الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(149) مسند ربيعة بن كعب بن مالك أبي فِراس الأسْلَمِيّ
(1)
(1670)
الحديث الأوّل: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يعقوب قال: حدّثنا أبي عن ابن إسحق قال: حدّثني محمّد بن عمرو بن عطاء عن نُعيم المُجْمِر عن ربيعة بن كعب قال:
كنتُ أخدمُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وأقومُ له في حوائجه نهاري أجمعَ، حتى يصلّيَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم العشاءَ الآخرة، فأجلسُ ببابه إذا دخل بيته أقول: لعلّها أن تَحْدُثَ لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حاجة، فما أزال أسمعه يقول:"سبحانَ اللَّه، سبحانَ اللَّهِ وبحمده" حتى أمَلَّ فأرجعَ أو تغلبَني عيني فأرقُدَ. قال: فقال لي يومًا لما يرى من خِفّتي له وخدمتي إياه: "يا ربيعة، سَلْني أُعْطِك" قال: فقلت: أنظرُ في أمري يا رسول اللَّه ثم أُعْلِمُك ذلك. قال: ففَكَّرْت في نفسي، فعرَفْتُ أن الدُّنيا منقطعة وزائلة، وأنّ لي فيها رزقًا سيكفيني ويأتيني، فقلت: أسألُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لآخرتي، فإنّه من اللَّه عز وجل بالمنزل الذي هو به. قال: فجئتُه فقال: "ما فعلْتَ يا ربيعة؟ " قال: فقلتُ: نعم يا رسول اللَّه، أسألُك أن تشفعَ لي إلى ربّك فيُعْتِقَني من النّار. قال: فقال: "من أمرَك بهذا يا ربيعة؟ " فقلتُ: لا واللَّه الذي بعثك بالحقِّ ما أمَرَني به أحد، ولكنّك لمّا قلت:"سَلْني أُعْطِك" وكنتَ من اللَّه بالمنزل الذي أنت به، نظرْتُ في أمري فعرفْتُ أنّ الدُّنيا منقطعة وزائلة، وبأنّ لي فيها رزقًا سيأتيني، فقلتُ: أسألُ رسول اللَّه لآخرتي، فإنّه من اللَّه بالمكان الذي هو به. قال: فصَمَت رسولُ اللَّه طويلًا، ثم قال لي:"إنّي فاعلٌ، فأَعِنّي على نفسك بكثرة السجود".
انفرد بإخراجه مسلم مختصرًا (2).
(1) الطبقات 4/ 234، والآحاد 4/ 352، ومعرفة الصحابة 2/ 1088، والاستيعاب 1/ 494، والتهذيب 2/ 473. والإصابة 1/ 498.
وله في الجمع الحديث (3104) من أفراد مسلم. وذكره ابن الجوزيّ في التلقيح 369 أنّه روى اثني عشر حديثًا.
(2)
المسند 4/ 59، وإسناده حسن. ابن أبي إسحق صرّح بالتحديث. وقد أخرج مسلم جزءًا منه 1/ 353 (489) من طريق يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن ربيعة. ومثله في سنن أبي داود 2/ 35 (1320)، والنسائي 2/ 227.
* طريق آخر:
حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الرزّاق قال: حدّثنا معمر عن يحيى بن أبي كثير قال: حدّثنا أبو سلمة بن عبد الرحمن عن ربيعة بن كعب الأسلميّ قال:
كنتُ أنام في حجرة النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فكنتُ أسمعُه إذا قام من الليل يصلّي يقول:"الحمدُ للَّه ربِّ العالمين". الهَوِيَّ. قال: ثم يقول: "سبحان ربّي العظيم وبحمده" الهَوِيَّ (1).
(1671)
الحديث الثاني: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو النّضر هاشم بن القاسم قال: حدّثنا المبارك بن فَضالة قال: حدّثنا أبو عِمران الجَوني عن ربيعة الأسلميّ قال:
كنتُ أخدم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال لي:"يا ربيعة، ألا تَزَوَّجُ؟ " قلتُ: لا واللَّه يا رسول اللَّه، ما أُريد أن أتزوَّجَ، ما عندي ما يُقيم المرأة، وما أُحِبُّ أن يشغلَني عنك شيء. فأعرض عني، فخَدَمْتُه ما خَدَمْتُه ثم قال لي الثانية:"يا ربيعةُ، ألا تزوّج؟ " فقلت: ما أُريدُ أن أتزوّج، ما عندي ما يُقيم المرأة، وما أُحِبُّ أن يشغلَني عنك شيء. فأعرض عنّي، ثم رجعْتُ إلى نفسي، فقلت: واللَّه لرسولُ اللَّه بما يُصْلِحُني في الدُّنيا والآخرة أعلم منّي. واللَّه لئن قال: تزوّجْ، لأقولَنّ: نعم يا رسول اللَّه، مُرْني بما شئت. فقال:"يا ربيعة، ألا تزوّج؟ " فقلتُ: بلى، مُرْني بما شئْتَ. فقال:"انطلق إلى آلِ فلان -حيٍّ من الأنصار، وكان فيهم تراخٍ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقل لهم: إنّ رسول اللَّه أرسلَني إليكم يأمرُكم أن تُزَوِّجوني فلانة" لامرأة منهم. فذهبْتُ فقلت لهم: إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أرسلَني اليكم يأمرُكم أن تزوِّجوني فلانة. فقالوا: مرحبًا برسول اللَّه ورسولِ رسولِ اللَّه (2)، لا واللَّهِ لا يرجع رسولُ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم إلّا بحاجته. فزوَّجوني وألطفوني، وما سألوني البيّنة، ثم رجعْتُ إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حزينًا، فقال لي "مالك يا ربيعة؟ ". فقلت: يا رسول اللَّه، أتيتُ قومًا كرامًا، فزوّجوني وأكرموني وألطفوني وما سألوني بيّنة، وليس عندي صَداق. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"يا بريدة الأسلميّ، اجمعوا له وزنَ نواةٍ من ذهب" فجمعوا لي وزن نواة من ذهب
(1) المسند 4/ 57 وإسناده صحيح. ومن طريق يحيى في ابن ماجه 2/ 1276 (3879) والترمذي 5/ 448 (3416)، وقال: حسن صحيح، وصحّحه ابن حبّان 6/ 228، 230 (2594، 2595). والألباني.
