاحُمِ الْمُؤْمِنِينَ وَتَعَاطُفِهِمْ وَتَعَاضُدِهِمْ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنِ السِّبَابِ

- ‌بَابُ اسْتِحْبَابِ الْعَفْوِ وَالتَّوَاضُعِ

- ‌بَابُ تَحْرِيمِ الْغِيبَةِ

- ‌بَابُ بِشَارَةِ مَنْ سَتَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَيْبَهُ فِي الدُّنْيَا بِأَنْ يَسْتُرَ عَلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ

- ‌بَابُ مُدَارَاةِ مَنْ يُتَّقَى فُحْشُهُ

- ‌بَابُ فَضْلِ الرِّفْقِ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنْ لَعْنِ الدَّوَابِّ وَغَيْرِهَا

- ‌بَابُ مَنْ لَعَنَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَوْ سَبَّهُ، أَوْ دَعَا عَلَيْهِ- وَلَيْسَ هُوَ أَهْلًا لِذَلِكَ- كَانَ لَهُ زَكَاةً وَأَجْرًا وَرَحْمَةً

- ‌بَابُ ذَمِّ ذِي الْوَجْهَيْنِ وَتَحْرِيمِ فِعْلِهِ

- ‌بَابُ تَحْرِيمِ الْكَذِبِ، وَبَيَانِ الْمُبَاحِ مِنْهُ

- ‌بَابُ تَحْرِيمِ النَّمِيمَةِ

- ‌بَابُ قُبْحِ الْكَذِبِ، وَحُسْنِ الصِّدْقِ، وَفَضْلِهِ

- ‌بَابُ فَضْلِ مَنْ يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ، وَبِأَيِّ شَيْءٍ يَذْهَبُ الْغَضَبُ

- ‌بَابُ خَلْقِ الْإِنْسَانِ خَلْقًا لَا يَتَمَالَكُ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنْ ضَرْبِ الْوَجْهِ

- ‌بَابُ الْوَعِيدُ الشَّدِيدُ لِمَنْ عَذَّبَ النَّاسَ بِغَيْرِ حَقٍّ

- ‌بَابُ أَمْرِ مَنْ مَرَّ بِسِلَاحٍ فِي مَسْجِدٍ، أَوْ سُوقٍ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْإِشَارَةِ بِالسِّلَاحِ إِلَى مُسْلِمٍ

- ‌بَابُ فَضْلِ إِزَالَةِ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ

- ‌بَابُ تَحْرِيمِ تَعْذِيبِ الْهِرَّةِ وَنَحْوِهَا مِنَ الْحَيَوَانِ الَّذِي لَا يُؤْذِي

- ‌بَابُ تَحْرِيمِ الْكِبْرِ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنْ تَقْنِيطِ الْإِنْسَانِ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى

- ‌بَابُ فَضْلِ الضُّعَفَاءِ وَالْخَامِلِينَ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنْ قَوْلِ: هَلَكَ النَّاسُ

- ‌بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالْجَارِ وَالْإِحْسَانِ إِلَيْهِ

- ‌بَابُ اسْتِحْبَابِ طَلَاقَةِ الْوَجْهِ عِنْدَ اللِّقَاءِ

- ‌بَابُ اسْتِحْبَابِ الشَّفَاعَةِ فِيمَا لَيْسَ بِحَرَامٍ

- ‌بَابُ اسْتِحْبَابِ مُجَالَسَةِ الصَّالِحِينَ، وَمُجَانَبَةِ قُرَنَاءِ السُّوءِ

- ‌بَابُ فَضْلِ الْإِحْسَانِ إِلَى الْبَنَاتِ

- ‌بَابُ فَضْلِ مَنْ يَمُوتُ لَهُ وَلَدٌ فَيَحْتَسِبَهُ

- ‌بَابُ إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا حَبَّبَهُ إِلَى عِبَادِهِ

- ‌بَابٌ الْأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ

- ‌بَابٌ الْمَرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ

- ‌بَاب إِذَا أُثْنِيَ عَلَى الصَّالِحِ فَهِيَ بُشْرَى، وَلَا تَضُرُّهُ

- ‌كِتَابُ الْقَدَرِ

- ‌بَابُ كَيْفِيَّةِ خَلْقِ الْآدَمِيِّ فِي بَطْنِ أُمِّهِ، وَكِتَابَةِ رِزْقِهِ وَأَجَلِهِ وَعَمَلِهِ وَشَقَاوَتِهِ وَسَعَادَتِهِ

- ‌بَابُ حِجَاجِ آدَمَ وَمُوسَى عليهما السلام

- ‌بَابُ تَصْرِيفِ اللَّهِ تَعَالَى الْقُلُوبَ كَيْفَ شَاءَ

- ‌بَابُ كُلِّ شَيْءٍ بِقَدَرٍ

- ‌بَابُ قُدِّرَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظُّهُ مِنَ الزِّنَا وَغَيْرِهِ

- ‌بَابُ مَعْنَى كُلِّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ، وَحُكْمِ مَوْتِ أَطْفَالِ الْكُفَّارِ، وَأَطْفَالِ الْمُسْلِمِينَ

- ‌بَابُ بَيَانِ أَنَّ الْآجَالَ وَالْأَرْزَاقَ وَغَيْرَهَا لَا تَزِيدُ وَلَا تَنْقُصُ عَمَّا سَبَقَ بِهِ الْقَدَرُ

- ‌بَابٌ فِي الْأَمْرِ بِالْقُوَّةِ، وَتَرْكِ الْعَجْزِ، وَالِاسْتِعَانَةِ بِاللَّهِ، وَتَفْوِيضِ الْمَقَادِيرِ لِلَّهِ

