الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لقيط بنت يعمر الإيادي في تخويف قومه وتحذيرهم عواقب الغفلة والنسيان
لمحة عن الشاعر
…
الشاعر
هو لقيط بن يعمر الإيادي من شعراء العصر الجاهلي المقلين1، وتذكر بعض المصادر أن اسمه، لقيط بن معبد، فقد ذكر ابن دريد وهو بصدد الحديث عن نسب إياد أن من رجالهم: لقيط بن معبد صاحب القصيدة التي أنذر بها إياد لما غزتهم الفرس، وذكر صدر القصيدة2، بينما يذكر ابن قتيبة أن اسمه لقيط بن معمر3، أما محقق ديوانه فقد آثر تسميته لقيط بن يعمر استنادا على ما ذكره ابن الشجرى. وما ذكره صاحب الأغاني وأصل اللقيط المولود الذي يوجد مرميا على قارعة الطريق لا يعرف أبوه ولا أمه وهو فعيل بمعنى مفعول، واللقيطة واللاقطة الرجل الساقط الرذل المهين والمرأة سقيطة لقيطة، قال قريط بن أنيف4:
لو كنت من مازن لم تستبح إبلي
…
بنو اللقيطة من ذهل بن شيبانا
ولعله سمي بهذا الاسم المهين على عادة العرب في تسمية أبنائهم بأهون الأسماء وأقلها، حتى إذا قتله الأعداء لا يشعر أهله بشديد أسف، ولا تشعر الأعداء بكبير تشف.
1 طالع مختارات ابن الشجرى ص2 تحقيق علي محمد البجاري ط دار نهضة مصر سنة 1975 والأغاني جـ 22/ صـ 355.
2 الاشتقاق لابن دريد ص 168ط الخانجي سنة 1985.
3 الشعر والشعراء جـ1 / صـ205.
4 شرح ديوان الحماسة للمرزوقي ط/23.
وقبيلة إياد التي ينتمي إليها الشاعر من أكثر نزار عددا، وأشدهم بأسا وقوة، لذلك حظيت بمنزلة عالية، وتقدير بالغ، إذا لم يدينوا لملك من الملوك، ولم يصبهم في الجاهلية سباء، وكان موطنهم تهامة، ولكنهم اضطروا إلى مغادرته إلى مناطق مختلفة من الجزيرة العربية لأسباب منها القحط، فيقال: إنهم نزلوا أرض السواد بالعراق، وبدأ عددهم ينتشر في المنطقة الواقعة بين البحرين وسنداد والخورنق، وأخذوا يهاجمون المناطق الآمنة بالعراق، كما أغاروا على الفرس وبلغت غارتهم ذروتها حين سبوا عروسا فارسية من أشراف العجم كانت قد زفت إلى بعلها، فأثار ذلك غضب الفرس، وحفز ملكهم إلى إرسال جيش كبير من الفرسان لمهاجمة إياد، فهجمت إياد على جيش الملك وقضت عليه، وجمعت إياد جماجمهم وأجسادهم التي تكدست في أرض المعركة، فكانت كالتل العظيم، وكان إلى جانبهم دير فسمي دير الجماجم1، وقد أعاد كسرى الكرة عليهم وأغار بجيش كبير تبلغ عدته على ما يذكره ابن قتيبة ستين ألفا2، وكان لقيط مقيما بالحيرة لذلك أجاد اللغة الفارسية، واتخذه كسرى مترجما وكاتبا للمراسلات في الديوان3 فكان من المقربين لديه، وأتاح له ذلك أن يطلع على كثير من شئون الملك وأسرار الدولة، ولذلك حين أحس بعزم كسرى على غزو قومه ورأى الخطر
1 الأغاني جـ 22 / صـ 256.
2 الشعر والشعراء جـ1 / صـ205.
3 مختارات ابن الشجرى 2.
الداهم، يتهددهم، أنذرهم قبل أن يفاجأهم الفرس بهلاك محقق، فكتب عينيته الرائعة التي جاءت فريدة في بابها.
وقد عاش لقيط في فترة عصيبة من تاريخ العرب حيث اتحدت قبائل الحيرة العربية لأول مرة، وثارت على الحكم الفارسي، وكان للقيط دوره الفعال في تلك اليقظة القومية1؛ إذ يعتبر بحق أول شاعر قومي في الجاهلية، فقد استطاع بقصيدته العينية المشهورة أن يوحد قومه ويحشدهم لمواجهة الجموع الزاحفة من الفرس عن طريق المقارنة بين حال الفرس وما أعدوه لقومه، وحال إياد وما هم عليه من الغفلة والإهمال.
وتذكر الأخبار أنه كتب قصيدته هذه في صحيفة واتخذ لها عنوانا ضمنه الغرض من كتابتها، وهو أن جموع كسرى متوجهة إليهم، بعد أن حشدوا حشودهم، وأعدوا عدتهم، ويحذرهم من الغفلة والانشغال برعي الأغنام، في حين أن الخطر جسيم والخطب جلل، ولذلك فهو يقول في الأبيات التي جعلها عنوانا لقصيدته:2
سلام في الصحيفة من لقيط
…
إلى من بالجزيرة من إياد
1 طالع الديوان 7 تحقيق د/ عبد المعين خان، دار الأمانة بيروت سنة 1971.
2 الأغاني جـ 22/ صـ358.
بأن الليث كسرى قد أتاكم
…
فلا يشغلكم سوق النقاد
أتاكم منهم ستون ألفا
…
يزجون الكتائب كالجراد
على حنق أتينكم فهذا
…
أوان هلاكهم كهلاك عاد
وحين بلغ كسرى أن لقيطا أبلغ قبيلته بتوجه الجيوش الفارسية لغزوهم قطع لسانه، وغزا إيادا.1
1 مختارات ابن الشجرى2