الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل صلاة الليل للنبي صلى الله عليه وسلم
-
كان صلى الله عليه وسلم يستيقظ من النوم، بعد مضي نصف الليل، وأحيانا قبل ذلك، وأحيانا عند صياح الديك، وذلك يكون في الغالب بعد مضي نصف الليل، وكان إذا استيقظ مسح بيده على عينيه المباركتين، ثم استعمل المسواك ثم توضأ، وفي حالة استعمال المسواك، كان يقرأ آخر آل عمران {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} (1) إلى آخر السورة، ثم افتتح الصلاة بركعتين خفيفتين، وأمر أمته بذلك فقال:"إذا قام أحدكم من الليل فليفتتح صلاته بركعتين خفيفتين"(2).
وورد في كيفية قيام الليل طرق ثمانية كلها صحيحة، والمتعبد مخير في المواظبة على أي هذه الأنواع شاء، أو اختيار نوع منها في وقت دون وقت:
الأول، حديث ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استيقظ، فتسوك، وتوضأ وهو يقول:{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} فقرأ هؤلاء الآيات حتى ختم السورة، ثم قام فصلى ركعتين، وأطال فيهما القيام والركوع، والسجود، ثم انصرف، فنام، حتى نفخ، ثم فعل ذلك ثلاث مرات، بست ركعات، كل ذلك يستاك، ويتوضأ، ويقرأ هذه الآيات، ثم أوتر بثلاث، فأذن المؤذن فخرج إلى الصلاة، وهو يقول:"اللهم اجعل في قلبى نورًا، وفي لسانى نورا، واجعل في سمعى نورًا، واجعل في بصرى نورًا، واجعل من خلفى نورًا، ومن أمامى نورًا، واجعل من فوقى نورًا ومن تحتى نورًا، اللهم أعطنى نورًا".
(1) سورة آل عمران آية 190،
(2)
رواه مسلم برقم (768)، وأخرجه أبو داود برقم (1323، 1324).
هذه الرواية في صحيح (1) مسلم، وليس فيها الافتتاح بركعتين، وأجيب عن هذا بوجهين:
الأول: أنه كان في بعض الأوقات يفتتح بركعتين خفيفتين، وفي بعض الأوقات بركعتين طويلتين.
الثاني: أن عائشة أعرف بحال قيام الليل، وقد تكون حفظت ما فات عن ابن عباس.
النوع الثاني: ما روت عائشة أنه صلى الله عليه وسلم كان يفتتح الصلاة بركعتين خفيفتن، وبعدهما يطول، يصلى عشر ركعات بخمس تسليمات، ويوتر بركعة، ثم يسلم.
النوع الثالث: كان يصلي ثلاث عشرة ركعة خارجا عن ركعتى الفجر.
النوع الرابع: كان يصلي ثمان ركعات بأربع تسليمات ثم صلى بعد ذلك خمس ركعات يجلس في آخراهن ويسلم، ولم يكن في أثنائهن جلوس، إلا في الآخر.
النوع الخامس: كان يصلى تسع ركعات، منها ثمان متعاقبات، ليس بينهن جلوس إلا بعد الثامنة، فإنه كان يتشهد، ويدعو ثم ينهض إلى التاسعة من غير سلام ثم يتشهد بعدها ويسلم، ثم يصلى ركعتين عقب الوتر.
النوع السادس: كان يصلي ست ركعات متصلات لا يجلس بينهن، إلا في آخرهن، ثم ينهض قبل السلام، فيصلى ركعة، ويسلم، ثم يصلى بعد ذلك ركعتين جالسا عقب الوتر.
النوع السابع: كان يسلم في ركعتين ويصلى في آخرهن ثلاث ركعات بتسليمة واحدة، وطعن الحفاظ في هذه الرواية لما في صحيح ابن حبان بإسناد
(1) انظر صحيح مسلم (ج 1 ص 510) وما بعدها.
صحيح "لا توتروا بثلاث، أوتروا بخمس، أو سبع، ولا تشبهوا بصلاة المغرب"(1).
وفي حديث عائشة بإسناد صحيح، أنه كان يسلم في الركعتين الأخيرتين، ثم بعد ذلك يصلى ركعة.
وسئل الإِمام أحمد: ما تقول في الوتر؟ قال: أكثر الحديث وأقواه ركعة. فأنا أذهب إليها. ثم سئل ثانيا؟ فقال: يسلم في الركعتين بها وإن لم يسلم رجوت أن لا يضره، إلا أن التسليم أثبت.
النوع الثامن: روى النسائي بسنده عن حذيفة، أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني صلاة الليل - وطوّل في الركوع، مثل القيام، وكان يقول:"سبحان ربي العظيم" ثم بعد ذلك جلس، وقال:"رب اغفر لي" وكررها. ولما صلى أربع ركعات على هذا الوجه أذن بلال للصبح، ودعا النبي صلى الله عليه وسلم للصلاة.
هذه الطرق الثمانية ثبتت في قيام الليل وكان يصلى الوتر في أولي الليل (2)، وحينا في أوسطه. وحينا في آخره. وهذا في الغالب.
وفي بعض الليالى، كان يكرر آية في صلاة الليل من أوله إلى آخره وهي {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (3).
وصلاة النبي صلى الله عليه وسلم كانت على ثلاثة أنواع:
أحدهما: أنه كان يصليها قائما وذلك في الغالب.
الثاني: أنه كان يصليها جالسا ويركع جالسا أيضًا.
(1) جاء في الصحيحين ما يخالف رواية المصنف التي نقلها عن ابن حبان وانظر صحيح البخاري (ج 2 ص 406)، ومسلم برقم، 751 ، وأبى داود برقم (1438)، - النسائي (ج 3 ص 130 ، 131).
(2)
متفق عليه رواه البخاري (ج 2 ص 406)، ومسلم برقم (745. 137) ، أخرجه النسائي (ج 3 ص 230) والترمذي برقم (457)، وأبو داود برقم (1435).
(3)
سورة المائدة آية 118.
والحديت متفق عليه، ورد في صحيح البخاري (2/ 406) ومسلم (745).