- ‌كِتَابُ الْعِلْمِ

- ‌بَابُ النَّهْيِ عَنِ اتِّبَاعِ مُتَشَابِهِ الْقُرْآنِ، وَالتَّحْذِيرِ مِنْ مُتَّبِعِيهِ، وَالنَّهْيِ عَنِ الِاخْتِلَافِ فِي الْقُرْآنِ

- ‌بَابٌ فِي الْأَلَدِّ الْخَصِمِ

- ‌بَابُ اتِّبَاعِ سَنَنِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى

- ‌بَابُ هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُونَ

- ‌بَابُ رَفْعِ الْعِلْمِ وَقَبْضِهِ، وَظُهُورِ الْجَهْلِ وَالْفِتَنِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ

- ‌بَابُ مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً، أَوْ سَيِّئَةً، وَمَنْ دَعَا إِلَى هُدًى، أَوْ ضَلَالَةٍ

- ‌كِتَابُ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ، وَالتَّوْبَةِ وَالِاسْتِغْفَارِ

- ‌بَابُ الْحَثِّ عَلَى ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى

- ‌بَابٌ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، وَفَضْلِ مَنْ أَحْصَاهَا

- ‌بَابُ الْعَزْمِ بِالدُّعَاءِ، وَلَا يَقُلْ: إِنْ شِئْتَ

- ‌بَابُ كَرَاهَةِ تَمَنِّي الْمَوْتِ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ

- ‌بَابُ مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ

- ‌بَابُ فَضْلِ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَالتَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى

- ‌بَابُ كَرَاهَةِ الدُّعَاءِ بِتَعْجِيلِ الْعُقُوبَةِ فِي الدُّنْيَا

- ‌بَابُ فَضْلِ مَجَالِسِ الذِّكْرِ

- ‌بَابُ فَضْلِ الدُّعَاءِ بـ: {اللَّهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}

- ‌بَابُ فَضْلِ التَّهْلِيلِ وَالتَّسْبِيحِ وَالدُّعَاءِ

- ‌بَابُ فَضْلِ الِاجْتِمَاعِ عَلَى تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ، وَعَلَى الذِّكْرِ

- ‌بَابُ اسْتِحْبَابِ الِاسْتِغْفَارِ وَالِاسْتِكْثَارِ مِنْهُ

- ‌بَابُ اسْتِحْبَابِ خَفْضِ الصَّوْتِ بِالذِّكْرِ

- ‌بَابُ التَّعَوُّذِ مِنْ شَرِّ الْفِتَنِ وَغَيْرِهَا

- ‌بَابُ التَّعَوُّذِ مِنَ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ وَغَيْرِهِ

- ‌بَابُ فِي التَّعَوُّذِ مِنْ سُوءِ الْقَضَاءِ، وَدَرَكِ الشَّقَاءِ، وَغَيْرِهِ

- ‌بَابُ مَا يَقُولُ عِنْدَ النَّوْمِ، وَأَخْذِ الْمَضْجَعِ

- ‌بَابُ التَّعَوُّذِ مِنْ شَرِّ مَا عُمِلَ، وَمِنْ شَرِّ مَا لَمْ يُعْمَلْ

- ‌بَابُ التَّسْبِيحِ أَوَّلَ النَّهَارِ، وَعِنْدَ النَّوْمِ

- ‌بَابُ اسْتِحْبَابِ الدُّعَاءِ عِنْدَ صِيَاحِ الدِّيكِ

- ‌بَابُ دُعَاءِ الْكَرْبِ

- ‌بَابُ فَضْلِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ

- ‌بَابُ فَضْلِ الدُّعَاءِ لِلْمُسْلِمِينَ بِظَهْرِ الْغَيْبِ

- ‌بَابُ اسْتِحْبَابِ حَمْدِ اللَّهِ تَعَالَى بَعْدَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ

- ‌بَابُ بَيَانِ أَنَّهُ يُسْتَجَابُ لِلدَّاعِي مَا لَمْ يَعْجَلْ

الفصل: ‌باب ذكر حديث أم زرع

‌بَابُ ذِكْرِ حَدِيثِ أُمِّ زَرْعٍ

.

[2448]

