الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا أصليها، ولا أمنع أحدا من صلاتها.
وقال جماهير العلماء: صلاها لبيان الجواز، ليعلم أن بعد الوتر، يجوز صلاة النوافل، وأن الوتر لا يقطع صلاة النوافل، وعلى هذا يكون قوله:"اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا" مبنيا على الاستحباب.
وقال بعض العلماء: هذه الصلاة ملحقة بالوتر، وجارية مجرى سنة الوتر، لا سيما على مذهب من يقول: بوجوب الوتر، وكما أن صلاة المغرب وتر النهار مشفوعة من السنة بركعتين كذلك وتر الليل أيضا مشفوع من السنة بركعتين.
فصل دعاء القنوت للنبي محمد صلى الله عليه وسلم
-
لم يرد في الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قرأ القنوات في صلاة الوتر أصلًا. قال الإِمام أحمد: كل ما ثبت في القنوت فمجموعه في صلاة الصبح. ولم يثبت في الوتر أصلًا، بل لم يرد، ولكن جماعة من الصحابة كانوا يقرءون القنوت في صلاة الوتر، لحديث مسند الإِمام أحمد عن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في قنوت الوتر "اللهم اهدنى فيمن هديت، وعافنى فيمن عافيت، وتولنى فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقنى شر ما قضيت، إنك تقضى ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت وصلى الله على النبي" قال الترمذي: هذا أحسن حديث ، روى في باب القنوت.
وثبت عن أمير المؤمنين عمر، وأبى بن كعب، وعبد الله بن مسعود، أنهم كانوا يقرأون القنوت في صلاة الوتر، ولم يرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قطعا،
وكل ما روى فإنه مطعون ومفترى.
روى الترمذي والنسائي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في آخر وتر "اللهم إنى أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصى ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك"(1)، وهذه العبارة يحتمل أن يكون قالها بعد التشهد وهذا أقرب، بل هو متعين، لما رواه النسائي، كان يقول إذا فرغ من صلاته، وتبوأ مضجعه - وزاد في لفظ هذه الرواية:"لا أحصى ثناء عليك ولو حرصت".
وثبت في بعض الروايات الصحيحة: أنه كان يقول هذا في السجود، فيحتمل أن يكون قاله في مجلسين.
وفي مسند الحاكم من حديث ابن عباس في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم به، ووتره، فلما قضى صلاته سمعته يقول:"اللهم اجعل في قلبى نورًا، وفي بصرى نورًا، وفي سمعى نورًا، وعن يمينى نورًا، وعن يسارى نورا، وفوقى نورًا، وتحتى نورًا، وأمامى نورًا، وخلفى نورًا، واجعل لي يوم لقائك نورًا".
وفي بعض الروايات: "وفي عصبى نورًا، وفي لحمى نورًا، وفي شعرى نورًا، وفي بشرى نورًا، وفي لسانى نورًا، واجعل في نفسى نورًا، وأعظم لي نورًا، واجزل لي نورًا، واعطنى نورًا"(2)، وكان يقرأ في صلاة الوتر في الركعة الأولى {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} وفى الركعة الثانية {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ} وفي الركعة الثالثة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (3) والمعوذتين ويقول عقب السلام:"سبحان الملك القدوس" ثلاثا، يرفع صوته في الثالثة، ويمد
(1) أخرجه مسلم من صحيحه برقم (486)، ومالك في الموطأ (ج 1 ص 214)، وأبو داود برقم (879). والترمذي برقم (3491) ، والنسائي (ج 2 ص 222). وأورده النووي في رياض الصالحين (538).
(2)
رواه مسلم في صحيحه باختلاف يسير، وأورده الشوكاني في نيل الأوطار (ج 2 ص 298).
(3)
رواه أحمد في مسنده، وأبو داود في كتاب الصلاة، باب ما يقرأ في الوتر حديث رقم (1423 - ج 2 ص 63)، والنسائي (ج 3 ص 235) في كتاب قيام الليل، باب ذكر اختلاف ألفاظ الناقلين لخبر أبي بن كعب في الوتر، وباب نوع آخر من القراءة في الوتر، وانظر تلخيص الحبير (2/ 17).
الحروف، ثم يقول بعد ذلك:"رب الملائكة والروح".
وكان يقرأ بالترتيل، ويقف في آخر كل آية البتة وإن تعلقت بما بعدها وبعض القراء يقول: الوقف على مكان انتهاء الكلام، وانفصاله، أولى وأفضل. وهذا القول غير مستحسن لأن متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم، في كل حال، أكمل وأفضل.
وللعلماء اختلاف في أفضلية القراءة المرتلة، مع القلة على القراءة الكثيرة، مع السرعة، قال ابن عباس، وابن مسعود: الترتيل والتدبر مع قلة القراءة أفضل، وقال أمير المؤمنين علي، وجماعة من الصحابة والتابعين، والإمام الشافعي: كثرة القراءة أفضل لأنّ بكل حرف عشر حسنات.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم "ولا أقول ألم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف"(1).
وقال بعض المتأخرين: ثواب القراءة بالترتيل، والتدبر أكبر وأحسن، وثواب كثيرة القراءة أزيد وأكثر، مثال ذلك شخص تصدق بجوهرة ثمينة، ومثال شخص تصدق بلآلئ صغار، أو بدراهم ودنانير كثيرة، وما أشبه ذلك.
وكان يسر في قراءة الليل أحيانا، ويجهر أحيانا، ويطيل القيام أحيانا، ويخفف أحيانا.
(1) رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح. برقم (2912)، وأورده النووي. في رياض الصالحين عن ابن مسعود برقم (9/ 999 ص 420 - 421).