الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(70) مسند جُندب بن جُنادة بن كعب أبي ذَرّ الغِفاريّ
ويقال: اسمه جُنْدب بن السَّكَن، ويقال: بُرَير، ويقال: جُنادة. والأوّل أصحّ (1).
(1238)
الحديث الأول: حديث إسلام أبي ذرّ:
حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يزيد بن هارون قال: حدّثنا سليمان بن المُغيرة قال: حدّثنا حُميد بن هلال عن عبد اللَّه بن صامت قال: قال أبو ذرّ:
خرجْنا من قومنا غِفار -وكانوا يُحِلُّون الشهرَ الحرام- أنا وأخي أُنيس وأمُّنا (2)، فانطلَقْنا حتى نَزَلْنا على خالٍ لنا ذي مالٍ وذي هيئة، فأكرَمنا خالُنا وأحسنَ إلينا، فحسدَنا قومُه، فقالوا له: إنّك إذا خرجْتَ عن أهلك خلفَك اليهم أُنيس، فجاءَ خالُنا فنثا ما قيل له. قال: فقلتُ: أمّا ما مضى من معروفك فقد كدَّرْتَه، ولا جِماعَ لنا فيما بعد. قال: فقرَّبْنا صِرْمَتنا فاحتملْنا عليها، وتغَطّى خالُنا بثوبه وجعلَ يبكي. قال: فانطلقْنا حتى نزلْنا بحضرة مكّة. قال: فنافَرَ أُنيسٌ رجلًا عن صِرْمتنا وعن مثلها، فأتى الكاهنَ فخيَّرَ أُنيسًا، فأتانا بصِرمتنا ومثلها. وقد صلَّيْت يا ابن أخي قبل أن ألقى رسول اللَّه ثلاث سنين. قال: فقلتُ: لمن؟ قال: للَّه. قلتُ: فأين توجَّهُ؟ قال: حيث وجَّهَني اللَّهُ عز وجل. قال: وأُصلّي عشاءً حتى إذا كان آخر الليل أُلْقِيتُ كأنّي خِفاءٌ، حتى تعلُوَني الشمسُ.
قال: فقال أُنيس: إنّ لي حاجةً بمكّة، فاكْفِني حتى آتيَك. قال: فانطلق فراثَ عليّ، ثم أتاني، فقلتُ: ما حَبَسَكَ؟ قال: لقيتُ رجلًا يَزْعُمُ أن اللَّهَ أرسلَه، على دينك. قال: قلتُ: ما يقول النّاسُ له؟ قال: يقولون: إنّه شاعر، وساحر، وكاهن، وكان أُنيس شاعرًا.
(1) ينظر الطبقات 4/ 165، والآحاد 2/ 228، والاستيعاب 1/ 214، وتهذيب الكمال 3/ 2308، والسير 2/ 46، والإصابة 4/ 63.
وجعل الحميديّ مسنده رابع المقدّمين بعد العشرة، واتّفق الشيخان على اثني عشر حديثًا، وانفرد مسلم بتسعة عشر، والبخاري باثنين. وأُسند عنه كما في التلقيح 364 - مائتان وواحد وثمانون حديثًا.
(2)
وهي رملة بنت الوقيعة، أسلمت.
قال: فقد سَمِعْتُ قول الكاهن فما يقول بقولهم، وقد وضعْتُ قوله على أقراء الشّعر، فواللَّه ما يَلْتَئم على لسان أحد أنّه شعر. واللَّه إنّه لصادق وإنّهم لكاذبون. قال: فقلتُ له: هل أنت كافيّ حتى أنطلقَ فأنظرَ؟ قال: نعم، فكُنْ من أهل مكّة على حَذَرٍ، فإنّهم قد شَنِفوا له وتجهَّموا له.
فانطلقْتُ حتى قَدِمْتُ مكّة، فتضَعَّفْتُ رجلًا منهم فقلت: أين هذا الرّجلُ الذي تَدْعونه الصابىء؟ قال: فأشارَ إليّ، قال: الصابىء. فمال أهلُ الوادي عليّ بكلّ مَدَرة (1) وعَظم، حتى خَرَرْتُ مغشيًّا عليَّ، فارتفعْتُ حين ارتفعتُ كأنّي نُصُب أحمرُ، فأتيْتُ زمزَمَ، فشرِبْتُ من مالْها وغسلْتُ عنّي الدّمَ، فدخلتُ بين الكعبة وأستارها، فلَبِثْتُ به يا ابن أخي ثلاثين من بين ليلة ويوم، مالي طعام إلّا ماءُ زمزم، فسَمِنْتُ حتى تكسَّر عُكَنُ (2) بطني، وما وجدْتُ على كبدي سَخْفَةَ جوع.
قال: فبينما أهلُ مكّة في ليلة قَمْراء إضحيان (3)، فضرب اللَّه على أصمخة (4) أهل مكّة، وما يطوف بالبيت غيرُ امرأتين، فأتَتا عليّ وهما تدعوان إسافًا ونائلة، فقُلْتُ: أنْكِحوا أحدَهما الآخر، قال: فما ثناهما ذلك، فأتَتا عليّ فقلت: وَهَنٌ مثلُ الخشبة، غير أنّي لم أَكْنِ. قال: فانْطَلَقَتا تُوَلْوِلان وتقولان: لو كان هنا أحدٌ من أنفارنا. قال: فاستقبلَهما رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وهما هابطان من الجبل، فقال:"مالكما؟ " قالتا: الصابىء بين الكعبة وأستارِها. قال (5): "ما قالَ لكما"؟ قالتا: قال لنا كلمةً تملأ الفم.
فجاء رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم هو وصاحبه حتى استلمَ الحَجَر، فطاف بالبيت ثم صلّى، قال: فأتيْتُه، فكنتُ أوّلَ من حيّاه بتحيّة الإسلام، فقال:"وعليك السلامُ ورحمة اللَّه. ممّن أنت؟ " قلت: من غِفار. فأهوى بيده فوضعها على جبهته، فقلتُ في نفسي: كَرِهَ أنّي انتميتُ إلى غِفار، قال: فأردْتُ أن آخذَ بيده، فقدَعني صاحبُه وكان أعلمَ به منّي، قال:"متى كنتَ ها هنا؟ " قال: كنتُ ها هنا منذ ثلاثين بين يوم وليلة. قال: "فمن كان
(1) المدرة: الطين اليابس.
(2)
العُكن جمع عُكْنة: وهو ما يطوى وينثنّى من البطن سِمَنًا.
(3)
القمراء: المُقمرة. والإضحيان: المضيئة.
(4)
الأصمخة جمع صماخ: خرق الأذن.
(5)
في مسلم "قال".
يُطْعِمُك؟ " قلتُ: ما كان لي طعامٌ إلّا ماء زمزمَ. قال: فسَمِنْتُ حتى تكسّرَ عُكَنُ بطني، وما وجدْتُ على كبدي سَخْفةَ جوع. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إنّها مباركة، إنها طعام طُعم" قال أبو بكر: ائذن لي يا رسول اللَّه في إطعامه الليلة. قال: ففعل. فانطلق النّبيّ صلى الله عليه وسلم وانطلقْتُ معهما حتى فتح أبو بكر بابًا، فجعلَ يقبِضُ لنا من زبيب الطائف، قال: وكان ذلك أوّلَ طعام أكلْتُه بها.
فلَبِثْتُ ما لَبِثْتُ، ثم قال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"إنّي قد وُجِّهْتُ إلى أرض ذات نَخْلٍ، ولا أحسَبُها إلّا يثربَ، فهل أنت مُبَلِّغٌ عنّي قومَك لعلّ اللَّه عز وجل أن ينفعَهم بك ويأجُرُك فيهم؟ ".
قال: فانطلقْتُ حتى أتيتُ أخي أُنيسًا، فقال لي: ما صنعتَ؟ قلتُ: صنعْتُ أنّي أسلمْتُ وصدّقْتُ. ثم أتيْنا أُمَّنا فقالت: مالي رغبةٌ عن دينكما، وإنّي قد أسلمْتُ وصدَّقتُ. فتحمَّلْنا حتى أتيْنا قومنا غفار، فأسلم بعضُهم قبلَ أن يقدَمَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم المدينة، وقال بعضهم (1): إذا قَدِمَ رسول اللَّه أسلَمْنا. فقَدِم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم المدينة وأسلم بقيّتهم، وجاء أسلم (2) فقالوا: يا رسولَ اللَّه، إخوانُنا نُسْلِم على الذي أسلموا عليه، فأسلَموا، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"غِفارٌ غَفَرَ اللَّهُ لها، وأسلمُ سالمَها اللَّه".
انفرد بإخراجه مسلم من هذه الطّريق (3). وقد أخرجاه من حديث ابن عبّاس عن أبي ذرٍّ مختصرًا (4).
نثا: أخبر.
والصِّرمه: القطعة من الإبل نحو الثلاثين.
ومعنى قوله: نافر، فاخر، فخيَّره: أي حكم بأنَّه خير.
والخِفاء: كساء يُطرح على السِّقاء.
وأقراء الشعر: أنواعه وطرقه.
وقوله: فتضعّفْتُ رجلًا: أي رأيتُه ضعيفًا.
(1) عبارة مسلم "فأسلم نصفهم. . . وقال نصفهم".
(2)
في الأصول المخطوطة "وجاءوا" والمثبت هو الصواب، من المسند ومسلم.
(3)
المسند 5/ 174، ومسلم 4/ 1919 (2473) من طريق سليمان بن المغيرة. يزيد شيخ أحمد من رجال الشيخين.
(4)
البخاري 7/ 173 (3861)، ومسلم 4/ 1923 (2474).
والنُّصُب: حجر يذبحون عليه فيحمرّ بالدّماء.
والسَّخْفة: الخِفّة.
والمراد بالهَن: الذَّكَر.
والأنفار: من النّفر.
وقَدَعني: كفّني.
وقوله: "طعام طُعم": أي يُشْبَع منه.
وشنِفوا: أبغضوا. وتجهَّموا: تنكَّرَت وجوهُهم.
(1239)
الحديث الثاني: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا وهب بن جرير قال: حدّثنا أبي قال: سمعْتُ الأعمش يحدّث عن عمرو بن مُرّة عن عبد اللَّه بن الحارث عن حبيب بن حِماز عن أبي ذرّ قال:
أقبلْنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فنزلْنا ذا الحُلَيفة، فتعجَّلَتْ رجالٌ إلى المدينة، وبات رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وبتْنا معه، فلمّا أصبح سأل عنهم، فقيل: تعجّلوا إلى المدينة، فقال:"تعجّلوا إلى المدينة والنساء، أما إنّهم سيَدَعُونها أحسنَ ما كانت" ثم قال: "ليت شعري، متى تخرجُ نارٌ من اليمن من جبل الوِراق، تُضيءُ منها أعناقُ الإبل بُروكًا ببُصرى كضَوء النَّهار"(1).
(1240)
الحديث الثالث: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا الحكم بن نافع أبو اليمان قال: حدّثنا إسماعيل بن عيّاش عن عبد اللَّه بن أبي حُسين عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غَنْم عن أبي ذرّ قال:
كنتُ أخدِمُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم، ثم آتي المسجدَ إذا أنا فَرَغْتُ من عملي فأضطجعُ فيه، فأتاني النّبيّ صلى الله عليه وسلم يومًا وأنا مضطجع، فغمزَني برجله فاستويْتُ جالسًا، فقال لي:"يا أبا ذَرٍّ، كيف تصنع إذا أُخْرِجْتَ منها؟ " فقلت: أرجع إلى مسجد النّبيّ صلى الله عليه وسلم وإلى بيتي. قال:
(1) المسند 5/ 144. وصحّح إسناده الحاكم من طريق الأعمش 4/ 442، ووافقه الذهبي. وصحّحه ابن حبّان 15/ 255 (6841) من طريق وهب. وقال الهيثمي - المجمع 8/ 15: رجاله رجال الصحيح غير حبيب، وهو ثقة. وقريب منه ما ذكره محقّق ابن حبّان. وقد ذكر ابن حجر حبيبًا في التعجيل 84، وأن ابن حبّان جعله في ثقات التابعين، وأن في اسم أبيه خلافًا.
"فكيف تصنعُ إذا أُخْرِجْتَ منها؟ " فقلت: إذن آخذ سيفي فأضربَ به من يُخْرِجني. فجعل النّبيّ صلى الله عليه وسلم يدَه على منكبي فقال: "غفرانًا أبا ذرٍّ -ثلاثًا- بل تنقادُ معهم حيث قادوك، وتنساقُ معهم حيث ساقوك، ولو عبدٌ أسود".
قال أبو ذرٍّ: فلمّا نُفِيتُ إلى الرِّبَذة أقمتُ الصلاة، فتقدّمَ رجلٌ أسودُ كان فيها على نَعَم الصَّدَقة، فلمّا رآني أخذ ليرجعَ وليُقَدِّمَني. فقلتُ: كما أنت، بل أنقادُ، لأمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (1).
* طريق آخر:
حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا كَهْمَس بن الحسن قال: حدّثنا أبو السّليل عن أبي ذرّ قال:
جعل رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم يتلو عليَّ هذه الآية: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا. . .} حتى فرغَ من الآية [الطلاق: 2] ثم قال: "يا أبا ذرٍّ، لو أن النّاسَ كلِّهم أخذوا بها كَفَتْهم" قال: فجعلَ يَتلوها ويردِّدُها عليّ حتى نَعَسْتُ. ثم قال: "يا أبا ذرّ، كيف تَصْنَعُ إذا أُخْرِجْتَ من المدينة؟ " قلت: إلى السَّعَة والدَّعَة، أنطلق فأكون حمامةً من حمام مكّة. قال:"كيف تصنعُ إذا أُخْرِجْتَ من مكّة؟ " قال: قلت: إلى السَّعة والدَّعة، إلى الشام والأرض المقدَّسة. قال:"وكيف تصنعُ إذا أُخْرِجْتَ من الشّام؟ " قلتُ: إذن -والذي بعثك بالحقّ- أضعُ سيفي على عاتقي. قال: "أوَ خيرٌ من ذلك؟ " قلت: أو خير من ذلك؟ قال: "تسمعُ وتطيعُ وإن كان عبدًا حبشيًّا"(2).
* طريق لبعضه:
حدّثنا أحمد قالَ: حدّثنا يحيى بن آدم قال: حدّثنا زهير عن مطرِّف الحارثي عن أبي
(1) المسند 5/ 144، وفيه شهر بن حوشب، كثير الإرسال والأوهام. التقريب 1/ 247. وإسماعيل بن عيّاش الحمصي، ثقة في روايته عن الشاميين، مُخَلِّط في غيرهم. وعبد اللَّه بن عبد الرحمن بن أبي حسين، مكّي. ينظر التقريب 1/ 53. وللحديث طريق أخرى ضعيفة في المسند 5/ 156، وابن حبّان 15/ 53 (6668).
(2)
المسند 5/ 178. وأخرج ابن ماجة من طريق كهمس: "إنّي لأعرف آية لو أخذ النّاس كلّهم بها لكَفَتْهم" وذكر الآية. قال في الزوائد: رجاله ثقات، غير أنّه منقطع، وأبو السّليل (ضريب بن نُقير) لم يدرك أبا ذرّ. وصحّح هذا الجزء الحاكم على شرطهما. من طريق كهمس، ووافقه الذهبي 2/ 492. لم ينبّها إلى الانقطاع. وصحّحه بتمامه ابن حبّان 15/ 53 (6669). وقال الهيثمي 5/ 226: رجاله رجال الصحيح، إلّا أن أبا السليل لم يدرك أبا ذرّ. وبهذا أعلّه محقّق ابن حبّان، وضعّفه الألباني.
الجَهم عن خالد بن وُهبان (1) عن أبي ذرٍّ قال:
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "كيف أنت وأئمّةً من بعدي يستأثرون بهذا الفيء؟ " قلت: إذنْ -والذي بعثَك بالحقِّ- أضعُ سيفي على عاتقي ثم أضربُ به حتى ألقاك أو ألحقَ بك. قال: "أفلا أدُلُّك على خيرٍ من ذلك؟ تصبِرُ حتى تلقاني"(2).
(1241)
الحديث الرابع: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو اليمان قال: حدّثنا إسماعيل ابن عيّاش عن مُعان بن رِفاعة عن أبي خلف عن أنس بن مالك عن أبي ذرٍّ:
عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "الإسلامُ ذَلولٌ لا يُرْكَبُ إلّا ذَلولًا"(3).
(1242)
الحديث الخامس: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو اليمان قال: حدّثنا ابن عيّاش عن البَخْتريّ بن عُبيد بن سلمان عن أبيه عن أبي ذرٍّ:
عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال: "اثنان خيرٌ من واحد، وثلاثةٌ خيرٌ من اثنين، وأربعةٌ خيرٌ من ثلاثة. فعليكم بالجماعة، فإنّ اللَّه عز وجل لن يجمعَ أُمّتي إلّا على هدى"(4).
(1243)
الحديث السادس: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا الحجّاج قال: حدّثنا عبد اللَّه قال: حدّثنا ابن لَهيعة حدّثنا يزيد بن أبي حبيب أن أبا سالم الجَيشانيّ أتى إلى أبي أُميّة في منزله فقال: إنّي سمعْتُ أبا ذرٍّ يقول:
إنّه سمع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا أحبَّ أحدُكم صاحبَه فليأتِه في منزله فلْيُخْبِرْه أنّه يُحبُّه للَّه" وقد جئتُك في منزلك (5).
(1) يقال بضمّ الواو وفتحها. كذا في المسند. وينظر تهذيب الكمال 2/ 371.
(2)
المسند 5/ 179. ومن طريق زهير في سنن أبي داود 4/ 241 (4759)، وضعّفه الألباني. والسنّة لابن أبي عاصم 2/ 742 (1138) وضعّف المحقّق إسناده لجهالة خالد. وحكم ابن حجر على خالد بأنه مجهول. التقريب 1/ 153.
(3)
المسند 5/ 145. وإسناده ضعيف. قال الهيثمي في المجمع 1/ 67: في إسناده أبو خلف الأعمى، منكر الحديث، وأبو خلف رماه ابن معين بالكذب. التقريب 2/ 712. كما أن فيه مُعانًا، وهو ليِّن الحديث، كثير الإرسال. التقريب 2/ 591.
(4)
المسند 5/ 145. قال الهيثمي 1/ 182: رواه أحمد، وفيه البختريّ، وهو ضعيف. والبختريّ ضعيف متروك، وأبوه عبيد مجهول. التقريب 1/ 66، 383.
(5)
المسند 5/ 145. وفي إسناده عبد اللَّه بن لهيعة. قال الهيثمي 10/ 284: رواه أحمد، وإسناده حسن. ومال الشيخ ناصر إلى تصحيحه؛ لأنه من رواية ابن المبارك عن ابن لهيعة - الصحيحة 1/ 777 (417)، 2/ 432 (797). وينظر إتحاف الخيرة 10/ 509 (10261).
(1244)
الحديث السابع: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يونس قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة عن بُرْد أبي العلاء عن عُبادة بن نُسَيّ عن غُضَيف بن الحارث:
أنّه مرّ بعمر بن الخطّاب، فقال: نعم الفتى غُضَيفٌ: فلَقِيه أبو ذَرٍّ فقال: أي أخي، استغفرْ لي. فقال: أنت صاحبُ رسولِ اللَّه وأنت أحقُّ أن تستغفر لي. فقال: إنّي سمعتُ عمر بن الخطّاب يقول: نعِم الفتى غُضَيفٌ، وقد قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"إنّ اللَّه عز وجل ضربَ بالحقِّ على لسان عمر وقلبه"(1).
