الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي حديث أم سلمة حيث قالوا: أي الأيام كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثرنا صياما؟ قالت: يوم السبت والأحد. ويقول: "إنهما عيد للمشركين، فأنا أحب أن أخالفهم"(1) ولم يكن من العادة النبوية، دوام الصيام بل نهى عن صوم الدهر، قال في حق الصائم:"ولا صام ولا أفطر"(2).
كان في غالب الأيام، إذا دخل بيته، سأل:"هل عندكم ما يؤكل؟ " فإن قالوا: لا، قال:"فإني صائم"، ونوى الصيام، وكان في بعض الأوقات ينوى صوم التطوع ولا يتم الصيام، بل يفطر، وقال:"من نزل على قوم، فلا يصومن تطوعا إلا بإذنهم" لكن طعنوا في إسناد هذا الحديث، وكان يكره تخصيص يوم الجمعة بصوم، ويقول:"إنه يوم عيد فلا تصوموه إلَّا أن يتقدمه يوم أو يعقبه يوم"(3) فلا يكره إذا وقد بين سر هذا في باب الجمعة.
فصل اعتكاف النبي صلى الله عليه وسلم
-
لما كان الاعتكاف سبب جمعية الخاطر والانقطاع عن الغير إلى الحق، والإقبال على العبادات، وموجب البعد عن الخلق، وواسطة لزوال التفرقة، والهموم المغايرة، وهذه القاصدة في حالة الصيام أكمل وأفضل.
لا جرم أنه صلى الله عليه وسلم بين للأنام، تشريع الاعتكاف، في أفضل أيام الصيام، وهي العشر الأواخر، من شهر رمضان، ولم يرد أنه اعتكف بغير صيام أبدا،
(1) أخرجه النسائي وصححه ابن خزيمة، وهذا لفظه، وأورده الأمير الصنعاني في سبل السلام (ج 2 ص 350).
(2)
أخرجه الشيخان بلفظ: "لا صام من صام الأبد" انظر صحيح البخاري في كتاب الصوم باب حق الأهل في الصوم حديث رقم (1977 ج 4 ص 221)، ومسلم في كتاب الصيام باب النهي عن صوم الدهر حديث رقم (1159) حديث الباب (186 ج 2 ص 814، 815).
(3)
متفق عليه، أخرجه البخاري في كتاب الصوم باب صوم يوم الجمعة حديث رقم (1985 ج 4 ص 232)، ومسلم في كتاب الصوم باب كراهية صيام يوم الجمعة منفردا حديث رقم (1144 ج 2 ص 801)، وأبو داود في كتاب الصوم باب النهي أن يخص يوم الجمعة بصوم حديث رقم (2420 ج 2 ص 320)، والترمذي برقم (743 ج 3 ص 320).
وكانت عائشة رضي الله عنها تقول: لا اعتكاف إلا بصوم، واعتكف في جميع الرمضانات في العشر الأواخر (1)، ولم يفته إلا رمضان واحد قضى اعتكافه في شوال، واعتكف مرة في العشر الأول، ومرة في العشر الأوسط، ومرة في العشر الأخير.
ولما علم أن ليلة القدر في ذا العشر، واظب اعتكافه، إلى آخر الحال، وكان إِذا قصد الاعتكاف، صلى الصبح ودخل معتكفه، وهو خيمة كانت تنصب له في المسجد ليختلى فيها، وكان لا يأتى إلا لقضاء الحاجة (2). وكان في بعض الأحيان يخرج رأسه من المسجد إلى حجرة عائشة رضي الله عنها لترجل له رأسه (3) وتغسله.
ومن أراد من أمهات المؤمنين زيارته صلى الله عليه وسلم في حال الاعتكاف جاءت إليه وعند قيامها للرجوع كان يقوم معها، ويعانقها ويقبلها. وهذا المجموع كان في الليل، وكان لا يباشر في مدة الاعتكاف، وكان إذا أراد الاعتكاف يوضع له سرير في معتكفه. ويفرش له عليه.
وكان إذا دخل منزله لقضاء الحاجة، لا يشتغل بأحد، وكان يمر في بعض الأحيان على المريض من أهل بيته، فلا يقف عنده ولا يسأل عن حاله، وكان يعتكف في كل عام عشر أيام، وفي العام الأخير اعتكف عشرين يوما (4). وكان يعرض القرآن على جبريل في كل عام مرة، وفي العام الأخير عرضه مرتين. وبالله تعالى التوفيق.
(1) متفق عليه رواه البخاري في كتاب الاعتكاف باب الاعتكاف في العشر الأواخر حديث رقم (2026 - ج 4 ص 271)، ومسلم في كتاب الاعتكاف باب اعتكاف العشر الأواخر من رمضان حديث رقم (1172) حديث الباب رقم (5 - ج 2 ص 831)، وأبو داود برقم (2462 - ج 2 ص 331)، والترمذي (3/ 157)، والنسائي (26 ص 44).
(2)
متفق عليه انظر صحيح البخاري (ص 273 حديث رقم (2029)، ومسلم (ج 1 ص 244) برقم (797).
(3)
متفق عليه انظر نفس المصدرين السابقين.
(4)
أخرجه البخاري في صحيحه (ج 4 ص 245).