المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فاتحة الكتاب في ذكر حال سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم قبل نزول الوحي وبيان عباداته في تلك الأيام - سفر السعادة للفيروزابادي

[الفيروزآبادي]

فهرس الكتاب

- ‌الفيروزآبادي

- ‌تقديم كتاب "سفر السعادة

- ‌مقدمة المؤلف

- ‌فاتحة الكتاب في ذكر حال سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم قبل نزول الوحي وبيان عباداته في تلك الأيام

- ‌باب طهارة حضرة صاحب الرسالة صلى الله عليه وسلم

- ‌باب في صلاة الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل كيفية صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل سجود الرسول صلى الله عليه وسلم أثناء صلاته

- ‌فصل قيام وسجود الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل كيف كان الرسول صلى الله عليه وسلم يؤدي صلاته

- ‌فصل سلام الرسول صلى الله عليه وسلم في آخر صلاته

- ‌فصل أدعية النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة

- ‌فصل سعادة الرسول صلى الله عليه وسلم في الصلاة

- ‌فصل في نسيان الرسول صلى الله عليه وسلم في الصلاة

- ‌فصل الرسول وعيونه أثناء صلاته

- ‌فصل أدعية النبي بعد فروغه من الصلاة

- ‌فصل في بيان السنن والرواتب التي كان يواظب عليها في كل يوم صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل اضطجاع الرسول صلى الله عليه وسلم بعد صلاة الفجر

- ‌فصل في قيام الليل

- ‌فصل صلاة الليل للنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل النافلة من صلاة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل دعاء القنوت للنبي محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل في صلاة الضحى وعادة الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك

- ‌فصل صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في شكر الله

- ‌فصل سجدات القرآن ومحافظة النبي في أدائها

- ‌فصل في فضل يوم الجمعة وعبادات النبي صلى الله عليه وسلم فيه

- ‌فصل تعظيم النبي محمد صلى الله عليه وسلم ليوم الجمعة

- ‌فصل في الخطبة النبوية في يوم الجمعة

- ‌فصل في صلاة العيد

- ‌فصل في عباداته صلى الله عليه وسلم في حال الاستسقاء

- ‌فصل في عبادات السفر

- ‌فصل في عادة الحضرة النبوية صلى الله عليه وسلم حال قراءة القرآن واستماعه وكمال خضوعه وخشوعه وبكائه حال سماعه

- ‌فصل في العادات النبوية في تفقد المريض

- ‌فصل في العادة النبوية في أحوال الميت وأداء حقوقه

- ‌فصل الصلاة أثناء معارك الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل مراعاة النبي صلى الله عليه وسلم لأحوال الفقراء في الزكاة

- ‌فصل في زكاة الفطر

- ‌فصل في أسباب انشراح صدر حضرة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أنزلت فيه سورة (ألم نشرح لك صدرك) للإمتنان بتلك النعمة

- ‌باب صيام النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل صيام النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل إفطار الرسول صلى الله عليه وسلم خلال رمضان

- ‌فصل في صيام النافلة

- ‌فصل اعتكاف النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌باب حج النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل حج النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل في سياق حج الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل صفة حج الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل في دخول الكعبة والوقوف بالملتزم في طواف الوداع

- ‌فصل بيان الرسول صلى الله عليه وسلم للذبائح

- ‌فصل في قربان رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل في السنة النبوية في العقيقة

- ‌فصل قول الرسول في تسمية العنب كرما

- ‌باب أذكار النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل في أذكار النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل ارتداء الرسول لثوب جديد

- ‌فصل الأدعية المأثورة لرسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل النبي وأدعيته في مناسبات معينة

- ‌فصل في أذكار الأذان

- ‌فصل تكبيرات الرسول في عيد الأضحى

- ‌فصل ذكر الرسول عند رؤية الهلال

- ‌فصل تسمية الرسول لله عند الطعام

- ‌فصل الأذكار عند الطعام

- ‌فصل في السلام والآداب النبوية في هذا الباب

- ‌فصل في الاستئذان

- ‌فصل آداب النبي في العطاس

- ‌فصل صلاة النبي للاستخارة

- ‌فصل أذكار النبي في سفره

- ‌فصل تعليم الرسول خطبة الحاجة

- ‌فصل في ألفاظ ليس في كراهتها خلاف

- ‌باب في عموم أحواله صلى الله عليه وسلم ومعاشه وهو مشتمل على فصول

- ‌فصل في طعامه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل في لباسه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل أمر الرسول في الملابس

- ‌فصل في العادة النبوية في معاشرة أزواجه الطاهرات ومباشرتهن

- ‌فصل في نوم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقظته

- ‌فصل في الركوب

- ‌فصل في ممتلكات النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل في عادة الرسول في أحواله العمومية

