الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابٌ مِنْ فَضَائِلِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ
.
[2475]
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ بَيَانٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ. ح، وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ بَيانٍ قَالَ: سَمِعْتُ قَيْسَ بْنَ أَبِي حَازِمٍ يَقُولُ: قَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: ما أَحْجَبَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُنْذُ أَسْلَمْتُ، وَلَا رَآنِي إِلَّا ضَحِكَ.
في هذا الحديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يحجب جريرًا رضي الله عنه؛ لأنه كان سيدًا مطاعًا في قومه، والنبي صلى الله عليه وسلم يُنزل الناس منازلهم، فإذا استأذن عليه رضي الله عنه أذن له؛ ولذلك قال:((ما أَحْجَبَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُنْذُ أَسْلَمْتُ، وَلَا رَآنِي إِلَّا ضَحِكَ))، فرؤساء القوم وسادتهم يعامَلون معاملة تليق بهم؛ إذ في معاملتهم معاملةً حسنة مصلحةٌ شرعية راجحة في دعوتهم قومَهم؛ فإن رئيس القوم إذا أسلم أسلم قومه تبعًا له.
وفيه: منقبة ظاهرة لجرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه.
وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ وَأَبُو أُسَامَةَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ. ح، وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ قَيْسٍ عَنْ جَرِيرٍ قَالَ: مَا حَجَبَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُنْذُ أَسْلَمْتُ، وَلَا رَآنِي إِلَّا تَبَسَّمَ فِي وَجْهِي.
زَادَ ابْنُ نُمَيْرٍ فِي حَدِيثِهِ عَنِ ابْنِ إِدْرِيسَ، وَلَقَدْ شَكَوْتُ إِلَيْهِ أَنِّي لَا أَثْبُتُ عَلَى الْخَيْلِ، فَضَرَبَ بِيَدِهِ فِي صَدْرِي، وَقَالَ:((اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ، وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا)).
[خ: 3036]
في هذا الحديث: أن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه كان لا يثبت على الخيل، فضرب النبي صلى الله عليه وسلم في صدره، ودعا له بقوله:((اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ، وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا)).
وفيه: استجابة دعاء نبي الله صلى الله عليه وسلم في الحال، وهذا من علامات ودلائل نبوته عليه الصلاة والسلام.
[2476]
حَدَّثَنِي عَبْدُ الحَمِيدِ بْنُ بَيَانٍ، أَخْبَرَنَا خَالِدٌ عَنْ بَيَانٍ عَنْ قَيْسٍ عَنْ جَرِيرٍ قَالَ: كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ بَيْتٌ، يُقَالُ لَهُ ذُو الْخَلَصَةِ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: الْكَعْبَةُ الْيَمَانِيَةُ، وَالْكَعْبَةُ الشَّامِيَّةُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((هَلْ أَنْتَ مُرِيحِي مِنْ ذِي الْخَلَصَةِ، وَالْكَعْبَةِ الْيَمَانِيَةِ، وَالشَّامِيَّةِ؟ ))، فَنَفَرْتُ إِلَيْهِ فِي مِائَةٍ وَخَمْسِينَ مِنْ أَحْمَسَ، فَكَسَرْنَاهُ، وَقَتَلْنَا مَنْ وَجَدْنَا عِنْدَهُ فَأَتَيْتُهُ، فَأَخْبَرْتُهُ قَالَ: فَدَعَا لَنَا وَلِأَحْمَسَ.
قوله: ((وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: الْكَعْبَةُ الْيَمَانِيَةُ، وَالْكَعْبَةُ الشَّامِيَّةُ))، في بعض النسخ:((الْكَعْبَةُ الْيَمَانِيَةُ، الْكَعْبَةُ الشَّامِيَّةُ)) بغير واو، وهذا اللفظ فيه إيهام، والمراد: أن ذا الخلصة كانوا يسمونها: الكعبة اليمانية، وكانت الكعبة الكريمة التي بمكة تسمى: الكعبة الشامية، ففرقوا بينهما للتمييز، هذا هو المراد، فيتأول اللفظ عليه.
وأما قوله: ((هَلْ أَنْتَ مُرِيحِي مِنْ ذِي الْخَلَصَةِ، وَالْكَعْبَةِ الْيَمَانِيَةِ، وَالشَّامِيَّةِ؟ )): فقد قال القاضي عياض رحمه الله: ((ذكر الشامية وهمٌ وغلط من بعض الرواة، والصواب: حذفه، وقد ذكره البخاري بهذا الإسناد، وليس فيه هذه الزيادة والوهم))
(1)
، وقال النووي رحمه الله: ((هذا كلام القاضي، وليس بجيد، بل
(1)
إكمال المعلم، للقاضي عياض (7/ 513).
يمكن تأويل هذا اللفظ، ويكون التقدير: هل أنت مريحي من قولهم: الكعبة اليمانية والشامية، ووجود هذا الموضع الذي يلزم منه هذه التسمية))
(1)
.
