الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفى بعض الأحيان كان يطول الاعتدال حتى تظن الجماعة أنه نسى، وكذا في السجود، فقد كان يطول في بعض الأحيان، حتى يظن المأموم أنه قد نسى هذا الذي ثبت من عادته في الركوع والسجود صلى الله عليه وسلم، وحديث البراء بن عازب قال: كان ركوعه وسجوده بين السجدتين، وإذا رفع رأسه من الركوع، ما خلا القيام، والقعود قريبًا من السواء.
صريح في التسوية بين قيام القراءة، وقعود التشهد في الطول، وبين سائر الأركان في الطول والقصر، وليس المراد القيام بعد الركوع. وتخفيف هذين الركنين - أعني الاعتدال والجلسة بين السجدتين - وتقصيرهما من محدثات بني أمية، ولم تكن من العادات النبوية بوجه من الوجوه، والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
فصل سجود الرسول صلى الله عليه وسلم أثناء صلاته
ك ان صلى الله عليه وسلم إذا هوى ساجدًا لم يرفع يديه، والذي ورد في بعض الأحاديث، أنه كان يرفع يديه، في كل خفض ورفع سهو (1). والرواية الصحيحة أنه كان يكبر في كل خفض ورفع، وكان يضع ركبتيه على الأرض، قبل يديه، ثم يضع يديه ثم جبهته وأنفه، علي ترتيب البدن.
وأما حديث أبي هريرة الذي رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك البعير وليضع يديه قبل ركبتيه"(2) وهمٌ من بعض الرواة، لأن أول الحديث ينقض آخره، فإن البعير يضع يديه قبل ركبتيه، حال
(1) انظر البخاري ج (2 ص 218)، ومسلم (ج 1 ص 292) وأبي داود (ج 1 ص 191 - 192) ، والترمذي (ج 2 ص 35)، والنسائي (ج 2 ص 121 - 122) وموطأ الإمام مالك (ج 1 ص 75).
(2)
أخرجه أبو داود في كتاب الصلاة، باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه حديث رقم (840 - ج 1 ص 222)، والنسائي (ج 2 ص 207)، في كتاب الافتتاح، باب أول ما يصل إلى الأرض من الإنسان في سجوده. والترمذي بمعناه في أبواب الصلاة، باب ما جاء في وضع الركبتين قبل اليدين في السجود حديث رقم (269 - ج 2 ص 57 - 58).
البروك، والذي قال ركبة البعير في يديه، وهم وغلط وخالف قول أئمة اللغة.
والصواب أنه نهى عن التشبه بالحيوانات وقال: "لا تبركوا بروك البعير ولا تلتفتوا التفات الثعلب، ولا تفترشوا افتراش السبع، ولا تقعوا إقعاء الكلب، ولا تنقروا نقر الغراب، ولا ترفعوا أيديكم في حال السلام كأذناب الخيل الشمس واجتنبوا جميع ذلك"(1)، وجاء في رواية أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال:"إذا سجد أحدكم فليبدأ بركبتيه قبل يديه ولا يبرك بروك الفحل"(2).
وفي صحيح ابن خزيمة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا سجد بدأ بركبتيه وفي رواية سعد كنا نضع اليدين قبل الركبتين، فأمرنا بالركبتين قبل اليدين، وأكثر العلماء على هذا إلا الإمام مالكا والأوزاعى وطائفة من أهل الحديث.
ولم يسجد النبي صلى الله عليه وسلم على كور عمامته أبدا بل كان يضع جبهته على التراب، أو على الطين والماء، أو على سجادة من سعف النخل، أو على جلد مدبوغ، وكان إذا سجد وضع جبهته وأنفه على الأرض، وجافى يديه عن جنبيه، ووضع كفيه حذو منكبيه، وقال:"إذا سجدت فضع كفيك وارفع مرفقيك".
وكان يفرج بين أصابعه في الركوع ويجمع بينها في السجود، وكان يقول في سجوده:"سبحان ربي الأعلى" ويأمر به، وبعد ذلك يقول:"سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي"، (3) "سبوح قدوس رب الملائكة والروح لا
(1) رواه الجماعة بمعناه وأورده الشوكاني في نيل الأوطار (ج 2 ص 256)، ورواه أحمد بلفظ قريب من عند المصنف انظر المصدر السابق (ج 2 ص 276).
(2)
تقدم تخريجه.
(3)
تقدم تخريجه وانظر صحيح مسلم برقم (487)، وأبى داود (872) والنسائي (ج 3 ص 58).
إله إلا أنت اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك، اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه وصوره، وشق سمعه وبصره، تبارك الله أحسن الخالقين، اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله، أوله وآخره علانيته وسره، اللهم اغفر لي خطئي وجهلي وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي جدي وهزلي وخطيئتي وعمدي، وكل ذلك عندي، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت، أنت لا إله إلا أنت" (1).
وفي بعض الأحيان كان يقول: "اللهم اجعل في قلبي نورا، وفي سمعي نورا، وفي بصري نورا، وعن يميني نورا، وعن شمالي نورا، وأمامي نورا، وخلفى نورا، وفوقى نورًا، واجعل لي نورًا" وكان يؤكد الاجتهاد في الدعاء حالة السجود ويقول: "جدير دعاء السجاد بالإجابة"(2).
والدعاء على نوعين: دعاء ثناء وتمجيد، ودعاء طلب وسؤال، والدعاء الذي كان يأتى به يشملهما، والاستجابة أيضا على نوعين: أحدهما: استجابة دعاء الطالب ببذل مطلوبه ومسئوله وقضاء حاجته. والثانى: أن يقابل على دعائه بثواب، وعلى كلا الوجهين فسر قوله سبحانه {أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} (3) والصحيح أنه شامل للنوعين، والله أعلم.
(1) رواه مسلم في صحيحه بنحوه برقم (771) وذكره النووى في رياض الصالحين (ص 536).
(2)
رواه مسلم برقم (479).
(3)
سورة البقرة آية رقم 186.