الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقالت عائشة: صنعت له ثوبا من صوف فلبسه، وعرق فيه (1) فشم رائحة الصوف فألقاه عنه في الحال، لأنه كان يكره الرائحة الكريهة إلى الغاية، ويحب الرائحة الطيبة.
قال ابن عباس: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحسن حلة. وقال أبو رمثة رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب وقد لبس بردا أخضر، والبرد الأخضر هو برد فيه. خطوط خضر، لأنه أخضر خالص، ووسادته من أديم حشوها ليف.
وأكثر الناس قد صاروا فئتين:
فئة اختاروا البعد عن الملابس الجميلة واقتصروا على المرقعات والمحفرات.
وفئة اختاروا أفخر الملابس، وأشرف الثياب، ولبسوا الناعم المزين ذا الشهرة، وهاتان الفئتان مخالفتان لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه قال:"من لبس ثوب شهرة لبس يوم القيامة ثوب مذلة"(2).
فصل أمر الرسول في الملابس
النبي صلى الله عليه وسلم لبس السراويل، ولبس العمامة بغير قلنسوة، ومع القلنسوة، والقلنسوة بغير العمامة، وكان يجعل العذبة بين كتفيه في أكثر الأحوال (3)، وجاء في بعض الأحاديث أنَّه صلى الله عليه وسلم قال:"رأيت رب العزة في الصوم فقال: يا محمد فيما يختصم الملأ الأعلى؟ فقلت: لا أدرى. قال: فوضع يديه بين كتفي، فعلمت ما بين السماء والأرض"(4).
(1) انظر صحيح مسلم (2081)، ومسند الإمام أحمد (6/ 162).
(2)
انظر صحيح البخاري (10/ 244)، ومسلم (2068)، وسنن النسائى (ج 8 ص 201).
(3)
انظر سنن أبى داود (4025)، والترمذي (1762) وهو حديث حسن.
(4)
لهذا الحديث طرق متعددة وروايات مختلفة ذكرها السيوطي في الدر المنثور (ج 5 ص 319، 320)، وقد رواه أحمد في المسند (ج 5 ص 243) مطولا من حديث عبد الرحمن بن عياش الحضرمى، وأورده الإمام ابن الجوزى في زاد المسير (ج 7 ص 155).
فلما أصبح صلى الله عليه وسلم جعل العذبة بين كتفيه "وكان كم قميصه لا يجاوز رسغه (1) وكان أحب الثياب القميص، ولبس حلة حمراء"(2) والحلة عبارة عن ثوبين والمراد بالأحمر هنا ما فيه خطوط حمر، لا أنَّه أحمر خالص، لأن الأحمر الخالص منهى عنه.
لبس عبد الله بن عمر بن العاص ثوبا أحمر. فقال صلى الله عليه وسلم: ما هذا؟ قال: فعرفت ما يكره، فانطلقت فأحرقته، فلما جئت في اليوم الثاني قال لي: ما فعلت بثوبك؟ قلت: أحرقته. قال: "هلا كسوته بعض أهلك فإنَّه لا بأس به للنساء".
وفي الصحيح قال عبد الله بن عمرو: رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ثوبين معصفرين فقال: "إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها"(3).
وفي الجملة ينبغي الاحتراز من لبس الثياب الحمر الخالصة، وكان صلى الله عليه وسلم يلبس الثوب المعلم (4)، والثوب الساذج، والثوب الأسود، والفرو المعلم على أطرافه بالسندس، والنعل والتاسومة، كل هذا لبسه، ولبس الخاتم، والروايات مختلفة ففي بعضها: أنَّه لبسه في اليد اليمنى، وفي بعضها في اليد اليسرى، وكان نقشه على هذه الهيئة:(محمَّد رسول الله).
وقال: "لا ينقش أحدكم على نقش خاتمى"(5) هذا ولبس الدرع من الزرد والخود والجواشن، وضاعف بين درعين في بعض الأحيان، وكان له جبة خسروانية، مفرجة عليها سجف من الديباج مخيطة".
(1)"الرسغ" بضم فسكون أو ضمتين: المفصل بين الساعد والكف. والحديث أخرجه أبو داود (4037)، والترمذي (1765) وقال حديث حسن.
(2)
أخرجه البخاري (10/ 258)، ومسلم (2337)، وأبو داود (4072)، والترمذي (1724)، والنسائي (8/ 203)، وذكره النووى في رياض الصالحين (ص 353).
(3)
أخرج نحوه الشيخان: البخاري (10/ 244)، ومسلم (2068)، والنسائي (ص 353).
(4)
انظر فتح البارى (ج 1 ص 99) وفي كتاب الأذان (ج 1 ص 181) وفي كتاب اللباس باب الأكسدة والحمائض (ج 7 ص 190). ومسلم (ج 1 ص 224) وأبو دواد، (ص 371)، والنسائي (2/ 72)، وابن ماجه (2/ 176).
(5)
انظر كتاب أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم (ص 135).