الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ غِفَار، وَأَسْلَمَ، وَجُهَيْنَةَ، وَأَشْجَعَ، وَمُزَيْنَةَ، وَتَمِيمٍ، وَدَوْسٍ، وَطَيِّئٍ
.
[2519]
حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ- وَهُوَ ابْنُ هَارُونَ- أَخْبَرَنَا أَبُو مَالِكٍ الْأَشْجَعِيُّ عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((الْأَنْصَارُ، وَمُزَيْنَةُ، وَجُهَيْنَةُ، وَغِفَارُ، وَأَشْجَعُ، وَمَنْ كَانَ مِنْ بَنِي عَبْدِ اللَّهِ مَوَالِيَّ دُونَ النَّاسِ، وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ مَوْلَاهُمْ)).
قوله: ((مَوَالِيَّ دُونَ النَّاسِ))، يعني: أنصاري، والمختصين بي.
وقوله: ((وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ مَوْلَاهُمْ))، أي: المتكفل بهم وبمصالحهم وبنصرهم.
وفي هذا الحديث: أن بني عبد الله هم بنو عبد العزى، سماهم النبي صلى الله عليه وسلم بني عبد الله؛ لأنهم سبقوا إلى الإسلام، والأنصار ومزينة كلهم سبقوا إلى الإسلام والجهاد؛ ولهذا أثنى عليهم النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا من فضائلهم ومناقبهم.
[2520]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((قُرَيْشٌ، وَالْأَنْصَارُ، وَمُزَيْنَةُ، وَجُهَيْنَةُ، وَأَسْلَمُ، وَغِفَارُ، وَأَشْجَعُ مَوَالِيَّ، لَيْسَ لَهُمْ مَوْلًى دُونَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ)).
[خ: 3504]
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ، غَيْرَ أَنَّ فِي الْحَدِيثِ، قَالَ سَعْدٌ فِي بَعْضِ: هَذَا فِيمَا أَعْلَمُ.
[2521]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا سَلَمَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: ((أَسْلَمُ، وَغِفَارُ،
وَمُزَيْنَةُ، وَمَنْ كَانَ مِنْ جُهَيْنَةَ- أَوْ جُهَيْنَةُ- خَيْرٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، وَبَنِي عَامِرٍ، وَالْحَلِيفَيْنِ، أَسَدٍ، وَغَطَفَانَ)).
[خ: 3523]
قوله: ((وَمَنْ كَانَ مِنْ جُهَيْنَةَ- أَوْ جُهَيْنَةُ- خَيْرٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، وَبَنِي عَامِرٍ، وَالْحَلِيفَيْنِ، أَسَدٍ، وَغَطَفَانَ))؛ لأن القبائل الأولى: أسلم، وغفار، وجهينة سبقوا إلى الإسلام، وبنو تميم، والحليفان: أسد وغطفان تأخر إسلامهما؛ فلذلك سبقوهم إلى الخير، فكانوا خيرًا منهما.
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا الْمُغِيرَةُ- يَعْنِي: الْحِزَامِيَّ- عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَحَدَّثَنَا عَمْرٌو النَّاقِدُ، وَحَسَنٌ الْحُلْوَانِيُّ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ عَبْدٌ: أَخْبَرَنِي، وقَالَ الْآخَرَانِ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِحٍ عَنِ الْأَعْرَجِ قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَغِفَارُ، وَأَسْلَمُ، وَمُزَيْنَةُ، وَمَنْ كَانَ مِنْ جُهَيْنَةَ أَوَ قَالَ: جُهَيْنَةُ، وَمَنْ كَانَ مِنْ مُزَيْنَةَ خَيْرٌ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ أَسَدٍ، وَطَيِّئٍ، وَغَطَفَانَ)).
حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَيَعْقُوبُ الدَّوْرَقِيُّ قَالَا: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ- يَعْنِيَانِ ابْنَ عُلَيَّةَ- حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((لَأَسْلَمُ، وَغِفَارُ وَشَيْءٌ مِنْ مُزَيْنَةَ، وَجُهَيْنَةَ- أَوْ شَيْءٌ مِنْ جُهَيْنَةَ، وَمُزَيْنَةَ- خَيْرٌ عِنْدَ اللَّهِ)) قَالَ: أَحْسِبُهُ قَالَ: ((يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ أَسَدٍ، وَغَطَفَانَ، وَهَوَازِنَ، وَتَمِيمٍ)).
قوله: ((لَأَسْلَمُ، وَغِفَارُ وَشَيْءٌ مِنْ مُزَيْنَةَ، وَجُهَيْنَةَ، أَوْ شَيْءٌ مِنْ جُهَيْنَةَ، وَمُزَيْنَةَ خَيْرٌ عِنْدَ اللَّهِ قَالَ: أَحْسِبُهُ قَالَ: يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ أَسَدٍ، وَغَطَفَانَ، وَهَوَازِنَ، وَتَمِيمٍ))؛ لأن أسدًا وغطفان وهوازن وتميم تأخر إسلامهم، فلذلك كانت القبائل الأولى
خيرًا منهم، بسبب أنهم سبقوهم إلى الإسلام والجهاد؛ فالخيرية والأفضلية بالتقدم في الإسلام وبالتقوى، قال تعالى:{إن أكرمكم عند الله اتقاكم} ، فالمراد: أن هذه القبائل خير من تلك القبائل في الجملة، لا أن كل فرد من أفراد القبائل الفاضلة هو خير من كل فرد من أفراد القبائل المفضولة؛ لاحتمال وجود مزايا وخصائص فيهم لا توجد في بعض أفراد القبائل الفاضلة.
[2522]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ. ح، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَابْنُ بَشَّارٍ قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ، سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ الْأَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّمَا بَايَعَكَ سُرَّاقُ الْحَجِيجِ مِنْ أَسْلَمَ، وَغِفَارَ، وَمُزَيْنَةَ- وَأَحْسِبُ جُهَيْنَةَ- مُحَمَّدٌ الَّذِي شَكَّ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ أَسْلَمُ، وَغِفَارُ، وَمُزَيْنَةُ- وَأَحْسِبُ جُهَيْنَةُ- خَيْرًا مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، وَبَنِي عَامِرٍ، وَأَسَدٍ، وَغَطَفَانَ، أَخَابُوا وَخَسِرُوا؟ ))، فَقَالَ: نَعَمْ قَالَ: ((فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّهُمْ لَأَخْيَرُ مِنْهُمْ)).
وَلَيْسَ فِي حَدِيثِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ: مُحَمَّدٌ الَّذِي شَكَّ.
[خ: 3516]
قوله: ((فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، إِنَّهُمْ لَأَخْيَرُ مِنْهُمْ)): أخير، أي: أفضل، ولا يضرهم إن كانوا سراقَ الحجيج بعد ما تابوا وأسلموا؛ لأن الإسلام يجُبُّ ما قبله، والتوبة تهدم ما قبلها، فهم خير ممن تأخر إسلامهم.
وقوله: ((لَأَخْيَرُ)): هذه لغة قليلة، لكنها معروفة، فيقال: أخير، وأشر، بإثبات الهمزة فيهما، واللغة الكثيرة المشهورة: خير وشر، بحذف الهمزة فيهما.
حَدَّثَنِي هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنِي سَيِّدُ بَنِي تَمِيمٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ الضَّبِّيُّ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ مِثْلَهُ، وَقَالَ: وَجُهَيْنَةُ، وَلَمْ يَقُلْ: أَحْسِبُ.
قوله: ((حَدَّثَنِي سَيِّدُ بَنِي تَمِيمٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي يَعْقُوبَ الضَّبِّيُّ)): استُشكل بأن بني تميم ليس فيهم ضبي من ضبة، وأُجيبَ عن هذا بجوابين:
الأول: أنهم بنو ضبة بالحلف.
والثاني: أنهم ضبيون بالمقاربة؛ لأنهم يقاربونهم، والشيء يعطى حكم ما قاربه، فهم يقربون من تميم؛ فلذلك أسماهم الضبي.
حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي بِشْرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:((أَسْلَمُ، وَغِفَارُ، وَمُزَيْنَةُ، وَجُهَيْنَةُ خَيْرٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، وَمِنْ بَنِي عَامِرٍ، وَالْحَلِيفَيْنِ بَنِي أَسَدٍ، وَغَطَفَانَ)).
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَهَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ. ح، وَحَدَّثَنِيهِ عَمْرٌو النَّاقِدُ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي بِشْرٍ، بِهَذَا الْإِسْنَادِ.
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبُو كُرَيْبٍ- وَاللَّفْظُ لِأَبِي بَكْرٍ- قَالَا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ جُهَيْنَةُ، وَأَسْلَمُ، وَغِفَارُ، خَيْرًا مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، وَبَنِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ غَطَفَانَ، وَعَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ))، وَمَدَّ بِهَا صَوْتَهُ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَدْ خَابُوا وَخَسِرُوا قَالَ:((فَإِنَّهُمْ خَيْرٌ)).
وَفِي رِوَايَةِ أَبِي كُرَيْبٍ: ((أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ جُهَيْنَةُ، وَمُزَيْنَةُ، وَأَسْلَمُ، وَغِفَارُ)).
[2523]
حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا أَبُو
عَوَانَةَ عَنْ مُغِيرَةَ عَنْ عَامِرٍ عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ قَالَ: أَتَيْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَقَالَ لِي: إِنَّ أَوَّلَ صَدَقَةٍ بَيَّضَتْ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَوُجُوهَ أَصْحَابِهِ صَدَقَةُ طَيِّئٍ جِئْتَ بِهَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
قوله: ((بَيَّضَتْ وَجْهَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَوُجُوهَ أَصْحَابِهِ))، يعني: أن أول صدقة جاء بها عدي بن حاتم رضي الله عنه هي أول صدقة أفرحت رسوله الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وسرَّتهم، وهذه منقبة ظاهرة لعدي بن حاتم رضي الله عنه، وهو من كرماء العرب المعروفين، كما كان أبوه حاتم الطائي، فقد كان يضرب به المثل في الكرم، فيقال: أَكْرَمُ من حاتم.
[2524]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا الْمُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَدِمَ الطُّفَيْلُ وَأَصْحَابُهُ، فقالوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ دَوْسًا قَدْ كَفَرَتْ وَأَبَتْ فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهَا، فَقِيلَ: هَلَكَتْ دَوْسٌ، فَقَالَ:((اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا، وَائْتِ بِهِمْ)).
[خ: 2937]
في هذا الحديث: أن هذه كانت عادة الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد كان يدعو للناس ولا يدعو عليهم، إلا من غدر وآذى المسلمين، كرِعل وعصية وذكوان؛ فإنهم غدروا بالمسلمين وقتلوا القراء، فدعا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم شهرًا؛ لشدة غضبه عليهم؛ ولذلك لما جاءه الطفيل رضي الله عنه وأصحابه، وقالوا:((يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ دَوْسًا قَدْ كَفَرَتْ وَأَبَتْ فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهَا، فَقِيلَ: هَلَكَتْ دَوْسٌ))، فإنه إذا دعا عليهم النبي صلى الله عليه وسلم هلكوا، وقد توقعوا أنه سيدعو عليهم وأنهم سيهلكون، لكن النبي صلى الله عليه وسلم خالف ظنهم، فدعا لهم بقوله:((اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَائْتِ بِهِمْ))، وقد استجاب الكريم الجليل دعاء نبيه صلى الله عليه وسلم فهداهم، وجاء بهم مسلمين تائبين، وهذه فضيلة ومنقبة لدوس، حيث هداهم الله للإسلام ومنَّ عليهم.
