الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
صفات يبرأ منها
…
ولست بمهياف يعشي سوامه
…
مجدعة سقيانها وهي بُهَّلُ
ولا جُبَّا أكهى مرب بعرسه
…
يطالعها في شأنه كيف يفعل
ولا خرق هيق، كأن فؤاده
…
يظل به المكاء يعلو ويسفل
لا خَالِف دَارِيَة مُتغزل
…
يروح ويغدو، داهنًا يتكحلُ
ولست بعل شره دون خيره
…
أَلفّ، إذا ما رعته، اهتجاج أعزلُ
ولست بمحيار الظلام إذا انتحت
…
هدى الهوجل الْعِسِّيقِ يَهْمَاءُ هَوْجَلُ
اللغة:
14 المهياف: الذي يبعد بإبله في طلب المرعى فيعطشها، أو هو السريع العطش أو السيء التدبير، السوام: الماشية الراعية في
الفلوات إذا خلى سبيلها، وعشى الإبل: إذا رعاها ليلًا لعدم إدراك ذلك نهارًا لأنه غير خبير بالمرعى، المجدعة: السيئة الغذاء، السقبان: جمع سقب وهو ولد الناقة الصغير حين يولد، بُهَّلُ: جمع باهل وباهلة: وهي الناقة التي تترك بدون راع أو تترك بدون صرار في ضرعها لعدم وجود اللبن، والصرار يوضع لمنع ولدها من رضعتها.
15 الجبأ: الجبان، قال مفروق بن عمرو الشيباني يرثي أخوته:
أبكي على الدَّعاء في كل شتوة
…
ولهفي على قيس زمام الفوارس
فما أنا من ريب الزمان بجبأ
…
ولا أنا من سيب الإله بيائس
ويقال للمرأة إذا كانت كريهة المنظر لا تستحلي، أن العين لتجبأ عنها، قال حميد بن ثور الهلالي:
ليست إذا سمنت بجائبة
…
عنها العيون كريهة المس
الأكهى: الضعيف السيء الخلق، والأبخر الذي لا خير فيه.
مرب: اسم فاعل من أرب بالمكان، إذا قام به والمراد به الملازم لعرسه.
16 الخرق: الدهش من الخوف والحياء وفي حديث تزويج فاطمة رضوان الله عليها: فلما أصبح دعاها فجاءت خرقة من الحياء، أي: خجلة مدهوشة، من الخرق التحير.
الهيق من الرجال": بفتح وسكون: المفرط في الطول، والظليم لطوله وهو ذكر النعام المعروف بشدة نفيره وهروبه من مصدر الخوف
المكاء: طائر يصوت في الرياض وسمي بذلك لأنه يجمع يديه ثم يصفر فيهما صفيرًا حسنا، قال الشاعر:
اذا غرد المكاء في غير روضه
…
فويل لأهل الشتاء والحمرات
وجمعه مكاكي، فهو كثير الخفوق بجناحيه.
17 الخالف: الذي لا خير فيه يقعد في الدار بعد رحيل القوم لا يفارقها، الداري والدارية: المقيم في دارة لا يبرحها
المتعزل: الذي يحادث النساء يشبب بهن، يروح ويغدو: يذهب ويجيء.
الداهن: الذي يتزين بدهن نفسه، والمتكحل الذي كحل عينه.
18 العل: يزور النساء، والقراد الصخم والجمع علال، والكبير المسن شبه بالقراد وهي حشرة صغيرة كذباب الخيل، قال المتنخل الهذلي:
ليس بعل كبير لا شباب له
…
لكن أثيلة صافي الوجه مقتبل1
أي مستأنف الشباب.
1 أثيلة: تصغير أثلة "بفتح فسكون" اسم لشجرة متينة الخشب والمعنى على التشبيه.
شره دون خيره: بمعنى أقرب من خيره، الألف: العاجز الضعيف الذي لا يقوم لحرب ولا لضيف.
الأعزل: من لا سلاح معه.
19 المحيار: المتحير الضال الذي لا يهتدي لوجهته، انتحت: اعترضت، والهدى: الهداية، الهوجل: الرجل الطويل الذي فيه تسرع وحمق، العسيف: الضال عن الطريق، اليهماء: الفلاة التي لا يهتدي فيها لطريق، هوجل: الثانية صفة للفلاه. أي متفرة لا معالم فيها للاهتداء.
التحليل:
ويعود الشنفرى ليتحدث عن بعض صفاته التي طبع عليها والتي تدور حول صبره وقدرته على التحمل، فهو بطيء العطش يدخل بإبله وسوامه إلى المرعى البعيد لتنال منه، وليس كالراعي الإحمق الذي لا يحسن غذاء سوامه، فيعود بها مع العشاء جائعة أولادها، لأنهم يمنعونها عن رضع أمهاتها كي يبقى لهم من جائعة أولادها، لأنهم يمنعونها عن رضع أمهاتها كي يبقى لهم من الحليب ما يشربون، وترى صغار إبله سمينة، لأن أمهاتها ليست عليها صرار، فجوع الأولاد كناية عن جوع الأمهات، فلهو في ذلك خبرته وتجاربه ثم ينفي عن نفسه الجبن وقلة الخبرة وسوء الخلق، فلا يقعد عن طلب الرزق والكسب اكتفاء بالجلوس مع عرسه شأن الصعلوك الخامل
الكسلان، وإنما له من همته ونشاطه وصدق عزيمته ما يدفعه للكسب ويعينه على الرحلة والانتقال، فليس ضعيف الشخصية عديم الرأي يستعين بالآخرين في تيسير أموره ويعتمد على توجيه زوجه ومشورتها.
كما أنه ثابت القلب مطمئن النفس لا تزعجه المخاوف ولا يستسلم للتردد يسيطر عليه فيصبح كالظليم في نفوره عند حدوث ما يفزع فيضطرب فؤاده ويرجف قلبه ويصبح من اضطرابه كأنه معلق في طائر يرتفع به ويسفل وهو ليس قليل الخير لا يفارق داره فيصبح ويمسي جالسًا إلى جوار النساء لمحادثتهن، فينفي عن نفسه صفة التخنث والتشبه بالنساء في الادهان والتكحل كأنه منهن، ثم يثبت لنفسه قوة الجسم وعلو الهمة والثبات عند الروع وحمله لسلاحه حين يقول:
ولست بعل شره دون خيره
…
ف إذا ما رعته اهتاج أعزل
ألأي: ليس بضعيف الجسم والهمة يعلو شره خيره ويسبق إحسانه إساءته لا خير فيه، فلا يسعى في أمر حرب أو ضيف، إذا أفزعته أسرع إسراع الأحمق، فينفي عن نفسه هذه الصفات ويثبت لها عكسها.
كما أنه يعرف طريقه ويقصد إلى هدفه غير ملتفت إلى الوراء، فلا يتردد ولا يتحير حتى في الظلام، ولا يضل في الفلوات المقفره التي
تطوي الأحمق الذي لا يعرف دروبها ومسالكها، فهو واثق من خبرته بالصحراء واهتدائه للسير فيها حتى في الظلام، وهذه من ألزم صفات الصعلوك الماهر، فالصحراء هي ميدان نشاطه يزاول فيها هوايته في قطع الطريق والإغارة على المارة والأعداء.
ثم أخذ يدلف من ذلك إلى الحديث عن بعض ما يعانيه ويتغلب عليه.