- ‌فصل في أخلاق النبي

- ‌فصل في الطب النبوى الشريف

- ‌فصل في عادة الرسول في معالجة الأمراض

- ‌فصل في علاج الطاعون والوباء

- ‌فصل في الاستسقاء

- ‌فصل في علاج الجراحات

- ‌فصل الرسول وأقواله في الحجامة

- ‌فصل أقوال النبي في الكي

- ‌فصل في علاج عرق النساء

- ‌فصل في معالجة يبس المزاج

- ‌فصل في الحكة

- ‌فصل في ذات الجنب

- ‌فصل في علاج الصداع

- ‌فصل قول النبي في طعام المريض وشرابه

- ‌فصل أمره بعلاج العذرة

- ‌فصل في أقوال النبي عن وجع القلب

- ‌فصل الأخذ بأقوال النبي عن الحمية

- ‌فصل في أمر النبي في دواء وجع العين

- ‌فصل في أقوال النبي في دواء الخدر

- ‌فصل في إصلاح الطعام والشراب الذي سقط فيه الذباب

- ‌فصل في أمر النبي في علاج البثرات

- ‌فصل في أمر النبي بمعالجة المريض بالكلمات المطيبة للنفس

- ‌فصل في علاج السم

- ‌فصل في علاج السحر

- ‌فصل في قول النبي عن العلاج بالقئ

- ‌فصل من يعالج بغير معرفة

- ‌فصل في أمر الرسول باجتناب معاشرة أرباب الأمراض

- ‌فصل في منع الرسول عن التداوى بالمحرمات

- ‌فصل في علاج القمل

- ‌فصل المعالجة بالأدوية الروحانية الربانية والأدوية المركبة منها ومن الطبيعة

- ‌فصل الذي يقوله الرسول في معالجته المرضى

- ‌فصل في علاج الكرب والغم والهم والحزن

- ‌فصل في العادة النبوية في الطعام والشراب

- ‌فصل تدبير النوم واليقفة

- ‌فصل في الجماع والباه

- ‌فصل في استعمال الرسول للطيب

- ‌فصل في مسكن ومنزل الرسول

- ‌فصل في حفظ صحة العين

- ‌فصل في القرض السلف

- ‌فصل في صفة مشية صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل في كلام النبي صلى الله عليه وسلم وسكوته وضحكه وبكائه صلى الله عليه وسلم

- ‌فصل في الفطرة وتوابعها

- ‌فصل قول الرسول صلى الله عليه وسلم في قص الشارب

- ‌فصل في الجهاد وآدابه

- ‌خاتمة الكتاب

الفصل: ‌فاتحة الكتاب في ذكر حال سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم قبل نزول الوحي وبيان عباداته في تلك الأيام

‌فاتحة الكتاب في ذكر حال سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم قبل نزول الوحي وبيان عباداته في تلك الأيام

لما بلغ صلى الله عليه وسلم سبع سنين، وتوفي جده عبد المطلب، وافتخر عمه أبو طالب بشرف كفالته وتربيته، أمر الله تعالى - شأنه - إسرافيل عليه الصلاة والسلام أن يقوم بملازمته، فكان قرينه دائما إلى أن أتم إحدى عشر سنة، ثم أمر جبريل عليه الصلاة والسلام بملازمته تسعا وعشرين سنة، بطريق المرافقة والمقاربة، لكن لم يظهر له.

وفي بعض الروايات الصحيحة: أن إسرافيل ظهر له في ملازمته مرارًا وكلمه بكلمة وكلمتين، وقبل نزول الوحي بمدة خمس عشر سنة، كان يسمع صوتًا أحيانًا، ولا يرى شخصًا. وسبع سنين كان يرى نورًا، وكان به مسرورًا ولم ير شيئًا غير ذلك.

ولما قربت أيام الوحي أحب الخلوة، والانفراد فكان يتخلى في جبل حراء وهو على ثلاثة أميال (1) من الكعبة، وبه غار صغير، طوله أربعة أذرع وعرضه ذراع وثلث في بعض الواضع، وفى بعضها أقل. واختار محل الخلوة هناك.

وللعلماء في عبادته في خلوته قولان: قال بعضهم: كانت عبادته بالفكر، وقال بعضهم بالذكر، وهذا القول الصحيح، ولا تعريج على الأول ولا التفات إليه، لأن خلوة طلاب طريق الحق على أنواع:

الأول: أن تكون خلوتهم لطلب مزيد علم الحق من الحق، لا بطريق النظر والفكر، وهذا غاية مقاصد أهل الحق، لأن من خاطب في خلوته كونًا من

(1) اختلاؤه في غار حراء أورده كثير من أهل العلم والمحققين انظر: صحيح البخاري بشرح فتح الباري (ج 1 ص 21) وانظر الجزء العاشر من فتاوى الشيخ ابن تيمية رحمه الله، وعيون الآثار لابن سيد الناس (ج 1 ص 53)، وانظر تاريخ الطبري (ج 5 ص 498).

ص: 21

الأكوان، أو فكر فيه فليمس هو في خلوة. قال شخص من طلاب الطريق لبعض الأكابر: اذكرني عند ربك في خلوتك. قال: إذا ذكرتك فلست معه في خلوة، ومن ثم يعلم سر "أنا جليس من ذكرني"(1)، وشرط هذه الخلوة، أن يذكر بنفسه وروحه لا بنفسه ولسانه.

