الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خامسًا: الإعجاز العددي للقرآن الكريم
أولًا: المؤلف
هو عبد الرزاق نوفل، وُلد سنة 1337 تقريبًا، وتُوفي في شهر شعبان سنة 1404هـ إثر نوبة قلبية مفاجئة في أعقاب مرضه بالملاريا.
وله عدد كبير من المؤلفات بغلت 68 كتابًا؛ ومنها:
1-
الله والعلم الحديث1.
2-
الإسلام والعلم الحديث.
3-
القرآن والعلم الحديث.
4-
المسلمون والعلم الحديث.
5-
الإسلام دين ودنيا.
6-
محمد رسولًا نبيًّا.
7-
كيف ولماذا.
8-
بين الدين والعلم.
9-
القرآن والمجتمع الحديث.
10-
بين يدي الله.
11-
الرحمن الرحيم.
12-
دين وفكر.
13-
من الآيات العلمية.
14-
الحياة الأخرى.
15-
السماء وأهل السماء.
16-
أسئلة حرجة.
17-
يوم القيامة.
18-
أسرار وعجب.
19-
عالم الجن والملائكة.
20-
الدعوة إلى الإسلام.
وله غير هذه المؤلفات كثير، وبنظرة سريعة على عناوين هذه الكتب ندرك الاتجاه العلمي الراسخ عند صاحبها رحمه الله تعالى.
1 وهو أول كتاب صدر للأستاذ عبد الرزاق نوفل، عام 1957.
ومن الطريف أن الأستاذ عبد الرزاق نوفل -رحمه الله تعالى- يحذِّر من تفسير القرآن الكريم بأكمله تفسيرًا علميًّا، ويعد هذا من أخطر ما يمكن على التفسير، وعلل ذلك بأنه لا يمكن للفرد -مهما كانت طاقته ودرجة علمه- القيام بتفسير آيات القرآن كلها، فكيف يلم الإنسان منفردًا بكل ما تضمنه القرآن من علوم وإعجاز إلمامًا يجعله على درجة من العلم تمكِّنه من القيام بهذا العمل الضخم الجليل الخطير؟ 1، ولعله -رحمه الله تعالى- يرمز إلى الشيخ طنطاوي جوهري رحمه الله تعالى.
مع أن كتبه -ما ذكرنا منها وما لم نذكر- تطفح بالتفسير العلمي المحمود منه والمذموم، ومؤلفاته مليئة بالتفسير بالنظريات العلمية التي لم يستقر قرارها بعد، وسنعرض هنا لواحد من مؤلفاته.
ثانيًا: الكتاب
هو الإعجاز العددي للقرآن الكريم، ويقع هذا الكتاب في ثلاثة أجزاء، ولم يكن المؤلف عند إصداره الجزء الأول يقدر إصدار جزء ثانٍ؛ وإنما خطر له ذلك بعد صدور أوله. وتبلغ صفحات الكتاب بأجزائه الثلاثة 524 صفحة من الحجم الوسط.
ودراسة الأعداد في القرآن الكريم ظاهرة برزت في العصر الحديث سريعًا؛ فكتب عن العدد 19، ثم أدخل ما يسمى بـ"الكمبيوتر"؛ أي: الحاسب الآلي، وظهرت أعداد أخرى وأخرى.
ولن نعرض لهذه الدراسات المتشعبة؛ حتى لا يتشتت الذهن هنا، ونكتفي بذكر عنوان لمقالة نشرها الدكتور محمد أحمد أبو فراخ عنوانها:"بدعة الإعجاز الحسابي".
أما موضع بحثنا هنا -أعني: كتاب الأستاذ عبد الرزاق نوفل- فليس المقام هنا مقام دراسة موسعة؛ بل هو إشارة سريعة ليس إلا، وإذا كان الأمر كذلك
1 بين الدين والعلم: عبد الرزاق نوفل ص65.
فلن أشير إلى مواضع الحسن فيه؛ وإنما إلى جانب الآحر؛ إذ الأول هو الأصل في الدراسات القرآنية، وأما الثاني فهو الجسم الغريب الذي يجب التنبيه والتحذير منه.
خاصة إذا علمنا أن أرباب الإعجاز الحسابي يعترفون اعترافًا صريحًا إلى إن هذا الجهاز "الكمبيوتر" قد يعطي أعدادًا غير صحيحة، أو ترتكب في الجدول أخطاء مطبعية، وقد تأكد هذا لديهم في بعض السور وأعداد بعض الحروف1.
