الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ مُؤَاخَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ أَصْحَابِهِ رضي الله عنهم
.
[2528]
حَدَّثَنِي حَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ- يَعْنِي: ابْنَ سَلَمَةَ- عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم آخَى بَيْنَ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ، وَبَيْنَ أَبِي طَلْحَةَ.
[2529]
حَدَّثَنِي أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ قَالَ: قِيلَ لِأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: بَلَغَكَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: ((لَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ))، فَقَالَ أَنَسٌ: قَدْ حَالَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ قُرَيْشٍ وَالْأَنْصَارِ فِي دَارِهِ.
[خ: 2294]
في هذا الحديث: أنه في أول الهجرة آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار رضي الله عنهم، فآخى بين أبي عبيدة وبين أبي طلحة رضي الله عنهما، وآخى بين عبد الرحمن بن عوف وبين سعد بن الربيع الأنصاري رضي الله عنهما، وكانوا في أول الهجرة يتوارثون بالمؤاخاة، ثم بعد ذلك نسخ الله هذا النوع من التوارث، وأنزل تعالى قوله:{وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} ، فصار التوارث محصورًا في القرابة والنسب.
وقوله: ((لَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ))، يعني: لا حاجة إلى التحالف بعد ما جاء الإسلام؛ لأن الإسلام فيه الحث على التعاون والتناصر والبر والتقوى، وفي الحديث:((انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا))، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا، أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا كَيْفَ أَنْصُرُهُ؟ قَالَ:((تَحْجُزُهُ، أَوْ تَمْنَعُهُ مِنَ الظُّلْمِ فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ))
(1)
، فنصر الظالم منعه من الظلم، لا كما كان يفعل أهل الجاهلية الذين لم يكونوا يبالون إلا بنصرة أخيهم إذا ندبهم لِما أَلَمَّ به
(1)
أخرجه البخاري (6952).
ولو كان ظالِمًا، وفي ذلك يقول قائلهم:
لَا يَسْأَلُونَ أَخَاهُمْ حِينَ يَنْدُبُهُم
…
فِي النَّائِبَاتُ عَلَى مَا قَالَ بُرْهَانَا
(1)
وقيل: معنى: لا تحالف في الإسلام، أي: لا توارث بالحلف، وأما التعاون والتحالف على البر والتقوى ونصر المظلوم فهذا باق ولم ينسخ، بل زاده الإسلام قوة وتأكيدًا.
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: حَالَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ قُرَيْشٍ، وَالْأَنْصَارِ فِي دَارِهِ الَّتِي بِالْمَدِينَةِ.
[2530]
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، وَأَبُو أُسَامَةَ عَنْ زَكَرِيَّاءَ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((لَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ، وَأَيُّمَا حِلْفٍ كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ لَمْ يَزِدْهُ الْإِسْلَامُ إِلَّا شِدَّةً)).
في هذا الحديث: أن أي حلف مبني على التعاون والتناصر والبر والتقوى وعلى نصرة المظلوم فالإسلام لا يزيده إلا قوة وشدة، فالإسلام يدعو إلى هذه الخصال ويأمر بها، قال تعالى:{وتعاونوا على البر والتقوى} .
(1)
شرح ديوان الحماسة، للتبريزي (1/ 5).