الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نماذج من القوة المادية والمعنوية في القصيدة
…
3 وقد كان لقيط عالما بفنون الحرب خبيرا بشئون القتال، وما يتطلبه من إعداد العدة وتدريب الجنود، والخيل عندهم من أفضل وسائل القتال وأهمها ولذلك يلح عليها لقيط حين يستنفر قومه لعدوهم، ومن أدوات القتال التي أشار إليها السيوف والرماح والقسي واجلوا سيوفكم وجددوا للقسي النبل والشرعا ومنها إرسال الرسل وبعث العيون للتجسس ومعرفة أخبار العدو أذكوا العيون وراء السرح.
وإذا كانت هذه نماذج من ضروب القوة المادية، فإنه لم يهمل القوة المعنوية التي تتمثل في التحلي بالصبر والتجمل به إلى حد أن
يتخذوه شعارا ولباسا لا يزايلهم، ولا شك أن الصبر على أهوال القتال وقوة التحمل عاملان مهمان في تحقيق الغلبة والنصر.
وتتمثل هذه القوة أيضا -كما أشار إليها- في جمع الكلمة ووحدة الصف ونبذ الخلاف وكل ذلك مما يساعد على تحقيق الهدف ولا يدع بعضكم بعضا لنائبه.
وقد ذكر لقيط من صفات القدياة والزعامة مالم يقع عليه شاعر قلبه ولا بعده وإذا كان بعض الشعراء قد تناول طرفا من هذه الصفات وذكرها في شعره إلا أنه لم يذكرها بهذا الاستقصاء وذاك العمق والشمول.
فممن أشار إلى صفات القيادة وذكر طرفا منها، طرفة بن العبد حين يقول:
أجدر الناس برأس صلدم
…
حازم الأمر، شجاعٌ في الوغم
كاملٌ، يحمل آلام الفتى
…
نبهٌ، سيد ساداتٍ، خضم
فقد ذكر منها قوة الإرادة والشجاعة عند مواجهة الخطوب، ورجاحة العقل وحصافة الرأي.
كما أشار حسان بن ثابت إلى بعض صفات القيادة في قوله:
وأنا لقوم ما نسوِّد غادرا
…
ولا ناكلا عند الحمالة زملا
ولا مانعا للمال فيها ينوبه
…
ولا عاجزا في الحرب جبسا مغفلا
ومرة أخرى يشير إلى أن المروءة من لوازم السيادة، وإن كان صاحبها قليل المال:
نسود ذا المال القليل إذا بدت
…
مروءته فينا وإن كان معدما
كذلك لم يلحق بلقيط الأفوه الأودي حين تناول جانب القيادة، وبين حاجة المجتمع إليها وقد عرض هذا الأمر بأسلوب جذاب لجأ فيه إلى التشخيص والتجسيد، يقول1:
والبيت لا يبتنى إلا له عمد
…
ولا عماد إذا لم ترس أوتاد
فإن تجمع أوتاد وأعمدة
…
وساكن، بلغوا الأمر الذي كادوا
1 الطرائف الأدبية: صـ10.