(1245)
الحديث الثامن: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا موسى بن داود قال: أخبرنا ابن لَهيعة عن ابن هُبيرة عن أبي تميم الجيشاني قال: سمعْتُ أبا ذرٍّ يقول:
كنتُ مُخاصِرَ النّبيّ صلى الله عليه وسلم يومًا إلى منزله، فسمعْتُه يقول:"غيرُ الدَّجّال أخوفُ على أُمّتي من الدَّجّال". فلمّا خشِيتُ أن يدخلَ قلتُ: "يا رسول اللَّه، أيّ شيء أخوفُ على أُمّتك من الدّجّال؟ قال: "الأئمةَ المُضلِّين" (2).
(1246)
الحديث التاسع: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى عن سفيان قال: حدّثنا سليمان عن مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبي ذرّ قال:
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ألا أدُلُّك على كنزٍ من كُنوز الجنّة؟ لا حولَ ولا قوَّةَ إلّا باللَّه"(3).
(1247)
الحديث العاشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عفّان قال: حدّثنا أبو عَوانة عن سُليمان الأعمش عن مُجاهد عن عُبيد بن عُمير الليثي عن أبي ذرّ قال:
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أُعْطِيتُ خمسًا لم يُعْطَهُنّ أحدٌ من قبلي: بُعِثْتُ إلى الأحمر والأسود. وجُعِلَتْ لي الأرضُ مسجدًا وطَهورًا. وأُحِلَّتْ لي الغنائمُ ولم تَحِلَّ لأحدٍ كان
(1) المسند 5/ 145، وفضائل الصحابة 1/ 252 (317)، وصحّح المحقّق إسناده. وقد روى ابن أبي عاصم في السنة 2/ 837 - 839 (1282 - 1285) أحاديث صحيحة فيها المرفوع من الحديث.
(2)
المسند 5/ 145. قال الهيثمي في المجمع 5/ 241: رواه أحمد، وفيه ابن لهيعة، وحديثه حسن، وفيه ضعف. وقال الألباني - الصحيحة 4/ 110 (1582): رجاله ثقات، إلّا أن ابن لهيعة سيء الحفظ، وذكر للحديث شواهد.
(3)
المسند 5/ 151. وإسناد صحيح. ورجاله ثقات رجال الشيخين. ورواه ابن ماجة 2/ 1256 (3825) من طريق وكيع عن سليمان الأعمش. وقال البوصيري: إسناد حديث أبي ذرّ صحيح، رجاله ثقات. وصحّحه الألباني. وينظر صحيح ابن حبّان 3/ 101 (820)، والمجمع 10/ 100 - 102.
قبلي، ونُصِرْتُ بالرُّعب، فَيَرْعَبُ العدوُّ وهو منّي مسيرةَ شهر. وقيل لي: سَلْ تُعْطَه، فاختبأتُ دَعوتي شفاعةً لأمّتي، فهي نائلة منكم -إن شاء اللَّه- من لَقِي اللَّه عز وجل لا يُشرِكُ به شيئًا" (1).
حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يعقوب قال: حدّثنا أبي عن ابن إسحق عن الأعمش. . فذكره. وقال (2): كان مجاهد يرى أن الأحمرَ الإنس، والأسود الجنّ.
قلت: والذي عليه المفَسِّرون أن الأحمرَ العجمُ، والأسودَ العربُ، والغالب على ألوان العرب السُّمْرَة، وعلى ألوان العجم البياض. وقال أبو عمرو: المراد بالأحمر الأبيض، ومنه قوله لعائشة:"يا حُميراء"(3).
(1248)
الحديث الحادي عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمد بن عُبيد قال: حدّثنا الأعمش عن إبراهيم التّيمي عن أبيه عن أبي ذرٍّ قال:
كنتُ مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في المسجد حين وَجَبَتِ الشمس، فقال:"يا أبا ذرٍّ، تدري أين تذهب الشمسُ؟ " قلتُ: اللَّه ورسوله أعلم. قال: "فإنّها تذهبُ حتى تسجدَ بين يدَي ربِّها عز وجل، فتستأذنَ في الرُّجوع فيُؤذَنَ لها، وكأنّها قد قيل لها: ارْجعي من حيثُ شئتِ، فترجع إلى مطلعها، فذلكَ مستقرّها" ثم قرأ: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} [يس: 38].
أخرجاه (4).
(1) المسند 5/ 148. وصحّحه ابن حبّان 14/ 375 (6462) من طريق أبي عوانة. والحاكم والذهبي على شرط الشيخين، من طريق الأعمش 2/ 424. وقال في المجمع 8/ 262: رجاله رجال الصحيح. وهو كما قال. وأخرج أبو داود 1/ 132 (489) من طريق الأعمش: "جُعِلَتْ لي الأرض طهورًا ومسجدًا" وصحّحه الألباني. وقد روى البوصيري في الإتحاف 9/ 62 - 64 أحاديث، وقال: أصله في الصحيحين وغيرهما.
(2)
أي الأعمش - المسند 5/ 145. فيه ابن إسحق، لكنه متابع.
(3)
ورد هذا في حديث أخرجه ابن ماجة 1/ 826 (2474). وقال عنه البوصيري: هذا إسناد ضعيف، لضعف علي بن زيد بن جدعان. وقال بعضهم: كلُّ حديث ورد فيه "الحميراء" ضعيف، واستثنى من ذلك ما أخرجه الحاكم من طريق عبد الجبار بن الورد. . . . قال الحاكم: صحيح على شرط البخاري ومسلم. وينظر المستدرك 3/ 119.
(4)
المسند 5/ 152. وهو في البخاري من طرق عن الأعمش - ينظر أطرافه 6/ 297 (3199). وفي مسلم 1/ 138، 139 (159) عن يونس والأعمش عن إبراهيم بن يزيد التيمي. ومحمد بن عبيد من رجال الشيخين.
(1249)
الحديث الثاني عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو كامل قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة عن الأزرق بن قيس عن رجل من بني تميم عن أبي ذرّ قال:
سمعْتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "صومُ شهر الصّبر وثلاثة أيّام من كلِّ شهر صوم الدَّهر، ويُذْهِبُ مَغَلَّةَ الصَّدر" قال: وقلت: وما مَغَلَّةُ الصدر؟ قال: "رجس الشيطان"(1).
(1250)
الحديث الثالث عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أسود بن عامر قال: حدّثنا إسرائيل عن عاصم بن سليمان عن أبي عثمان عن أبي ذَرّ:
عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "من صام ثلاثة أيّام من كلّ شهرٍ فقد صام الدّهرَ كلَّه"(2).
(1251)
الحديث الرابع عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا سليمان بن داود الهاشمي قال: حدّثنا إسماعيل بن جعفر قال: أخبرني محمد بن أبي حَرملة عن عطاء بن يَسار عن أبي ذَرّ قال:
أوصاني حِبّي بثلاثٍ لا أدَعُهنّ إن شاء اللَّه: بصلاة الضُّحى، وبالوتر قبل النوم، وصيام ثلاثة أيام من كلّ شهر" (3).
(1252)
الحديث الخامس عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمد بن عُبيد قال: حدّثنا الأعمش عن يحيى بن سامٍ عن موسى بن طَلْحَة عن أبي ذرّ قال:
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "مَنْ كان منكم صائمًا من الشّهر ثلاثة أيام فليصمِ الثلاث البيض"(4).
(1) المسند 5/ 154. ورجاله ثقات، إلّا أن الرجل التميمي مجهول، فهذا يضعّف إسناده. وقد صحّت أحاديث في هذا المعنى. ينظر في هذا الباب مجمع الزوائد 3/ 981 - 200، وإتحاف الخيرة 3/ 410 - 412. وينظر الأحاديث التالية.
(2)
المسند 5/ 145. وهو في سنن الترمذي من طريق عاصم 3/ 135 (762)، وقال: حسن صحيح، وذكر أن أبا عثمان يرويه عن أبي هريرة عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم. وهو من طريق عاصم أيضًا في سنن ابن ماجة 1/ 545 (1708)، والنسائي 4/ 219، وصحّحه الألباني فيها. ورواه النسائي أيضًا من طريق عاصم عن أبي عثمان عن رجلٍ عن أبي ذرّ. وضعّف الألباني هذه الرواية.
(3)
المسند 5/ 173. ورجاله رجال الصحيح، عدا سليمان، أخرج له أصحاب السنن، وهو ثقة. والحديث من طريق إسماعيل في النسائي 4/ 217، وصحيح ابن خزيمة 4/ 142، 227 (1083، 1221)، وصحّحه الألباني.
(4)
المسند 5/ 152. ورجاله رجال الصحيح، عدا يحيى بن سام، مقبول. التقريب 2/ 659.
* طريق آخر:
حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمد بن جعفر قال: حدّثنا شعبة عن سليمان عن يحيى ابن سام عن موسى بن طلحة عن أبي ذرٍّ أنّه قال:
قال رسول للَّه صلى الله عليه وسلم: "إذا صُمْتَ من الشّهر ثلاثًا، فصم ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة"(1).
(1253)
الحديث السادس عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا حُسين قال: حدّثنا يزيد [ابن عطاء عن يزيد] بن أبي زياد عن مجاهد عن رجل عن أبي ذرّ قال:
خرج علينا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: "أتدرون أيُّ الأعمال أحبّ إلى اللَّه عز وجل؟ " قال قائل: الصلاة والزّكاة، وقال قائل: الجهاد. قال: "أحبُّ الأعمال إلى اللَّه عز وجل الحبّ في اللَّه والبُغضُ في اللَّه"(2).
(1254)
الحديث السابع عشر: حدّثنا أحمد قال: قال: حدّثنا إسماعيل قال: حدّثنا أيوب عن أبي قِلابة عن رجلٍ من بني عامر قال:
كنتُ كافرًا فهداني اللَّه عز وجل للإسلام، وكنت أعزُبُ عن الماء ومعي أهلي، فتُصيبُني الجَنابةُ، فوقع ذلك في نفسي، وقد نُعِتَ لي أبو ذرٍّ، فحَجَجْتُ فدخلتُ مسجد مِنَى فعَرَفْتُه بالنَّعت، فإذا شيخ معروق آدم، عليه حِلّةُ قِطْرِي (3)، فذهبتُ حتى قُمتُ إلى جانبه وهو يُصلّي، فسلّمْتُ عليه فلم يردّ عليّ، ثم صلّى صلاة أتمّها وأحسَنَها وأطْوَلَها، فلمّا فرغ ردّ عليّ، قلت: أنت أبو ذرّ؟ قال: إنّ أهلي ليزعُمون ذلك. قلتُ: كنتُ كافرًا فهداني اللَّهُ عز وجل للإسلام، وأهَمَّني ديني، وكنتُ أعزُبُ عن الماء ومعي أهلي
(1) المسند 5/ 162. وإسناده كسابقه. ومن طريق شعبة أخرجه الترمذي 3/ 134 (761)، والنسائي 4/ 222، وصحّحه ابن خزيمة 2/ 303 (2128). وقال الترمذي: حسن. وذكر أحاديث الباب. وقال الألباني: حسن صحيح. وصحّحه ابن حبّان 8/ 414 (3655) من طريق يحيى، وحسّن المحقّق إسناده، وحسّنه البغوي في شرح السنة 6/ 355 (1800).
(2)
المسند 5/ 146. وفي سنن أبي داود عن خالد بن عبد اللَّه عن يزيد بن أبي زياد 4/ 198 (4599) "أفضل الأعمال الحبّ في اللَّه والبغض في اللَّه" وضعّف الألباني الحديث: لضعف يزيد بن عطاء، ويزيد بن أبي زياد، وجهالة أحد رجاله - الضعيفة 3/ 476 (1310)، 42/ 314 (1823).
(3)
معروق: قليل اللحم والأدم. القطريّ: نوع من البرود، فيه حمرة.
فتُصيبني الجَنابة، فوقعَ ذلك في نفسي. فقال: هل تعرف أبا ذرٍّ؟ قلتُ: نعم. قال: فإنّي اجتويتُ المدينة (1) فأمر لي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بذَودٍ من إبل وغنم، فكنت أكون فيها، فكنت أعزُب عن الماء ومعي أهلي، فتُصيبني الجنابة، فوقع في نفسي أنّي قد هلكْتُ، فقعدْتُ على بعيرٍ منها، فانتهيتُ إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نصف النّهار وهو جالسٌ في ظلِّ المسجد في نفرٍ من أصحابه، فنزلتُ عن البعير ثم قلتُ: يا رسول اللَّه، هلكْتُ. قال:"وما أهلَكَك" فحدَّثْتُه، فضحك، فدعا إنسانًا من أهله، فجاءت جارية سوداء بعُسٍّ (2) من ماءٍ ما هو بملآنَ، إنّه لَيَتَخَضْخَضُ، فاستترتُ بالبعير، فأمرَ رسولُ اللَّه رجلًا من القوم فسَتَرني، فاغتسلْتُ ثم أتَيْتُه فقال:"إنّ الصعيدَ الطيِّبَ طهور ما لم تَجِدَ الماء، ولو إلى عشر حِجَج، فإذا وجدْتَ الماءَ فأمْسِسْ بَشَرَتك"(3).
(1255)
الحديث الثامن عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا هاشم قال: حدّثنا المبارك بن فُضالة عن أبي نَعامة قال: حدّثني عبد اللَّه بن الصّامت عن أبي ذرّ:
أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "يا أبا ذرّ، إنها ستكون عليكم أئمّة يؤخِّرون الصلاة، فإذا أدركْتُموهم فصلُّوا الصلاة لوقتها، واجعلوا صلاتَكم معهم نافلة".
انفرد بإخراجه مسلم (4).
(1256)
الحديث التاسع عشر: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الرزّاق قال: أخبرنا معمر عن سعيد الجُريري عن عبد اللَّه بن بُريدة الأسلميّ عن أبي الأسود عن أبي ذرّ قال:
(1) اجتوى المكان: لم يوافقه.
(2)
العُسّ: القدح.
(3)
المسند 5/ 146. وفيه العامريّ الذي لم يُسَمّ. ولكنه سُمّي في كثير من المصادر: عمرو بن بُجدان. وهو في سنن الترمذي 1/ 211 (124) من طريق خالد الحذّاء، وسُمّي الرجل، واقتصر على المسند منه فقط. قال الترمذي: حسن صحيح. وذكر أنّه روي عن أبي قلابة عن رجل من بني عامر لم يُسَمّ. وهو بطوله في أبي داود 1/ 90 (332) وسُمّي العامريّ، وفي 1/ 91 (333) من طريق أيّوب ولم يُسَمّ. واقتصر النسائي 1/ 171 على المسند منه، وسمّي المجهول. وصحّحه الحاكم والذهبي 1/ 176 من طريق خالد الحذّاء عن أبي قلابة عن عمرو بن بجدان. وصحّحه ابن حبّان من طريقي خالد الحذّاء وأيوب عن أبي قلابة عن عمرو 4/ 135 - 140 (1311 - 1313)، والرواية الأخيرة مقصورة على المسند منه. وصحّحه المحقّق، وأطال في تخريجه. وصحّحه الشيخ ناصر.
(4)
المسند 5/ 159، ومسلم 1/ 448، 449 (648) عن أبي نعامة وغيره عن ابن الصامت. وهاشم أبو النضر من رجال الشيخين. والمبارك، من رجال السنن عدا النسائي، لا بأس به، وهو متابع.
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إنّ أحسن ما غَيَّرْتُم به هذا الشيبَ الحِنّاءُ والكَتَم"(1).
(1257)
الحديث العشرون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عفَّان قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة عن علي بن زيد عن مُطَرِّف قال:
قعدتَ إلى نفرٍ من قريش، فجاء رجل فجعلَ يُصلّي، يركعُ ويسجد، ثم يقوم، ثم يركع ويسجدُ لا يقعدُ. فقلتُ: واللَّه ما أرى هذا يدري: ينصرفُ على شَفْع أو على وِتْر. فقالوا: ألا تقومُ إليه فتقولَ له؟ فقمتُ فقلتُ: يا عبد اللَّه، ما أراك تدري: تنصرف على شفع أو على وتر. فقال: ولكنّ اللَّه يدري، سمعتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:"من سَجَدَ للَّه سجدةً كتبَ اللَّهُ له بها حسنة، وحطّ عنه بها خطيئةً، ورفع له بها درجة" فقلت: من أنت؟ فقال: أبو ذرّ. فرجعتُ إلى أصحابي فقلتُ: جزاكم اللَّهُ من جُلساءَ شرًّا، أمرْتُموني أن أُعَلِّمَ رجلًا من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم (2).
(1258)
الحديث الحادي والعشرون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عفّان قال: حدّثنا عبد الواحد بن زياد قال: حدّثنا الحارث بن حَصيرة قال: حدّثنا زيد بن وهب قال:
قال أبو ذرّ: لأن أحلفَ عشر مرّات أن ابن صائدٍ هو الدَّجّال أحبُّ إليَّ من أن أحلفَ مرّة واحدة أنّه ليس به.
قال: وقال: إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعثَني إلى أُمّه فقال: "سَلْها: كم حَمَلَتْ به؟ " قال فأتيتُها فسألتُها: كَم حَمَلْتِ به؟ قالت: اثني عشر شهرًا. قال: ثم أرسلَني إليها فقال: "سَلْها عن صَيحته حين وقع". فرجعتُ إليها فسألْتُها، فقالت: صاحَ صَيحة الصبيِّ ابنِ شهر. ثم قال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إنّي قد خَبَأْتُ لك خبيئًا" قال: خبأتَ لي خَطْمَ شاةٍ
(1) المسند 5/ 150. وبالإسناد نفسه في سنن أبي داود 4/ 85 (4205)، والمعجم الكبير 2/ 153 (1638)، وصحيح ابن حبّان 12/ 287 (5474). وصحّحه المحقّق، وذكر أن معمرًا سمع عن الجُريري قبل الاختلاط. وله طرق عن عبد اللَّه بن بريدة في النسائي 8/ 139، وابن ماجة 69/ 112 (3622)، والترمذي 9/ 300، 301 (3681، 3682).
والكَتَم: نبات أحمر، يصبغ به.
(2)
المسند 5/ 148. وذكر الهيثمي في المجمع بعض الروايات وقال: وبعضها رجاله رجال الصحيح 2/ 251. وفي تلخيص الحبير 2/ 516 قال ابن حجر: وعلي بن زيد ضعيف. قال: ولكن رواه أحمد والبيهقي من طريق الأحنف بن قيس نحوه. وهذه الطريق في المسند 5/ 164 بإسناد صحيح. وفي الترغيب 1/ 326 (2557): وهو بمجموع طرقه حسن أو صحيح.
عفراءَ والدُّخان. قال: فأراد أن يقول: والدُّخان، فلم يستطع، فقال الدّخّ الدّخّ. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"أخْسَأ، فلن تَعْدُوَ قَدْرَك"(1).
وخطم الشاة: خطامها. والعفراء: البيضاء.
والمعنى: أضمرتَ في نفسك ذلك.
(1259)
الحديث الثاني والعشرون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عفّان قال: حدّثنا شُعبة قال: أخبرني حُميد بن هلال سمع عبد اللَّه بن الصّامت عن أبي ذرّ قال:
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: يقطع صلاةَ الرجل إذا لم يكن بين يدَيه كآخرة الرَّحل: المرأةُ، والحمارُ، والكلبُ الأسود". قلت: ما بالُ الأسود من الأحمر؟ قال: ابن أخي، سألتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كما سألْتَني، فقال:"الكلبُ الأسودُ شيطان".