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ السَّعْدِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ جَنَابٍ، كِلَاهُمَا عَنْ عِيسَى- وَاللَّفْظُ لِابْنِ حُجْرٍ- حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَخِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ: جَلَسَ إِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً، فَتَعَاهَدْنَ، وَتَعَاقَدْنَ أَنْ لَا يَكْتُمْنَ مِنْ أَخْبَارِ أَزْوَاجِهِنَّ شَيْئًا، قَالَتِ الْأُولَى: زَوْجِي لَحْمُ جَمَلٍ غَثٍّ، عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ وَعْرٍ، لَا سَهْلٌ فَيُرْتَقَى، وَلَا سَمِينٌ فَيُنْتَقَلَ، قَالَتِ الثَّانِيَةُ: زَوْجِي لَا أَبُثُّ خَبَرَهُ، إِنِّي أَخَافُ أَنْ لَا أَذَرَهُ، إِنْ أَذْكُرْهُ أَذْكُرْ عُجَرَهُ وَبُجَرَهُ، قَالَتِ الثَّالِثَةُ: زَوْجِي الْعَشَنَّقُ، إِنْ أَنْطِقْ أُطَلَّقْ، وَإِنْ أَسْكُتْ أُعَلَّقْ، قَالَتِ الرَّابِعَةُ: زَوْجِي كَلَيْلِ تِهَامَةَ، لَا حَرَّ، وَلَا قُرَّ، وَلَا مَخَافَةَ، وَلَا سَآمَةَ، قَالَتِ الْخَامِسَةُ: زَوْجِي إِنْ دَخَلَ فَهِدَ، وَإِنْ خَرَجَ أَسِدَ، وَلَا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ، قَالَتِ السَّادِسَةُ: زَوْجِي إِنْ أَكَلَ لَفَّ، وَإِنْ شَرِبَ اشْتَفَّ، وَإِنِ اضْطَجَعَ الْتَفَّ، وَلَا يُولِجُ الْكَفَّ لِيَعْلَمَ الْبَثَّ، قَالَتِ السَّابِعَةُ: زَوْجِي غَيَايَاءُ، أَوْ عَيَايَاءُ طَبَاقَاءُ، كُلُّ دَاءٍ لَهُ دَاءٌ، شَجَّكِ، أَوْ فَلَّكِ، أَوْ جَمَعَ كُلًّا لَكِ، قَالَتِ الثَّامِنَةُ: زَوْجِي الرِّيحُ رِيحُ زَرْنَبٍ، وَالْمَسُّ مَسُّ أَرْنَبٍ، قَالَتِ التَّاسِعَةُ: زَوْجِي رَفِيعُ الْعِمَادِ، طَوِيلُ النِّجَادِ، عَظِيمُ الرَّمَادِ، قَرِيبُ الْبَيْتِ مِنَ النَّادِي، قَالَتِ الْعَاشِرَةُ: زَوْجِي مَالِكٌ، وَمَا مَالِكٌ؟ ! مَالِكٌ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ، لَهُ إِبِلٌ كَثِيرَاتُ الْمَبَارِكِ، قَلِيلَاتُ

الْمَسَارِحِ، إِذَا سَمِعْنَ صَوْتَ الْمِزْهَرِ أَيْقَنَّ أَنَّهُنَّ هَوَالِكُ، قَالَتِ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: زَوْجِي أَبُو زَرْعٍ، فَمَا أَبُو زَرْعٍ؟ أَنَاسَ مِنْ حُلِيٍّ أُذُنَيَّ، وَمَلَأَ مِنْ شَحْمٍ عَضُدَيَّ، وَبَجَّحَنِي فَبَجَحَتْ إِلَيَّ نَفْسِي، وَجَدَنِي فِي أَهْلِ غُنَيْمَةٍ بِشِقٍّ، فَجَعَلَنِي فِي أَهْلِ صَهِيلٍ، وَأَطِيطٍ، وَدَائِسٍ، وَمُنَقٍّ، فَعِنْدَهُ أَقُولُ فَلَا أُقَبَّحُ، وَأَرْقُدُ فَأَتَصَبَّحُ، وَأَشْرَبُ فَأَتَقَنَّحُ، أُمُّ أَبِي زَرْعٍ، فَمَا أُمُّ أَبِي زَرْعٍ؟ عُكُومُهَا رَدَاحٌ، وَبَيْتُهَا فَسَاحٌ، ابْنُ أَبِي زَرْعٍ، فَمَا

ص: 104

ابْنُ أَبِي زَرْعٍ؟ مَضْجَعُهُ كَمَسَلِّ شَطْبَةٍ، وَيُشْبِعُهُ ذِرَاعُ الْجَفْرَةِ، بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ، فَمَا بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ؟ طَوْعُ أَبِيهَا، وَطَوْعُ أُمِّهَا، وَمِلْءُ كِسَائِهَا، وَغَيْظُ جَارَتِهَا، جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ، فَمَا جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ؟ لَا تَبُثُّ حَدِيثَنَا تَبْثِيثًا، وَلَا تُنَقِّثُ مِيرَتَنَا تَنْقِيثًا، وَلَا تَمْلَأُ بَيْتَنَا تَعْشِيشًا قَالَتْ: خَرَجَ أَبُو زَرْعٍ وَالْأَوْطَابُ تُمْخَضُ، فَلَقِيَ امْرَأَةً مَعَهَا وَلَدَانِ لَهَا كَالْفَهْدَيْنِ يَلْعَبَانِ مِنْ تَحْتِ خَصْرِهَا بِرُمَّانَتَيْنِ، فَطَلَّقَنِي وَنَكَحَهَا، فَنَكَحْتُ بَعْدَهُ رَجُلًا سَرِيًّا، رَكِبَ شَرِيًّا، وَأَخَذَ خَطِّيًّا، وَأَرَاحَ عَلَيَّ نَعَمًا ثَرِيًّا، وَأَعْطَانِي مِنْ كُلِّ رَائِحَةٍ زَوْجًا قَالَ: كُلِي أُمَّ زَرْعٍ، وَمِيرِي أَهْلَكِ، فَلَوْ جَمَعْتُ كُلَّ شَيْءٍ أَعْطَانِي، مَا بَلَغَ أَصْغَرَ آنِيَةِ أَبِي زَرْعٍ، قَالَتْ عَائِشَةُ، قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ)).

[خ: 5189]

وَحَدَّثَنِيهِ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحُلْوَانِيُّ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: عَيَايَاءُ طَبَاقَاءُ، وَلَمْ يَشُكَّ، وَقَالَ: قَلِيلَاتُ الْمَسَارِحِ، وَقَالَ: وَصِفْرُ رِدَائِهَا، وَخَيْرُ نِسَائِهَا، وَعَقْرُ جَارَتِهَا، وَقَالَ: وَلَا تَنْقُثُ مِيرَتَنَا تَنْقِيثًا، وَقَالَ: وَأَعْطَانِي مِنْ كُلِّ ذَابِحَةٍ زَوْجًا.

