الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تأثر كعب بن زهير بأبية
…
وقد اقتدى كعب بن زهير بأبيه وتأثر به، فأخذ منه كثيرًا من المعاني، ولا سيما في الغزل، ولا غرابة في ذلك فكعب راوية لأبيه ومن يشابه أبه فما ظلم يقول كعب في مطلع قصيدته التي يمدح فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم2:
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول
…
متيم إثرها لم يجذ مكبول
..................................
تجلو عوارض ذي ظلم إذا ابتسمت
…
كأنه منهل بالراح معلول
وحين نتأمل هذا المطلع، ومطلع قصيدة زهير التي نحن بصددها:
إن الخليط أجد البين فانفرقا
…
وعلق القلب من أسماء ما علقا
2 شرح ديوان كعب بن زهير: صـ7 الدار القومية للطباعة والنشر القاهرة سنة 1965.
وكذلك قول كعب عن قلبه: لم يفد مكبول وقول أبيه وفارقتك برهن لافكاك له نجد كثيرًا من المشابه والعلاقة الواضحة بينهما.
كما أن قول كعب عن ريقها:.......... كأنه منهل بالراح معلول مأخوذ من قول زهير: اغتبقت من طيب الراح
وقول كعب في قصيدته:
شجت بذي شبم من ماء محنية
…
صاف بأبطح أضحى وهو مشمول
مأخوذ من قول زهير:
شج السقاة على ناجودها شبما
…
من ماء لينة لا طرقا ولا رنقا
فوصف الماء بالصفاء وأحد في كلا القصيدتين، وهكذا نجد أن كعبا استمد بعض معانيه من أستاذه وأبيه.
وإذا كان زهير يعني بلغته ويحشد في كلماته قوة إيحائية كبيرة كما تقدم، فإنه لم يغفل التصوير، بل هو أداة بارزة في فنه، وإن كان أكثر بروزا وتكثيفا في مقدمة القصيدة يسجل به الشاعر قدرته الفنية قبل أن يتقيد بموضوع القصيدة، فنراه يشبه عينيه تفيض دموعها الغزار على إثر فراق محبوبته بالدلو الملئ بالماء، ويصور أثر الحب في نفسه فيبدع في تصويره، ليمثل لنا قدرة فنية رائعة، كقوله في وصف دموعه:
كأن عيني في غربي مقتلة
…
من النواضح تسقي جنة سحقا