وهناك سبب آخر أهم وأخطر؛ وهو أن الدارس في هذا الفن يدفعه حرصه على إثبات هذا الإعجاز العددي إلى التمحل والتكلف في سبيل الوصول إلى أعداد متطابقة؛ فيعد مرة ما لا يُعد، ويحذف أخرى من غير سبب، ويتضح هذا بمثالين أذكرهما من موضع بحثنا كتاب الإعجاز العددي في القرآن.
خذ مثلًا ما ذكره أنه تكرر ذكر إبليس في القرآن الكريم 11 مرة فقط، وبنفس العدد -أي: 11 مرة- تكرر الأمر بالاستعاذة منه2.
وإذا نظرنا إلى لفظ الاستعاذة وجدنا المؤلف لا يورد منه إلا ما هو بلفظ "أعوذ" ولفظ "فاستعذ"، أما الألفاظ "عذت"، "ويعوذون"، "أعيذها"، "معاذ الله"، فإنه لا يعد شيئًا منها مع أن بعضها نص بالاستعاذة من الشيطان:{وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} 3، فإن قلت: إنه نص على ما هو أمر بالاستعاذة من إبليس، قلت: إنه عد من الآيات ما ليست أمرًا بالاستعاذة منه: {قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ} 4، {قَالَ رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ} 5، {قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا} 6، فأين الأمر بالاستعاذة
1 معجزة القرآن العددية: صدقي البيك ص23.
2 الإعجاز العددي للقرآن الكريم: عبد الرزاق نوفل ج2 ص15.
3 سورة آل عمران: من الآية 36.
4 سورة البقرة: من الاية 67.
5 سورة هود: من الآية 47.
6 سورة مريم: من الآية 18.
هنا؟ بل أين الاستعاذة من إبليس هنا؟ في الأولى استعاذ بالله من الجهل، وفي الثانية استعاذ به سبحانه من أن يسأل الله ما ليس له به علم، وفي الثالثة استعاذت بالله ممن تمثل لها بشرًا سويًّا قبل أن تعرفه.
وعلى هذا كله لا يستقيم له الأمر فيما ذكر؛ ولهذا يبدو التكلف واضحًا بينًا.
خذ مثالًا آخر، قال: ورد اليوم مفردًا 365 مرة بعدد أيام السنة1، وإذا ما نظرنا فيما جمع وجدناه لفظي "اليوم" و"يومًا" وترك "يومكم"، "يومهم"، "يومئذ"؛ لأنه لو فعل لاختلف الحساب والعد.
والأدعى من ذلك والأخطر أنه أدَّى به إلى أمر لا يُرتضَى ولا يصح بحال من الأحوال.
فقد أراد أن يظهر اتفاق عدد ذكر الرسل والأنبياء وعدد ذكر أسمائهم في القرآن؛ فقال: "بلغ عدد مرات ذكر الرسل ومشتقاتها في القرآن الكريم 368 مرة
…
ولما كان النبي قد تكرر 75 مرة، والبشير تكرر 18 مرة، والنذير تكرر 57مرة، ومجموع ذلك 518"، ذكر أنه باستعراض عدد مرات ذكر أسماء الرسل والأنبياء والمبشرين والمنذرين نجد أنهم تكرروا بالأعداد التالية:
"موسى 136"، "إبراهيم 69"، "نوح 43"، "يوسف 27"، "لوط 27"، "عيسى 25"، وهكذا إلى أن ذكر:"ناقة الله 7"!!
وبهذا فقط تساوى مجموع ذكر الرسل والنبيين والمبشرين والمنذرين بعدد مرات ذكر أسمائهم تمامًا2؟!
ولا شك أن عدَّه لناقة الله مع أسماء الأنباء تمحل لا يُقبل منه ولا من غيره أبدًا، وما ألجأه إلى ذلك في هذا الموضع وفي مواضع أخرى كثيرة إلا الفتنة بحب الجديد على العقول والأذهان.
1 الإعجاز العددي للقرآن الكريم: عبد الرزاق نوفل ج3 ص168، 169.
2 الإعجاز العددي في القرآن الكريم: عبد الرزاق نوفل ج3 ص149-153.
بقي أن أقول: إن هذا الإعجاز ما زال بحرًا مظلمًا فيه فجوات وفيه مهلكات، فالحذر الحذر من أن تقودنا العاطفة إلى المهالك، لست أشك في سلامة قصد عبد الرزاق نوفل -رحمه الله تعالى- ولكن هذا شيء والخطأ والصواب والتحذير منه شيء آخر، غفر الله له، ورحمه جزاء نيته، ولنحذر أن نقع في مثل هذه الأمور حتى تنبلج الحقيقة، ويشرق ضوؤها؛ وحينئذ فليتجه إليها المؤمنون، فهي ضالتهم، ومَن اتبع الأوهام وقع في المهالك.