شرح العلماء هذا الحديث، وأفاضوا في التصنيف فيه، وشرحوا ما فيه من مفردات لغوية مفيدة لطالب العلم.

وفي هذا الحديث: أن هؤلاء النساء كن إحدى عشرة امرأة، اجتمعن، قيل: إن هذا كان في الجاهلية، وقيل: إنهن نساء من اليمن اجتمعن وتعاهدن وتعاقدن، كل واحدة حلفت ألا تكتم من أخبار زوجها شيئًا، وهل هذا من الغيبة؟

لا شك أن كل واحدة حينما تكلمت كانت تغتاب زوجها فهذه غيبة، لكن هذا كان في الجاهلية، لكن الآن حينما يُذكر هذا الحديث هل يُعتبر هذا من الغيبة؟

ص: 105

هن لا يُعرفن ولا يُعرف أزواجهن، لكنهن في وقتهن حينما تكلمن كانت كل واحدة منهن تعرف الثانية، وتعرف زوجها فقد اغتابت كل واحدة زوجها، بأن ذكرت مثالب زوجِها، لكن إذا كان في الجاهلية وكُنَّ على الشرك فهو أشد من الغيبة.

وقولها: ((قَالَتِ الْأُولَى: زَوْجِي لَحْمُ جَمَلٍ غَثٍّ، عَلَى رَأْسِ جَبَلٍ وَعْرٍ، لَا سَهْلٌ فَيُرْتَقَى، وَلَا سَمِينٌ فَيُنْتَقَلَ)): هذه المرأة تعيب زوجها، فتقول: هو ((لَحْمُ جَمَلٍ غَثٍّ))، يعني: هو كلحم الجمل، لا كلحم الضأن، فلحم الجمل قوي يتعب آكله، بخلاف لحم الضأن، وهو مع هذا لحم مهزول، ليس بالسمين، ثم هذا اللحم فوق رأس جبل، وهذا الجبل ليس سهلًا حتى يرتقي إليه الإنسان ويأخذ منه اللحم، وليس لحم الجمل هذا سمينًا حتى ينقله الناس إلى بيوتهم ليأكلوه، بل يتركوه رغبة عنه لرداءته.

فهي تشير بهذا إلى أن زوجها سيئ الخُلق، ومع ذلك فهو متكبر عليها، ولا يُستفاد منه، ولا يؤدي حقها، فهو ضرر محض بغير نفع، مثل لحم الجمل الذي هو قوي يشق على آكله ويتعبه.

وقولها: ((قَالَتِ الثَّانِيَةُ: زَوْجِي لَا أَبُثُّ خَبَرَهُ))، يعني: لا أفشي سره، ((إِنِّي أَخَافُ أَنْ لَا أَذَرَهُ)): إذا كان الضمير يعود إلى الخبر يكون المعنى: إن خبره طويل، لو بدأت فيه لا يمكن أن أكمله من طوله، ((إِنْ أَذْكُرْهُ أَذْكُرْ عُجَرَه وبُجَرَه))، أي: عيوبه، ويحتمل أن الضمير يعود إلى الزوج، فيكون المعنى: إن زوجي لا أبث خبره، إني أخاف أن يطلقني فأَذَرَه، يعني: تخاف أن يُطلقها إذا ذكرت خبرَه، وعُجَرَه، وبُجَرَه، وعُيوبَه، وعليه تكون (لا) هنا زائدة، كما في قوله تعالى:{ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك} ، أي: أن تسجد، بدليل الآية الأخرى:{ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدي} .

وقولها: ((قَالَتِ الثَّالِثَةُ: زَوْجِي الْعَشَنَّقُ إِنْ أَنْطِقْ أُطَلَّقْ، وَإِنْ أَسْكُتْ أُعَلَّقْ)): وهذه- أيضًا- تعيب زوجها.

ص: 106

فقولها: ((الْعَشَنَّقُ))، يعني: الطويل، فهو طويل من غير فائدة، فليس فيه إلا الطول، ((إِنْ أَنْطِقْ أُطَلَّق))، يعني: إن تكلمت بعيوبه طلقني، ((وَإِنْ أَسْكُتْ أُعَلَّقْ)): يجعلني معلقة، لا ذات زوج ولا مطلقة، وهذا سبٌّ له.

وقولها: ((قَالَتِ الرَّابِعَةُ: زَوْجِي كَلَيْلِ تِهَامَةَ، لَا حَرَّ، وَلَا قُرَّ، وَلَا مَخَافَةَ، وَلَا سَآمَةَ)): وهذه المرأة تمدح زوجها مدحًا بليغًا، تقول:((زَوْجِي كَلَيْلِ تِهَامَةَ))، وليل تهامة معتدل لا حر، ولا قُر، أي: ولا برد، ((وَلَا سَآمَةَ))، يعني: أن زوجها هين لين كريم الأخلاق، العيش معه لذيذ وهنيء لا يُمَلّ.

وقولها: ((قَالَتِ الْخَامِسَةُ: زَوْجِي إِنْ دَخَلَ فَهِدَ، وَإِنْ خَرَجَ أَسِدَ، وَلَا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ)): وهذه- أيضًا- تمدح زوجها، ((إِنْ دَخَلَ فَهِدَ))، شبهته بالفهد، وهو حيوان كثير النوم، يعني: أنه إذا دخل نام وغفل، ولا يسأل عن شيء ولا يناقش، ولهذا قالت:((وَلَا يَسْأَلُ عَمَّا عَهِدَ)) فلا يقول: هذا ضاع، أين هو؟ ونحو ذلك، فهو كريم لا يبالي، لا يسأل عن شيء عهد به إليها، أو أعطاها إياه.

