الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ نَصْرِ الْأَخِ ظَالِمًا، أَوْ مَظْلُومًا
[2584]
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: اقْتَتَلَ غُلَامَانِ غُلَامٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ، وَغُلَامٌ مِنْ الْأَنْصَارِ، فَنَادَى الْمُهَاجِرُ أَوْ الْمُهَاجِرُونَ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ، وَنَادَى الْأَنْصَارِيُّ: يَا لَلْأَنْصَارِ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:((مَا هَذَا دَعْوَى أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ؟ ))، قَالُوا: لَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِلَّا أَنَّ غُلَامَيْنِ اقْتَتَلَا فَكَسَعَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ قَالَ:((فَلَا بَأْسَ وَلْيَنْصُرِ الرَّجُلُ أَخَاهُ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا، إِنْ كَانَ ظَالِمًا فَلْيَنْهَهُ فَإِنَّهُ لَهُ نَصْرٌ، وَإِنْ كَانَ مَظْلُومًا فَلْيَنْصُرْهُ)).
[خ: 4905]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَأَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ الضَّبِّيُّ، وَابْنُ أَبِي عُمَرَ- وَاللَّفْظُ لِابْنِ أَبِي شَيْبَةَ- قَالَ ابْنُ عَبْدَةَ: أَخْبَرَنَا، وقَالَ الْآخَرُونَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ: سَمِعَ عَمْرٌو جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي غَزَاةٍ، فَكَسَعَ رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: يَا لَلْأَنْصَارِ، وَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:((مَا بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ؟ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَسَعَ رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ: دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ، فَسَمِعَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ، فَقَالَ: قَدْ فَعَلُوهَا؟ ! وَاللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ، قَالَ عُمَرُ: دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنَافِقِ، فَقَالَ: دَعْهُ، لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ)).
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، وَإِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، قَالَ ابْنُ رَافِعٍ: حَدَّثَنَا، وقَالَ الْآخَرَانِ: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كَسَعَ رَجُلٌ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ الْقَوَدَ، فَقَالَ النَّبِيُّ
صلى الله عليه وسلم: ((دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ)).
قَالَ ابْنُ مَنْصُورٍ فِي رِوَايَتِهِ: عَمْرٌو قَالَ: سَمِعْتُ جَابِرًا.
قوله: ((فَكَسَعَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ)): هو بسين مخففة مهملة، أي: ضرب دبره وعجيزته بيد أو رجل، أو سيف وغيره
(1)
.
وفي هذا الحديث: أنه اقتتل غلامان، غلام من المهاجرين، وغلام من الأنصار، فضرب أحدهما الآخر على دبره بيده أو بصدر قدمه، فشق ذلك عليه، ولم يتحمله، وعدَّ هذا عيبًا، وكانت العرب تعده عيبًا، فنادى: يا للمهاجرين، ونادى الآخر: يا للأنصار، فسمع النبي صلى الله عليه وسلم مقالتهما، فقال:((مَا بَالُ دَعْوَى الجَاهِلِيَّةِ))، وفي اللفظ الآخر:((دَعُوهَا فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ))، فأنكر النبي صلى الله عليه وسلم عليهم التنادي بالمهاجرين والأنصار، وإن كانا لقبَين إسلاميَين، لكن لما كان فيهما دعوى إلى التحزب والعصبية، والتفريق بين المهاجرين والأنصار سماها النبي صلى الله عليه وسلم دعوى الجاهلية.
وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد أنكر التعاضد بالمهاجرين والأنصار- وهما لقبان إسلاميان- فالتعاضد بغيرهما منكر من باب أولى، وكذلك لو قال: يا آل قحطان، يا آل العرب، فهو وإن كان أشملَ إلا أنه دعوى جاهلية- أيضا؛ لِما فيه من التحزب والتفريق، فإن كان مستغيثا ولا بد فليقل: أيها المسلمون، يا مسلمون، حتى ينصرَه كلُّ أحد من العرب والعجم.
وفيه: أن عبد الله بن أُبيّ رئيس المنافقين قال: ((قَدْ فَعَلُوهَا؟ ! وَاللَّهِ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ)): فاستأذن عمر رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم بقتله، وقال:((دَعْنِي أَضْرِبْ عُنُقَ هَذَا الْمُنْافقِ))، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:((دَعْهُ لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ)).
(1)
الصحاح، للجوهري (3/ 1276)، النهاية، لابن الأثير (4/ 173)، شرح مسلم، للنووي (8/ 391).
وفيه: نص على العلة في عدم قتل النبي صلى الله عليه وسلم المنافقين، وهي لِما يترتب على ذلك من مفسدة تنفير الناس عن الإسلام؛ لأن عبد الله بن أُبيّ وغيره أظهروا الإسلام وأبطنوا الكفر، فاليهود وكفار قريش وغيرهم يعتبرونهم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا قتل النبي صلى الله عليه وسلم المنافقين تحدث اليهود وتحدث الناس أن محمدًا صلى الله عليه وسلم يقتل أصحابه، فكان ذلك تنفيرًا عن الإسلام، وكان صدًّا عن الدخول فيه.
وقوله: ((فَسَأَلَهُ الْقَوَدَ)): فيه: أنه لم يُقِدْه النبيُّ صلى الله عليه وسلم؛ لأنه كسعه على وجه مزاحًا.
وفيه: أنه لا ينبغي للمسلم المزاح بشيء يغضب منه أخوه المسلم، ويسبب الإحن والشحناء وإيغار الصدور، بل يكون المزاح بشيء لا يسبب شيئًا من ذلك.
وفيه: النهي عن التنادي بالعصبية والقومية، وعزاء الجاهلية.