الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في عادة الرسول في أحواله العمومية
باع سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم واشترى، لكن بعد نزول الوحي كان الشراء غالبا، والبيع قليلًا، وأما بعد الهجرة فلم يحفظ البيع، إلا في ثلاث صور والشراء كثير، وأجر صلى الله عليه وسلم واستأجر، والاستئجار أغلب، وحفظ أنَّه قبل النبوة أجر نفسه لرعى الغنم، وأجر نفسه لخديجة ليتجر لها (1).
وفي صحيح مسلم، أنَّه أجر نفسه من خديجة مرتين، وفي سفرتين كل سفرة بجمل، وشارك النبي صلى الله عليه وسلم ووكل، وتوكل، وكان التوكيل أكثر، وأهدى له صلى الله عليه وسلم وقبل الهدية، وعوض عنها، ووهب له صلى الله عليه وسلم وقبل الهبة.
وحصل لسلمة بن الأكوع في بعض الغزوات، جارية حسناء، فقال له صلى الله عليه وسلم: هبها لي، فأخذها، وفادى بها جماعة من الأسرى بمكة، وخلصهم من الأسر.
واقترض صلى الله عليه وسلم برهن، وبغير رهن، واستعار واشترى بنقد ونسيئة، وضمن عن الله عز وجل، ضمانا خاصا. كما قال:"من ضمن لي ما بين لحييه (2) وما بين رجليه ضمنت له الجنة"(3) ومثل هذا الضمان في السنة كثير.
وضمن ضمانا عاما عمن مات، وعليه دين، ولم يترك وفاء دينه. وكان صلى الله عليه وسلم يشفع ويشفع إليه، وشفع لمغيث عند امرأته بريرة. فلم تقبل الشفاعة، ولم يغضب عليها ولم يعاتبها، وكان يكثر القسم بالله، والثابت من ذلك يزيد على ثمانين موضعا.
وأمر الله تعالى نبيه بالقسم في ثلاثة مواضع:
(1) انظر: عيون الأثر لابن سيد الناس، وابن حجر في الإصابة وغيرهما، وفتح البارى لابن حجر (ج 7 ص 91).
(2)
ما بين لحييه: هو اللسان. وما بين رجليه: الفرج. انظر: رياض الصالحين ص 570.
(3)
أخرجه البخاري (ج 11 ص 264)، وأخرجه الترمذي (2408).
الأول: قال الله تعالى: {وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ} (1).
الثاني: قال الله تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ} (2).
الثالث: قال الله تعالِى: {زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} (3).
وكان في بعض الأحيان يستثنى في يمينه. وقد يكفر عنها في بعض الأحيان وقال: "إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها، إلا كفرت عن يمينى، وأتيت الذي هو خير"(4).
وكان صلى الله عليه وسلم يمزح، ولايقول إلا حقا ويورى، ولا يقول في توريته إلا حقا. كما أنه كان إذا عزم على قصد جهة سأل عن جهة أخرى ومياهها، ومراعيها، ومنزلها، وأمثال هذه التورية كان يفعلها في الغزوات، والجهاد كثيرا.
وكان صلى الله عليه وسلم يستشير، ويشير، ويعود المرضى، ويحضر الجنائز، ويجيب الدعوة، ويمضى مع الأرامل والمساكين والضعفاء، لقضاء حوائجهم فيقضيها، وكان يسمع الشعر من الشعراء، ويعطيهم الخلع، لأن جميع ما قالوه وما يقولونه إلى يوم القيامة قطرة من بحر، فعطاؤه لهم على قول حق.
وأما مدح غيره، فإنه في الغالب زور وبهتان، وكذب صراح لا جرم قال:"احثوا في وجه المداحين التراب"(5).
(1) سورة يونس آية رقم (25)
(2)
سورة سبأ آية رقم (3)
(3)
سورة التغابن آية رقم (7).
(4)
متفق عليه أخرجه البخاري في كتاب الإيمان والنذور باب (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم) حديث رقم (6622 ج 11/ 516، 517)، ومسلم (ت 3 ص 1273) حديت رقم (1652) والنسائي (7/ 10، 11).
(5)
أخرجه مسلم في صحيحه حديث رقم (3002)(69) وأورده النووى في رياض الصالحين (ص 665).