انفرد بإخراجه مسلم (2).
(1260)
الحديث الثالث والعشرون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا مرحوم، قال: حدّثني أبو عمران الجَوني عن عبد اللَّه بن الصّامت عن أبي ذرّ قال:
ركب رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم حِمارًا وأردَفَني خلفَه، وقال:"يا أبا ذرّ، إنْ (3) أصابَ النّاسَ جوعٌ شديد لا تستطيع أن تقومَ من فراشك إلى مسجدك، كيف تصنع؟ " قلتُ: اللَّهُ ورسوله أعلم. فقال: "تَعَفَّفْ.
يا أبا ذرّ، أرأيتَ إنْ أصابَ النّاسَ موتٌ شديد، يكون البيت فيه بالعبد -يعني القبر- كيف تصنعُ؟ " قلتُ: اللَّه ورسولُه أعلم. قال: "اصبر.
يا أبا ذرّ. أرأيْتَ إن قتلَ النّاسُ بعضُهم بعضًا حتى تغرقَ حجارةُ الزّيت (4) من الدّماء،
(1) المسند 5/ 148. وشرح مشكل الآثار 7/ 288، 289 (2859، 2860). قال الهيثمي 8/ 5: رجاله رجال الصحيح، غير الحارث بن حصيرة، وهو ثقة.
والحارث صدوق يخطىء، رمي بالرفض. التقريب 1/ 97. قال العقيلي - الضعفاء 1/ 271 في ترجمة الحارث: ولا يتابع الحارث على هذا، وله غير حديث منكر. ثم أشار إلى أن أصل حديث "الدجّال" في الصحيحين.
(2)
المسند 5/ 149، ومسلم 1/ 365 من طرق عن شعبة وغيره عن حُميد بن هلال.
(3)
في المسند "أرأيت إن. . . ".
(4)
فسّرها ابن حبّان: موضع بالمدينة.
كيف تصنع؟ " قلتُ: اللَّهُ ورسولُه أعلم. قال: "اقْعُدْ في بيتك، وأَغْلِق عليك بابَك" قلتُ: فإن لم أُتْرَكْ. قال: "فأْتِ من أنت منهم فكن فيهم" قلت. فآخذ سلاحي؟ قال: "إذن تشاركَهم فيما هم فيه. ولكن إن خشيتَ أن يروعَك شعاعُ السيف، فأَلْقِ طرفَ ردائك على وجهك كي يبوءَ بإثمه وإثمك"(1).
(1261)
الحديث الرابع والعشرون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد العزيز بن عبد الصمد قال: حدّثنا أبو عمران الجَوني عن عبد اللَّه بن الصّامت عن أبي ذرّ:
أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "يا أبا ذرٍّ، إذا طبخْتَ فأكثِرِ المَرَق، وتعاهدْ جيرانَك. أو اقْسِم بين جيرانك".
انفرد بإخراجه مسلم (2).
(1262)
الحديث الخامس والعشرون: وبالإسناد عن أبي ذرّ قال:
قلتُ: يا رسولَ اللَّه، ما آنيةُ الحوض؟ قال:"والذي نفسي بيده، لآنيتُه أكثرُ من عدد نجوم السماء وكواكبها في الليلة المُظلمة المُصْحِية. آنيةُ الجنّة من شرب منها لا يظمأ آخرَ ما عليه، يَشخُبُ (3) فيه مِيزابان من الجنّة، من شَرِبَ منه لم يظمأْ، عَرضُه مثلُ طوله، ما بين عمَان إلى أيلةَ. ماؤه أشدُّ بياضًا من اللبن، وأحلى من العَسل".
انفرد بإخراجه مسلم (4).
(1263)
الحديث السادس والعشرون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمّد بن فُضيل قال: حدّثني فُلَيت العامريّ عن جَسرة العامريّة عن أبي ذرٍّ قال:
صلّى رسول اللَّه ليلةً فقرأ آية حتى أصبح، يركع بها، ويسجد بها:{إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة: 118] فلمّا أصبح قلتُ: يا رسول اللَّه، ما زِلْتَ تقرأُ هذه الآية حتى أصبَحْتَ، تركعُ بها، وتسجدُ بها. قال: "إنّي سألتُ ربّي
(1) المسند 5/ 149. ورجاله رجال الصحيح. وقد صحّحه ابن حبان 15/ 79 (6685)، ووافقه المحقّق. وينظر المستدرك 2/ 156، 4/ 423.
(2)
المسند 5/ 149، ومسلم 4/ 2025 (2625). وأخرجه البخاري في الأدب المفرد 1/ 61 (114) بهذا الإسناد.
(3)
يشخب: يسيل.
(4)
المسند 5/ 149، ومسلم 4/ 1798 (2300).
عزّ وجلّ الشّفاعة لأمَّتي فأعطانيها، وهي نائلةٌ إن شاء اللَّه لمن لا يُشرك باللَّه شيئًا" (1).
* طريق آخر:
حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى قال: حدّثنا قُدامَة بن عبد اللَّه قال: حدّثتني جَسرة بنت دَجاجة أنها انطلقت معتمرةً، فانتهتْ إلى الرَّبَذة، فسمعْتُ أبا ذرّ يقول:
قام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ليلةً من الليالي في صلاة العشاء فصلّى بالقوم، ثم تخلَّفَ أصحابٌ له يُصلّون، فلمّا رأى قيامَهم وتخلُّفَهم انصرفَ إلى رحله، فلما رأى القومَ قد أخلَوا المكانَ رجع إلى مكانه فصلّى، فجئتُ فقُمْتُ خلفَه، فأومأ إليَّ بيمينه، فقمتُ عن يمينه، ثم جاء ابن مسعود فقام خلفي وخلفَه، فأومأ إليه بشماله فقام عن شماله، فقُمْنا ثلاثتنا، يُصلّي كلُّ رجل منّا بنفسه، ويتلو من القرآن ما شاء اللَّه أن يتلو، وقام بآية من القرآن يُردِّدها حتى صلّى الغداة، فلمّا أصبحْنا أومأتُ إلى عبد اللَّه بن مسعود: أن سَلْه: ما أراد إلى ما صنعَ البارحة؟ فقال ابن مسعود بيده: لا أسألُه عن شيء حتى يُحْدِثَ إليَّ. فقلتُ: بأبي وأُمِّي، قمتَ بآيةٍ من القرآن ومعك القرآنُ، لو فعل هذا بعضُنا وَجَدْنا عليه! قال:"دعوتُ لأمّتي". قلتُ: فماذا أُجِبْتَ؟ أو: ماذا رُدَّ عليك؟ قال: "أُجِبْتُ بالَّذي لو اطّلَعَ عليه كثير منهم طلعةً تركوا الصلاة" قلت: "أفلا أُبَشِّرُ النّاس؟ قال: "بلى". فانطلقت مُعْنِقًا (2) قريبًا من قذفة بحجر، فقال عمر: يا رسول اللَّه، إنّك إنْ تَبعثْ إلى النّاس بهذا يكسلوا عن العبادة. فناداه: أن ارجع، فرجع. وتلك الآية:{إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (3).
(1264)
الحديث السابع والعشرون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا سُفيان قال: حدّثنا هشام بن عروة عن أبيه عن أبي مُراوح عن أبي ذرٍّ قال:
قلتُ: يا رسول اللَّه، أيُّ العمل أفضل؟ قال:"إيمانٌ باللَّه، وجهادٌ في سبيله" قال:
(1) المسند 5/ 149. ومحمد بن فُضَيل من رجال الشيخين. وجَسْرة العامرية تابعيّة ثقة. أما فلَيت العامري، ويقال أفلت، فهو صالح الحديث، مقبول. واختلف فيه: هل هو وقدامة بن عبد اللَّه الآتي في الحديث التالي واحد، أو اثنان؟ إلى الأوّل مال ابن حجر، وإلى الثاني المزّي. ينظر التقريب 2/ 485، وتهذيب الكمال 1/ 281، 6/ 110، 8/ 523.
(2)
مُعْنق: مُسرع.
(3)
المسند 5/ 170. وأخرجه مختصرًا النسائي 2/ 177، وابن ماجة 1/ 429 (1350)، والحاكم 1/ 142 وصحّحه، ووافقه الذهبي، كلّهم عن يحيى بن سعيد عن قدامة.
قلتُ: فأي الرّقاب أفضل؟ قال: "أنفسُها عند أهلها، وأغلاها ثمنًا" قال: قلت: فإن لم أجدْ؟ قال: "تُعين صانعًا، أو تصنع لأخرق (1) " قلت: فإن لم أستطع؟ قال: "كُفّ أذاك عن النّاس، فإنّها صدقة تَصَدَّقُ بها عن نفسك".
أخرجاه (2).
(1265)
الحديث الثامن والعشرون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عليّ بن إسحق قال: قال عبد اللَّه: حدّثني يونس عن الزّهريّ قال: سمعْتُ أبا الأحوص مولى لبني ليث يحدِّثُنا في مجلس ابن المسيّب وابن المسيّب جالس - أنّه سمع أبا ذرٍّ يقول:
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا يزال اللَّهُ عز وجل مُقْبلًا على العبد في صلاته ما لم يلتفت، فإذا صرفَ وجهَه انصرف عنه"(3).
* طريق آخر:
حدّثنا أحمد قال: حدّثنا هارون قال: حدّثنا ابنُ وهب قال: أخبرني يونس عن ابن شهاب قال: سمعت أبا الأحوص مولى بني ليث يحدّثنا في مجلس ابن المسيّب -وابن المسيّب جالس- أنّه سمع أبا ذرٍّ يقول:
إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "إذا قام أحدُكم إلى الصلاة فإن الرّحمة تُواجِهُه، فلا يُحَرِّكِ الحصى" أو "لا يَمَسَّ الحصى"(4).
(1) الأخرق: من لا يحسن العمل.
(2)
المسند 5/ 150. والبخاري 5/ 148 (2518)، ومسلم 1/ 89 (84)، كلاهما من طريق هشام بن عروة به.
(3)
المسند 5/ 172. ورجاله ثقات غير أبي الأحوص مولى بني ليث. قال ابن حجر: لم يرو عنه غير الزهريّ، مقبول. التقريب 2/ 692. ووثقه ابن حبّان - تهذيب الكمال 8/ 227.
وقد أخرج الحديث من طريق عبد اللَّه -ابن المبارك- النسائي 3/ 8، والطحاوي في شرح مشكل الآثار 4/ 61 (1428)، وصحّحه المحقّق، وحسّن إسناده. وأخرجه أبو داود 1/ 239 (909) من طريق يونس، وبه صحّحه ابن خزيمة 1/ 244 (482)، والحاكم 1/ 236، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، وأبو الأحوص هذا مولى بني الليث، تابعي من أهل المدينة، وثقه الزهري، وروى عنه، وجرت بينه وبين سعد بن إبراهيم مناظرة في معناه. ووافقه الذهبي. وضعّف الألباني إسناده.
(4)
المسند 5/ 150. وفي إسناده أبو الأحوص، المتقدّم. والحديث في السنن من طريق ابن شهاب الزهري: أبو داود 1/ 249 (945)، والنسائي 3/ 6، وابن ماجة 1/ 328 (1027)، والترمذي 9/ 212 (379)، وحسْنه، وذكر أحاديث الباب، وصحّحه ابن خزيمة 2/ 59 (913، 914)، وابن حبّان 6/ 49، 50 (2273، 2274). ومال الألباني إلى تضعيف إسناده. وينظر إتحاف المهرة 2/ 443، 444.
* طريق آخر:
حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الرزّاق قال: أخبرنا سفيان عن ابن أبي ليلى عن عيسى عن عبد الرحمن (1) عن أبي ذرّ قال:
سألت النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن كلّ شيء، حتى سألْتُه عن مسح الحصى، فقال:"واحدةً، أو دَعْ"(2).
(1266)
الحديث التاسع والعشرون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا سفيان عن الأعمش عن إبراهيم التّيمي عن أبيه عن أبي ذرّ قال:
سألْتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أيّ مسجد وُضعَ في الأرض أوّلُ؟ قال: "المسجدُ الحرام". قلتُ: ثم أيُّ؟ قال: "المسجد الأقصى" قلت: كم بينهما" قال: "أربعون سنة" قلتُ: ثمّ أيّ: قال: "ثم حيثما أدركْتَ الصلاة فصَلِّ، فكلُّها مسجد".
أخرجاه في الصحيحين (3).
(1267)
الحديث الثلاثون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا إسماعيل عن الجُريري عن أبي السّلِيل عن نعيم بن قَعْنَب الرِّياحي قال:
أتيتُ أبا ذرّ فلم أجده، ورأيتُ المرأة فسألتُها، فقالت: هو ذاك في ضيعة له، فجاء يقود -أو جاء يسوق- بعيرين، قاطرًا أحدَهما في عَجُز صاحبه، في عُنقٍ كلِّ واحدٍ منهما قربة، فوضع القربتين، قلت: يا أبا ذرّ، ما كان أحدٌ من النّاس أحبَّ إليّ أن ألقاه منك، ولا أبغضَ إليّ أن ألقاه منك. قال: للَّهِ أبوك، وما يجمع هذا؟ قال: قلت: إنّي كنتُ وأدتُ في الجاهلية، فكنتُ أرجو من لقائك أَن تُخْبِرَني أنّ لي توبة ومخرجًا، وكنتُ أخشى من لقائك
(1) ابن أبي ليلى، محمد بن عبد الرحمن. وعيسى هو ابن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وعبد الرحمن أبوه.
(2)
المسند 5/ 163. وفي إسناده ابن أبي ليلى، صدوق. سيء الحفظ. وقد صحّحه ابن خزيمة 2/ 60 (916)، وأخرجه الطحاوى في شرح المشكل 4/ 62 (1429) عن سفيان، عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عبد اللَّه بن عيسى بن عبد اللَّه، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبي ذرّ. ومال الألباني إلى تضعيف إسناده لسوء حفظ ابن أبي ليلى. ولكن للحديث رواية صحيحة عند أبي داود الطيالسي 1/ 64 (470) عن سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن أبي ذرّ. وله شاهد في الصحيحين، عن معيقيب - الجمع 1/ 393 (634).
(3)
المسند 5/ 150. والبخاري 7/ 406 (3366)، ومسلم 1/ 370 (520) من طريق الأعمش.
أن تُخْبِرَني أن لا توبة لي. قال: أفي الجاهليّة؟ قلت: نعم. قال: عفا اللَّه عمّا سلف.
ثم عاج برأسه إلى المرأة فأمر لي بطعام، فالتوت عليه، ثم أمرَها فالتوت عليه، حتى ارتفعت أصواتُهما، قال: إيهًا، دعينا عنك، فإنّكن لا تَعدون ما قال لنا فيكنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. قلت: وما قال لكم فيهنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ قال: "المرأة ضِلَعٌ، فإن ذهبتَ تُقَوِّمُها تكسِرْها، وإن تَدَعْها ففيها أوَدٌ وبُلْغة (1) ". فولَّت فجاءت بثريدة كأنّها قطاة، فقال: كُلْ، ولا أَهُولَنّك، إنّي صائم. ثم قام يُصلّي، فجعل يُهَذِّبُ الرُّكوع ويُخَفِّفُه، ورأيْتُه يتحرّى أن أشبعَ أو أُقارب، ثم جاء فوضعَ يدَه معي، فقلتُ: إنّا للَّه وإنا إليه راجعونّ فقال: مالك؟ فقلت: من كنتُ أخشى من النّاس أن يَكْذِبَني فما كنتُ أخشى أن تَكْذِبَني. فقال: للَّه أبوك، إنْ كذبتُك كذبة منذ لقيتَني. فقلتُ: ألم تُخْبِرْني أنّك صائم ثم أراك تأكل؟ قال: بلى، إنّي صمت ثلاثة أيام من هذا الشهر فوجب لي أجرُه، وحلّ لي الطعامُ معك (2).
(1268)
الحديث الحادي والثلاثون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عفّان قال: حدّثنا شعبة، قال علي بن مُدْرك أخبرني قال: سمعْتُ أبا زرعة يحدّث عن خَرَشَة بن الحُرِّ عن أبي ذرّ قال:
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ثلاثةٌ لا يكلِّمُهمْ اللَّهُ ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكّيهم، ولهم عذاب أليم" قلت: يا رسول اللَّه، من هم؟ خَسِروا وخابوا. قال: فأعاده رسول اللَّه ثلاث مرّات، قال:"المُسْبِلُ، والمُنْفِقُ سلعته بالحلف الكاذب، والمنّان".
انفرد بإخراجه مسلم (3).
* طريق آخر:
حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الملك بن عمرو قال: حدّثنا سفيان عن منصور عن رِبعيِّ بن حِراش عن أبي ذرّ:
عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم: "إنّ اللَّه عز وجل يُحِبُّ ثلاثة ويُبغض ثلاثة: يُبغض الشيخ الزّاني،
(1) الأود: العوج. والبلغة: ما يكتفى به ويتبلّغ به من الطعام وغيره.
(2)
المسند 5/ 150. ورواه النسائي في الكبرى (التحفة 9/ 188). وهو من طريق الجريري عن أبي العلاء بن عبد اللَّه بن نعيم في الأدب المفرد 1/ 396 (747)، وحسّن الشيخ الألباني إسناده.
ونعيم بن قعنب ذكره ابن حبّان في ثقات التابعين. التقريب 2/ 626. وسائر رجاله رجال الصحيح.
(3)
المسند 5/ 148، ومسلم 1/ 102 (106) عن شعبة، ومن طرق أخرى. وعفّان من رجال الشيخين.
والفقيرَ المختال، والمكثر البخيل. ويُحِبُّ ثلاثة: رجلٌ كان في كتيبةٍ، فكرّ يحميهم حتى قُتِل أو فتح اللَّهُ عليه، ورجلٌ كان في قومٍ فأدلجوا فنزلوا من آخر الليل، وكان النومُ أحبَّ إليهم ممّا يُعْدَل به، وقام يتلو آياتي ويتملَّقُني، ورجل كان في قوم، فأتاهم رجلٌ يسألُهم بقرابة بينه وبينهم، فبَخِلوا عنه، وخلف بأعقابهم حيث لا يراه إلّا اللَّهُ ومن أعطاه (1) ".
* طريق آخر:
حدّثنا أحمد قال: حدّثنا إسماعيل عن الجُريري عن أبي العلاء بن الشِّخِّير عن ابن الأحمس قال:
لقيتُ أبا ذرّ فقلتُ: بَلَغَني عنك أنّك تُحَدِّثُ حديثًا عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. فقال: أما إنه لا تخالُني أكذب على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعدما سمِعْتُه منه، فما الذي بلَغك عنّي؟ قلت: بلَغَني أنّك تقول: "ثلاثةٌ يُحِمهم اللَّهُ وثلاثة يشنؤهم اللَّهُ عز وجل" قال: قُلْتُه وسَمِعْتُه.
قلتُ: فمن هؤلاء الذين يُحبهم اللَّه؟ قال: الرجل يلقى العدوَّ في فئة، فيَنْصِبُ لهم نحره حتى يُقتلَ أو يُفتحَ لأصحابه، والقوم يسافرون فيطول سُراهم، حتى يُحِبُّوا أن يَمَسُّوا الأرضَ، فينزلون، فيَتَنَحَّى أحدُهم فيُصلّي حتى يوقظَهم لرحيلهم. والرّجُل يكون له الجارُ يؤذيه جوارُه، فيصبرُ على أذاه حتى يفرِّقَ بينهما موتٌ أو ظَعْن".