وكلام القاضي رحمه الله قد يكون هو الأقرب، وأما تأويل النووي رحمه الله فبعيد، والنووي رحمه الله عالم فاضل ذكي، لكن له في بعض الأحيان تأويلات غريبة.
وفي هذا الحديث: منقبة-أيضًا- لجرير رضي الله عنه، والكعبة اليمانية كانت بيتًا لصنم في الجاهلية، يقال له: ذو الخلصة، من خثعم، وهو قريب من مدينة بيشة الآن التي تتبع منطقة عسير في المملكة العربية السعودية، فهُدم وأُزيل، ثم بعد ذلك أعيد مرة أخرى، وهُدِم في زمن الأمير محمد بن سعود، والشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، ويحتمل أنه يعود- أيضًا- مرة ثالثة؛ لِما ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((لا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَضْطَرِبَ أَلَيَاتُ نِسَاءِ دَوْسٍ حَوْلَ ذِي الْخَلَصَةِ))
(2)
.
وقوله: ((فِي مِائَةٍ وَخَمْسِينَ)): فيه: جواز تقديم العدد الأكبر، وعطف الأصغر عليه، ويجوز العكس، كما سيأتي: خمسين ومائة.
(1)
شرح مسلم، للنووي (16/ 35 - 36).
(2)
أخرجه البخاري (7116)، ومسلم (2906).
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيِّ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((يَا جَرِيرُ: أَلَا تُرِيحُنِي مِنْ ذِي الْخَلَصَةِ؟ )) بَيْتٍ لِخَثْعَمَ كَانَ يُدْعَى كَعْبَةَ الْيَمَانِيَةِ، قَالَ: فَنَفَرْتُ فِي خَمْسِينَ وَمِائَةِ فَارِسٍ، وَكُنْتُ لَا أَثْبُتُ عَلَى الْخَيْلِ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَضَرَبَ يَدَهُ فِي صَدْرِي، فَقَالَ:((اللَّهُمَّ ثَبِّتْهُ، وَاجْعَلْهُ هَادِيًا مَهْدِيًّا)) قَالَ: فَانْطَلَقَ فَحَرَّقَهَا بِالنَّارِ، ثُمَّ بَعَثَ جَرِيرٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَجُلًا يُبَشِّرُهُ، يُكْنَى: أَبَا أَرْطَاةَ، مِنَّا، فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ لَهُ: مَا جِئْتُكَ حَتَّى تَرَكْنَاهَا كَأَنَّهَا جَمَلٌ أَجْرَبُ، فَبَرَّكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى خَيْلِ أَحْمَسَ وَرِجَالِهَا، خَمْسَ مَرَّاتٍ.
[خ: 3020]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ. ح، وَحَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي. ح، وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ. ح، وَحَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ- يَعْنِي: الْفَزَارِيَّ-.ح، وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، كُلُّهُمْ عَنْ إِسْمَاعِيلَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَقَالَ فِي حَدِيثِ مَرْوَانَ: فَجَاءَ بَشِيرُ جَرِيرٍ أَبُو أَرْطَاةَ حُصَيْنُ بْنُ رَبِيعَةَ يُبَشِّرُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم.
في هذا الحديث: مشروعية البشارة بالخبر السار، سواء أكان خاصًّا، كأن يُبشر الإنسانُ بمولود جديد، أم كان عامًّا، كأن يأتي البشير يبشر بنصر المسلمين، أو بفتح حصن، أو بفتح بلد، كما في هذا الحديث، فقد جاء البشير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مبشِّرا له بتحريق ذي الخلصة، وقال:((مَا جِئْتُكَ حَتَّى تَرَكْنَاهَا كَأَنَّهَا جَمَلٌ أَجْرَبُ))، يعني: حرقها، فصارت سوداء، ((فَبَرَّكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى خَيْلِ أَحْمَسَ وَرِجَالِهَا))، يعني: دعا لهم بالبركة، اللهم بارك في رجال أحمس وخيلها، وكرر ذلك خمس مرات، وهذا فيه دليل على أن الدعاء قد يكون خمس مرات، وأما ما جاء في الحديث: ((وَكَانَ إِذَا دَعَا دَعَا
ثَلَاثًا، وَإِذَا سَأَلَ سَأَلَ ثَلَاثًا))
(1)
، فهذا على الأغلب، وقد يزيد على أكثر من ذلك كما في هذا الحديث، وقد يزاد على هذا سبع مرات، ومما جاء في ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ضَعْ يَدَكَ عَلَى الَّذِي تَأَلَّمَ مِنْ جَسَدِكَ، وَقُلْ: بِاسْمِ اللهِ ثَلَاثًا، وَقُلْ سَبْعَ مَرَّاتٍ: أَعُوذُ بِاللهِ وَقُدْرَتِهِ مِنْ شَرِّ مَا أَجِدُ وَأُحَاذِرُ))
(2)
.
(1)
أخرجه مسلم (1794).
(2)
أخرجه مسلم (2202).