وقولها: ((وَإِنْ خَرَجَ أَسِدَ))، أي: إن خرج مع الرجال في الحروب صار مثل الأسد، وإن جاء عندها صار مثل الفهد النائم، يغفل ويُعرض، ولا يسأل عن شيء.

وقولها: ((قَالَتِ السَّادِسَةُ: زَوْجِي إِنْ أَكَلَ لَفَّ، وَإِنْ شَرِبَ اشْتَفَّ، وَإِنِ اضْطَجَعَ الْتَفَّ، وَلَا يُولِجُ الْكَفَّ لِيَعْلَمَ الْبَثَّ)): هذه تعيب زوجها، وتصفه بكثرة الأكل، ((زَوْجِي إِنْ أَكَلَ لَفَّ))، يعني: يأكل أكلًا كثيرًا، ويجمع أصنافًا متعددة من الطعام، وهذا يُذم به الإنسان، ((وَإِنْ شَرِبَ اشْتَفَّ))، يعني: يشرب ولا يُبقي شيئًا، ((وَلَا يُولِجُ الْكَفَّ لِيَعْلَمَ الْبَثَّ))، وهذا يحتمل المدح، يعني: لا يُدخل يده في ثوبها؛ لأنه يعلم أن بها عيبًا، فلا يريد أن يُحرجها، قال النووي رحمه الله:((قال أبو عبيد: أحسبه كان بجسدها عيب أو داء كنَّتْ به؛ لأن البث الحزن فكان لا يدخل يده في ثوبها ليمس ذلك فيشق عليها فوصفته بالمروءة وكرم الخلق))

(1)

.

(1)

شرح مسلم، للنووي (15/ 214).

ص: 107

ويحتمل الذم، فهو لا يُولج الكف، يعني: لا يسأل عن حالها، حتى يعرف همومها، وما تبثه، شبَّهته بمن لا يدخل يده في جسدها؛ ليعلم ما تحس به من الألم، وقال رحمه الله:((وقال الهروي: قال ابن الأعرابي: هذا ذم له أرادت: وإن اضطجع ورقد التف في ثيابه في ناحية ولم يضاجعني ليعلم ما عندي من محبته، قال: ولا بث هناك إلا محبتها الدنو من زوجها))

(1)

.

فالوصف يحتمل أن يكون مدحًا، ويحتمل أن يكون ذمًّا.

وقولها: ((قَالَتِ السَّابِعَةُ: زَوْجِي غَيَايَاءُ، أَوْ عَيَايَاءُ طَبَاقَاءُ، كُلُّ دَاءٍ لَهُ دَاءٌ، شَجَّكِ، أَوْ فَلَّكِ، أَوْ جَمَعَ كُلًّا لَكِ)): هذا عيبٌ له، فقد وصفته بقولها:((زَوْجِي غَيَايَاءُ)): من الغي، الذي هو الخيبة، قال الله تعالى:{فسوف يلقون غيًّا} ، وقيل: معناه: لا يهتدي إلى مسلك، أو أنه ((عَيَايَاءُ)): من العي، أي: لا يُفصح عن مراده، وقيل: هو العِنِّينُ الذي لا يصل إلى المرأة ولا يجامعها، ((طَبَاقَاءُ))، يعني: أطبقت عليه الأمور، ويحتمل أن المراد: وصفه بالحمق، فهو لا يأمر بالخير، ((كُلُّ دَاءٍ لَهُ دَاءٌ))، يعني: فيه جميع الأدواء، ((شَجَّكِ، أَوْ فَلَّكِ، أَوْ جَمَعَ كُلًّا لَكِ)): الشَّج هو: الضربة في الرأس خاصة، والفَلُّ: الكسر والضرب، فهي تقول: هي بين شجة في الرأس، وبين ضرب وكسر عضو، أو بين جمع الأمرين معًا؛ فهي في أذية منه، وكأنها أشارت بهذا إلى سوء خلقه وحمقه- نسأل الله السلامة والعافية.

وقولها: ((قَالَتِ الثَّامِنَةُ: زَوْجِي الرِّيحُ رِيحُ زَرْنَبٍ، وَالْمَسُّ مَسُّ أَرْنَبٍ))، وهذه- أيضًا- تمدح زوجها، فـ ((الرِّيحُ رِيحُ زَرْنَبٍ))، والزَّرْنَبُ: نوع من الطيب، أي: رائحة جسده طيبة، وريح ثيابه طيبة، ((وَالْمَسُّ مَسُّ أَرْنَبٍ))، يعني: هو لين، سهل الخلق، متواضع، فهي تثني عليه بطيب الريح، وحسن المعاملة.

وقولها: ((قَالَتِ التَّاسِعَةُ: زَوْجِي رَفِيعُ الْعِمَادِ، طَوِيلُ النِّجَادِ، عَظِيمُ الرَّمَادِ، قَرِيبُ

(1)

شرح مسلم، للنووي (15/ 214).

ص: 108

الْبَيْتِ مِنَ النَّادِي)): وهذه- أيضًا- تمدح زوجها بالكرم، فهو ((رَفِيعُ الْعِمَادِ))، يعني: سيد شريف، ((طَوِيلُ النِّجَادِ))، يعني: طويل القامة، ويحتاج إلى طول حمائل سيفه، وهذه صفة مدح عند العرب، ((عَظِيمُ الرَّمَادِ))، يعني: أنه كريم يستقبل الضيوف الكثيرين ويقدم لهم الطعام، فيكثر إيقاده للنار، فيكثر رمادها، وهذه كناية عن كرمه، ((قَرِيبُ الْبَيْتِ مِنَ النَّادِي)): النادي: مجلس القوم، وصفته بالكرم والسؤدد؛ لأنه لا يقرب البيت من النادي إلا من هذه صفته؛ لأن الضيفان يقصدون النادي، ولأن أصحاب النادي يأخذون ما يحتاجون إليه في مجلسهم من بيت قريب للنادي.

