الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مسح الرجلين:
وفرضهما في الوضوء ورد في قوله تعالى: {وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} 1، قال الشيخ إطفيش في تفسيرها:" {وَأَرْجُلَكُمْ} عطف على وجوه أو ايدي، فهو مغسولة كما جاءت به السنة وعمل الصحابة، وهو قول الجمهور، وكما جاء الحد بقوله عز وجل: {إِلَى الْكَعْبَيْنِ} ولم يجيء في المسح الحد، وساغ الفصل بين المتعاطفين بجملة غير معترضة -وهي {فَاغْسِلُوا} - للإيماء إلى تقليل صب الماء حتى كأنها تمسح كالرأس؛ لأنها مظنة الإسراف في الماء إلى الآن، وإلى الترتيب وجوبًا أو ندبًا، ولو كانت الواو لا تفيده لكن يستفاد بذكرها بعد، والترتيب يفاد بالذكر إذا لم يكن مانع كما يفاد بحرفه كالفاء، قال صلى الله عليه وسلم في السعي: "أبدأ بما بدأ الله به"، ولولا قصد الترتيب لم يفصل بالرأس، وليس واجبًا عندنا وعند أبي حنيفة
…
ثم إنها كانت إن تمسح فقد نسخ مسحها بالحديث. قال عطاء: والله ما علمت أحدًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح على القدمين، وعن عائشة رضي الله عنها: لأن تقطعا أحب إليَّ من أن تمسحا"2.
ولعل هناك صلة بين شدة إنكارهم لمسح الرجلين في الوضوء، وإنكارهم لمسح الخفين، إلا أن الشيخ إطفيش لم يتناول الأخير في تفسيره.
1 سورة المائدة: من الآية 6.
2 تيسير التفسير: محمد بن يوسف إطفيش "الطبعة الأولى" ج2 ص30، 31.
نكاح الكتابيات:
أما نكاح الكتابية، فإنهم فرقوا بين الحربية والذمية؛ فحرموا الأولى منهن. قال الشيخ في تفسير قوله تعالى:{وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} 1: "ولو كتابيات ذميات، جروا على تحريم الكتابيات الذميات كغيرهن، ثم نسخ تحريمهن بقوله تعالى:{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} 2، وبقيت
1 سورة البقرة: من الآية 221.
2 سورة المائدة: من الآية 5.
الكتابيات المحربات وسائر المشركات على التحريم، ولو اقترنت الآيتان لقلت: إن ذلك تخصيص للعموم، كما اشتهر في المذهب وعند الشافعية من أن ذلك من تخصيص العام، ومن جواز تأخير دليل الخصوص في العموم، ولو كانت مقارنة بين العام والخاص، ولك أن تقول: لا نسخ ولا تخصيص؛ بل المشركات في الآية غير الكتابيات؛ لأنه كثر في القرآن مقابلة المشركات بالكتابيات؛ كقوله تعالى: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ} 1، ولو كان أهل الكتاب أيضًا مشركين؛ لقوله سبحانه:{عَمَّا يُشْرِكُون} 2، وأجاز بعض قومنا نكاح الحربيات الكتابيات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب وليس بشيء، ونص ابن عباس على المنع وهو الصحيح"3.
وقد أكد هذا المنع في تفسيره لآية المائدة فقال: "ولا تحل الحربية ولو حرة عندنا، وهو قول ابن عباس؛ لبعد شأنها، ولأن التزوج بر، وقد قال الله جل وعلا:{إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّه} 4
…
إلخ، وقال الله عز وجل:{لا تَجِدُ قَوْمًا} 5
…
إلخ، وقال:{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} 6، وكيف يكون الود والرحمة للكافرة؟! ويستثنى من ذلك الحب الممنوع مقدار مخصوص للكتابية التي ليست محاربة، فيجوز في حقها لها على متزوجها، وذهب البعض إلى أن هذه الآيات تفيد الكراهة فقط، وعن الشافعي كراهة تزوج الحرة الكتابية المحاربة، وأباحها الشافعية"7.
1 سورة البينة: من الآية الأولى.
2 سورة التوبة: من الآية 31.
3 تيسير التفسير: محمد بن يوسف إطفيش ج1 ص335.
4 سورة الممتحنة: من الآية 9.
5 سورة المجادلة: من الآية 22.
6 سورة الروم: من الآية 21.
7 تيسير التفسير: محمد يوسف إطفيش ج2 ص25.