والهويَّ: الوقت الطويل.
(2)
أسقط ناسخ ك جزءًا من النصّ بانتقال النظر، إذ انتقل إلى "فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: يا بريدة". . فأسقط بضعة أسطر.
فأخذتُ ما جمعوا لي، فأتيتُ به النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال:"اذهبْ بهذا إليهم فقل: هذا صَداقها" فأتَيْتُهم فقلت: هذا صَداقها، فرضُوه وقَبِلوه، وقالوا: كثير طيّب. قال: ثم رجعْت إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حزينًا، فقال:"يا ربيعة، مالك حزينًا؟ " فقلت: يا رسول اللَّه، ما رأيْتُ قومًا أكرمَ منهم، رضُوا بما أتيتُهم، وأحسنوا وقالوا: كثير طيّب، وليس عندي ما أُولِمُ، قال:"يا بريدة، اجمعوا له شاة". قال: فجمعوا لي كبشًا عظيمًا سمينًا، فقال لي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"اذهب إلى عائشة فلتبعثْ بالمِكْتَل الذي فيه الطعام" قال: فأتيتُها فقلت لها ما أمرني به رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقالت: هذا المِكْتَل فيه تسعة آصع (1) شعير. لا واللَّه إنْ أصبح لنا طعامٌ غيره، خُذْه. قال: فأخذْتُه فأتيتُ به النبيَّ صلى الله عليه وسلم، فأخبرْتُه بما قالت عائشة. فقال:"اذهب بهذا إليهم فقل لهم: ليصبحْ هذا عندكم خبزًا" فذهبتُ إليهم، وذهبْت بالكبش ومعي أناس من أسلم، فقال: ليصبح هذا خبزًا وهذا طبيخًا. فقالوا: أما الخبز فسنكفيكموه، وأما الكبش فاكفونا أنتم. فأخذْنا الكبش أنا وأناس من أسلم، فذبحْناه وسلخْناه وطبخْناه، فأصبح عندنا خبز ولحم، فأولَمْتُ ودَعَوْتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم.
ثم قال: إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أعطاني بعد ذلك أرضًا، وأبو بكر أرضًا، وجاءت الدّنيا، فاختلفْنا في عَذق نخلة، فقلت أنا: هي في حدّي، وقال أبو بكر: هي في حدّي. فكان بيني وبين أبي بكر كلام، فقال لي أبو بكر كلمةً كَرِهَها ونَدِم، فقال لي: يا ربيعة، رُدّ عليّ مثلها حتى تكون قصاصًا. قال: قلت: لا أفعل. فقال أبو بكر: لتقولنَّ أو لأستعدِيَنَّ عليك رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم. فقلت: ما أنا بفاعل. قال: ورفض الأرضَ. وانطلق أبو بكر إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم وانطلقْتُ أتلوه، فجاء ناسٌ من أسلم فقالوا لي: رَحِمَ اللَّهُ أبا بكر، في أيّ شيء يستعدي عليك رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم، وهو الذي قال لك ما قال؟ فقلْتُ: أتدرون ما هذا؟ هذا أبو بكر الصدّيق، هذا ثاني اثنينِ، وهذا ذو شيبة المسلمين، إيّاكم لا يلتفتْ فيراكم تنصروني عليه فيغضبَ، فيأتي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فيغضبَ لغضبه، فيغضبَ اللَّهُ عز وجل لغضبهما، فيُهلِكَ ربيعة. قالوا: ما تأمرُنا؟ قال: ارجعوا. قال: فانطلق أبو بكر إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فتَبِعْتُه وحدي حتى أتى النبيّ صلى الله عليه وسلم، فحدّثَه الحديث كما كان، فرفع إليَّ رأسه فقال:"يا ربيعةُ، مالك وللصدّيق؟ " قلت: يا رسول اللَّه، كان كذا، كان كذا، قال
(1) الصاع يذكّر، يؤنّث. فيقال: تسعة آصُع، وتسع.
لي كلمة كرهها. فقال لي: قُلْ كما قُلْتُ حتى يكونَ قصاصًا، فأبيْتُ. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"أجل، فلا تَرُدَّ عليه، ولكن قل: غَفَر اللَّه لك يا أبا بكر" فقلتُ: غفرَ اللَّه لك يا أبا بكر.
قال الحسن: فولّى أبو بكر وهو يبكي (1).
* * * *
(1) المسند 4/ 58، ومن طريق المبارك بن فضالة في مسند الطيالسي 161، 162 (1173، 1174) والمعجم الكبير 5/ 59 (4577)، ولم يذكر الطبراني قصة الخصومة مع الصدّيق. ورواه الحاكم بطوله 2/ 172، وقال: صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه. وردّه الذهبي بقوله: لم يحتجّ مسلم بمبارك. وقال الهيثميّ في المجمع 4/ 259 بعد أن رواه جميعه: رواه أحمد والطبراني، وفيه مبارك بن فضالة، وحديثه حسن، وبقيّة رجال أحمد رجال الصحيح. فعلّته في المبارك بن فضالة، وهو صدوق يدلّس ويسّوي. ينظر التهذيب 7/ 28، والتقريب 2/ 568.