وقولها: ((قَالَتِ الْعَاشِرَةُ: زَوْجِي مَالِكٌ، وَمَا مَالِكٌ؟ مَالِكٌ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ، لَهُ إِبِلٌ كَثِيرَاتُ الْمَبَارِكِ، قَلِيلَاتُ الْمَسَارِحِ، إِذَا سَمِعْنَ صَوْتَ الْمِزْهَرِ أَيْقَنَّ أَنَّهُنَّ هَوَالِكُ))، هذه- أيضًا- تمدح زوجها، وتقول:((زَوْجِي مَالِكٌ، وَمَا مَالِكٌ؟ )): يقال: مالك لمن يملك الأموال الكثيرة من الإبل والبقر ونحوها من المواشي، وربما يُطلق على من يملك الزرع والنخيل- أيضًا، ((مَالِكٌ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ))، أي: مما يُتصور عمومًا، أي: أن مالكًا عنده أموال كثيرة، وعنده إبل كثيرة المبارك حول البيت.

وتمدحه بالكرم، فهو ((لَهُ إِبِلٌ كَثِيرَاتُ الْمَبَارِكِ، قَلِيلَاتُ الْمَسَارِحِ))، يعني: له إبل كثيرة تبرك عند البيت، ولا تسرح لكثرة الضيوف الذين يأتونه، فيحتاج إلى أن ينحر منها، فإذا جاء الضيوف وجد الإبل قريبة من البيت فلو كانت تسرح فمتى تأتي؟ لكن إبله كثيرة المبارك حول البيت، قليلة المسارح، فيأتي الضيوف فيجدونها جاهزة، ((إِذَا سَمِعْنَ صَوْتَ الْمِزْهَرِ أَيْقَنَّ أَنَّهُنَّ هَوَالِكُ)): الْمِزْهَر: هو العود الذي يُضرب، فكأنه عودهن صوت الأعواد إذا قدم الضيوف، فكان يضرب بالعود، فإذا ضرب بالعود عرفت الإبل أنه قد جاءت الضيوف، فعرفت أنها هالكة بالنحر، والمقصود: أنها تمدحه بالكرم وكثرة ضيوفه.

ص: 109

وقولها: ((قَالَتِ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: زَوْجِي أَبُو زَرْعٍ، فَمَا أَبُو زَرْعٍ؟ )): هذه الحادية عشرة وهي التي يُعرف الحديث باسمها، فيقال: هذا حديث أم زرع، وهي أحسنهن حالًا، تقول:((زَوْجِي أَبُو زَرْعٍ، فَمَا أَبُو زَرْعٍ؟ )): الاستفهام هنا للتفخيم والتعظيم، يقول تعالى:{القارعة ما القارعة} ، {الحاقة ما الحاقة} ، ومثله قولها:((ابْنُ أَبِي زَرْعٍ، فَمَا ابْنُ أَبِي زَرْعٍ؟ )((جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ، فَمَا جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ؟ )((أُمُّ أَبِي زَرْعٍ، فَمَا أُمُّ أَبِي زَرْعٍ؟ )): جميعها استفهامات للتفخيم والتعظيم.

وقولها: ((أَنَاسَ مِنْ حُلِيٍّ أُذُنَيَّ)): النوس: الحركة من كل شيء متدلٍّ، يقال: ناس ينوس نوسًا، وأناسه إناسةً، والمعنى: أنه أعطاها الكثير من الذهب الذي تضعه في أذنيها، فالأقراط تنوس، أي: تتحرك لكثرتها، فهو كريم يعطيها من الحلي ما تشاء؛ لتتزين به.

وقولها: ((وَمَلَأَ مِنْ شَحْمٍ عَضُدَيَّ))، يعني: أنها صارت عنده سمينة بسبب الرفاهية والتنعم، حتى ركبها الشحم، وامتلأ عضداها به، والمراد: أنها سمينة، لكن ذكرت العضدين؛ لأنهما إذا سمنتا سمن غيرهما.

وقولها: ((وَبَجَّحَنِي، فَبَجَحَتْ إِلَيَّ نَفْسِي))، يعني: أنه فرَّحها ففرحت إليها نفسها، فقد قدَّرها وجعل لها منزلة ومكانة، جعلها تتصرف كيفما تشاء؛ لأن لها سلطة مطلقة، فقد أعطاها ما تريد، وقيل: المعنى: عظمني فعظمت عند نفسي، يقال: فلان يتبجح بكذا، أي: يتعظم ويفتخر.

وقولها: ((وَجَدَنِي فِي أَهْلِ غُنَيْمَةٍ بِشِقٍّ، فَجَعَلَنِي فِي أَهْلِ صَهِيلٍ، وَأَطِيطٍ، وَدَائِسٍ ومُنَقٍّ))، أي: أخذها من عند أهلها، وكانوا أصحابَ غُنيمات قليلات، يسكنون بموضع يقال له: شق، وقيل: يسكنون بشق جبل؛ لقلتهم وقلة غنمهم، وشق الجبل: ناحيته، فأخذها وجعلها في أهل صهيل الخيل، وأطيط الإبل، أي: صوتها، والعرب لا تعتد بأصحاب الغنم، وإنما يعتدون بأهل الخيل والإبل، ((وَدَائِسٍ)): هو الذي يدوس الزرع في بيدره، ((ومُنَقٍّ)) -

ص: 110

بضم الميم وفتح النون وتشديد القاف-: اسم فاعل من نقَّى الطعامَ ينقيه، أي: أخرجه من تبنه وقشوره، وهو يحصل بالدوس، يعني: تدوسه البقر، أو الإبل، أو الدواب حتى تُخرج الحبوب فتنقيها، ويحتمل أنها أرادت التنقية التي تحصل بعد الدوس، ومعلوم أنه يقوم بها رجال وعمال، فأشارت إلى أنهم أصحاب خدم وعبيد! فهي تثني عليه بما عنده من أموال واسعة.