الثاني: أن تكون خلوتهم لصفاء الفكر، لكي يصح نظرهم في طلب المعلومات، وهذه الخلوة لقوم يطلبون العلم، من ميزان العقل، وذلك الميزان في غاية اللطافة وهو بأدنى هوى يخرج عن الاستقامة.

وطلاب طريق الحق لا يدخلون في مثل هذه الخلوة، بل تكون خلوتهم بالذكر، وليس للفكر عليهم قدرة ولا سلطان. ومهما وجد الفكر طريقًا إلى صاحب الخلوة، فينبغى أن يعلم أنه ليس من أهل الخلوة، ويخرج من الخلوة، ويعلم أنه ليس من أهل العلم الصحيح الإلهى، إذ لو كان من أهل ذلك لحالت العناية الإلهية بينه وبين دوران رأسه بالفكر.

الثالث: خلوة يفعلها جماعة لدفع الوحشة، من مخالطة غير الجنس، والاشتغال بما لا يعني، فإنهم إذا رأوا الخلق انقبضوا. فلذلك اختاروا الخلوة.

الرابع: خلوة لطلب زيادة لذة، توجد في الخلوة، وخلوة حضرة صاحب الرسالة من القسم الأول، وكان بعيدًا جدًّا من جميع المخالطات، حتى من الأهل، والمال، وذات اليد، واستغرق في بحر الأذكار القلبية، وانقطع عن الأضداد بالكلية، وظهر له الأنس والجلوة، بتذكر من لأجله الخلوة، ولم يزل في ذلك الأنس، ومرآة الوحي، تزداد من الصفاء والصقال، حتى بلغ أقصى درجات الكمال، فظهرت تباشير صبح الوحي، وأشرقت وانتشرت بروق السعادة وتألقت، فكان لا يمر بشجر، ولا حجر، إلا قال بلسان فصيح: السلام عليكم يا رسول الله.

(1) أخرج الشيخان حديثًا بنحوه ولفظه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يقول الله أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملاء ذكرته في ملاء خير منهم" متفق عليه أخرجه البخاري (ج 13 ص 325، 326)، ومسلم برقم (2675)، وأخرجه الترمذي برقم (3598).

ص: 22

فكان ينظر يمينا وشمالًا، ولا يرى شخصا ولا خيالا، فبينما هو في بعض الأيام قائم على جبل حراء، إذ ظهر له شخص فقال: أبشر أنا جبريل وأنت رسول الله لهذه الأمة، ثم أخرج له قطعة نمط من حرير مرصع بالجواهر ووضعها في يده صلى الله عليه وسلم وقال: اقرأ. قال: "والله ما أنا بقارئ ولا أرى في هذه الرسالة كتابة"(1) قال: فضمنى إليه وغطنى حتى بلغ منى الجهد ثم أطلقنى وقال: اقرأ: فقلت: "لست بقارئ" فغطنى حتى بلغ منى الجهد. فعل بى ذلك ثلاثا وهو يأمرنى بالقراءة.

ثم قال: [اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الًاكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَالَمْ يَعْلَمْ (5)](2) ثم قال: انزل عن الجبل، فنزلت معه إلى قرار الأرض، فأجلسنى على درنوك وعليه ثوبان أخضران، ثم ضرب برجله الأرض فنبعت عين ماء فتوضأ جبريل منها: تمضمض واستنشق وغسل كل عضو ثلاثا، وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يفعل كفعله. فلما تم وضوؤه أخذ جبريل كفا من ماء يفرش به وجه الرسول، ثم قام وصلى ركعتين والرسول مقتد به ثم قال: الصلاة هذا.

ولما فرغ من الوضوء والصلاة والتعليم غاب جبريل، وجاء الرسول إلى مكة وقص على خديجة القصة، وعلمها الوضوء والصلاة (3). فناسب بعد تمهيد هذه الفاتحة أن نبتدئ أبواب العبادات النبوية بذكر كيفية الوضوء والصلاة، ونلحق بها الصيام، والأدعية وغيرها من العبادات إن شاء الله الكريم.

(1) هذا جزء من حديث طويل أخرجه الشيخان وغيرهما بتمامه، انظر صحيح البخاري كتاب الحيل، باب التعبير (ج 8 ص 67)، ومواضع أخرى انظر فتح الباري لابن حجر (ج 12 ص 351 - 352) و (ج 1 ص 22)، (ج 8 ص 715، 722) وأخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب بدء الوحي (ج 1 ص 139).

(2)

سورة العلق: 1 - 5.

(3)

ما ورد في الصحيحين فيه اختلاف في بعض ألفاظ الحديث الذي أورده المصنف في كتابه، وبعد البحث لم أجد الفاظ المصنف بعينها في كتب الحديث إلا أن أصل الحديث بنحو الفاظ المصنف قد ورد في دواوين السنة انظر: صحيح البخاري (ج 8 ص 67) وصحيح مسلم (1/ 139).

ص: 23