قلت: ومن هؤلاء الذين يشنؤهم؟ قال: "التّاجر الحلّاف، أو قال: البائع الحلّاف. والفقير المختال. والبخيل المنّان (2).
(1269)
الحديث الثاني والثلاثون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى بن إسحق قال: أخبرنا ابن لَهيعة عن عبيد اللَّه بن أبي جعفر عن أبي عبد الرحمن الحُبُلي عن أبي ذرّ قال:
(1) المسند 5/ 153. ورواه أيضًا قبله عن محمد بن جعفر عن شعبة عن منصور عن ربعي بن حراش عن زيد بن ظبيان رفعه إلى أبي ذرّ. فجعل بين ربعي وبين أبي ذرّ زيدًا. ومن هذه الطريق الثانية أخرجه الترمذي 4/ 601 (2568) وصحّحه، والنسائي 7/ 203، و 5/ 84، وصحّحه الحاكم والذهبي 1/ 416، وابن حبّان 8/ 137، 138 (3349، 3350). وضعّفه الألباني.
(2)
المسند 4/ 151. ورجاله رجال الصحيح غير أبي الأحمس، لم يذكر فيه جرح ولا تعديل. الجرح 9/ 315، والتعجيل 530. وأخرج الحديث الطحاوي في شرح المشكل 3/ 217، 214 (2782، 2783) من طريق الجريري. وللحديث طريق آخر صحيح: عن الأسود بن شيبان عن أبي العلاء عن مطرّف بن عبد اللَّه. المسند 5/ 176. والطحاوي 7/ 214 (2784)، وصحّحه الحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، ومحقّق شرح المشكل.
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أيُّما رجلٍ كشف سِترًا فأدخلَ بصرَه من قَبلِ أن يؤذنَ له فقد أتى حدًّا لا يَحِلُّ أن يأتيَه، ولو أنّ رجلًا فقأَ عينه لهُدِرَتْ. ولو أنَّ رجلًا مرَّ على باب لا سِترَ عليه فرأى عورةَ أهله فلا خطيئة عليه، إنّما الخطيئة على أهل البيت"(1).
(1270)
الحديث الثالث والثلاثون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا مكّي بن إبراهيم قال: حدّثنا عُبيد اللَّه بن أبي زياد عن شهر بن حوشب عن ابن عمِّ لأبي ذرٍّ عن أبي ذرٍّ قال:
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من شَرِبَ الخمرَ لم يقبلِ اللَّهُ له صلاةً أربعين ليلةً، فإنْ تابَ تابَ اللَّه عليه، فإن عاد كان مثل ذلك" فما أدري في الثالثة أم في الرابعة قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم "فإن عاد كان حَتمًا على اللَّه أن يسقيَه من طينة الخَبال" قالوا: يا رسول اللَّه، وما طينة الخَبال؟ قال:"عُصارة أهل النّار"(2).
(1271)
الحديث الرابع والثلاثون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى بن غيلان قال: حدّثني رشدين عن سالم بن غَيلان التُّجِيبي حدّثه أن سليمان بن أبي عثمان حدّثه عن حاتم بن أبي عديّ -أو عديّ بن حاتم- الحِمصّي عن أبي ذرّ قال:
قلت لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إنّي أُريد أن أبيتَ عندك الليلة فأُصلّيَ بصلاتك. قال: "لا تستطيع صلاتي" فقام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يغتسل، فسُتِرَ بثوب وأنا مُحَوِّل، فاغتسل، ثم فعَلْتُ مثل ذلك، ثم قام يُصلّي وقُمْتُ معه، حتى جعلْتُ أضربُ برأسي الجُدُرات من طول صلاته، ثم أتاه بلال للصلاة فقال: "إنك (3) يا بلالُ لَتُؤَذِّنُ إذا كان الصُّبُحُ ساطعًا في السّماء، وليس ذلك الصبح، إنما الصُّبحُ هكذا معترضًا". ثم دعا بسَحور فتسحَّر (4).
(1) المسند 5/ 181. وفيه عبد اللَّه بن لهيعة، وفيه كلام. ومن طريق ابن لهيعة أخرجه الترمذي 5/ 60 (2707) وقال: وفي الباب عن أبي هريرة وأبي أُمامة. وقال: هذا حديث غريب، لا نعرف مثل هذا إلّا من حديث ابن لهيعة. وجعل الهيثمي رجاله رجال الصحيح غير ابن لهيعة، فيه ضعف 6/ 298، 8/ 46. ومثله في الترغيب 3/ 428 (4022). وضعّفه الألباني.
(2)
المسند 5/ 171. وفيه رجل لم يُسمّ. وشهر وعُبيد اللَّه ليسا قويين. ينظر مجمع الزوائد 5/ 71. وروى الترمذي 4/ 257 (1863) مثله عن ابن عمر، وحسّنه، وكذلك البغوي في شرح السنة 11/ 357 (3016). ورواه ابن ماجة 2/ 1120 (3377) عن ابن عمرو، وصحّح الحاكم والذهبي 4/ 146 حديث ابن عمرو.
(3)
في المسند "فقال: أفعلْت؟ قال: نعم. قال: إنّك".
(4)
المسند 5/ 171. وإسناده ضعيف. فرشدين بن سعد ضعيف. وسليمان بن أبي عثمان، وحاتم بن عديّ، أو عديّ ابن حاتم مجهولان. وذكر الحديث البوصيري في الإتحاف 3/ 438 (3058، 3059) وقال: رواه أبو يعلى وأحمد ابن حنبل، ومدار إسناديهما على سليمان، وهو مجهول. وفي حاتم أو عديّ ينظر التعجيل 285.
* طريق آخر:
حدّثنا أحمد قال: حدّثنا موسى بن داود قال: حدّثنا ابن لهيعة عن سالم بن غَيلان عن سليمان بن أبي عثمان عن عديّ بن حاتم الحمصيّ عن أبي ذرّ:
عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال لبلال: "يا بلالُ، أنت تؤذِّن إذا كان الصبح ساطعًا في السماء، وليس ذلك بالصبح، إنّما الصُّبْحُ هكذا معترضًا" ثم دعاه بسَحوره. وكان يقول: "لا تزالُ أُمَّتي بخير ما أخَّروا السّحور وعجّلوا الفطر"(1).
(1272)
الحديث الخامس والثلاثون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أسود قال: حدّثنا إسرائيل عن إبراهيم بن مهاجر عن مجاهد عن مورِّق العِجليّ قال:
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أرى ما لا تَرَون، وأسمعُ ما لا تسمعون. أطَّتِ السّماء (2)، وحُقَّ لها أن تَئِط، ما فيها موضع أربع (3) إلّا عليه مَلَكٌ ساجد. لو علمتم ما أعلمُ لضحِكْتم قليلًا ولبَكَيْتُم كثيرًا، ولا تلذَّذْتم بالنّساء على الفُرُشات، ولخَرَجْتُم على -أو إلى- الصُّعُدات تجأرون إلى اللَّه عز وجل".
فقال أبو ذرّ: لوَدَدْتُ أنّي شجرة تُعْضَدُ (4).
(1273)
الحديث السادس والثلاثون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا روح قال: حدّثنا أبو عامر الخزّاز عن أبي عمران الجوني عن عبد اللَّه (5) بن الصّامت عن أبي ذرّ:
عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال: "لا تَحْقِرَنّ من معروفٍ شيئًا، فإن لم تَجِدْ فالْقَ أخاك بوجهٍ طَلق".
انفرد بإخراجه مسلم (6).
(1) المسند 5/ 172. وإسناده كسابقه، ففيه مع سليمان وعديّ ابنُ لهيعة، وهو ضعيف.
(2)
أطّ الشيءُ: أخرج صوتًا.
(3)
في المسند "أربع أصابع".
(4)
المسند 5/ 173. ومن طريق إسرائيل في الترمذي 4/ 481 (2312) وقال: حسن غريب، وابن ماجة 2/ 402 (4190)، والطحاوي 3/ 168 (1135)، وحسّن محقق المشكل لغيره، لأن إبراهيم صدوق فيه لين. وحسّن الحديث الألباني. وذكره في الصحيحة 4/ 299 (1722). وأورد البوصيري في الإتحاف 9/ 487 (9426) قول أبي ذرّ "لوددت. . " عن مسدّد، وقال: رجاله ثقات.
(5)
في الأصول "عبادة" وهو وهم.
(6)
المسند 5/ 173، ومسلم 4/ 2026 (2626) من طريق أبي عامر. وروح من رجال الشيخين.
(1274)
الحديث السابع والثلاثون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا وهب بن جرير قال: حدّثنا أبي قال: سمعْتُ حرملة يحدّث عن عبد الرحمن بن شماسة عن أبي بَصرة عن أبي ذرّ قال:
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إنّكم يستفتحون مصر، وهي أرض يُسَمّى فيها القيراطُ، فإذا فَتَحْتُموها فأحْسِنوا إلى أهلها، فإن لهم ذِمَّةً ورَحِمًا، أو قال: ذِمّة وصِهْرًا، فإذا رأيت رجلين يختصمان في موضع لَبنةٍ فاخرج منها".
انفرد بإخراجه مسلم (1).
وقوله: "فإنّ لهم ذمّة ورحمًا" قولان: أنّ هاجر أمّ إسماعيل كانت قبطيّة. والثّاني: أن مارية أمّ إبراهيم كانت قبطيّة.
وقوله: "إذا رأيْتَ رجلين يختصمان في موضع لبِنة" يشير إلى كثرة النّاس وازدحامهم (2).
(1275)
الحديث الثامن والثلاثون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا سليمان بن داود، قال: حدّثنا عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان قال: حدّثني أبي عن مكحول أن عمر بن نُعَيم حدّثه أن أبا ذرّ حدّثهم:
أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "إنّ اللَّه عز وجل يقبلُ عبدَه (3)، أو: يغفر لعبده ما لم يقع الحجاب" قيل: وما وقوع الحجاب؟ قال: "تخرج النّفسُ وهي مُشركة"(4).
(1276)
الحديث التاسع والثلاثون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمد بن جعفر قال: حدّثنا شعبة عن حُميد بن هلال عن عبد اللَّه بن الصامت عن أبي ذرّ:
(1) المسند 5/ 173، ومسلم 4/ 1970 (2543).
(2)
ينظر كشف المشكل 1/ 374، وشرح النووي 15/ 331.
(3)
كذا في الأصول. وفي المسند "يقبل توبة عبده".
(4)
المسند 5/ 174. وبعده عن عمر بن نعيم عن أسامة بن سلمان عن أبي ذرّ. ويبدو أنّه الصواب، أو أن في هذا انقطاعًا، لأن ابن حجر ذكر في التعجيل 306، عمر بن نعيم، شامي، عن أسامة بن سليمان، وعنه مكحول. وفي 27 ذكر أسامة بن سلمان، روى عن أبي ذرّ، وروى عنه عمر بن نعيم. وذكرهما ابن حبّان في الثقات.
ورواه ابن حبّان 2/ 193، 394 (626، 627) من طريق ابن ثوبان. وضعّف المحقّق إسناده لجهالة حال عمر وشجه أسامة. ومع ذلك صحّحه الحاكم 4/ 257، ووافقه الذهبي. وقال الهيثمي 10/ 201: وفيه عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، وقد وثقه جماعة، وضعّفه آخرون! ففي إسناده جهالة وضعف وانقطاع.
عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال: "إنّ ناسًا من أُمّتي سِيماهم التَّحليقُ، يقرءون القرآن لا يُجاوِزُ حلوقَهم، يَمرُقون من الدّين كما يَمرُقُ السَّهمُ من الرَّمِيّة، هم شَرُّ الخَلْق والخليقة".
انفرد بإخراجه مسلم (1).
(1277)
الحديث الأربعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى عن ابن عجلان قال: حدّثني سعيد عن أبيه عن عبد اللَّه بن وَديعة عن أبي ذرّ:
عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "من اغتسل أو تطهَّرَ، فأحسنَ الطهور، ولبِسَ من أحسن ثيابه، ومسَّ ما كتب اللَّه له من طيب أو دُهنِ أهلِه، ثم أتى الجمعةَ، فلم يَلْغُ، ولم يفرِّق بين اثنين، غفرَ اللَّه له ما بينه وبين الجمعة الأُخرى"(2).
(1278)
الحديث الحادي والأربعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا وكيع قال: حدّثنا إسرائيل عن جابر بن ثابت بن سعد -أو سعيد- عن أبي ذرّ:
أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم رجمَ امرأةً، فأمرَني أن أحفِرَ لها، فحَفَرْتُ لها إلى سُرَّتي (3).
(1279)
الحديث الثاني والأربعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا وكيع قال: حدّثنا المسعودي قال: أنبأني أبو عمر الدّمشقي عن عُبيد بن الخَشْخاش عن أبي ذرّ قال:
أتيتُ النّبيَّ صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد، فجلسْتُ، فقال:"يا أبا ذرٍّ، هل صلَّيْتَ؟ قلت: لا. قال: "قم فصَلِّ" فقمتُ فصلّيْتُ ثم جلستُ، فقال: "يا أبا ذرّ، تعوَّذ باللَّه من شرّ شياطين
(1) المسند 5/ 176، ومسلم 2/ 750 (1067) من طريق حُميد. ومَن تحته من رجال الشيخين.
(2)
المسند 5/ 177. ورجاله ثقات. وهو في سنن ابن ماجة 1/ 349 (1097) قال البوصيري: إسناده صحيح، ورجاله ثقات. وصحّحه ابن خزيمة 2/ 131، 157 (1764، 1812): وصحّحه الحاكم 1/ 290 على شرط مسلم، ووافقه الذهبي. واعترض البوصيري في الإتحاف 3/ 12 (2126) بأن مسلمًا لم يخرج لابن وديعة شيئًا. وهو كما قال، فقد أخرج له البخاري - التهذيب 4/ 314، والجمع بين رجال الصحيحين 1/ 267. ومحمد بن عجلان روى له مسلم وأصحاب السنن والبخاري تعليقًا.
والحديث أخرجه البخاري 2/ 370 (883) عن ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبيه عن ابن وديعة عن سلمان. قال ابن حجر: أما ابن عجلان فهو دون ابن أبي ذئب في الحفظ، فروايته مرجوحة، مع أنّه محتمل أن يكون ابن وديعة سمعه من أبي ذرّ وسلمان جميعًا.
(3)
المسند 5/ 178. قال في المجمع 6/ 272: فيه جابر الجعفي، وهو ضعيف. أقول: وفيه أيضًا ثابت بن سعد -أو سعيد- لم يذكر في التعجيل، وليس في رجال التهذيب من اسمه هكذا ممّن روى عن أبي ذرّ أو روى عنه الجعفي، فكأنه مجهول. قال ابن كثير في الجامع 13/ 700 (1300): تفرَّد به.
الإنس والجنّ". قال: قلتُ: يا رسول اللَّه، وللإنس شياطين؟ قال: "نعم".
قلتُ: يا رسول اللَّه، الصلاة؟ قال: خيرُ موضوع، من شاء أقلّ، ومن شاء أكثر. قال: قلتُ: يا رسول اللَّه، فالصوم؟ قال:"قَرْضٌ مجزيّ (1)، وعند اللَّه مزيد".
قلت: يا رسول اللَّه، فالصدقة؟ قال:"أضعاف مضاعفة". قلت: يا رسول اللَّه، فأيّها أفضل؟ قال:"جُهدٌ من مُقِلّ، أو سِرٌّ إلى فقير".
قلت: يا رسول اللَّه، أيُّ الأنبياء كان أوّل؟ قال:"آدم" قلت: يا رسول اللَّه، ونبيٌّ كان؟ قال:"نعم، نبيّ مُكَلَّم". قال: قلت: يا رسول اللَّه، كم المرسلون؟ قال:"ثلاثمائة وبضعة عشر جمًّا غَفيرًا" وقال مرّة، "خمسة عشر".
قلت: يا رسول اللَّه، أيّما أُنْزل عليك أعظم؟ قالَ:"آية الكرسي": {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ} (2)[البقرة: 255].
(1280)
الحديث الثالث والأربعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا هشام عن واصل عن يحيى بن عُقيل عن يحيى بن يعمر عن أبي ذرّ:
عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "عُرِضَتْ على أُمّتي بأعمالها حسنةً وسيّئةً، فرأيتُ من محاسن أعمالها إماطةَ الأذى عن الطّريق، ورأيتُ من سيّء أعمالها النُّخاعةَ في المسجد لم تُدْفَن".
انفرد بإخراجه مسلم (3).
(1) في المصادر "فرض مجزىء" وكتبت في المخطوطات "قرض". والكلمة الأخرى محتملة "مجزيّ" أو "مجزىء".
(2)
المسند 5/ 178. قال الهيثمي 1/ 164: رواه أحمد والبزّار والطبراني في الأوسط بنحوه، وعند النسائي طرف منه. وفيه المسعودي، وهو ثقة لكنه اختلط. ويُزاد عليه: عُبيد: ليّن الحديث. التقريب 1/ 383. وأبو عمر -ويقال: عمرو- ضعيف. التقريب 2/ 748.
والحديث من طريق المسعودي في مسند الطيالسي 65 (478)، وجزء منه في النسائي 8/ 275، وضعّف الألباني إسناده. وأخرج الحاكم جزءًا منه من طريق المسعودي عن أبي عمرو الشيباني (كذا) وصحّحه هو والذهبي.
(3)
المسند 5/ 178. ورواه قبله عن واصل عن يحيى بن عُقيل عن يحيى بن يعمر، قال: وكان واصل ربما ذكر ابا الأسود الدّيلي عن أبي ذرّ. وقد رواه كذلك مسلم 1/ 390 (553) من طريق واصل، والبخاري في الأدب المفرد 1/ 121 (230)، وابن حبّان 4/ 519 (1640)، كلّهم ذكروا أبا الأسود بين يحيى وأبي ذرّ. ورواه ابن ماجة 2/ 1314 (3683) دون ذكر أبي الأسود، وصحّحه الألباني. وفي كتب الرجال أن يحيى سمع من أبي ذرّ، ومن أبي الأسود. فيكون قد روى الحديث عنهما، وهو ثقة.
(1281)
الحديث الرابع والأربعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا حجّاج بن أرطاة عن عبد الملك بن المغيرة الطائفي عن عبد اللَّه بن المقدام عن ابن شدّاد عن أبي ذرّ قال:
كنتُ مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فأتى رجلٌ فقال: إنّ الأَخِر (1) قد زنا. فأعرض عنه، ثمّ ثنّى (2)، ثم ثَلَّث، ثم ربّع، فنزل النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فأمرَنا فحفرْنا له حفرة ليست بالطّويلة، فرُجِمَ. فارتحلَ رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم كئيبًا حزينًا، فسِرْنا حتى نزلْنا منزلًا، فسُرّي عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال لي:"يا أبا ذرٍّ، ألم ترَ إلى صاحبكم، غُفِرَ له وأُدْخِلَ الجنّة"(3).
الأَخِر: المُدْبر المُتَخَلِّف.
