الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ فَضْلِ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَالتَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى
[2675]
حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ بُرْقَانَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ الْأَصَمِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ إِذَا دَعَانِي)).
[خ: 7405]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارِ بْنِ عُثْمَانَ الْعَبْدِيُّ، حَدَّثَنَا يَحْيَى- يَعْنِي: ابْنَ سَعِيدٍ- وَابْنُ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ سُلَيْمَانَ- وَهُوَ التَّيْمِيُّ- عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((قَالَ اللَّهُ عز وجل: إِذَا تَقَرَّبَ عَبْدِي مِنِّي شِبْرًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا، وَإِذَا تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا- أَوْ: بُوعًا- وَإِذَا أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً)).
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الْقَيْسِيُّ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ عَنْ أَبِيهِ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يَذْكُرْ: إِذَا أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً.
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ- وَاللَّفْظُ لِأَبِي كُرَيْبٍ- قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((يَقُولُ اللَّهُ عز وجل: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي، وَأَنَا مَعَهُ حِينَ يَذْكُرُنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُ، وَإِنِ اقْتَرَبَ إِلَيَّ شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنِ اقْتَرَبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا اقْتَرَبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً)).
[2687]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنِ الْمَعْرُورِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((يَقُولُ اللَّهُ عز وجل: مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَأَزِيدُ، وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَجَزَاؤُهُ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا، أَوْ أَغْفِرُ، وَمَنْ تَقَرَّبَ مِنِّي شِبْرًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا، وَمَنْ تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا، وَمَنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً، وَمَنْ لَقِيَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطِيئَةً لَا يُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَقِيتُهُ بِمِثْلِهَا مَغْفِرَةً)).
قَالَ إِبْرَاهِيمُ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ بِشْرٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ بِهَذَا الْحَدِيثِ، حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الْأَعْمَشِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ نَحْوَهُ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا، أَوْ أَزِيدُ.
قوله: ((مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ، فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَأَزِيدُ، وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَجَزَاؤُهُ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا، أَوْ أَغْفِرُ)): هذا من فضل الله وإحسانه أن من أتى بالحسنة فله عشر أمثالها، أو يزيد سبحانه وتعالى إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، ومن جاء بالسيئة فله مثلها، أو يغفرها الله تعالى له.
وقوله: ((وَمَنْ لَقِيَنِي بِقُرَابِ الْأَرْضِ خَطِيئَةً لَا يُشْرِكُ بِي شَيْئًا لَقِيتُهُ بِمِثْلِهَا مَغْفِرَةً))، أي: من أتى بقراب الأرض خطايا، مع السلامة من الشرك، لقيه الله عز وجل بالمغفرة، وهذا مقيَّد بالنصوص التي فيها اجتناب الكبائر، أي: من لقي الله بقراب الأرض خطايا من الصغائر مع اجتناب الكبائر لقيه الله عز وجل ((بِمِثْلِهَا مَغْفِرَةً))؛ وقلنا بهذا القي وهو اجتناب الكبائر؛ لأن الكبائر لا بد لها من توبة، قال تعالى:{إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم} ، وفي الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إِلَى الْجُمْعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ))
(1)
.
هذه الأحاديث: احتج بها بعضهم على أن الملائكة أفضل من صالح البشر؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قال: ((ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُ)).
وهذه المسألة فيها كلام لأهل العلم، هل الملائكة أفضل من الأنبياء وصالح البشر، أو الأنبياء وصالح البشر أفضل؟
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ((وقد ذكر جماعة من المنتسبين إلى
(1)
أخرجه مسلم (233).
السنة: أن الأنبياء وصالح البشر أفضل من الملائكة، وذهبت المعتزلة إلى تفضيل الملائكة على البشر، وأتباع الأشعري على قولين: منهم من يفضل الأنبياء والأولياء، ومنهم من يقف ولا يقطع فيهما بشيء، وحكي عن بعض متأخريهم أنه مال إلى قول المعتزلة، وربما حكي ذلك عن بعض من يدعي السنة ويواليها، وذُكر لي عن بعض من تكلم في أعمال القلوب أنه قال: أما الملائكة المدبِّرون للسماوات والأرض وما بينهما، والموكَّلون ببني آدم؛ فهؤلاء أفضل من هؤلاء الملائكة، وأما الكروبيون
(1)
الذين يرتفعون عن ذلك فلا أحد أفضل منهم، وربما خص بعضهم نبينا صلى الله عليه وسلم، واستثناؤه من عموم البشر إما تفضيلًا على جميع أعيان الملائكة، أو على المدبِّرين منهم أمْرَ العالم.
هذا ما بلغني من كلمات الآخرين في هذه المسألة، وكنت أحسب أن القول فيها محدث، حتى رأيتها أثرية سلفية صحابية، فانبعثت الهمة إلى تحقيق القول فيها، فقلنا- حينئذٍ- بما قاله السلف))
(2)
.
قلت: وحقق القول فيها رحمه الله بأن الأنبياء وصالح البشر أفضل، حينما يدخلون الجنة، وتُغفَر ذنوبهم، وتُرفع درجاتهم، ويُنقَّون من أدران الذنوب، أي: أن الملائكة أفضل في أول الحال، والمؤمنين أفضل في آخر الحال.
فقال رحمه الله: (( .. التفضيل إذا وقع بين شيئين فلا بد من معرفة الفضيلة ما هي؟ ثم ينظر أيهما أولى بها؟ وأيضًا فإنا إنما تكلمنا في تفضيل صالحي البشر إذا كملوا ووصلوا إلى غايتهم وأقصى نهايتهم، وذلك إنما يكون إذا دخلوا الجنة ونالوا الزلفى وسكنوا الدرجات العلى، وحيَّاهم الرحمن
(1)
وهم الملائكة الذين حول العرش؛ كجبريل وميكائيل وإسرافيل. فتح الباري، لابن حجر (13/ 387).
(2)
مجموع الفتاوى، لابن تيمية (4/ 356 - 357).
وخصَّهم بمزيد قربه وتجلَّى لهم؛ يستمتعون بالنظر إلى وجهه الكريم، وقامت الملائكة في خدمتهم بإذن ربهم))
(1)
.
قال ابن أبي العز رحمه الله لما تكلم في المفاضلة بين الملائكة وصالحي البشر: (( .. وحملني على بسط الكلام هنا: أن بعض الجاهلين يسيئون الأدب بقولهم: كان الملك خادمًا للنبي صلى الله عليه وسلم! أو: إن بعض الملائكة خدام بني آدم! ! يعنون: الملائكة الموكلين بالبشر، ونحو ذلك من الألفاظ المخالفة للشرع، المجانبة للأدب. والتفضيل إذا كان على وجه التنقص، أو الحمية والعصبية للجنس لا شك في رده))
(2)
.
وقال رحمه الله: ((
…
وحاصل الكلام: أن هذه المسألة من فضول المسائل؛ ولهذا لم يتعرض لها كثير من أهل الأصول، وتوقَّف أبو حنيفة رضي الله عنه في الجواب عنها
…
والله أعلم بالصواب))
(3)
.
(1)
مجموع الفتاوى، لابن تيمية (4/ 372).
(2)
شرح الطحاوية، لابن أبي العز (ص 302 - 303).
(3)
شرح الطحاوية، لابن أبي العز (ص 311).