الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أجازوا أن يكتب آيات من القرآن، ويشربها المعيون: قال مجاهد: لا بأس أن يكتب القرآن ويغسله، ويسقيه لمريض.
وروى أن امرأة أصابها المخاض مدة فأمر ابن عباس بكتابة آيتين، من القرآن فكتبتا، وغسلتا، وشربت المرأة الماء.
ومن رقى العين، روى عن أبي عبدالله الباجي، أنه قال: كنت في بعض الأسفار على جمل جيد، وكان في القافلة شخص معروف أنه إذا نظر إلى شيء واستحسنه تلف، فقيل، لأبي عبد الله ذلك فقال: ليس له قدرة على جملي، فبلغ كلامه إلى العائن، فارتقب أبا عبد الله عند المنزل، ثم جاء فنظر إلى البعير، فاضطرب وسقط كما تسقط النخلة إذا اقتلعت من جدرها.
فلما جاء أبو عبد الله أخبر بذلك، فقال سيروا إليه فلما رآه قال:(بسم الله حبس حابس، وحجر يابس، وشهاب قابس، رددت عين العائن عليه، وعلى أحب الناس إليه، فارجع البصر هل ترى من فطور، ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئًا وهو حسير) فخرجت حدقة العائن، وقامت الناقة لا بأس بها.
فصل الذي يقوله الرسول في معالجته المرضى
عالج صلى الله عليه وسلم جميع الأمراض، والآلام، بهذا الدعاء. وهو الذي قال أبو الدرداء: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من اشتكى منكم شيئا فليقل ربنا الله الذي في السماء، تقدس اسمك، أمرك في السماء والأرض، كما رحمتك في السماء، فاجعل رحمتك في الأرض، واغفر لنا حوبنا وخطايانا، أنت رب الطيبين، أنزل رحمة من عندك، وشفاء من شفائك، على هذا الوجع فيبرأ بإذن الله"(1).
(1) انظر سنن أبي داود (3106) والترمذي (2084) بنحوه، والمستدرك للحاكم (ج 1 ص 342) وما بعدها، وصحيح البخاري (10/ 176) وما بعدها، وصحيح مسلم (2191).
وثبت في صحيح مسلم: أن جبريل جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو وجع، فقال: يا محمد اشتكيت؟ : فقال نعم قال: "بسم الله أرقيك من كل داء يؤذيك. ومن نفس وعين. بسم الله أرقيك والله يشفيك (1) " والذي رويناه: "لا رقية إلا في عين أو حمة"(2).
المراد أنه لا رقية أولى وأنفع منها في ذلك. وأكبر الرقى فاتحة الكتاب. والنبي صلى الله عليه وسلم قال: "خير الدواء القرآن"(3) وهي مشتملة على معانيه.
وفي صحيح مسلم، عن أبي سعيد الخدرى قال:"انطلق نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفرة سافروها، حتى نزلوا على حى من أحياء العرب فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم، فلدغ سيد ذلك الحى، فسعوا له بكل شيء فلم ينفعه، فقال بعضهم: لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا لعل أن يكون عندهم بعض شيء. فأتوهم فقالوا: يا أيها الرهط إن سيدنا لدغ. وسعينا له بكل شيء فلم ينفعه. فهل عند أحدكم من شيء؟ فقال بعضهم. أى والله إنى لأرقى. ولكن والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا، فما أنا براق لكم حتى تجعلوا لنا جعلا فصالحوهم على قطيع من الغنم، فانطلق يتفل عليه، ويقرأ "الحمد لله رب العالمين" فكأنما نشط من عقال، قال فانطلق يمشى، وما به قلبة، فأوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه"(4) هذا لفظ البخاري.
وقال بعضهم: اقتسموا، فقال الذي رقى: لا تفعلوا حتى نأتى النبي صلى الله عليه وسلم فنذكر الذي كان فيه فننظر الذي يأمرنا به، فقدموا على النبي صلى الله عليه وسلم، فذكروا له
(1) أخرجه مسلم في صحيحه بلفظه حديث رقم (2186)، وذكره النووي في رياض الصالحين (ص 389) حديث رقم (8/ 908).
(2)
أخرجه أحمد في مسنده، ومسلم في صحيحه، والترمذي في سننه؛ وابن ماجة في سننه، وأورد الشوكاني في نيل الأوطار (ج 8 ص 211).
(3)
انظر نيل الأوطار (ج 8 ص 215).
(4)
أخرجه البخاري في صحيحه.
ذلك. فقال: "وما يدريك أنه رقية ثم قال: "قد أصبتم اقسموا واضربوا لي معكم سهما" (1). وأما في لدغ العقرب، ففى مسند أبى بكر بن أبى شيبة مروى عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلى إذ سجد فلدغته عقرب في إصبعه المباركة فلما خرج من الصلاة. قال: "لعن الله العقرب ما تدع نبيا، ولا غيره" ثم طلب ظرف ماء وملحا ووضع إصبعه في الماء والملح، وقرأ سورة الإخلاص، والمعوذتين؛ ولم يزل يكررهن حتى زال الألم" (2).
وفي سنن أبى داود، عن الشفاء بنت عبد الله أنها قالت:"دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا عند حفصة فقال: ألا تعلمين هذه رقية النملة كما علمتها الكتابة"(3) والنملة جراح تظهر على الجنب، تؤلم ألما شديدًا يحس المريض منها حركة النملة، وكانت الشفاء بنت عبد الله دائما بمكة ترقى هذا المرض، فلما هاجرت أتت النبي صلى الله عليه وسلم، وقالت: يا رسول الله كنت في الجاهلية أرقى من النملة، وأريد أن أعرض ذلك عليك، ثم قال:"بسم الله صلت حتى يعوذ من أفواهنا، ولا تضر أحدا. اللهم اكشف البأس رب الناس"(4).
يقرأ هذا الدعاء على خشبة، ثم تحك على حجر بخل حادق، ويطلى به الجراح.
وأما في سائر الجراحات والقروح، فقد روت عائشة:"كان رسول الله إذا اشتكى الإنسان، أو كانت به قرحة، أو جرح، قال بأصبعه هكذا ووضع سفيان سبابته بالأرض، ثم رفعها ثم قال: "بسم الله تربة أرضنا بريقة بعضنا، يشفى سقيمنا بإذن ربنا" (5).
(1) أخرجه البخاري في صحيحه.
(2)
أخرج الشيخان نحوه، وأورده الشوكاني في نيل الأوطار (ج 8 ص 212).
(3)
أخرجه أحمد في مسنده، وأبو داود في سننه، وأورده الشوكاني في نيل الأوطار (ج 8 ص 211، وقال الشوكاني: وهو دليل على جواز تعلم النساء الكتابة.
(4)
أخرجه مسلم بنحوه، وأبو داود في سننه، انظر نيل الأوطار (ج 8 ص 212).
(5)
متفق عليه، أخرجه البخاري (ج 10 ص 176، 177)، ومسلم برقم (2194)، وانظر رياض الصالحين (ص 388).