(1282)
الحديث الخامس والأربعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمد بن جعفر قال: حدّثنا عوف عن مهاجر أبي خالد قال: حدّثني أبو العالية قال: حدّثني أبو مسلم قال:
قلتُ لأبي ذرٍّ: أيُّ قيام الليل أفضل؟ قال أبو ذرٍّ: سألْتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كما سألتَني، شكّ عوف، فقال:"جوفُ الليل الغابر" أو: "نصف الليل، وقليلٌ فاعلُه"(4).
(1283)
الحديث السادس والأربعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو عامر قال: حدّثنا عبد الجليل بن عطيّة، حدّثنا مزاحم بن معاوية الضبّيّ عن أبي ذرّ:
أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم خرج زمن الشّتاء والورق يتهافت، فأخذ بغُصنَين من شجرة، فجعل الورق يتهافتُ، فقال:"يا أبا ذرّ". قلت: لبَّيْك يا رسول اللَّه. قال: "إنّ العبدَ المسلم يُصلّي الصلاة يريدُ بها وجهَ اللَّه عز وجل، فتتهافتُ ذنوبُه كما يتهافتُ هذا الورق عن هذه الشجرة"(5).
(1284)
الحديث السابع والأربعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أسود بن عامر حدّثنا أبو بكر بن عيّاش عن مُطرِّف عن أبي الجهم عن خالد بن وُهبان عن أبي ذرّ قال:
(1) الأخر على وزن كَتِف، وليست ممدودة كما يُتوهّم.
(2)
(ثم ثنى) ليست في المسند.
(3)
المسند 5/ 179. وفي إسناده الحجّاج، هو مدلّس، وعنعنه. ينظر الجمع 6/ 269، فقد أعلّه بهذا.
(4)
المسند 5/ 179. وفيه المهاجر وأبو مسلم الجذمي، مقبولان. التقريب 2/ 605، 765. وقد صحّحه ابن حبّان من طريق عوف 6/ 304 (2564)، وضعّفه المحقّق لضعف لمهاجر.
(5)
المسند 5/ 179 وقال الهيثمي في المجمع 2/ 251: رواه أحمد، ورجاله ثقات. على أن مزاحم بن معاوية جهله أبو حاتم، ووثّقه ابن حبّان. التعجيل 398.
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من فارق الجماعة شبرًا خلع رِبقة الإسلام من عنقه"(1).
(1285)
الحديث الثامن والأربعون: حدّثنا البخاري قال: حدّثنا يحيى بن بُكير قال: حدّثنا الليث عن يونس عن ابن شهاب عن أنس بن مالك قال: كان أبو ذرّ يحدّث:
أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "فُرِجَ سقفُ بيتي وأنا بمكّة، فنزل جبريل ففرَج صدري ثم غسله بماء زمزمَ، ثم جاء بطَسْتٍ من ذهبٍ ممتلىء حكمةً وإيمانًا فأفرَغه في صدري ثم أطبقَه، ثم أخذ بيدي فعَرَجَ بي إلى السّماء، فلمّا جئتُ إلى السماء الدُّنيا قال جبريلُ لخازن السماء: افتحْ، قال: من هذا: قال جبريل، قال: وهل معك أحد؟ قال: نعم، معي محمّد، قال: أُرسل إليه؟ قال: نعم. فلمّا فتحَ عَلَونا السماء الدُّنيا، فإذا رجلٌ قاعدٌ، على يمينه أسْوِدَة وعلى يساره أسْوِدَة، فإذا نظر قِبَلَ يمينه ضحك، وإذا نظر قِبَلَ شماله بكى، فقال: مرحبًا بالنبيّ الصالح والابن الصالح، قلتُ لجبريل: من هذا؟ قال: هذا آدمُ، وهذه الأَسْوِدَةُ عن يمينه وعن شماله نَسَمُ بنيه، فأهل اليمين منهم أهل الجنّة، والأسوِدة التي عن شماله أهل النّار، فإذا نظرَ عن يمينه ضحك، وإذا نظر عن شماله بكى. ثم عرج بي إلى السماء الثّانية، فقال لخازنها: افتح، فقال له خازنها مثل ما قال الأوّل، ففتح" قال أنس: فذكر أنّه وجدَ في السماوات آدمَ وإدريس وموسى وعيسى وإبراهيم، ولم يُثْبِتْ كيف منازلُهم، غير أنّه ذكر أنّه وجدَ آدم في السماء الدُّنيا، وإبراهيم في السماء السادسة. قال أنس:"فلمّا مرّ جبريل بالنبيّ صلى الله عليه وسلم بإدريس قال: مرحبًا بالنبيّ الصالح والأخ الصالح، قلت: من هذا؟ قال: هذا إدريس. ثم مررت بموسى فقال: مرحبًا بالنبيّ الصالح والأخ الصالح، فقلت: من هذا؟ قال: هذا موسى. ثم مررت بعيسى فقال: مرحبًا بالأخ الصالح والنبيّ الصالح، قلت: من هذا؟ قال: هذا عيسى. ثم مررْتُ بإبراهيم، فقال: مرحبًا بالنبيّ الصالح والابن الصالح، قلت: من هذا؟ قال: هذا إبراهيم".
(1) المسند 5/ 180. وفيه خالد بن وهبان، قال عنه ابن حجر في التقريب 1/ 153: مجهول. ولكن الحاكم انتصر لخالد هذا، فقد روى الحديث من طريق مطرّف 1/ 117، قال: خالد بن وهبان لم يجرّح في رواياته، وهو تابعى معروف، إلّا أن الشيخين لم يخرجاه. قال: وقد روي هذا المتن عن عبد اللَّه بن عمر بإسناد صحيح على شرطهما. وقال الذهبي مؤيّدًا: خالد لم يُضعّف. وقد أخرج أبو داود الحديث من طريق زهير وأبي بكر بن عيّاش ومندل عن مطرّف 4/ 241 (4758)، وصحّحه الألباني.
قال الزُّهريّ: فأخبرَني ابن حزم أن ابن عبّاس وأبا حيّة الأنصاريّ كانا يقولان: قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: "ثم عُرج بي حتى ظهرْت لمستوى أسمعُ فيه صريف الأقلام". قال ابن حزم وأنس بن مالك: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ففرضَ اللَّهُ عز وجل على أُمّتي خمسين صلاة، فرجعْتُ حتى مَرَرْتُ على موسى، فقال: ما فرضَ اللَّهُ على أُمّتك؟ قلتُ: فرض خمسين صلاة، قال: فارجِعْ إلى ربّك، فإنَّ أُمَّتك لا تطيقُ ذلك، فوضع شَطْرَها، فرجعْتُ إلى موسى فقلت: وضعَ شَطرَها، فقال: ارجع إلى ربِّك، فإنّ أُمَّتَك لا تُطيق ذلك، فرجَعْتُ فوضع شَطرها، فرجَعْت إليه فقال: ارجعْ إلى ربِّك، فإنَّ أُمّتك لا تطيق ذلك، فرجَعْتُ فقال: هي خمس وهي خمسون، لا يُبَدّل القول لديّ. فرجعتُ إلى موسى فقال: ارجعْ إلى ربّك، فقلتُ: قد استَحْيَيْتُ من ربّي.
ثم انطلق بي حتى انتهى إلى سدرة المُنْتَهى، فغَشِيَتْنا ألوانٌ لا أدري ما هي، ثم أُدْخِلْتُ الجنّة، فإذا فيها جنابذُ اللؤلؤ، وإذا ترابُها المسك".
أخرجاه (1).
والجنابذ: القِباب (2).
(1286)
الحديث التاسع والأربعون: حدّثنا مسلم قال: حدّثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث قال: حدّثني أبي شعيبُ بن الليث قال: حدّثني الليث بن سعد قال: حدّثني يزيدُ بن أبي حبيب عن بكر بن عمرو عن الحارث بن يزيد الحضرمي عن ابن حُجَيرة الأكبر عن أبي ذرّ قال:
قلتُ: يا رسولَ اللَّه، ألا تستعملُني؟ فضرب بيده على قلبي ثم قال:"يا أبا ذرّ، إنّك ضعيف، وإنّها أمانة، وإنّها يوم القيامة خِزي وندامة، إلّا من أخذَها بحقّها وأدّى الذي عليه فيها"(3).
* طريق آخر:
حدّثنا مسلم قال: حدّثنا زهير بن حرب قال: حدّثنا عبيد اللَّه بن يزيد قال: حدّثنا
(1) البخاري 1/ 458 (349). ومسلم 1/ 148 (163) من طريق يونس.
(2)
ويروى: حبائل. وينظر شرح الحديث في الفتح.
(3)
مسلم 3/ 1457 (1825). وهو في المسند من طريق الحارث بن يزيد 5/ 173.
سعيد بن أبي أيوب عن عبيد اللَّه بن أبي جعفر القرشيّ عن سالم بن أبي سالم الجيشاني عن أبيه عن أبي ذرٍّ:
أن رسول اللَّه قال: "يا أبا ذرّ، إنّي أراكَ ضعيفًا، وإنّي أُحِبُّ لك ما أُحِبُّ لنفسي، لا تأمَّرَنّ على اثنين، ولا تولّيَنَّ مال يتيم".
انفرد بإخراج الطريقين مسلم (1).
(1287)
الحديث الخمسون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى بن سعيد عن عكرمة ابن عمّار قال: حدّثني أبو زُميل سِماك الحنفي قال: حدّثني مالك بن مَرْثَد بن عبد اللَّه قال: حدّثني أبي مَرْثدٌ قال:
سألتُ أبا ذرٍّ قلت: كيف (2) سألْتَ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن ليلة القدر؟ قال: أنا كنتُ أسألَ النّاسِ عنها، قلتُ: يا رسولَ اللَّه، أخْبِرْني عن ليلة القدر، أفي رمضان هي أو غيره؟ قال:"بل هي في رمضان". قلتُ: تكون مع الأنبياء ما كانوا، فإذا قُبِضوا رُفِعَتْ، أم هي إلى يوم القيامة؟ قال:"بل هي إلى يوم القيامة" قال: قلت: في أيّ رمضان هي؟ قال: "التمسوها في العشر الأُول والعشر الأُخَر" ثم حدّث رسول اللَّه وحدّث، ثم اهْتَبَلْتُ غفلته فقلتُ: في أيّ العَشرين هي؟ قال: "ابتغوها في العشر الأواخر، لا تسألْني عن شيءٍ بعدها" ثم حدّث رسول اللَّه، ثم اهْتَبَلْتُ غفلته فقلتُ: يا رسول اللَّه، أقسمْتُ عليك بحقّي عليك لما أخبَرْتَني، في أيّ العَشر هي؟ فغَضِبَ عليَّ غضبًا لم يغضبْ عليّ مثلَه منذ صَحِبْتُه، وقال:"التمسوها في السبع الأواخر، لا تسألْني عن شيءٍ بعدها"(3).
(1288)
الحديث الحادي والخمسون: حدّثنا مسلم قال: حدّثنا عبد اللَّه بن محمد ابن أسماء قال: حدّثنا مهدي قال: حدّثنا واصل عن يحيى بن عُقيل عن يحيى بن يعمر عن أبي الأسود الدُّؤلي عن أبي ذرّ:
(1) مسلم 3/ 1457 (1826). ومن طريق أبي عبد الرحمن عبيد اللَّه بن يزيد -باختصار- في المسند 5/ 180.
(2)
في المسند "كنت".
(3)
المسند 5/ 171. ومَرْثد مقبول - كما قال ابن حجر في التقريب 2/ 575. ولكن الذهبي قال: فيه جهالة، ما روى عنه سوى ولده مالك. الميزان 4/ 87. وروى الحديث الهيثمي في المجمع 3/ 180 وقال: ومرثد هذا لم يرو عنه غير ابنه مالك، وبقية رجاله ثقات. وأخرجه الحاكم 1/ 437 من طريق عكرمة، وصحّحه على شرط مسلم، ووافقه الذهبي. وابن مرثد ثقة، وأبوه - كما ذكرنا، ولكن مسلمًا لم يخرج لهما! !
عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم: أنّه قال: "يُصبح على كلّ سُلامى (1) من أحدكم صدقة، فكلُّ تسبيحة صدقةٌ، وكلُّ تحميدة صدقةٌ، وكلُّ تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمرٌ بالمعروف صدقة، ونهيٌ عن المنكر صدقة، ويجزىء من ذلك ركعتان يركعهما من الضُّحى".
انفرد بإخراجه مسلم (2).
(1289)
الحديث الثاني والخمسون: حدّثنا مسلم قال: حدّثنا عبد اللَّه بن عبد الرحمن الدّارمي قال: حدّثنا مروان بن محمد الدّمشقي قال: حدّثنا سعيد بن عبد العزيز عن ربيعة بن يزيد عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ذرّ:
عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم فيما روى عن ربّه تبارك وتعالى أنّه قال: "يا عبادي، إنّي حرّمْتُ الظُلْمَ على نفسي وجعلْتُه بينكم مُحَرّمًا، فلا تَظالموا. يا عبادي، كلُّكم ضالٌّ إلّا من هدَيْتُه، فاسْتَهْدوني أهْدِكم. يا عبادي، كلُّكم جائعٌ إلّا من أطْعَمْتُه، فاستطعموني أُطْعِمْكم. يا عبادي، كلُّكم عارٍ إلّا من كَسَوْتُه، فاستكسوني أكسُكم. يا عبادي، إنّكم تُخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفرُ الذُّنوب جميعًا، فاستغفروني أغفرْ لكم. يا عبادي، إنّكم لن تبلُغوا ضَرّي فتَضُرُّوني، ولن تبلغوا نَفعي فتنفعوني. يا عبادي، لو أنّ أوّلكم وآخرَكم وإنسكم وجنَّكم كانوا على أتقى قلب رجلٍ واحدٍ منكم، ما زاد ذلك في مُلكي شيئًا. يا عبادي، لو أنّ أوّلكم وآخركم وإنسكم وجنّكم كانوا على أفجر قلب رجلٍ واحدٍ، ما نقص ذلك من مُلكي شيئًا. يا عبادي، لو أنّ أوّلَكم وآخرَكم وإنسكم وجنَّكم قاموا في صعيدٍ واحدٍ وسألوني، فأعطيتُ كلّ واحدٍ مسألتَه، ما نقص ذلك ممّا عندي إلّا كما ينقص المِخْيَطُ إذا أُدْخلَ البحر. يا عبادي، إنّما هي أعمالُكم أُحْصِيها لكم ثم أوَفِّيكم إيّاها، فمن وجدَ خيرًا فَلْيَحْمَدِ اللَّه، ومن وجَدَ غيرَ ذلك فلا يلومَنّ إلّا نفسه".
قال سعيد: كان أبو إدريس الخَولاني إذا حدّث بهذا الحديث جثا على رُكبتيه.
انفرد بإخراجه مسلم (3).
(1) السلامى: عظام الأصابع، ويراد به جميع عظم البدن.
(2)
مسلم 1/ 498 (720)، ومن طريق مهدي بن ميمون في المسند 5/ 167.
(3)
مسلم 4/ 1994 (2577). وله طريق أُخرى فيه عن عبد الصمد عن همّام عن قتادة عن ابن قلابة عن أبي أسماء الرحبي عن أبي ذرّ. وهذه في المسند 5/ 160.
* طريق لبعضه:
حدّثنا أحمد قال: حدّثنا ابن نمير قال: حدّثنا موسى بن المسيّب عن شهر عن عبد الرحمن بن غَنْم عن أبي ذرّ:
عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "إنّ اللَّه عز وجل يقول: يا عبادي، كلُّكم مذنبٌ إلّا من عافيت، فاستغفروني أَغْفِرْ لكم. وكلُّكم فقيرٌ إلّا من أغنيتُ. . . . إنّي جوادٌ ماجدٌ واجدٌ، أفعلُ ما أشاء، عطائي كلام، وعذابي كلام، إذا أردتُ شيئًا فإنّما أقول له كُن فيكون"(1).
(1290)
الحديث الثالث والخمسون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو معاوية قال: حدّثنا الأعمش عن شِمر بن عطيّة، عن أشياخه عن أبي ذرّ قال:
قلتُ: يا رسول اللَّه، أوْصِني. قال:"إذا عَمِلْتَ سيّئة فأتْبِعْها حسنة تَمْحُها".
قال: قلتُ: يا رسول اللَّه، أمِنَ الحسنات: لا إله إلّا اللَّه؟ قال: "هي أفضل الحسنات"(2).
(1291)
الحديث الرابع والخمسون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عفّان قال: حدّثنا همّام قال: حدّثنا قتادة عن عبد اللَّه بن شقيق قال:
قلتُ لأبي ذرّ: لو رأيتُ رسولَ اللَّه لسألْتُه. قال: وما كنتَ تسألُه؟ قال: أسأله: هل رأى ربَّه عز وجل؟ فقال: إنّي قد سألْتُه، فقال:"قد رأيتُه نورًا، أنّى أراه؟ ".
هكذا رواه أحمد (3).
وهذا الحديث ممّا انفرد به مسلم، فأخرجه على وصفين:
الوصفُ الأوّل: حدّثنا مسلم قال: حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدّثنا وكيع عن يزيد بن إبراهيم عن قتادة عن عبد اللَّه بن شقيق عن أبي ذرّ قال:
(1) المسند 5/ 177. وهو حديث طويل، اقتصر المؤلّف على جُمل من أوله وآخره. وشهر بن حوشب كثير الأوهام. وهو من طريق موسى بن المسيب الثقفي في سنن ابن ماجة 2/ 1422 (4257)، ومن طريق شهر ابن حوشب في الترمذي 4/ 566 (2495)، وقال: حديث حسن. وضعّفه الألباني بهذه السياقة.
(2)
المسند 5/ 169. قال الهيثمي 10/ 84: رواه أحمد، ورجاله ثقات، إلّا أن شمر حدّث عن أشياخه عن أبي ذرّ، ولم يُسَمّ أحدًا منهم.
(3)
المسند 5/ 147 وإسناده صحيح على شرط - كما سيأتي.
سألْتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: هل رأيْتَ ربَّك؟ قال: "نورٌ، أنّى أراه".
الوصف الثاني: حدّثنا مسلم قال: حدّثنا محمد بن بشّار قال: حدّثنا معاذ بن هشام قال: حدّثنا أبي عن قتادة عن عبد اللَّه بن شقيق قال:
قلتُ لأبي ذرّ: لو رأيتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لسألْتُه. فقال: عن أي شيء كنتَ تسألُه؟ قال: كنتُ أسألُه: هل رأيتَ ربَّك؟ قال أبو ذرّ: قد سألْتُه فقال: "رأيتُ نورًا"(1).
فهذا الحديث قد اختلفت ألفاظه، وقد ذكر أبو بكر الخلّال (2) في كتاب "العلل" أنّ أحمد بن حنبل سُئل عن هذا الحديث فقال: ما زِلْتُ مُنكرًا لهذا الحديث، وما أدري ما وجهُه. وقال أبو بكر محمد بن إسحق بن خُزيمة: في القلب من صحّة سند هذا الحديث شيء؛ لأن عبد اللَّه بن شقيق كأنه لم يُثبت أبا ذرّ ولم يعرفْه، لأنّه قال: أتيتُ فإذا رجلٌ قائمٌ، فقالوا: هذا أبو ذرّ.
قلتُ: فنجيب على تقدير الصحّة بجوابين: أحدهما: أن يكون المعنى: كيف أراه وحجابُه النور، فالنور مانع. والثّاني: أنّ أبا ذرّ أسلم قديمًا، ثم قَدِم بعد الخندق، فيحتمل أن يكون سألَ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قبلَ المعراج، فأخبرَه أنّ النّور يمنع من رؤيته، وقد قال بعد المعراج:"رأيتُ ربّي"(3).
