الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ألفاظ القصيدة تقتفي أثر التجربة
…
11 وألفاظ القصيدة لا تجري على سنن واحد بل تقتفي أثر التجربة، وتجري حسب الإيقاعات النفسية فهي تشف وترق وتميل إلى البساطة واللين حين يعمد إلى الأفكار أو التقرير الفكري وحين تستولي عليه الرؤيا، كما في وصفه للهموم: طريد جنايات تياسرن لحمه، تنام إذا ما نام يقظى عيونها، وإلف هموم ما تزال تعوده، عياد كحمى الربع أو هي أثقل، وقوله:
أقيموا بني أمي صدور مطيكم........................
وفي الأرض منأى للكريم عن الأذى.....................
لعمرك ما في الأرض ضيق على امرئ...................
وغير ذلك مما يعبر عن هذه الفكرة، كما تتجهم ألفاظه وتخشوشن، ويعروها الجفاف، وتصبح ألفاظا صحراوية جافة، حين يلجأ إلى الوصف أو التعبير عن مشهد حي كما في قوله حين يصف نفسه:
ولست بمهياف يعشي سوامه
مجدعة سقبانها وهي بهل
ولا جبأ أكهى مرب بعرسه........................
ولا خرق هيق........................
ولا خالف دراية........................
وكما في حديثه عن القوس حين يصفها فهي صفراء عيطل وهي هتوف من الملس المتون، أو عن الذئب: أزل تهاداه التنائف أطحل:
........................ يخوت بأذناب الشعاب ويعسل
وحديثه عن النحل:
أو الخشرم المبعوث حثحث دبره
…
محابيض أرداهن سام معسل
ونلحظ في قوله:
ولست بمحيار الظلام إذا انتحت
…
هدى الهوجل العسيف يهماء هوجل
ثقلا في نطق الشطر الثاني، وربما كان ذلك راجعا لكثرة تكرير الهاء، مع تكرار كلمة بذاتها مرتين، وكأنما هذه المعاناة في النطق وتلك المعاضلة في الكلام شبيهة بالمعاناة التي تصيب من يسلك دروب الصحراء ويتعرض للسير فيها.
فالألفاظ ارتبطت بطبيعة المعنى الذي تؤديه، والجاحظ يقول: إن لكل مقام مقالا وذلك يعني أن الفكرة تقتضي عباراتها، كما ارتبطت الألفاظ بطبيعة التجربة فكانت في معظمها حسية مادية، فلغة الشنفرى مستمدة من بيئته ومن طباعه، ولذلك كنا نعثر