الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل مراعاة النبي صلى الله عليه وسلم لأحوال الفقراء في الزكاة
كان من العادة النبوية في الزكاة مراعاة الفقراء، مع مراعاة أصحاب الأموال والنظر في مصلحة الجانبين، بأقصى الغاية، وأوجب الزكاة في أصناف أربعة من المال، دورانها بين الخلق أكثر، واحتياج الناس إليها أوفر.
الصنف الأول: الزروع والثمار.
الصنف الثاني: بهيمة الأنعام من الإبل، والبقر، والغنم (1).
الصنف الثالث: الذهب والفضة اللذان بهما قوام معاش العالم.
الصنف الرابع: أموال التجارة من أي صنف، وأمر أن تؤدى في السنة مرة، وفي الزرع والثمار يوم حصاده على الفور، وذا غاية العدل، وبحسب سعى الشخص في تحصيل المال، وسهولته، ومشقته تفاوت الواجب، فيما بين صلى الله عليه وآله وسلم.
لا جرم أوجب الخمس، في مال يحصل من غير مشقة، وتكلف، كما إذا وجد كنز، ولم يعتبر السنة في ذلك، بل حال ما يجده عليه إخراج الخمس، وما لا بد في تحصيله من مشقة وكلفة ما أوجب فيه نصف ذلك. كالزروع، والثمار الحاصل من ماء المطر، وأوجب نصف ذلك فيما يحتاج في تحصيله إلى زيادة تكلف من دولاب أو بئر، أو شراء ماء.
وأوجب نصف ذلك فيما يحتاج إلى عمل، وتعب دائم، كارتكاب مشقة الأسفار، وركوب البحار، والترقب، والانتظار، وما أشبه ذلك.
وأيضا عين في كل نوع من المال نصبا بحسب مصلحة الحال. ففى الفضة مائتا درهم، وفي الذهب عشرون مثقالا، وفي الغلات والثمار ثمانمائة مد
(1) انظر صحيح البخاري في كتاب الزكاة، باب (38) زكاة الغنم حديث رقم (1454) فتح البارى (ج 3 ص 317 - 318)، وسنن أبي داود في كتاب الزكاة، باب في زكاة السائمة (ج 2 ص 96، 97)، والنسائي (5/ 18 - 23) في الزكاة، باب زكاة الإبل.
شرعى، وذلك وقر خمس من الإبل العراب، وفي الغنم أربعون، وفي البقر ثلاثون، وفي الإبل خمس.
ولما لم يحتمل هذا النصاب المواساة من جنسه عين شاة، في كل خمس من الإبل، أما إذا بلغ خمسا وعشرين احتمل أن يؤدى من جنسه، لا جرم يكون مخيرا بين خمس شياه وبعير، ومن علم أنه من أهل الزكاة أعطاه منها، وإن طلب شخص من الزكاة شيئا، ولم يعلم حاله أعطاه.
إما إذا علم غناه، أخبره أن لاحظ فيها لغنى، ولا لقوى مكتسب. وكانت العادة أنهم إذا أخذوا الزكاة من مدينة، أو قرية، صرفوها على فقراء ذلك المكان، فإن فضل شيء، أتوا به إلى حضرة الرسول صلى الله عليه وسلم، فيصرفه لفقراء المدينة.
ولم يكن من العادة النبوية، أخذ الزكاة من الخيل، والرقيق، والبغال، والحمير، والبقول، والبطيخ، والخيار، والعسل، والفواكه، التي لا تدخل المكيال، ولا تصح للادخار، إلا الرطب، والعنب، فإنه كان يأخذ الزكاة منهما، لا يفرق بين الرطب واليابس، ومن أتى بزكاته، إلى حضرة سيدنا، رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا له وقال:"اللهم بارك فيه وفي إبله"(1).
وكان ينهى المتصدق، أن يشترى صدقته، وكان يدوغ إبل الصدقة، بيده المباركة، وفي الغالب كان يدوغ على الأذن، وربما اقترض لمصالح الإسلام، وأحال على مال الصدقة، وفي أوقات الضرورة، كان يطلب زكاة سنتين تقدمة.
(1) أصله في الصحيحين، أخرجه البخاري في كتاب البخاري، باب (64) صلاة الإمام ودعائه لصاحب الصدقة حديث رقم (1497 ج 3 ص 361)، وانظر حديث رقم (4166 - 6332)، ومسلم في كتاب الزكاة، باب الدعاء لمن أتى بصدقته حديث رقم (1078 ج 2 ص 756 - 457)، وأبو داود في كتاب الزكاة، باب دعاء المصدق لأهل الصدقة حديث رقم (1590 ج 2 ص 106)، والنسائي (5/ 31، في كتاب الزكاة، باب صلاة الإمام على صاحب الصدقة، وابن ماجة قى كتاب الزكاة باب (8) برقم (1796 ج 1/ 572).