(1292)
الحديث الخامس والخمسون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا إسماعيل عن يونس عن الحسن عن صَعْصَعة بن معاوية قال:
أتيتُ أبا ذرّ قلت: مالك (4)؟ قال: لي عملي.
قلتُ: حدِّثْني. قال: نعم، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"ما من مسلمين يموتُ بينهما ثلاثةٌ من أولادهما لم يبلُغوا الحِنْثَ إلّا غُفِرَ لهما".
(1) كلاهما في مسلم 1/ 161 (178).
(2)
وهو أحمد بن محمد بن هارون، أحد أئمّة الحنابلة، له "السنة" و"العلل" و"الجامع في الفقه". توفّي سنة 311 هـ. ينظر السير 14/ 297.
(3)
نقل المؤلّف الكلام بأطول من هذا في كتاب كشف المشكل 1/ 271. وينظر التوحيد لابن خزيمة 106، والفتاوى لابن تيمية 3/ 386، 6/ 507، وشرح النووي 3/ 15، وصحيح ابن حبّان 1/ 254 وما بعدها. وينظر أيضًا باب: "الرؤية" في السنّة لابن أبي عاصم 1/ 306 وما بعدها.
(4)
في المسند "ما مالك؟ ".
قلت: حدِّثني. قال: نعم، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"ما من مُسلْم يُنْفِقُ من كلِّ مالٍ له زوجَين في سبيل اللَّه إلّا استقبلَتْه حَجَبَةُ الجنّة، كلُّهم يدعوه إلى ما عندَه". قلتُ: كيف ذاك؟ قال: إنّ كان رجالًا فرجلين، وإن كانت إبلًا فبعيرين. وإن كانت بقرًا فبقرتين (1).
* طريق آخر:
حدّثنا أحمد قال: عبد الملك بن عمرو قال: حدّثنا قُرّة عن الحسن عن صعصعة بن معاوية قال:
لقيتُ أبا ذرّ بالرّبَذة فقال: سمعْتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "من أنفقَ زوجَين من ماله في سبيل اللَّه عز وجل ابْتَدَرَتْه حَجَبةُ الجنّة".
وقال: سمعْتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من مسلمَين يموتُ لهما ثلاثةٌ من الولد لم يبلغوا الحِنْث، إلّا أدخلَهم اللَّه الجنّة بفضل رحمته إيّاهم"(2).
(1293)
الحديث السادس والخمسون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا حسين قال: حدّثنا شيبان عن منصور عن ربعي عن خَرَشة بن الحُرّ عن المعرور بن سويد عن أبي ذرّ قال:
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أُعْطِيتُ خواتيمَ سورة البقرة من بيت كنز من تحت العرش، لم يُعْطَهنّ نبيٌّ قبلي"(3).
(1) المسند 5/ 151. ورجاله رجال الصحيح، عدا صعصعة، له صحبة. أخرج له النسائي وابن ماجة، والبخاري في "الأدب المفرد" وأخرج النسائي الحديث في قسمين 4/ 24، 6/ 48 من طريق يونس، وصحّحه الحاكم والذهبي 2/ 86. وهو من طريق الحسن في المعجم الكبير 2/ 154 (1644) وابن حبّان 1/ 501 (4643) وقال البوصيري في الإتحاف 3/ 211 (2540) بعد أن رواه من طريق صعصعة: رواه مسدّد بسند صحيح. وصحّحه الشيخ ناصر - ينظر الصحيحة 5/ 329 (2260).
(2)
المسند 5/ 153، ورجاله رجال الشيخين، عدا صعصعة كما سبق. ومن طريق عبد الملك بن عمرو أبي عامر العقدي، صحّحه ابن حبّان 10/ 502 (4645).
(3)
المسند 5/ 151. ومثله في 5/ 181، ولكن شيخ أحمد فيه حجّاج، ورجاله ثقات. وقد جاء الحديث في الإتحاف 14/ 117، والأطراف 6/ 165 في ترجمة "خرشة عن أبي ذرّ" وفيه: عن خرشة بن الحرّ أو عن المعرور. وفي جامع المسانيد 13/ 709 خرشة، ولكن فيه: عن خرشة عن المعرور! ثم تكررّ في ترجمة المعرور وفيه أيضًا: عن خرشة عن المعرور 13/ 778. وخرشة ومعرور ثقتان، من رجال الشيخين، وكلاهما روى عن أبي ذرّ.
(1294)
الحديث السابع والخمسون: حدّثنا البخاري ومسلم قالا: حدّثنا قتيبة قال: حدّثنا جرير بن عبد الحميد عن عبد العزيز بن رُفيع عن زيد بن وهب عن أبي ذرّ قال:
خرجْتُ ليلةً مع الليالي فإذا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يمشي وحده ليس معه إنسانٌ، قال: فظننتُ أنّه يكره أن يمشيَ معه أحدٌ، قال: فمشيتُ معه ساعة، فقال:"إنّ المُكثرين هم المُقِلُّون يوم القيامة إلّا من أعطاه اللَّه خيرًا فنَفَحَ فيه يمينَه وشمالَه وبين يدَيه ووراءَه، وعَمِلَ فيه خيرًا".
قال: فمشيتُ معه ساعة، فقال لي:"اجْلِسْ هاهنا" فأجلسَني في قاع حوله حجارة، فقال لي:"اجْلِسْ هاهنا حتى أرجعَ إليك" فانطلق في الحرّة حتى لا أراه، فلَبِثَ عنّي، فأطال اللُّبْثَ، ثم إنّي سَمِعْتُه وهو مُقبل وهو يقول:"إن سرق وإن زنى" قال: فلمّا جاء لم أصبرْ حتى قلت: يا نبيّ اللَّه، من تُكلِّم في جانب الحرَّة؟ فإنّي ما سَمِعْتُ أحدًا يرجعُ إليك شيئًا. قال:"ذاك جبريلُ، عرض لي في جانب الحَرَّة فقال: بَشِّرْ أُمَّتَك أنّه مَن مات لا يُشرِك باللَّه شيئًا دخل الجنّة" قلتُ: يا جبريلُ، وإن سرقَ وإن زنا؟ قال: نعم. قلت: وإن سرق وإن زنا؟ قال: نعم. قلت: وإن سرق وإن زنا؟ قال: نعم، وإن شَرِبَ الخمر" (1).
* طريق آخر:
حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو معاوية قال: حدّثنا الأعمش عن زيد بن وهب عن أبي ذرّ قال:
كنتُ أمشي مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم في حَرّة المدينة عشاءً ونحن ننظرُ إلى أُحُد، فقال:"يا أبا ذرّ" قلتُ: لبَّيك يا رسول اللَّه، قال:"ما أُحِبُّ أن لي أُحُدًا ذاك عندي ذهبًا، أُمسي ثالثةً وعندي منه دينارٌ إلًا دينارًا أرصُدُه - يعني لدين، إلّا أن أقولَ به في عباد اللَّه هكذا" وحثا عن يمينه وبين يديه وعن يساره.
قال: ثم مَشَينا فقال: "يا أبا ذرّ إنّ المُكْثِرين هم المُقِلّون يوم القيامة، إلّا من قال هكذا وهكذا وهكذا" فحثا عن يمينه وبين يديه وعن يساره.
قال: ثم مشينا فقال: "يا أبا ذرّ، كما أنت حتى آتيَك" قال: فانطلق حتى توارى عنّي. قال: فسَمِعْتُ لَغَطًا وصوتًا، قلت: لعلّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عُرض له، فهَمَمْتُ أن
(2) البخاري 11/ 260 (6443)، ومسلم 2/ 687 (94).
أتبعه، ثم ذكرْتُ قوله:"لا تَبْرَحْ حتى آتيَكَ" فانتظرته حتى جاء، فذكرْتُ له الذي سمعْتُ، فقال:"ذاك جبريلُ أتاني فقال: مَنْ مات من أمّتك لا يُشْرِك باللَّه شيئًا دخلَ الجنّة. قال: قلت: وإن زنا وإن سرق؟ قال: "وإن زنا وإن سرق" (1).
* طريق آخر:
حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الصَّمَد قال: حدّثنا أبي قال: حدّثنا حسين عن ابن بُرَيدة أن يحيى بن يعمر حدّثه أن أبا الأسود الدؤلي حدّثه أن أبا ذرّ حدّثه قال:
أتيتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: "ما من عبد قال: لا إله إلّا اللَّه، ثم مات على ذلك إلّا دخل الجنّة" قلتُ: وإن زنا وإن سرق؟ قال: "وإن زنا وإن سرق" قلت: وإن زنا وإن سرق؟ ثلاثًا. ثم قال في الرّابعة: "على رغم أنف أبي ذرّ". قال: فخرج أبو ذرّ يجرّ إزارَه وهو يقول: وإن رَغِمَ أنفُ أبي ذرّ.
وكان أبو ذرّ يحدّث بهذا بعدُ ويقول: وإن رَغِمَ أنف أبي ذرّ.
أخرجاه في الصحيحين (2).
(1295)
الحديث الثامن والخمسون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمد بن عُبيد وابن نُمير -المعنى- قالا: حدّثنا الأعمش عن المعرور بن سويد عن أبي ذرّ قال:
أتيتُ رسول اللَّه وهو في ظلّ الكعبة فقال: "هم الأخسرون وربّ الكعبة. هم الأخسرون وربّ الكعبة" فأخذني غَمٌّ، وجعلْتُ أتنفّسُ، قال: قلت: هذا شيء حدث فيّ. قال: قلت: من هم، فِداكَ أبي وأمّي؟ قال: "الأكثرون، إلّا من قال في عباد اللَّه هكذا وهكذا، وقليل ما هم.
ما من رجلٍ يموتُ يترك غنمًا أو إبلًا أو بقرًا لم يُؤدِّ زكاتَها إلّا جاءته يوم القيامة أعظمَ ما تكون وأسمنَ، حتى تطأَه بأظلافها، وتنطَحُه بقرونها، حتى يُقْضى بين النّاس، ثم يعود أُولاها على أُخراها" وقال ابن نُمير:"كلّما نَفِدت أُخراهما عادت عليه أولاها".
أخرجاه في الصحيحين (3).
(1) المسند 5/ 152، والبخاري 11/ 61 (6268)، ومسلم 2/ 687 (94).
(2)
المسند 5/ 166، ومسلم 1/ 95 (93). وهو في البخاري 10/ 283 (5827) من طريق عبد الوارث أبي عبد الصمد.
(3)
المسند 5/ 152. والبخاري 3/ 323 (1460)، ومسلم 2/ 686 (990) كلاهما من طريق الأعمش وسائر رواته رجال الشيخين.
(1296)
الحديث التاسع والخمسون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو معاوية قال: حدّثنا داود بن أبي هند عن أبي حرب بن أبي الأسود عن أبي ذرّ قال:
كان يسقي على حوض له، فجاء قوم فقال:"أيُّكم يُوردُ على أبي ذرّ ويحتسب شعراتٍ من رأسه؟ فقال رجلٌ: أنا. فجاء الرّجل فأوردَ عليه الحوضَ فدقَّه، وكان أبو ذرٍّ قائمًا فجلس ثم اضطجع، فقيل له: يا أبا ذرٍّ، لِمَ جلسْتَ ثم اضطجعتَ؟ فقال: إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال لنا: "إذا غَضِبَ أحدُكم وهو قائم فليجلسْ، فإن ذهب عنه الغضبُ وإلّا فلْيَضْطجع" (1).
(1297)
الحديث الستون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو سعيد، قال: حدّثنا زائدة قال: حدّثنا يزيد بن أبي زياد عن زيد بن وهب قال:
بينما النبيُّ صلى الله عليه وسلم يخطبُ إذ قام أعرابيٌّ فيه جَفاء فقال: يا رسول اللَّه، أكلَنا الضَّبُع. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"غير ذلك أخوفُ لي عليكم، حين تُصَبُّ عليكم الدُّنيا صَبًّا، فيا ليت أُمّتي لا يتحلّون الذّهَب"(2).
الضَّبع: السَّنَة. والمراد: الجَدب.
(1298)
الحديث الحادي والستّون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا وكيع عن سفيان عن حبيب عن ميمون بن أبي شبيب عن أبي ذرّ:
أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "اتَّقِ اللَّه حيثما كُنْتَ، وأتْبعِ السيئةَ الحسنةَ تَمْحُها، وخالِقِ النّاسَ بخُلُقٍ حَسَن"(3).
(1) المسند 5/ 152. ورجاله ثقات. وروى أبو داود المسند منه فقط 4/ 149 (4782)، ولم يذكر فيه أبا الأسود. وصحّحه الألباني. ثم ذكر عن داود عن بكر بن عبد اللَّه المزني، أن أبا ذرّ. . . قال: وهذا أصحّ الحديثين. وصحّحه ابن حبّان أيضًا 12/ 501 (5688) دون ذكر أبي الأسود. وحكم المحقّق أن فيه انقطاعًا، وذكر أن الإمام أحمد وصله، وأن رجاله رجال الصحيح. وقال الهيثمي في المجمع 8/ 73 عن حديث أحمد: رجاله رجال الصحيح.
(2)
المسند 5/ 152. وفي الترغيب 4/ 83 (4768) والمجمع 5/ 50: رجال أحمد رجال الصحيح (زياد فيه مقالة).
(3)
المسند 5/ 153. ومن طريق سفيان في الترمذي 4/ 312 (1987). قال: وفي الباب عن أبي هريرة، هذا حديث حسن صحيح، ثم روى عن محمود بن غيلان الحديث عن سفيان عن حبيب عن ميمون عن معاذ. قال محمود: والصحيح حديث أبي ذرّ. وحسّن الألباني الحديث. أما الحاكم فصحّحه على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي 1/ 54. ورجال الحديث وإن كانوا ثقات، إلّا أن ميمون بن أبي شبيب لم يسمع أبا ذرّ، بل أرسل عنه - ينظر الجرح والتعديل 8/ 234، والمراسيل لأبي حاتم 214.
(1299)
الحديث الثاني والستّون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو معاوية قال: حدّثنا الأعمش عن المعرور بن سُويد عن أبي ذرّ قال:
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "يقولُ اللَّه عز وجل: مَن عَمِلَ حسنةً فله عشرُ أمثالها وأزِيدُ، ومن عَمِلَ سيّئة فجزاؤها مثلُها أو أغفرُ. ومن عَمِلَ قُراب الأرضِ خطيئةً ثم لَقِيني لا يشركُ بي شيئًا جعلْتُ له مثلَها مغفرة. ومن اقتربَ إليَّ شِبرًا اقترَبْتُ إليه ذِراعًا، ومن اقتربَ إليّ ذِراعًا اقتربْتُ إليه باعًا، ومَن أتاني يمشي أتيْتُه هَرولة".
انفرد بإخراجه مسلم (1).
* طريق آخر:
حدّثنا أحمد قال: حدّثنا هاشم بن القاسم قال: حدّثنا عبد الحميد قال: حدّثنا شهر قال: حدّثنا ابن غَنْم: أن أبا ذرٍّ حدَّثه:
عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "إنّ اللَّه عز وجل يقول: يا عبدي، ما عبدتَّني ورَجَوْتَني فإنّي غافرٌ لك ما كان فيك. ويا عبدي، إنّ لَقيتَني بقُراب الأرض خطيئةً ما لم تُشْرك بي لَقِيتُك بقُرابها مغفرة"(2).
(1300)
الحديث الثالث والستّون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا حجّاج قال: حدّثنا شيبان قال: حدّثنا منصور عن رِبْعي عن خَرَشة بن الحُرّ عن أبي ذرّ قال:
كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا أخذَ مضجعه من الليل قال: "اللهمَّ باسمِك نموتُ ونحيا". وإذا استيقظ قال: "الحمدُ اللَّه الذي أحيانا بعدَما أماتنا وإليه النُّشور"(3).
أخرجاه في الصحيحين (4). ولفظ حديثهما: "باسمك اللهمّ أموت وأحيا".
(1301)
الحديث الرابع والستّون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا مؤمَّل قال: حدّثنا
(1) المسند 5/ 153، ومسلم 4/ 2068 (2687).
(2)
المسند 5/ 154. وهو حديث صحيح. وشهر وإن كان فيه مقالة، لكن حديث عبد الحميد بن بهرام عنه صحيح. ينظر التهذيب 4/ 346.
(3)
المسند 5/ 154. وإسناد صحيح، وهو حديث صحيح.
(4)
كذا قال. والحديث في البخاري وخده من طريق منصور عن ربعي 11/ 130 (6325). أما مسلم فقد أخرجه عن البراء لا عن أبي ذرّ 4/ 2083 (2711).
حمّاد قال: حدّثنا حجّاج الأسود (1) قال: سمعْتُ أبا الصّدّيق يحدّث ثابتًا البُنانيّ عن رجل عن أبي ذرّ:
أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "إنّكم في زمان عُلماؤه كثير، خطباؤه قليل، من ترك فيه عشيرَ (2) ما يعلم هَوى - أو قال: هلك، وسيأتي على النّاسِ زمانٌ يَقِلُّ علماؤه، ويكثُر خطباؤه. من تَمَسّكَ بعشير ما يعلم نجا"(3).
(1302)
الحديث الخامس والستّون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا قتيبة بن سعيد قال: حدّثنا ليث بن سعد عن عُبيد اللَّه بن أبي جعفر، عن الحِمْصي عن أبي طالب عن أبي ذرّ قال:
سمعْتُ رسول اللَّه يقول: "مَنْ زنَّى (4) أَمَةً لم يَرَها تزني جلَده اللَّه يومَ القيامة بسوطٍ من نار"(5).
(1303)
الحديث السادس والستّون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا حجّاج قال شعبة أخبرنا عن مهاجر أبي الحسن من بني تيم اللَّه مولًى لهم قال:
رَجَعْنا من جنازة فمَرَرْنا بزيد بن وهبٍ، فحدّث عن أبي ذرّ قال:
كُنّا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في سفر، فأراد المؤذّنُ أن يؤذِّنُ للظُّهر، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"أبْرِد"، ثم أراد أن يؤذّنَ فقال له:"أبرد" ثم أراد أن يؤذّن، فقال له:"أبرد" قال: حتى رأينا
(1) في المسند: قال مؤمّل: وكان رجلًا صالحًا.
(2)
العشير: العشر.
(3)
المسند 5/ 155. ومؤمّل صدوق، سيء الحفظ. وبكر بن عمرو، أبو الصدّيق الناجي، وحمّاد بن سلمة، من رجال الصحيح. أما حجّاج الأسود، ابن أبي زياد، فشقة صالح الحديث. الجرح 3/ 160. ولكن في الحديث من لم يُسَمِّ، وبه أعلّ الهيثمي الحديث 1/ 132.
(4)
زنّى: رماها بالزِّنا.
(5)
المسند 5/ 155. والحمصي وأبو طالب مجهولان. قال في التعجيل 496: أبو طالب عن أبي ذرّ، وعنه الحمصي. قلت: كذا رأيتُه في المسند، ووقع في "الكنى" لأبي أحمد تبعًا للبخاري: الجهضميّ، ولم يذكر له اسمًا ولا حالًا، ولا لأبي طالب. وفي "الثقات" لابن حبّان: أبو طالب الضبعي عن ابن عبّاس وعنه قتادة، فما أدرى هو هذا أو غيره. وقال 535: الحمصي عن أبي طالب عن أبي ذرّ، وعنه عبيد اللَّه بن أبي جعفر، مجهول.