[2525]
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مُغِيرَةَ عَنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: لَا أَزَالُ أُحِبُّ بَنِي تَمِيمٍ مِنْ ثَلَاثٍ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:((هُمْ أَشَدُّ أُمَّتِي عَلَى الدَّجَّالِ)) قَالَ: وَجَاءَتْ صَدَقَاتُهُمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:((هَذِهِ صَدَقَاتُ قَوْمِنَا)) قَالَ: وَكَانَتْ سَبِيَّةٌ مِنْهُمْ عِنْدَ عَائِشَةَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((أَعْتِقِيهَا؛ فَإِنَّهَا مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ)).
[خ: 2543]
وَحَدَّثَنِيهِ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ عُمَارَةَ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَا أَزَالُ أُحِبُّ بَنِي تَمِيمٍ بَعْدَ ثَلَاثٍ، سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُهَا فِيهِمْ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ.
في هذا الحديث: منقبة لبني تميم، فقد قال أبو هريرة رضي الله عنه:((سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ((هُمْ أَشَدُّ أُمَّتِي عَلَى الدَّجَّالِ))، ومعلوم أن الدجال يخرج في آخر الزمان، ويقاتله المسلمون، ويقتله عيسى عليه السلام بعد نزوله، وهو إمام المسلمين في ذلك الوقت، فبنو تميم هم أشد الناس على الدجال، وهذه منقبة عظيمة لهم.
والمنقبة الثانية: أن النبي صلى الله عليه وسلم أضافهم إلى نفسه لما جاءت صدقاتهم، فقال:((هَذِهِ صَدَقَاتُ قَوْمِنَا))، وهذه إضافة اختصاص ومزية.
والمنقبة الثالثة: أنهم من ولد إسماعيل عليه السلام؛ ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها في شأن السَّبِيَّة: ((أَعْتِقِيهَا؛ فَإِنَّهَا مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ)).
وفيه: دليلٌ على جواز سبي الكفار العرب، كما هو قول الجمهور، لا كما ذهب بعضهم إلى أنه لا يجوز سبي العرب، وإنما السبي يكون في العجم؛ لأن في هذا الحديث ردًّا عليهم.
ومما يدل- أيضًا- على جواز سبي الكفار العرب أن النبي صلى الله عليه وسلم أغار على
بني المصطلق وهم غافلون وأنعامهم تُسقى على الماء، فقتل مقاتلتهم وسبى نساءهم وذراريهم، واصطفى منهم جويرية بنت الحارث أم المؤمنين
(1)
، ويدل على ذلك- أيضًا- أن النبي صلى الله عليه وسلم سبى هوازن لما قاتلهم بضع عشرة ليلة
(2)
.
ويدل على ذلك- أيضًا-: أن الصحابة قاتلوا المرتدين، قاتلوا بني حنيفة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وسبوا منهم، ومنهم من بني حنيفة سبية تسراها علي رضي الله عنه، فولدت له محمدًا، فكان يسمى محمد ابن الحنفية نسبةً إلى أمه، وإلا فهو محمد بن علي بن أبي طالب، وهذه النصوص تدل على جواز سبي العرب، وأما من قال: إن العرب لا يُسْبَون فقوله مرجوح ضعيف.
وَحَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ عُمَرَ الْبَكْرَاوِيُّ، حَدَّثَنَا مَسْلَمَةُ بْنُ عَلْقَمَةَ الْمَازِنِيُّ، إِمَامُ مَسْجِدِ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: ثَلَاثُ خِصَالٍ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي بَنِي تَمِيمٍ، لَا أَزَالُ أُحِبُّهُمْ بَعْدُ، وَسَاقَ الْحَدِيثَ بِهَذَا الْمَعْنَى غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ:((هُمْ أَشَدُّ النَّاسِ قِتَالًا فِي الْمَلَاحِمِ))، وَلَمْ يَذْكُرِ الدَّجَّالَ.
قوله: ((هُمْ أَشَدُّ النَّاسِ قِتَالًا فِي الْمَلَاحِمِ))، يعني: الالتحام والقتال، وهم أشد الأمة على الدجال- كما في الحديث السابق-؛ لأن قتال الدجال داخل في الملاحم.
(1)
أخرجه أحمد (26365)، وأبو داود (3931).
(2)
أخرجه البخاري (2307).