وقولها: ((فَعِنْدَهُ أَقُولُ فَلَا أُقَبَّحُ، وَأَرْقُدُ فَأَتَصَبَّحُ، وَأَشْرَبُ فَأَتَقَنَّحُ)): تقول: إن لها السيادة المطلقة عنده، فهي تتكلم ولا أحد يرد كلامها، وترقد في وقت الصباح، يعني: تنام الصفرة؛ لأن عندها خدمًا يكفونها المؤنة، بخلاف التي ليس عندها خدم يخدمونها، فهي تقوم في الصباح لتعمل في البيت، وهي تشرب وتروي، فيبلغ الرِّيُّ منها ما تشاء، فهي تمدح زوجها بأنه أراحها وأعطاها ما تريد، وجعل لها السيادة المطلقة فتتكلم بما تشاء، وتأكل ما تشاء، وتشرب ما تشاء، وتنام كيف تشاء، فهي مكفيَّة المؤنة.

وقولها: ((أُمُّ أَبِي زَرْعٍ، فَمَا أُمُّ أَبِي زَرْعٍ؟ عُكُومُهَا رَدَاحٌ، وَبَيْتُهَا فَسَاحٌ)): العُكُوم بضم العين جمع عِكْم بكسر العين وسكون الكاف: الأحمال والأوعية التي تُجمع فيها الأمتعة، ورداح، أي: عظيمة كبيرة، وبيتها فساح، أي: واسع، والفسيح مثله، يعني: أن عندها من جميع أنواع الأموال والأمتعة والأطعمة.

وقولها: ((ابْنُ أَبِي زَرْعٍ، فَمَا ابْنُ أَبِي زَرْعٍ؟ مَضْجَعُهُ كَمَسَلِّ شَطْبَةٍ)): هذا ثناء منها عليه، يعني: أن مضجعه دقيق كمسلِّ شطبة، والشطبة: ما شطب من جريد النخل، أي: شُقّ، والمعنى: أنه مهفهف خفيف اللحم كالشطبة، وهو مما يمدح به الرجل، ((وَيُشْبِعُهُ ذِرَاعُ الْجَفْرَةِ)): الجفرة: الأنثى من أولاد المعز، وقيل: من الضأن، وهي ما بلغت أربعة أشهر، وفصلت عن أمها، والذكر جفر؛ لأنه جفر جنباه، أي: عَظُمَا، والمراد: أنه قليل الأكل، والعرب تمدح به.

وقولها: ((بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ، فَمَا بِنْتُ أَبِي زَرْعٍ؟ طَوْعُ أَبِيهَا، وَطَوْعُ أُمِّهَا)): هذا مدح

ص: 111

لبنت أبي زرع، يعني: أنها مطيعة لأبيها وأمها، منقادة لأوامرهما.

وقولها: ((وَمِلْءُ كِسَائِهَا))، أي: أنها سمينة بحيث تملأ كساءها، وهو ثوبها، وفي الرواية الأخرى:((وَصِفْرُ رِدَائِهَا))، أي: أنها ضامرة البطن، والرداء ينتهي إلى البطن، وقيل: معناه أنها خفيفة أعلى البدن- وهو موضع الرداء-، ممتلئة أسفله.

وقولها: ((وَغَيْظُ جَارَتِهَا))، يعني: ضرتها، أي: يغيظها ما ترى من حسنها وجمالها وعفتها وأدبها، وقيل: أرادت الجارة مطلقًا؛ لأن الجارات من شأنهنَّ ذلك.

وفي الرواية الأخرى: ((وَعَقْرُ جَارَتِهَا))، يعني: تعقر جارتها، أي: أنها تغيظها، حتى تصير كالمعقور.

قال النووي رحمه الله: ((قولها: ((وَعَقْرُ جَارَتِهَا)) هكذا هو في النسخ عقر بفتح العين وسكون القاف، قال القاضي: كذا ضبطناه عن جميع شيوخنا، قال: وضبطه الجياني عبر بضم العين واسكان الباء الموحدة، وكذا ذكره ابن الأعرابي، وكأن الجياني أصلحه من كتاب الأنباري، وفسره الأنباري بوجهين؛ أحدهما: أنه من الاعتبار، أي: ترى من حسنها وعفتها وعقلها ما تعتبر به، والثاني: من العبرة وهي البكاء، أي: ترى من ذلك ما يبكيها لغيظها وحسدها، ومن رواه بالقاف فمعناه: تغيظها فتصير كمعقور، وقيل: تدهشها من قولهم: عقر ذا دهش))

(1)

.