والحديث من طريق الليث في التاريخ الكبير 9/ 45.
فيءَ التُّلول (1). ثم قال: "إنّ شدّة الحرِّ من فَيْح جهنّم، فإذا اشتدَّ الحرُّ فأبْرِدوا بالصلاة".
أخرجاه في الصحيحين (2).
(1304)
الحديث السابع والستّون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا بَهز قال: حدّثنا سليمان بن المغيرة عن حُميد عن عبد اللَّه بن الصّامت قال: قال أبو ذرّ:
قلتُ: يا رسول اللَّه، الرجلُ يُحِبُّ القومَ لا يستطيعُ أن يعملَ بأعمالهم. قال:"أنتَ يا أبا ذرٍّ مع من أحْبَبْتَ" قال: قلت: فإنّي أُحِبُّ اللَّهَ ورسوله، يعيدُها مرَّةً أو مرّتين (3).
(1305)
الحديث الثامن والستّون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا بهز قال: حدّثنا حمّاد قال: حدّثنا أبو عمران عن عبد اللَّه بن الصّامت عن أبي ذرّ:
أنّه قال: يا رسول اللَّه، الرجلُ يعملُ العملَ ويحمَدُه النّاسُ عليه، ويُثنون عليه به. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"تلك عاجلُ بُشرى المؤمن".
انفرد بإخراجه مسلم (4).
(1306)
الحديث التاسع والستّون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عفّان قال: حدّثنا همّام قال: حدّثنا قتادة عن سعيد بن أبي الحسن عن عبد اللَّه بن الصامت:
أنّه كان مع أبي ذرّ، فخرج عطاؤه، ومعه جارية، فجعلت تقضي حوائجه، فَفَضل معها سبعة، فأمرَها أن تشتري به فلوسًا. قال: قُلْت: لو ادَّخَرْتَه للحاجة تنوبُك أو الضّيف يثزل بك. قال: إنّ خليلي عَهِدَ إليَّ أن: "أيُّما ذهب أو فضّة أُوكِيَ عليه فهو جمر على صاحبه حتى يُفْرِغَه في سبيل اللَّه عز وجل"(5).
(1) في المسند "فصلّى".
(2)
المسند 5/ 162. ومن طريق شعبة في البخاري 2/ 18 (535)، ومسلم 1/ 431 (616).
(3)
المسند 5/ 156. ورجاله رجال الشيخين، عدا ابن الصامت فهو من رجال مسلم. وأخرجه البخاري في "المفرد" 1/ 182 (351) من طريق سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال به، وهو كذلك في سنن أبي داود 4/ 333 (5126)، وصحيح ابن حبّان 2/ 315 (556)، وصحّح الألباني وشعيب إسناده.
(4)
المسند 5/ 156. وحمّاد هو ابن سلمة، لأنه الذي يروي عن بهز. وهو في مسلم 4/ 2034 (2642)، وابن حبّان 2/ 89 (367) من طرق عن حمّاد بن زيد عن أبي عمران الجوني. والحمّادان يرويان عن أبي عمران.
(5)
المسند 5/ 156، والمعجم الكبير 2/ 151 (1634). ورجاله ثقات. قال البوصيري 10/ 53 (9585): رواه أبو بكر بن أبي شيبة وأحمد بن حنبل بسند صحيح.
* طريق آخر:
حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يزيد قال: أخبرنا همّام بن يحيى عن قتادة عن سعيد بن أبي الحسن عن عبد اللَّه بن الصّامت، سمع أبا ذرّ قال:
إنّ خليلي صلى الله عليه وسلم عَهِدَ إليّ: "أيّما ذهبٍ أو فضّة أُوكيَ عليه فهو كَيٌّ على صاحبه حتى يُفْرِغَه في سبيل اللَّه عز وجل إفراغًا"(1).
(1307)
الحديث السبعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يحيى بن سعيد عن يحيى بن سعيد (2) قال: حدّثني أبو صالح عن رجل من بني أسد عن أبي ذرّ أنّ أبا ذرّ أخبره قال:
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أشدُّ أُمَّتي حُبًّا لي قوم يكونون -أو يجيئون- بعدي، يَوَدُّ أحدُهم أنّه أعطى أهلَه وماله وإنّه رآني"(3).
(1308)
الحديث الحادي والسبعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا وكيع قال: حدّثنا الأعمش عن سُليمان بن مُسهر عن خرشَة بن الحُرِّ عن أبي ذرّ قال:
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "يا أبا ذرّ، انْظُرْ إلى أرفع رجل في المسجد" قال: فنظرتُ، فإذا رجلٌ عليه حُلَّةٌ، قال: قلت: هذا. قال لي: "انظر أوضعَ رجل في المسجد" قال: فنظرت فإذا رجل عليه أخلاق (4). قال: قلت: هذا. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لَهذا عند اللَّه أخيرُ يوم القيامة من ملء الأرض مثل هذا"(5).
(1309)
الحديث الثاني والسبعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا وكيع عن أبي هلال عن بكر عن أبي ذرّ:
(1) المسند 5/ 165، وإسناده صحيح.
(2)
الأوّل - شيخ أحمد: يحيى بن سعيد القطّان. والثاني الذي روى عن أبي صالح ذكوان السمّان: يحيى بن سعيد بن قيس الأنصاري. وكلاهما من رجال الصحيح، روى لهما الجماعة.
(3)
المسند 5/ 170. وإسناده ضعيف، لأن فيه مجهولًا. وسائر رجاله ثقات. وقد رواه البوصيري في الإتحاف 4/ 163 (3568) عن مسدّد وابن أبي شيبة، قال: بسند ضعيف، لجهالة التابعيّ. ومثله في المجمع 10/ 69.
ويشهد للحديث ما رواه أبو هريرة: البخاري 6/ 604 (3589)، ومسلم 4/ 1836، 2178 (2364، 2832).
(4)
أخلاق: ثياب بالية.
(5)
المسند 5/ 157. وهو في صحيح ابن حبّان 2/ 456 (681) من طريق الأعمش، وفيه بعد "في المسجد" في الموضعين: "في عينيك". قال الهيثمي 10/ 261: رواه أحمد بأسانيد، ورجالها رجال الصحيح. وهو كما قال. وينظر 10/ 268.
أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "انظر، فإنّك ليس بخير من أحمرَ ولا أسود، إلّا أن تَفْضُلَه بتقوى"(1).
(1310)
الحديث الثالث والسبعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا حجّاج قال: حدّثنا شعبة عن واصل الأحدب عن المعرور بن سويد قال:
رأيْتُ أبا ذرٍّ وعليه حُلّةٌ وعلى كلامه مثلُه، فسألْتُه عن ذلك، فذكر أنّه سابَّ رجلًا على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فعيَّره بأُمّه، قال: فأتى الرجلُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فذكرَ ذلك له، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"إنّك امرؤ فيه جاهليّة. إخوانُكم خَوَلُكم (2)، جعلَهم اللَّهُ تحت أيديكم. فمن كان أخوه تحت يده فلْيُطْعِمْه ممّا يأكلُ، وليَكْسُه ممّا يلبس، ولا تُكَلِّفوهم ممّا يَغلِبُهم، وإن كلَّفْتموهم فأعينوهم عليه".
أخرجاه في الصحيحين (3).
* طريق آخر:
حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الملك بن عمرو قال: حدّثنا سفيان عن منصور عن مجاهد عن مورِّق عن أبي ذرّ:
عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنّه قال: "من لاءمَكم من خدمكم فأطعموهم ممّا تأكلون، وألبسوهم ممّا تلبسون، أو قال: تكتسون. ومن لا يلائمكم فبيعوه، لا تُعَذِّبوا خَلْقَ اللَّهِ عز وجل"(4).
(1311)
الحديث الرابع والسبعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا وكيع عن عمر بن ذرّ قال: قال مجاهد عن أبي ذرّ قال:
(1) المسند 5/ 158. قال الهيثمي في المجمع 8/ 87: رواه أحمد، ورجاله ثقات، إلّا أن بكر بن عبد اللَّه المزنيّ لم يسمع من أبي ذرّ. وهو كذلك، إلّا أن أبا هلال الراسبي، محمد بن سليم قال عنه ابن حجر في التقريب 2/ 520: صدوق فيه لين.
(2)
الخول: الخدم.
(3)
المسند 5/ 161، ومن طريق شعبة في البخاري 1/ 84 (30)، ومسلم 3/ 1283 (1661). وله فيهما طرق أخر.
(4)
المسند 5/ 168 رجاله ثقات. وهو عند أبي داود 4/ 341 (5161) من طريق جرير عن منصور. وفي تهذيب الكمال 7/ 248 أن مورّقًا سمع من أبي ذرّ. ولكن المحقّق نقل عن عدد من الأئمة إرساله عن أبي ذرّ وعدم سماعه منه. وعليه يكون الحديث مقطوعًا.
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لم يَبْعَثِ اللَّهُ عز وجل نبيًّا إلّا بِلُغةِ قومه"(1).
(1312)
الحديث الخامس والسبعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا وهب بن جرير قال: حدّثنا مهدي بن ميمون عن واصل عن يحيى بن عُقيل عن يحيى بن يعمَر عن أبي الأسود الدّؤلي عن أبي ذرّ قال:
قيل: يا رسول اللَّه، ذهب أهل الدُّثور بالأجور، يُصَلُّون كما نُصلّي، ويصومون كما نصوم، ويتصدّقون بفُضول أموالهم. قال:"أوَليس قد جعل اللَّه لكم ما تَصَدَّقُون به: إنّ بكلّ تسبيحة صدقةً، وبكلّ تكبيرة صدقة، وبكلّ تهليلة صدقة، وبكلّ تحميدة صدقة، وأمرٌ بالمعروف صدقة، ونَهي عن المنكر صدقة، وبُضع أحدكم صدقة". قالوا: يا رسول اللَّه، يأتي أحدُنا شهوتَه ويكون له فيها أجر؟ فقال:"أرَأَيْتُم لو وضعها في الحرام، أليس كان تكون عليه وزرٌ؟ " قالوا: بلى. قال: "فكذلك إذا وضعها في الحلال يكون له الأجر".
انفرد بإخراجه مسلم (2).
والدُّثور: الأموال الكثيرة. يقال: ماء دَثر: أي كثير.
* طريق آخر:
حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الملك بن عمرو قال: حدّثنا علي بن مبارك عن يحيى عن زيد بن سلّام عن أبي سلّام قال: قال أبو ذرّ:
قلتُ (3): يا رسول اللَّه، من أين أتصدّق وليس لي مال؟ قال:"إنّ من أبواب الصّدقة التكبير، وسبحان اللَّه، والحمد للَّه، ولا إله إلّا اللَّه، وأستغفرُ اللَّه، وتأمرُ بالمعروف، وتنهى عن المنكر، وتعزِلُ الشَّوكةَ عن طريق النّاس والعَظمَ والحجرَ، وتهدي الأعمى، وتُسْمعُ الأصمَّ والأبكمَ حتى يفقه، وتَدُلّ المُسْتَدِلّ على حاجة له قد عَلِمْتَ مكانها، وتسعى بشدّة ساقَيك إلى اللَّهفان المُستغيث، وتَرفعُ بشدَّةِ ذراعَيك مع الضعيف، كلُّ ذلك من أبواب الصدقة منك على نفسك، ولك في جماعك زوجتك أجر" قال أبو ذرّ: كيف
(1) المسند 5/ 158. ورجاله ثقات. وقد ذكره ابن كثير في التفسير - سورة إبراهيم 4 {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ} وقال: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح، إلّا أن مجاهدًا لم يسمع من أبي ذرّ. وهو كما قال.
(2)
المسند 5/ 168. ومن طريق مهدي بن ميمون أخرجه مسلم 2/ 697 (1006)، والبخاري في الأدب المفرد 1/ 119 (227).
(3)
قبله في المسند: "على كلّ نفس في كلّ يوم طلعت فيه الشمس صدقة منه على نفسه. قلت".
يكون لي أجر في شهوتي؟ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "أرأيتَ لو كان لك ولدٌ فأدْرَك ورجوتَ أجرَه (1) فمات، أكنتَ تحتسبُ به؟ " قلت: نعم. قال: "فأنت خَلَقْتَه؟ " قلت: بل اللَّهُ خلقه. قال: "أفأنت هَدَيْتَه؟ " قال: بل اللَّه هداه. قال: "فأنت كنتَ ترزُقُه؟ " قال: بل اللَّه كان يرزُقه. قال: "فكذلك فَضَعْه في حلاله، وجَنِّبْه حرامه، فإن شاء اللَّه أحياه وإن شاء أماتَه، ولك أجر"(2).
* طريق آخر:
حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد اللَّه بن الحارث عن عُمر بن سعيد عن بشر بن عاصم عن عاصم عن أبي ذرّ قال:
قلتُ: يا رسول اللَّه، سبقَنا أصحابُ الأموال والدُّثور سَبقًا بَيِّنًا، يُصلُّون ويصومون كما نصلّي ونصوم، وعندهم أموال يتصدّقون بها وليست عندنا أموال. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ألا أُخْبرُك بعمل إن أخذْت به أدركْتَ من كان قبلك، وفُتَّ من يكون بعدَك، إلّا أحدًا أخذ بمثل عملك؟ تُسَبِّحُ خلافَ كلِّ صلاة ثلاثًا وثلاثين، وتكبِّرُ ثلاثًا وثلاثين، وتُحَمِّدُ أربعًا وثلاثين" (3).
(1313)
الحديث السادس والسبعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عفّان قال: حدّثنا سلّام أبو المنذر عن محمد بن واسع عن عبد اللَّه بن الصامت عن أبي ذرّ قال:
أمرَني خليلي صلى الله عليه وسلم بسبع: أمرَني بحبّ المساكين والدُّنُوِّ منهم، وأمرَني أن أنظُرَ إلى مَن هو دوني ولا أنظرَ إلى من هو فوقي، وأمرَني أن أصِلَ الرّحم وإن أدْبَرَتْ، وأمرَني ألّا أسألَ أحدًا شيئًا، وأمرَني أن أقول بالحقِّ وأن كان مُرًّا، وأمرَني ألّا أخاف في اللَّه لومة لائم، وأمرَني أن أُكْثِرَ من قول: لا حول ولا قوّة إلّا باللَّه، فإنّهن من كَنز تحت العرش" (4).
(1) في المسند "خيره".
(2)
المسند 5/ 168. ورجاله ثقات: عبد الملك هو أبو عامر العقدي. ويحيى هو ابن أبي كثير. وأبو سلّام ممطور، وحفيده زيد ثقتان. ولكن أبا سلام مختلف في روايته أو إرساله عن أبي ذرّ. والحديث في السنن الكبرى للنسائي - عشرة النساء، من طريق ابن مثنى عن أبي عامر. . التحفة 9/ 186.
(3)
المسند 5/ 158. وإسناده صحيح. رجاله ثقات، غير عاصم بن سفيان الثقفي، فصدوق. والحديث في سنن ابن ماجة 1/ 299 (927)، وصحيح ابن خزيمة 1/ 368 (748) كلاهما من طريق بشر. وصحّحه الألباني في الصحيحة 3/ 117 (1125).
(4)
المسند 5/ 159. ورجاله ثقات، غير سلّام بن سليمان المزني، أبي المنذر، صدوق يهم. التقريب 1/ 237. وصحّحه ابن حبّان من طريق محمد بن واسع 2/ 194 (449). وينظر المجمع 3/ 96، 8/ 157.
(1314)
الحديث السابع والسبعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو المغيرة قال: حدّثنا صفوان عن أبي المثنّي أنّ أبا ذرّ قال:
بايَعَني رسول اللَّه خمسًا، وأوْثَقَني سبعًا، وأشهدَ اللَّهَ عليَّ تسعًا: أنّي لا أخافُ في اللَّه لومة لائم. قال: فدعاني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: "هل لك إلى بيعة ولك الجنّة" قلت: نعم، وبسطتُ يدي، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهو يشترط عليّ:"إلّا تسألَ النّاسَ شيئًا" قلتُ: نعم. قال: "ولا سوطَك إن سقط منك حتى تنزلَ إليه فتأخذَه"(1).
(1315)
الحديث الثامن والسبعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا حسن بن موسى قال: حدّثنا ابن لَهيعة عن درّاج عن أبي الهيثم عن أبي ذرّ:
أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "ستّة أيّام ثم اعقل يا أبا ذرّ ما يقال لك بعدُ" فلمّا كان يوم السابع قال: "أُوصيك بتقوى اللَّه في سرِّ أمرك وعلانيته، وإذا أسأتَ فأحْسِنْ، ولا تسألَنّ أحدًا شيئًا. ولا تَقْبِضْ أمانة، ولا تَقضِ بين اثنين"(2).
(1316)
الحديث التاسع والسبعون: حدّثنا عفّان قال: حدّثنا همّام قال: حدّثنا قتادة عن أبي قلابة عن أبي أسماء:
أن دخل على أبي ذرّ وهو بالرَّبَذة وعنده امرأة سوداء مُشْبَعة (3)، ليس عليها أثر المَجاسِدِ ولا الخَلوق. قال: فقال: أفلا تنظرون إلى ما تأمرُني به هذه السُّويداء؟ تأمرني أن آتيَ العراق. فإذا أتيتُ العراق مالوا عليَّ بدُنياهم. وإنّ خليلي صلى الله عليه وسلم عَهِد إليَّ أن دون جسر جهنّم طريقًا ذا دَحَض ومَزَلَّة، وإنّا إن نأت عليه وفي أحمالنا اقتدار -ويروى اضطمار- أحرى أن ننجوَ من أن نأتيَ عليه ونحن مواقير (4).
(1) المسند 5/ 172. قال الهيثمي 3/ 95: رجاله ثقات. ويصحّ حكم الهيثمي إذا كان أبو المثنّى هو ضمضم الأملوكي، وهو الذي وثقه ابن حبّان، وروى له ابن ماجة وأبو داود حديثًا. وقد ذكر أنّه روى عنه صفوان بن عمرو السكسكي، لكن لم أقف على من ذكر أنّه روى عن أبي ذرّ. أما إذا كان غيره فيكون مجهولًا.
(2)
المسند 5/ 181. وفي الترغيب 1/ 631 (1195) والمجمع 3/ 96 رجاله ثقات. مع أن ابن لهيعة فيه خلاف. أما درّاج أبو السمح فضعيف في روايته عن أبي الهيثم سليمان بن عمرو. التقريب 1/ 165.
(3)
سوداء مشبعة: شديدة السواد.
(4)
المسند 5/ 159. ورجاله رجال الصحيح كما قال الهيثمي 10/ 261، والبوصيري - الإتحاف 10/ 53، 54 (9586).
والاقتدار: التوسّط. والاضطمار: الخفّة. ومواقير: أصحاب أحمال. ومراده تفضيل الفقر على الغنى.
المجاسد من الجِساد: وهو الزّعفران. والمعنى أنها خَلَقٌ، لا طيب عليها ولا زينة.
(1317)
الحديث الثمانون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا علي بن عاصم عن داود عن الوليد بن عبد الرحمن عن جُبير بن نُفير عن أبي ذرّ قال:
صُمْنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم رمضان، فلم بقم بنا شيئًا من الشّهر، حتى إذا كانت ليلة أربم وعشرين قام بنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى كاد أن يذهب ثلثُ الليل، فلمّا كانت الليلة التي تليها لم يقم بنا، فلمّا كان ليلة ستّ وعشرين قام بنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى كاد يذهب شطر الليل. قال: قلتُ: يا رسول اللَّه، لو نفَّلْتَنا بقيَّةَ ليلتنا. قال:"إنّ الرّجلَ إذا قام مع الإمام حتى ينصرف حُسِبَ له قيامُ ليلة" فلمّا كانت الليلة التي تليها لم يقم بنا، فلمّا كانت ليلة ثمان وعشرين جمع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أهله، واجتمع له الناسُ، فصلّى بنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، حتى كاد يفوتُنا الفلاح. قلتُ: وما الفلاح؟ قال: السّحور. ثم لم يقم يا ابن أخي شيئًا من الشهر (1).
* طريق آخر:
حدّثنا أحمد قال: حدّثنا زيد بن الحُباب قال: حدّثنا معاوية بن صالح قال: حدّثني أبو الزّاهريّة عن جُبير بن نفير عن أبي ذرّ قال:
قُمنا مع رسول اللَّه ليلة ثلاث وعشرين في شهر رمضان إلى ثلث الليل الأوّل، ثم قال "لا أحسَبُ ما تطلبون إلّا وراءكم" ثم قُمْنا معه ليلة خمس وعشرين إلى نصف الليل، ثم قال "لا أحسَبُ ما تطلبون إلّا وراءَكم" فقمْنا معه ليلة سبع وعشرين، حتى أصبح وسكت (2).
(1318)
الحديث الحادي والثمانون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمد بن جعفر قال: حدّثنا شعبة عن أبي مسعود عن أبي عبد اللَّه الجَسري عن عبد اللَّه بن الصّامت عن أبي ذرّ:
(1) المسند 5/ 159. وقد أخرج الحديث في كتب السنن من طرق عن داود بن أبي هند، والرواية فيها: "فلم يُصلِّ بنا حتى بقي سبع من الشهر. . . " أبو داود 2/ 205 (1375)، وابن ماجة 1/ 420 (1327)، والنسائي 3/ 83، 202، والترمذي 3/ 169 (806) وقال: حسن صحيح. وصحّحه ابن خزيمة 3/ 337 (2206)، وابن حبّان 6/ 288 (2547). وصحّحه الألباني في صحيح السنن.
(2)
المسند 5/ 180، وصحّحه ابن خزيمة 3/ 337 (2205). وقال البنا في الفتح الربّاني 10/ 285: سنده جيّد. ووافقه الألباني.
عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنّه قال: "أحبُّ الكلام إلى اللَّه عز وجل أن يقولَ العبدُ: سبحانَ اللَّه وبحمده".
انفردَ بإخراجه مسلم (1).
(1319)
الحديث الثاني والثمانون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا محمّد بن جعفر قال: حدّثنا شعبة عن سليمان عن منذر الثَّوريّ عن أشياخ عن أبي ذرّ:
أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم رأى شاتين تنتطحان، فقال:"يا أبا ذرّ، تدري فيم تنتطحان؟ " قال: لا. قال: "لكنّ اللَّه يدري، وسيقضي بينهما"(2).
(1320)
الحديث الثالث والثمانون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا حجّاج وهاشم قالا: حدّثنا ليث قال: حدّثني يزيد بن أبي حبيب، عن ابن شماسة:
أنّ معاوية بن حُديج مرّ على أبي ذرّ وهو قائم عند فرس له، فسأله: ما تعالج من فرسك هذا؟ : قال: أظنّ أنّ هذا الفرس قد استُجيبَ له دعوة. قال: وما دعاء بهيمة من البهائم؟ قال: والّذي نفسي بيده، ما من فرسٍ إلّا وهو يدعو كلَّ سَحَرٍ فيقول: اللهمّ أنت خوَّلْتَني (3) عبدًا من عبادك، وجعلْتَ رزقي بيده، فاجعَلْني أحبَّ إليه من أهله وماله وولده (4).
* طريق آخر:
حدّثنا يحيى بن سعيد عن عبد الحميد بن جعفر قال حدّثني يزيد بن أبي حبيب عن سويد بن قيس عن معاوية بن حُديج عن أبي ذرّ قال:
(1) المسند 5/ 161. ومسلم 4/ 2093 (2731)، والبخاري في المفرد 1/ 332 (638) من طريق شعبة. وأبو مسعود هو سعيد بن إياس الجريري.
(2)
المسند 5/ 162. ومسند الطيالسي 65 (480) من طريق شعبة، وفيه: . . . عن منذر الثوري يحدّث عن أصحابه. ففيه مجهول، ولذا قال البوصيري في الإتحاف 10/ 368 (10075): رواه أبو داود الطيالسي، وأبوبكر بن أبي شيبة، وأبو يعلى الموصلي، وأحمد بن حنبل، ومدار أسانيدهم على التابعي، ولم يُسَمَّ.
(3)
خوَّلْتني: ملّكتّتي.
(4)
المسند 5/ 162. وهو بمعناه 5/ 170 من طريق عبد الحميد بن جعفر عن يزيد عن سويد بن قيس عن معاوية بن حديج، وكلا الإسنادين صحيح: فيزيد روى عن سويد وعبد اللَّه بن شماسة، وسويد روى عن معاوية، وابن شماسة روى عن معاوية، وكلُّهم ثقات. ومن طريق يزيد عن سويد عن معاوية أخرجه النسائي 6/ 223، وصحّح الحاكم إسناده 2/ 92، 144، ووافقه الذهبي، وصحّحه الألباني.
قال رسول اللَّه: "إنّه ليس من فرس عربيٍّ إلّا يؤذنُ له مع كلٍّ فجر يدعو بدعوتين، يقول: اللهمّ إنّك خوّلْتَني من خوّلْتَني من بني آدمَ، فاجعَلْني من أحبّ أهله وماله إليه، أو أحبَّ أهله وماله إليه"(1).
(1321)
الحديث الرابع والثمانون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عفّان قال: حدّثنا حمّاد بن سلمة قال: أخبرني أبو حسين عن أيّوب بن بُشَير بن كعب العدوي عن رجل من عَنَزَة أنّه قال لأبي ذرّ حين سُيِّر من الشام:
إنّي أُريد أن أسألَك عن حديث من حديث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. قال: إذن أخبرَك به إلّا أن يكون سرًّا. قال: قلت له: ليس بسرٍّ: هل كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يُصافِحُكم إذا لَقيتُموه؟ قال: ما لقيتُه قطُّ إلّا صافَحَني. وبعثَ إليَّ يومًا ولستُ في البيت، فلمّا جئتُ أُخْبِرْتَ برسوله، فأتيتُه وهو على سريرٍ له، فالتَزَمني، فكانت أجودَ وأجودَ (2).
(1322)
الحديث الخامس والثمانون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الرزّاق قال: أخبرنا محمد بن راشد عن مكحول عن رجل عن أبي ذَرّ قال:
دخل على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم رجلٌ يُقال له عَكّاف بن بِشر التميمي، فقال له النبيُّ صلى الله عليه وسلم:"يا عَكّاف، هل لك من زوجة؟ " فقال: لا. قال: "ولا جارية؟ " قال: ولا جارية. قال: "وأنت موسر بخير؟ " قال: وأنا مُوسر بخير. قال: "أنت إذن من إخوان الشياطين، لو كُنْتَ من النَّصارى كنتَ من رُهبانهم، إنّ سُنَّتَنا النّكاح. شرارُكم عُزّابكم، وأراذل موتاكم عُزّابكم. أبالشيطان تَمَرَّسون! ما للشيطان من سلاح أبلغُ في الصالحين من النساء، إلّا المتزوّجون، أولئك المُطَهَّرون المُبَرَّءون من الخَنا. ويحَك يا عكّاف، إنّهنّ صواحب أيوبَ وداودَ ويوسف وكُرْسُف" فقال له بشر بن عطيّة: ومن كُرْسُف يا رسول اللَّه؟ قال: "رجلٌ كان يعبدُ اللَّه بساحل من سواحل البحر ثلاثمائة عام، يصومُ النّهارَ ويقوم الليلَ، ثم إنّه كفرَ باللَّه العظيم بسبب امرأة عَشِقَها، وتركَ ما كان عليه من عبادة اللَّه عز وجل، ثم استدركَه اللَّهُ عز وجل ببعض ما كان منه، فتاب عليه. ويحَك يا عَكّاف، تزوَّجْ، وإلّا فأنت من
(1) المسند 5/ 170. وينظر التعليق السابق.
(2)
المسند 5/ 167 ومن طريق حمّاد عن أبي الحسين خالد بن ذكوان في سنن أبي داود 4/ 354 (5214)، وفيه العَنَزيّ مجهول. وقد ضعّفه الألباني.
المُذَبْذَبين". قال: زوِّجْني يا رسول اللَّه. قال: "زوَّجْتُك كريمة بنت كلثوم الحميري" (1).
محمد بن راشد ضعيف (2). والرّواية عن مجهول.
(1323)
الحديث السادس والثمانون: حدّثنا أحمد قال: [حدّثنا يزيد قال](3): حدّثنا الوليد بن جُميع القرشي قال: حدّثنا أبو الطُّفيل عامر بن واثلة عن حُذيفة بن أَسيد قال:
قام أبو ذرّ فقال: يا بني غفار، قولوا ولا تحلفوا (4)، فإنّ الصادق المصدوق حدَّثني:"أنّ النّاس يُحشرون على ثلاثة أفواج: فوج راكبين طاعمين كاسين، وفوج يمشون ويسعَون، وفوج تسحبهم الملائكة على وجوههم، وتحشرهم إلى النّار". فقال قائل منهم: هذان قد عرفناهما، فما بال الذين يمشون ويسعون؟ قال:"يُلقي اللَّه عز وجل الآفة على الظّهر حتى لا يبقى ظهر، حتى إنّ الرّجل لتكونُ له الحديقةُ المُعجِبة فيعطيها الشارف ذات القَتَب (5) فلا يقدر عليها"(6).
(1324)
الحديث السابع والثمانون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يزيد ومحمد بن يزيد قالا: حدّثنا العوّام، قال: عن القاسم بن عوف الشيباني عن رجل قال:
كُنّا قد حَمَلْنا لأبي ذرّ شيئًا نريد أن نُعطيَه إيّاه، فأتَيْنا الرَّبَذة، فسألْنا عنه فلم نجده،
(1) المسند 5/ 163. وحكم المؤلّف عليه بضعف إسناده. وقال الهيثمي في المجمع 3/ 253: رواه أحمد، وفيه راوٍ لم يُسَمّ، وبقيّة رجاله ثقات. قال البخاري عن حديث عكّاف: لم يقم حديثه. وقال العقيلي: غير متابع. الضعفاء 3/ 359 وقد ذكر ابن حجر في الإصابة 2/ 488، 489 طرق حديث عكّاف -في ترجمته- وقال: والطرق المذكورة كلّها لا تخلو من ضعف واضطراب. وينظر الآحاد 3/ 91 (1410)، وتخريج المحقق.
(2)
محمد بن راشد، أبو يحيى المكحولي، روى له أصحاب السنن. واختلف فيه. بنظر الضعفاء للمؤلّف 3/ 58، وتهذيب الكمال 6/ 305، والتقريب 2/ 515.
(3)
ما بين المعقوفين أخلّت بها النسخ، وهي من المصادر.
(4)
في المسند "لا تختلفوا".
(5)
الظهر: ما يحمل عليه. والشارف ذات القَتَب: الناقة ورَحلها.
(6)
المسند 5/ 164. وهو في النسائي 4/ 116 من طريق الوليد. وضعّفه الألباني. وأخرج الحديث الحاكم 2/ 367، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. قال الذهبي: صحيح على شرط مسلم، ولكنه منكر، وقد قال ابن حبّان في الوليد: فَحُشَ تفرُّدُه حتى بطل الاحتجاج به. وقال 4/ 564 صحيح الإسناد إلى الوليد ولم يخرجاه. قال الذهبي: الوليد قد روى له مسلم متابعة، واحتجّ به النسائي.
قيل: استأذنَ في الحجّ فأُذِنَ له، فأتيْناه بالبلدة وهي منى، فبينا نحن عنده إذ قيل: إنّ عثمان صلّى أربعًا، فاشتدّ ذلك على أبي ذرّ وقال قولًا شديدًا، وقال: صلَّيْتُ مع رسول اللَّه فصلّى ركعتَين، وصلَّيْتُ مع أبي بكر وعمر. ثم قام أبو ذرّ فصلّى أربعًا، فقيل له: عِبْتَ على أمير المؤمنين شيئًا ثم صنعْتَه! قال: الخلافُ أشدُّ، إنّ رسول اللَّه خطبنا فقال: "إنّه كائن بعدي سلطان فلا تُذِلُّوه، فمن أراد أن يُذِلَّه فقد خلَعَ رِبْقَةَ الإسلام من عُنُقه، وليس بمقبول منه (1) حتى يَسُدَّ ثُلْمَته التي ثَلَمَ وليس بفاعل، ثم يعود فيكون ممن يُعِزُّه (2).
أمرَنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ألّا يغلبونا على ثلاث: أن نأمرَ بالمعروف، وننهى عن المنكر، ونعلِّم النّاس السُّنَن (3).
(1325)
الحديث الثامن والثمانون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا يزيد عن عبد اللَّه ابن المؤمَّل عن قيس بن سعد عن مجاهد عن أبي ذرّ:
أنّه أخذ بحلقة باب الكعبة فقال: سمعْتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "لا صلاة بعد العصر حتى تغربَ الشمسُ، ولا بعدَ الفجرِ حتى تطلُعَ الشمسُ، إلّا بمكّة، إلّا بمكّة"(4).
ابن المؤمّل ضعيف، أحاديثه مناكير (5).
(1326)
الحديث التاسع والثمانون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عبد الصمد قال: حدّثني أبي قال: حدّثنا حسين المعلّم عن ابن بُرَيدة قال: حدّثني يحيى بن يعمرَ أن أبا الأسود حدّثه عن أبي ذرّ:
أنّه سمع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "ليس من رجلٍ ادّعى لغير أبيه وهو يعلمه إلّا كفر. ومن ادّعى ما ليس له فليس منّا وليتبوّأ مقعدَه من النّار. ومن دعا رجلًا بالكفر، أو قال: عدوّ اللَّه - وليس كذلك، إلّا حار (6) عليه. ولا يرمي رجلٌ رجلًا بالفسق ولا يرميه بالكفر
(1) في المسند "فليس بمقبول منه توبة".
(2)
في المجمع "يعزّره".
(3)
المسند 5/ 165. قال الهيثمي في المجمع 5/ 219: فيه راوٍ لم يُسَمّ وبقية رواته ثقات.
(4)
المسند 5/ 165، حكم المؤلّف بضعف إسناده. قال ابن حجر في الأطراف 6/ 185 (8071): منقطع. وقال ابن خزيمة بعد أن أخرجه من طريق عبد اللَّه بن المؤمّل المخزومي عن حميد عن مجاهد عن أبي ذرّ 4/ 226 (2748): أنا أشكّ في سماع مجاهد من أبي ذرّ. وينظر السنن الكبرى 2/ 461.
(5)
الضعفاء والمتروكون 2/ 137، وتهذيب الكمال 4/ 298، والتقريب 1/ 317.
(6)
حار: رجع.
إلّا ارتدّت عليه وإن لم يكن صاحبُه كذلك".
أخرجاه في الصحيحين (1).
(1327)
الحديث التسعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا أبو معاوية قال: حدّثنا الأعمش عن المعرور بن سويد عن أبي ذرّ قال:
قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إنّي لأعرفُ آخرَ أهل النّار خُروجًا من النّار، وآخرَ أهل الجنّة دخولًا الجنّة: يُؤتى برجلٍ فيقول: نحُّوا كبار ذنوبه وسلوه عن صغارها. قال: فيقال: عَمِلْتَ كذا يوم كذا وكذا، وعملت كذا يوم كذا وكذا، فيقول: يا ربّ، عملْتُ أشياء لم أرَها هاهنا" قال: فضحك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى بَدَتْ نواجذه، قال:"فيقال له: فإنّ لك مَكان كلّ سيئة حسنةً".
انفرد بإخراجه مسلم (2).
(1328)
الحديث الحادي والتسعون: حدّثنا أحمد قال: حدّثنا عفّان قال: حدّثنا وُهيب قال: حدّثنا عبد اللَّه بن عثمان بن خُثيم عن مجاهد عن إبراهيم بن الأشتر:
أنّ أبا ذرٍّ حضره الموت وهو بالرَّبَذَة، فبكتِ امرأتُه، فقال: ما يُبكيك؟ قالت: أبكي أنّه لا يدَلي بنعشك (3)، وليس عندي ثوبٌ يَسَعُك كَفَنًا. قال: لا تبكني، فإنّي سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ذات يومٍ وأنا عندَه في نَفَرٍ يقول:"ليموتَنّ رجلٌ منكم بفَلاة من الأرض، يَشْهَدُه عصابةٌ من المؤمنين" قال: فكل من كان معي في ذلك المجلس مات في جماعة وقرية (4) فلم يبق غيري، قد أصبحْتُ بالفلاة أموت، فراقبي الطّريق، فإنّك سوف ترين ما أقول، فبينا واللَّه ما كَذَبْتُ ولا كُذِبْت. قالت: فأنّى: وقد انقطع الحاجّ؟ قال: راقبي الطريق. فبينا هي كذلك إذ هي بقوم تَخِدُّ بهم رواحلهم كأنّهم الرّخَم (5) فأقبلَ القومُ حتى وقفوا
(1) المسند 5/ 166 إلى قوله: "إلّا حار عليه" وباقي الحديث 5/ 181.
ورواه مسلم بهذا الإسناد إلى قوله: "إلا حار عليه" 1/ 79 (61). وروى أجزاء منه البخاري من طريق عبد الوارث والد عبد الصمد 6/ 539 (3508)، 10/ 464 (6045).
(2)
المسند 5/ 170. ومسلم 1/ 177 (190) من طريق ابن معاوية -محمد بن خازم- وغيره عن الأعمش.
(3)
في المسند "بنفسك".
(4)
في المسند "وفرقة".
(5)
تَخِدُّ: تسرع. والرّخَم: جمع رخمة، طائر.
عليها، فقالوا: مالكِ؟ قالت: امرؤٌ من المسلمين تُكَفِّنونه، وتُؤْجَرون فيه، قالوا: ومن هو؟ قالت: أبو ذَرّ. ففدَّوه بآبائهم وأُمّهاتهم، ووضعوا سِياطَهم في نحورها، يبتدرونه، فقال: أبْشروا، فأنتم النَّفَرُ الذين قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فيكم ما قال، أبشِروا، سمعْتُ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:"ما من امرأين مسلمين هلك بينهما ولدان أو ثلاثة فاحتسَبا وصبَرا فيريان النّار أبدًا" ثم أصبحْتُ اليومَ حيث ترَون، ولو أنّ ثوبًا من ثيابي يَسَعُني لم أُكَفّن إلّا فيه، فأنْشُدُكم اللَّه، لا يُكَفِّنُني رجلٌ منكم كان أميرًا ولا عريفًا أو بريدًا. فكُلُّ القومِ قد نال من ذلك شيئًا، إلّا فتى من الأنصار كان مع القوم، قال: أنا صاحبك، ثوبان في عَيبتي من غزل أمي، وأحد ثوبي هذين اللذين عليّ. قال: أنت صاحبي فكَفِّنَي (1).
* * * *
آخر المسند
(1) المسند 5/ 166. ومن طريق ابن خثيم صحّحه ابن حبّان 15/ 56، 60 (6670، 6671)، وقوّاه المحقّق، وأطال في تخريجه وذكر مصادره.