وقولها: ((جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ، فَمَا جَارِيَةُ أَبِي زَرْعٍ؟ لَا تَبُثُّ حَدِيثَنَا تَبْثِيثًا، وَلَا تُنَقِّثُ مِيرَتَنَا تَنْقِيثًا، وَلَا تَمْلَأُ بَيْتَنَا تَعْشِيشًا)): هذا مدح منها لجارية أبي زرع، فقد وصفتها بأنها: لا تفشي أخبارهم وأسرارهم، ولا تفسد طعامهم المجلوب، ولا تفرقه، بل هي مُصلحة له، والمعنى: أنها أمينة، ((وَلَا تَمْلَأُ بَيْتَنَا تَعْشِيشًا))، يعني: لا تترك الكناسة والقمامة مبعثرة في البيت كعش الطائر، بل البيت

(1)

شرح مسلم، للنووي (15/ 219).

ص: 112

نظيف، وهذا مدح لها- أيضًا.

وقولها: ((قَالَتْ: خَرَجَ أَبُو زَرْعٍ وَالْأَوْطَابُ تُمْخَضُ)): الأوطاب جمع وطْب، بفتح الواو وإسكان الطاء، وهو جمع قليل النظير، والأكثر جمعه على: وطاب، وهي أسقية اللبن التي يمخض فيها، ومخضت اللبن مخضًا إذا استخرجت زبده بوضع الماء فيه وتحريكه، أرادت أن الوقت الذي خرج فيه كان في زمن الخصب، وطيب الربيع.

وقولها: ((فَلَقِيَ امْرَأَةً مَعَهَا وَلَدَانِ لَهَا كَالْفَهْدَيْنِ يَلْعَبَانِ مِنْ تَحْتِ خَصْرِهَا بِرُمَّانَتَيْنِ، فَطَلَّقَنِي وَنَكَحَهَا)): لقي امرأة لها ولدان يلعبان من تحت خصرها برمَّانتين، قيل: فيه إشارة إلى عظم نهديها، وقيل: المعنى أنها إذا استلقت على قفاها، ارتفعت بها الأرض وصار الولدان يلعبان بالرمَّان من تحت ظهرها؛ لعظم عجيزتها، والمعنى: أنه لما رأى هذه المرأة على هذه الصفة أعجبته، فطلَّق أمَّ زرع ونكح هذه المرأة التي لها الولدان.

وقولها: ((فَنَكَحْتُ بَعْدَهُ رَجُلًا سَرِيًّا، رَكِبَ شَرِيًّا، وَأَخَذَ خَطِّيًّا))، يعني: بعد طلاقها من أبي زرع تزوجت رجلًا سريًّا، يعني: شريفًا، سيِّدًا، وشريًّا: هو الفرس الذي يستشري في سيره، أي: يلح ويمضي بلا فتور ولا انكسار، والخطي: هو الرمح، وسمي خطيًّا؛ لأنه يأتي من بلدة الخط، وهي قرية على الساحل عند عمان والبحرين.

وقولها: ((وَأَرَاحَ عَلَيَّ نَعَمًا ثَرِيًّا))، أي: أتى بها إلى مراحها، وهو موضع مبيتها، والنعم: الإبل والبقر والغنم، ويحتمل أن المراد ههنا بعضها، وهي الإبل، والثَّرِيُّ- مثلثة بتشديد الياء: كثير المال وغيره، والمعنى: أنه أعطاها من الإبل والمال ما تشاء.

وقولها: ((وَأَعْطَانِي مِنْ كُلِّ رَائِحَةٍ زَوْجًا)): الرائحة: ما يروح من الإبل والبقر والغنم والعبيد، أي: وأعطاها من كل ذلك زوجًا، أي: اثنين، ويحتمل أنها أرادت صنفًا، والزوج يقع على الصنف.

ص: 113

وفي الرواية الأخرى: ((وَأَعْطَانِي مِنْ كُلِّ ذَابِحَةٍ زَوْجًا))، أي: أعطاني- وهو الزوج الثاني لأم زرع- من كل ذابحة، أي: من كل مذبوح زوجًا، أي: صنفًا، يعني: أعطاها زوجين من الإبل، والبقر، والغنم، ومن كل ما يذبح.

وقولها: ((قَالَ: كُلِي أُمَّ زَرْعٍ، وَمِيرِي أَهْلَكِ))، أي: كُلِي ما تشائين، وصلِي أهلك، وأعطيهم ما تشائين، فهي تصفه بأنه رجل كريم.

وقولها: ((فَلَوْ جَمَعْتُ كُلَّ شَيْءٍ أَعْطَانِي مَا بَلَغَ أَصْغَرَ آنِيَةِ أَبِي زَرْعٍ)): فيه: أنه مع ما أعطاها من النعم والإبل ومن كل رائحة صنفين تذكرت زوجها الأول، فقالت: لو أحصيت كل ما أعطاني زوجي الحالي ما بلغ أصغر آنية من آنية أبي زرع زوجِها السابق.

وقولها: ((قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ)): هذا هو الشاهد من كل هذا الحديث، وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم:((كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ))، وهذا فيه: بيان حسن عشرة النبي صلى الله عليه وسلم، وملاطفته لأهله، ويستدل به على أنه لا بأس بذكر أخبار السابقين، وأخذ العبرة منها، وكذلك احتج به على أن المجهول لا غيبة له، إنما يكون غيبةً إذا كان الشخص معروفًا، أو كان يُعرف من الوصف، وقد يقال: إن هذا قد وقع في الجاهلية.

وفيه: دليل على أن المشبَّه لا يكون مثل المشبه به من جميع الوجوه، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم:((كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ))، والنبي صلى الله عليه وسلم أفضل من أبي زرع لا شك.

واحتج به بعضهم على أن الكناية عن الطلاق لا تقع إلا بنية؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ))، وأبو زرع طلقها، فلا يعتبر قول النبي صلى الله عليه وسلم هذا طلاقًا لعائشة رضي الله عنها؛ لأنه صلى الله عليه وسلم لم ينوِ.

ص: 114